جاء اليوم الذي أرادني داوود أن آتي من أجله وهو اليوم الذي أريد الهروب منه لكن لساني ربطني بوعد لا يمكنني أن أخلفه، اليوم سنذهب إلى تشيكماغلور لافتتاح مسجد هناك، كيف لم أفكر بهذا قبل أن أعد داوود؟ من الطبيعي أنهم سيحتفلون بالمناسبة وسيكون هناك ما لا أرضاه ويبدو أنني لم أتعلم من تجربتي السابقة.
تشيكماغلور منطقة باردة لارتفاعها وتحيط بها الجبال، جوها في الصيف لطيف وفي الشتاء بارد وهي مشهورة بزراعة القهوة وفيها غابة ومحمية طبيعية يمكن التجول فيها على ظهور الفيلة، شيء أردت تجربته لكن لم أوفق، وفيها سوق كبير وهي مدينة مزدحمة في وسطها وفيها ما يكفي من الضوضاء البصرية والصوتية، بمعنى آخر هي مدينة تمثل الهند بحجم صغير نسبياً، إن كنت تحب الزحام والمدن الهندية ستجده هناك وإن كنت تحب الهدوء والطبيعة فستجدها هناك أيضاً.
انطلقنا صباحاً بعد إفطار خفيف في بيت داوود وقد كان الإفطار شيئاً أعرفه، الخبز والجبن والمربى، الجبن بالمناسبة شيء نادر لديهم لسببين، الأول عدم اعتيادهم على تناوله فهو شيء غريب عنهم وكل منتجات الحليب لا ياكلونها سوى الحليب نفسه بدون أي إضافات أو تغيير، الثاني أن الجبن المصنع غالي الثمن وما أكلناه هناك اشتراه داوود من أبوظبي، أما الخبز فهو العربي أو ما نسميه "الخبز اللبناني" في الإمارات، بعد تجميده يمكن تسخينه لأكله لكن في بيت داوود تسخين الخبز يكون من خلال البخار وهذا يجعل الخبز طرياً كأنه خرج للتو من المخبز ... فكرة صغيرة مفيدة.
في الطريق جاء ركب السيارة مرافقون وجاء المهندس عبد الحميد بسيارته ومعه أيضاً مرافقون أحدهم مهندس كهرباء هندوسي، توقفنا قبل جبال تشرمادي عند مطعم ولم أكن جائعاً فاكتفيت بالتصوير، تجولت حول المطعم لأرى ما يمكن تصويره وكنت أحدث داوود فيخبرني عن النباتات وكيف يستخدمونها، يبدو لي أن كل شجرة ونبتة تستخدم في علاج شيء ما.
سرنا إلى جبال تشرمادي وهي المرة الثالثة التي أفعل فيها ذلك، في كل رحلة لا بد أن نقطع هذه الجبال لكي نصل إلى تشيكماغلور، الطريق ملتوي والحفر في كل مكان، لا نرى الشمس إلا قليلاً فالأشجار هنا طويلة لا نرى رؤوسها وهي تغطي ضوء الشمس وتجعل الجو بارداً جميلاً، عبرنا الجبال إلى الجانب الآخر منها وهناك توقفنا عند الوادي لنرتاح قليلاً، هذا المكان يبدو مختلفاً قليلاً في كل مرة أزوره، الآن وبعد موسم المطر الجو بارد والهواء عليل، قلت لداوود: لم نذهب إلى تشارمادي؟ لنبقى هنا بضع ساعات ولنعد إلى المنزل، يمكنهم افتتاح المسجد بدون حضورنا.
للأسف لم نجلس هناك طويلاً، أكملنا السير وبدأنا نرى مزارع الأرز بعد الجبال، وكذلك مشاتل الأشجار التي لم ألاحظها من قبل ويبدو أنها منتشرة في هذه المنطقة، في تشيكماغلور توقفنا في السوق قليلاً ثم انطلقنا إلى مشتل زراعي اشترى منه داوود بضع نبتات والتقط بعض الصور هناك، كانت هناك امرأة عجوز تعمل في المشتل وتسقي الأشجار والنباتات وتغني بصوتها القديم، ثم لاحظت أن كل من يعمل في المشتل هم من النساء، لم أسأل عن سبب ذلك لكنه ذكرني بكثير من المشاريع التي قرأت عنها في الشبكة والتي توجه للنساء في المناطق الفقيرة ويكتب لكثير منها النجاح لأن المرأة إن وجدت عملاً يمكنها أن تحسن وضع أسرتها بشكل ملحوظ.
توجهنا بعد ذلك إلى بيت في منطقة سكنية وهو بيت أخو داوود فجلسنا هناك نأكل من الحلويات التي قدموها وما أكثرها وبعد ذلك ذهبنا نحو المسجد، قلت لداوود "لم نذهب؟ دعنا فقط نمر سريعاً على المسجد ونلوح بأيدينا مسلمين ومباركين دون أن نخرج من السيارة، لن يأخذ هذا منا أكثر من ثواني قليلة ثم نعود!" ضحك داوود وقال أنه هو لا يريد الحفل لكنه مجبر الآن، يبدو أنه الضغط الاجتماعي الذي جعلنا في هذا الموقف.
وصلنا إلى منطقة يجري فيها احتفال هندوسي ونعرف ذلك من أعلام برتقالية معلقة فوق الشارع، بعد هذه الأعلام مباشرة رأينا أعلاماً خضراء وهي علامة احتفال للمسلمين، لا زال هناك مسافة بيننا وبين المسجد لكن كان الناس بانتظارنا هناك، سدوا الطريق ثم أتوا مرحبين بالضيوف ففتح السائق نافذة السيارة وفعلت ذلك وكانت غلطة، أيادي تمتد تريد السلام فسلمت، أحدهم كان يريد تقبيل يدي فسحبتها سريعاً، داوود يردد بلا فائدة مطالباً إياهم بأن يدعونا نمر، أغلقنا النوافذ ولا زال الزحام أمامنا، ثم بدأ الناس بالوقوف على جانبي السيارة مشكلين سلسلة بأيديهم، أمامنا ظهر طابوران من الأطفال الكبار وأمامهم شاب رفع يده كإشارة وبدأوا!
لا أدري كيف أصف لكم الأمر، كانوا يهزون دفوفهم بشكل عجيب ولديهم رقصة تبدو لي كرقصة الهنود الحمر، يستديرون لليسار ثم لليمين ويدقون على دفوفهم والشاب أمامهم يردد شيئاً لا نسمعه، أقول لمحمد ابن داوود "للمرة الثانية يتكرر هذا!" فيرد علي بأنه يعرف أن هذا سيحدث، ذهب العجب وجاء الغضب، قررت أن أنهي الأمر بأسرع وقت ممكن فلست على استعداد لتكرار التجربة مرة أخرى وكم أكره أن أوضع في هذا الموضع، ظننت أن الحفل سيكون بسيطاً كما كان في افتتاح مدرسة صغيرة في رحلتي الثانية، داوود نبههم إلى عدم المبالغة وكذلك المهندس عبد الحميد فعل وبدون أي فائدة، وصلنا للمسجد فذهبت مباشرة إلى الباب ورأيت هناك القفل الكبير فكدت أن أفتحه إلا أنني تذكرت داوود والمهندس فانتظرت، فتحنا الباب ودخلنا وصلينا الظهر هناك ولم يكن المسجد يتسع للجميع.
بعد خروجنا كان الناس يسلمون وحاول أحدهم مرة اخرى تقبيل يدي فنهرته وابتعد مبتسماً، لم أضع نفسي في مثل هذه المواقف؟ كنت ضد فكرة الحفل من الأساس لكن داوود أصر على حضوري ففعلت ذلك من أجله، لذلك قلت لداوود أنه ليس هناك أي داعي لحضوري مرة أخرى، تكلفة السفر يمكن التبرع بها بدلاً وهذا أنفع للناس من أي حفل، كان في الحفل مجموعة من رجال الشرطة وهذا أمر معتاد لتجنب حدوث أي مشكلة بين الناس، التقيت بمسؤول هندوسي ساهم في تنظيم حفل المسجد ويبدو أن هناك تعاون بين المسلمين والهندوس في تلك المنطقة.
ذهبنا لمنزل قريب وابتعدنا عن الزحام مؤقتاً، تناولنا الغداء هناك ثم عدنا إلى المسجد وفي ساحة أمام المسجد جلس الناس يستمعون لمحاضرة، طلب مني ومن داوود الجلوس فوق المنصة ففعلنا، أعطونا جوائز تذكارية بسيطة وتحدث داوود بكلمة بسيطة نبههم إلى ما حدث اليوم وكيف أننا لا نريد كل هذا وأن إكرام الضيف يكون بالسلام والكلام وشيء من الطعام وليس هناك حاجة لأكثر من ذلك.
ركبنا السيارة عائدين إلى بيلتنجادي وهذه المرة سنعود من طريق مختلف، لم نبتعد كثيراً عن المسجد حتى طلب داوود أن نوقف السيارة، كان داوود يمسك نفسه طوال الوقت حتى لا يحدث ما سيحدث أمام الناس، فهو يعاني من مشكلة في بطنه تتطلب ألا يبقي بطنه خالياً من الطعام لمدة طويلة، أضف إلى ذلك أن ما حدث ضايقه فأحس بألم في بطنه، توقفنا وخرج من السيارة ومعه عبوة ماء - وعذراً على اللفظ مرة أخرى - وتقيأ كل ما أكله قبل قليل، تعب الطريق على تعب البطن ومع الغضب اجتمعت على داوود في ذلك اليوم.
في طريق بين الغابات والجبال رأيت طفلاً يلبس لباس المدرسة عائداً من المدرسة، كان محمد بن داوود يقود السيارة فسألته من أين أتى هذا الطالب فقال لننظر، سرنة مسافة طويلة وأعني طويلة حقاً قبل أن نرى أي مدرسة، قدرنا المسافة بأكثر من 25 كلم ولعله سيسير أكثر من ذلك ليصل إلى المنزل، التقطت بعض الصور في الطريق ولم يحدث الكثير في بقية اليوم، جاء الليل فجربت أن أضع يدي أمام عيني كلما مرت سيارة أمامنا لتجنب الإضاءة المرتفعة ونجحت الفكرة فعلاً، داوود أعطاني دفتراً لكي أستخدمه لتجنب الإضاءة وتبين لي أنه دليل استخدام خلاط طعام!
بالمناسبة وربما معلومة غير ضرورية، الإضاءة العالية تستخدم كسلاح غير قاتل قد يجبر الضحية على ... التقيأ!
ملاحظة: مجلة عرب هاردوير ستصدر مطبوعة في الشهر القادم إن شاء الله.
تشيكماغلور منطقة باردة لارتفاعها وتحيط بها الجبال، جوها في الصيف لطيف وفي الشتاء بارد وهي مشهورة بزراعة القهوة وفيها غابة ومحمية طبيعية يمكن التجول فيها على ظهور الفيلة، شيء أردت تجربته لكن لم أوفق، وفيها سوق كبير وهي مدينة مزدحمة في وسطها وفيها ما يكفي من الضوضاء البصرية والصوتية، بمعنى آخر هي مدينة تمثل الهند بحجم صغير نسبياً، إن كنت تحب الزحام والمدن الهندية ستجده هناك وإن كنت تحب الهدوء والطبيعة فستجدها هناك أيضاً.
انطلقنا صباحاً بعد إفطار خفيف في بيت داوود وقد كان الإفطار شيئاً أعرفه، الخبز والجبن والمربى، الجبن بالمناسبة شيء نادر لديهم لسببين، الأول عدم اعتيادهم على تناوله فهو شيء غريب عنهم وكل منتجات الحليب لا ياكلونها سوى الحليب نفسه بدون أي إضافات أو تغيير، الثاني أن الجبن المصنع غالي الثمن وما أكلناه هناك اشتراه داوود من أبوظبي، أما الخبز فهو العربي أو ما نسميه "الخبز اللبناني" في الإمارات، بعد تجميده يمكن تسخينه لأكله لكن في بيت داوود تسخين الخبز يكون من خلال البخار وهذا يجعل الخبز طرياً كأنه خرج للتو من المخبز ... فكرة صغيرة مفيدة.
في الطريق جاء ركب السيارة مرافقون وجاء المهندس عبد الحميد بسيارته ومعه أيضاً مرافقون أحدهم مهندس كهرباء هندوسي، توقفنا قبل جبال تشرمادي عند مطعم ولم أكن جائعاً فاكتفيت بالتصوير، تجولت حول المطعم لأرى ما يمكن تصويره وكنت أحدث داوود فيخبرني عن النباتات وكيف يستخدمونها، يبدو لي أن كل شجرة ونبتة تستخدم في علاج شيء ما.
أوراق هذه الشجرة كبيرة كفاية لتضع فيها طفلاً كبيراً |
هذه الزهرة تظهر في كل مكان، أحب تصوير الأزهار |
الواجهة التقليدية لأي بقالة هناك، لم أرى بقالة مختلفة تحوي تصميماً مختلفاً |
لم ينتبهوا لكاميرتي إلا عبد الحميد على يمين الصورة |
سرنا إلى جبال تشرمادي وهي المرة الثالثة التي أفعل فيها ذلك، في كل رحلة لا بد أن نقطع هذه الجبال لكي نصل إلى تشيكماغلور، الطريق ملتوي والحفر في كل مكان، لا نرى الشمس إلا قليلاً فالأشجار هنا طويلة لا نرى رؤوسها وهي تغطي ضوء الشمس وتجعل الجو بارداً جميلاً، عبرنا الجبال إلى الجانب الآخر منها وهناك توقفنا عند الوادي لنرتاح قليلاً، هذا المكان يبدو مختلفاً قليلاً في كل مرة أزوره، الآن وبعد موسم المطر الجو بارد والهواء عليل، قلت لداوود: لم نذهب إلى تشارمادي؟ لنبقى هنا بضع ساعات ولنعد إلى المنزل، يمكنهم افتتاح المسجد بدون حضورنا.
صورة جماعية في مكان تمنيت لو أننا جلسنا فيه بدلاً من الذهاب لافتتاح المسجد |
صورة للوادي |
للأسف لم نجلس هناك طويلاً، أكملنا السير وبدأنا نرى مزارع الأرز بعد الجبال، وكذلك مشاتل الأشجار التي لم ألاحظها من قبل ويبدو أنها منتشرة في هذه المنطقة، في تشيكماغلور توقفنا في السوق قليلاً ثم انطلقنا إلى مشتل زراعي اشترى منه داوود بضع نبتات والتقط بعض الصور هناك، كانت هناك امرأة عجوز تعمل في المشتل وتسقي الأشجار والنباتات وتغني بصوتها القديم، ثم لاحظت أن كل من يعمل في المشتل هم من النساء، لم أسأل عن سبب ذلك لكنه ذكرني بكثير من المشاريع التي قرأت عنها في الشبكة والتي توجه للنساء في المناطق الفقيرة ويكتب لكثير منها النجاح لأن المرأة إن وجدت عملاً يمكنها أن تحسن وضع أسرتها بشكل ملحوظ.
توجهنا بعد ذلك إلى بيت في منطقة سكنية وهو بيت أخو داوود فجلسنا هناك نأكل من الحلويات التي قدموها وما أكثرها وبعد ذلك ذهبنا نحو المسجد، قلت لداوود "لم نذهب؟ دعنا فقط نمر سريعاً على المسجد ونلوح بأيدينا مسلمين ومباركين دون أن نخرج من السيارة، لن يأخذ هذا منا أكثر من ثواني قليلة ثم نعود!" ضحك داوود وقال أنه هو لا يريد الحفل لكنه مجبر الآن، يبدو أنه الضغط الاجتماعي الذي جعلنا في هذا الموقف.
وصلنا إلى منطقة يجري فيها احتفال هندوسي ونعرف ذلك من أعلام برتقالية معلقة فوق الشارع، بعد هذه الأعلام مباشرة رأينا أعلاماً خضراء وهي علامة احتفال للمسلمين، لا زال هناك مسافة بيننا وبين المسجد لكن كان الناس بانتظارنا هناك، سدوا الطريق ثم أتوا مرحبين بالضيوف ففتح السائق نافذة السيارة وفعلت ذلك وكانت غلطة، أيادي تمتد تريد السلام فسلمت، أحدهم كان يريد تقبيل يدي فسحبتها سريعاً، داوود يردد بلا فائدة مطالباً إياهم بأن يدعونا نمر، أغلقنا النوافذ ولا زال الزحام أمامنا، ثم بدأ الناس بالوقوف على جانبي السيارة مشكلين سلسلة بأيديهم، أمامنا ظهر طابوران من الأطفال الكبار وأمامهم شاب رفع يده كإشارة وبدأوا!
لا أدري كيف أصف لكم الأمر، كانوا يهزون دفوفهم بشكل عجيب ولديهم رقصة تبدو لي كرقصة الهنود الحمر، يستديرون لليسار ثم لليمين ويدقون على دفوفهم والشاب أمامهم يردد شيئاً لا نسمعه، أقول لمحمد ابن داوود "للمرة الثانية يتكرر هذا!" فيرد علي بأنه يعرف أن هذا سيحدث، ذهب العجب وجاء الغضب، قررت أن أنهي الأمر بأسرع وقت ممكن فلست على استعداد لتكرار التجربة مرة أخرى وكم أكره أن أوضع في هذا الموضع، ظننت أن الحفل سيكون بسيطاً كما كان في افتتاح مدرسة صغيرة في رحلتي الثانية، داوود نبههم إلى عدم المبالغة وكذلك المهندس عبد الحميد فعل وبدون أي فائدة، وصلنا للمسجد فذهبت مباشرة إلى الباب ورأيت هناك القفل الكبير فكدت أن أفتحه إلا أنني تذكرت داوود والمهندس فانتظرت، فتحنا الباب ودخلنا وصلينا الظهر هناك ولم يكن المسجد يتسع للجميع.
هذا الزحام قليل من كثير، وهذه أفضل صورة للمسجد وجدتها في الكاميرا |
بعد خروجنا كان الناس يسلمون وحاول أحدهم مرة اخرى تقبيل يدي فنهرته وابتعد مبتسماً، لم أضع نفسي في مثل هذه المواقف؟ كنت ضد فكرة الحفل من الأساس لكن داوود أصر على حضوري ففعلت ذلك من أجله، لذلك قلت لداوود أنه ليس هناك أي داعي لحضوري مرة أخرى، تكلفة السفر يمكن التبرع بها بدلاً وهذا أنفع للناس من أي حفل، كان في الحفل مجموعة من رجال الشرطة وهذا أمر معتاد لتجنب حدوث أي مشكلة بين الناس، التقيت بمسؤول هندوسي ساهم في تنظيم حفل المسجد ويبدو أن هناك تعاون بين المسلمين والهندوس في تلك المنطقة.
ذهبنا لمنزل قريب وابتعدنا عن الزحام مؤقتاً، تناولنا الغداء هناك ثم عدنا إلى المسجد وفي ساحة أمام المسجد جلس الناس يستمعون لمحاضرة، طلب مني ومن داوود الجلوس فوق المنصة ففعلنا، أعطونا جوائز تذكارية بسيطة وتحدث داوود بكلمة بسيطة نبههم إلى ما حدث اليوم وكيف أننا لا نريد كل هذا وأن إكرام الضيف يكون بالسلام والكلام وشيء من الطعام وليس هناك حاجة لأكثر من ذلك.
ركبنا السيارة عائدين إلى بيلتنجادي وهذه المرة سنعود من طريق مختلف، لم نبتعد كثيراً عن المسجد حتى طلب داوود أن نوقف السيارة، كان داوود يمسك نفسه طوال الوقت حتى لا يحدث ما سيحدث أمام الناس، فهو يعاني من مشكلة في بطنه تتطلب ألا يبقي بطنه خالياً من الطعام لمدة طويلة، أضف إلى ذلك أن ما حدث ضايقه فأحس بألم في بطنه، توقفنا وخرج من السيارة ومعه عبوة ماء - وعذراً على اللفظ مرة أخرى - وتقيأ كل ما أكله قبل قليل، تعب الطريق على تعب البطن ومع الغضب اجتمعت على داوود في ذلك اليوم.
في طريق بين الغابات والجبال رأيت طفلاً يلبس لباس المدرسة عائداً من المدرسة، كان محمد بن داوود يقود السيارة فسألته من أين أتى هذا الطالب فقال لننظر، سرنة مسافة طويلة وأعني طويلة حقاً قبل أن نرى أي مدرسة، قدرنا المسافة بأكثر من 25 كلم ولعله سيسير أكثر من ذلك ليصل إلى المنزل، التقطت بعض الصور في الطريق ولم يحدث الكثير في بقية اليوم، جاء الليل فجربت أن أضع يدي أمام عيني كلما مرت سيارة أمامنا لتجنب الإضاءة المرتفعة ونجحت الفكرة فعلاً، داوود أعطاني دفتراً لكي أستخدمه لتجنب الإضاءة وتبين لي أنه دليل استخدام خلاط طعام!
بالمناسبة وربما معلومة غير ضرورية، الإضاءة العالية تستخدم كسلاح غير قاتل قد يجبر الضحية على ... التقيأ!
ملاحظة: مجلة عرب هاردوير ستصدر مطبوعة في الشهر القادم إن شاء الله.
2 تعليقات:
انتظرت ايام لم ازر المدونه على امل ان استمتع بالمواضيع دفعه واحده وهذا ما حدث
اخي عبد الله يتربى الهنود على اننا العرب ابناء الصحابه واحفاد الرسول عليه السلام فكيف تريدهم ان لا يستقبلوك بكل حفاوه؟
انت محظوظ انك مع داوود لو كنت لوحدك لحملوك على الاكتاف
تبقى بلاد الريف في الهند بسيطه في تعاملها وعذراء في تصرفاتهم ليس هنالك الكثير من التصنع والتكلف فما في القلب يترجم على اللسان وبالفعل
نتمنى ان نرى بقيه الموضوع قريبا
أعتقد ان داود يصر على ان يجعلك ترى بأم عينيك أين تذهب الاموال المتبرع بها، وربما هذا سبب دعوته لك بالحضور في كل مرة من اجل افتتاح مشروع جديد.
بعد الضغط على الصور اكتشفت مجموعة اخرى منها على معرضك على فليكر.
25 كلم مسافة طويلة جدا، ولو كنت تقطع هذه المسافة سيرا على الاقدام وفي منطقة جبلية فسيكون الامر شاق اكثر.
إذا كان ما جربت تذوقه في احد المرات خبز لبناني، فهو لايعجبني، فقد كان نيء،أعتقد انه يحتاج ليبقى على النار مدة اطول.
لو كنت مكانك لما فوت فرصة جولة على ظهر الفيل وسط الطبيعة العذراء.
في المرة القادة ضع على يدك فلفل اسود حتى لا يتجرأ أحد من تقبيلها في الهند، هذه مجرد مزحة ، اعتذر مسبقا إن كانت ثقيلة.
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.