بافتتاح مسجد تشيكماغلور لم يعد لدي شيء مهم أفعله وكل الشكر لشركة الطيران التي مددت رحلتي ثلاث أيام إضافية، يفترض بي أن أعود وكنت أريد العودة، انتظار يوم العودة كان صعباً فالوقت يمر ببطء شديد خصوصاً أنني قرأت كل ما أحضرته معي من روايات ومجلات ولم يعد لدي شيء أفعله، من ناحية أخرى داوود لديه دائماً شيء يفعله وهكذا تمضي الساعات بإنجاز زراعة شجرة أو زيارة منزل قريب أو حتى رؤية شيء حول بيته.
كان هناك يوم مخصص للسياحة وبالتحديد مخصص لزيارة جمال آباد، الجبل الذي لا يبعد سوى 8 كيلومترات عن بيلتنجادي ويمكنني رؤيته كل يوم من بيت داوود، فوق الجبل هناك قلعة بناها تيبو سلطان وللوصول لها حدثوني عن سلم خطير عالي متعب لذلك نصحوني بأن أزور الجبل لأنظر له من الأسفل، يبدو أنهم يدركون أن كرشي سيقف عائقاً بيني وبين القمة، وذكروني وكرروا علي أن بيني وبين القمة هناك أكثر من 1700 درجة علي تسلقها.
خرجنا في الصباح الباكر ومعنا مجموعة من معارف داوود وابنيه، يبدو أنهم يرغبون في رؤيتي وأنا لا أتسلق الجبل! وانضم لنا بعد ذلك المهندس عبد الحميد وشابان من جيرانه يقودان دراجة نارية، ظن داوود أنني سأكتفي بالجلوس عند سفح الجبل، المكان هادئ بارد والغابة كثيفة هنا ولا يوجد أحد غيرنا، قلت له سأمضي وانطلقت مع ابني داوود وأحدهم يريني الطريق، في البداية كانت هناك سلالم صنعت حديثاً من الإسمنت، بعد ذلك جاء سلم حجري وهو بداية الطريق الذي بني قبل أكثر من 150 عاماً، عند ارتفاع محدد توقفت الأشجار وغطى الجبل حشائش صفراء ترى من بينها صخور سوداء، الشمس بدأت تضربنا بلا رحمة، ومع أن الجو بارد إلا أن الشمس كانت حارة قوية في ذلك اليوم.
أول خمس دقائق كانت بسيطة وسهلة، لكن مع بداية السلم القديم بدأت الأمور تصعب علي، ارتفاع كل درجة من هذا السلم كبير وشكل السلم نفسه بدأ في التغير حتى لم أعد إفرق بينه وبين الصخور المحيطة حوله وكنت أحتاج لإرشاد ابن داوود حتى أعرف أين أضع قدمي، كنت أطلب منهم أن أستريح قليلاً بين حين وآخر لأنني كنت ألهث كما لم أفعل في حياتي من قبل والعرق يغطي وجهي والحرارة تزداد في جسمي والشمس لا يحجبها شيء، داوود وعبد الحميد وصديق داوود لا زالوا بعيدين عنا ولم يخرجوا من الغابة بعد ويبدو أنهم يأخذون راحتهم ولا يتعبون أنفسهم بالركوب السريع.
جلست على صخرة وأخرجت المنديل لأمسح وجهي وأغطيه لعلني أبعد الشمس ولهيبها قليلاً، المنديل كان لوقت طويل أداة يستخدمها الناس حتى جاء اختراع "الكي لا نكس" أو المحارم الورقية وتراجع استخدام المناديل، الآن المناديل تعود لسبب بسيط: البيئة، المحارم الورقية تستخدم مرة واحدة وترمى، وفي بلد مثل الهند سترمى في الشارع وفي بلدان أخرى ستتراكم في سلات المهملات، المحارم تصنع من الخشب تماماً كالورق ولذلك رميها لن يؤثر على البيئة كثيراً فهي في النهاية ستتحلل ومن ناحية أخرى كم من الأشجار ستقطع لصنع الكم الهائل من المحارم الذي يستهلك حول العالم كل عام؟ البعض يرى المناديل غير نظيفة لأنها تستخدم مرة بعد مرة، إليكم الحل البسيط: المحارم تغسل كل يوم، لا تحتاج لفعل ذلك في الغسالة فقط اغسلها بنفسك، شخصياً أجد المناديل أرقى وأفضل من المحارم الورقية.
بعد جلسة طويلة بعض الشيء عدت لتسلق الجبل لكن يبدو أن جسمي يريد إعلان الهزيمة، كنت متعباً وأصعد ببطء وداوود لحق بنا، وصلت إلى منتصف الطريق وأنا أفكر في النزول، كيف سأنزل؟ لأن النزول سيكون أخطر من الصعود ويتطلب توازناً، قلت لداوود أنني أكتفي بهذا فأخبروني أنني صعدت ما يقرب من 60% من الجبل وهذا كما يقول داوود إنجاز لم يكن يتصور أنني قادر عليه! أقول لابن داوود وهو شخص رفيع القامة خفيف الوزن: لكي تتصور الوزن الذي أحمله عليك أن تحمل كيسي أرز من الحجم الكبير على ظهرك ثم تصعد الجبل، هذا هو وزني الزائد، أخبرتهم أنني إن لم أخسر 5 كيلوجرام من وزني في ذلك اليوم فسيكون هذا محبطاً لي، لذلك كان أول ما فعلته عندما وصلت إلى المنزل بعد رحلتي هو أن أزن نفسي وبالفعل خسرت 5 كيلوجرامات.
نزلنا ببطء والنزول فعلاً خطير، أعني لو تعثر أحدنا فلن يوقف سقوطه شيء سوى الشجر أسفل الجبل وما بين المسافة التي وصلناها والشجر ما يكفي من الحجارة لطحن عظام أي شخص، جلسنا نستريح على سفح الجبل ثم انطلقنا لنرى تمثالاً يعبد في منطقة بعيدة بعض الشيء وكذلك لنرى متحف سيارات.
أما التمثال فهو يمثل ملكاً اختلف مع أخيه ودخل معه في حرب ولسبب ما تخلى بعد ذلك الملك عن ملكه وكل ما يملكه حتى ثيابه وذهب إلى غابة واعتزل الناس أو هذا ما فهمته من القصة التي أخبروني بها، التمثال الضخم الذي رأيناه يمثل الملك بعد قراره، بمعنى أنه تمثال عريان وأعتذر لكل من يرى أن عرض صورته أمر غير لائق، الناس يأتون لهذا التمثل ليصلوا ونحن اكتفينا برؤيته من بعيد، أخبروني أن هذا ثالث أكبر تمثال في ولاية كارناتكا وهناك تماثيل أكبر.
متحف السيارات يمنع التصوير وهذا أمر مؤسف لأنني رأيت الكثير من السيارات التي تستحق التصوير، المعرض يحوي عربات تجرها الخيول أو الناس وبعضها يعود لأكثر من 130 عاماً، رأيت سيارة تشبه رينو واي لكنها طرز أقدم بسنتين ولونها أزرق والكراسي لونها أسمر أو بني فاتح فخم، رولز رويس 20 بيضاء، مجموعة من سيارات ستيدبايكر ومنها سيارة تعود إلى 1929 وحملت المهاتما غاندي في جولته حول ولايتي كارناتكا وتاميل نادو، مجموعة من سيارات موريس ومرسيدس وفيات وفورد وغيرها من السيارات.
السيارة التي جعلتني أريد مخالفة قاعدة منع التصوير هي سيارة صغيرة من فيات لم يضعوا اسمها لكنني أعرفها جيداً فهي فيات توبولينو - إن كنت أكتب الاسم بشكل صحيح - وهي إحدى السيارات التي لا يتوقف إعجابي بها، أن أراها أمامي بعد أن قرأت عنها الكثير كان أمراً صعباً، ممنوع اللمس وممنوع التصوير، كان هذا صعباً، السيارة صغيرة أنيقة بسيطة أي أنها تحوي كل شيء يعجبني، وبعد دقائق انتبهت لسيارة أخرى بجانبها وهي أوستن سفن وهي أيضاً سيارة صغيرة بسيطة وهي من ناحية تاريخية سيارة مهمة لأنها كانت أساس سيارات ممثلة لشركات أخرى وحققت نجاحاً كبيراً في السوق البريطاني والأهم أنها جعلت أجهزة القيادة التي نعرفها اليوم منتشرة ومألوفة، أعني مواضع الدواسات ومغير السرعات.
كنت أرى السيارة تلو الأخرى وفي رأسي يدور شريط من المعلومات حول تاريخ كل سيارة، ما قصة منع التصوير هذه، لا أدري ما المصلحة التي يحققها هذا المنع، على أي حال كان المتحف من الأشياء التي استمتعت بها حقاً في الهند، ويبدو أنني عازم على زيارة متاحف سيارات أخرى في أي بلد.
ملاحظة: بعد أن كتبت الموضوع بحثت عن المتحف في الشبكة ووجدت من صوره ووضع الصور في منتدى، أنا حقاً نادم أنني التزمت بقاعدة ممنوع التصوير، على أي حال الصور في المنتدى تعوض عن عدم تصويري.
بقي موضوع واحد سأكتب فيه ملاحظات متفرقة وأنشر فيه صوراً مختلفة.
كان هناك يوم مخصص للسياحة وبالتحديد مخصص لزيارة جمال آباد، الجبل الذي لا يبعد سوى 8 كيلومترات عن بيلتنجادي ويمكنني رؤيته كل يوم من بيت داوود، فوق الجبل هناك قلعة بناها تيبو سلطان وللوصول لها حدثوني عن سلم خطير عالي متعب لذلك نصحوني بأن أزور الجبل لأنظر له من الأسفل، يبدو أنهم يدركون أن كرشي سيقف عائقاً بيني وبين القمة، وذكروني وكرروا علي أن بيني وبين القمة هناك أكثر من 1700 درجة علي تسلقها.
خرجنا في الصباح الباكر ومعنا مجموعة من معارف داوود وابنيه، يبدو أنهم يرغبون في رؤيتي وأنا لا أتسلق الجبل! وانضم لنا بعد ذلك المهندس عبد الحميد وشابان من جيرانه يقودان دراجة نارية، ظن داوود أنني سأكتفي بالجلوس عند سفح الجبل، المكان هادئ بارد والغابة كثيفة هنا ولا يوجد أحد غيرنا، قلت له سأمضي وانطلقت مع ابني داوود وأحدهم يريني الطريق، في البداية كانت هناك سلالم صنعت حديثاً من الإسمنت، بعد ذلك جاء سلم حجري وهو بداية الطريق الذي بني قبل أكثر من 150 عاماً، عند ارتفاع محدد توقفت الأشجار وغطى الجبل حشائش صفراء ترى من بينها صخور سوداء، الشمس بدأت تضربنا بلا رحمة، ومع أن الجو بارد إلا أن الشمس كانت حارة قوية في ذلك اليوم.
بوابة جمال آباد |
أول خمس دقائق كانت بسيطة وسهلة، لكن مع بداية السلم القديم بدأت الأمور تصعب علي، ارتفاع كل درجة من هذا السلم كبير وشكل السلم نفسه بدأ في التغير حتى لم أعد إفرق بينه وبين الصخور المحيطة حوله وكنت أحتاج لإرشاد ابن داوود حتى أعرف أين أضع قدمي، كنت أطلب منهم أن أستريح قليلاً بين حين وآخر لأنني كنت ألهث كما لم أفعل في حياتي من قبل والعرق يغطي وجهي والحرارة تزداد في جسمي والشمس لا يحجبها شيء، داوود وعبد الحميد وصديق داوود لا زالوا بعيدين عنا ولم يخرجوا من الغابة بعد ويبدو أنهم يأخذون راحتهم ولا يتعبون أنفسهم بالركوب السريع.
جلست على صخرة وأخرجت المنديل لأمسح وجهي وأغطيه لعلني أبعد الشمس ولهيبها قليلاً، المنديل كان لوقت طويل أداة يستخدمها الناس حتى جاء اختراع "الكي لا نكس" أو المحارم الورقية وتراجع استخدام المناديل، الآن المناديل تعود لسبب بسيط: البيئة، المحارم الورقية تستخدم مرة واحدة وترمى، وفي بلد مثل الهند سترمى في الشارع وفي بلدان أخرى ستتراكم في سلات المهملات، المحارم تصنع من الخشب تماماً كالورق ولذلك رميها لن يؤثر على البيئة كثيراً فهي في النهاية ستتحلل ومن ناحية أخرى كم من الأشجار ستقطع لصنع الكم الهائل من المحارم الذي يستهلك حول العالم كل عام؟ البعض يرى المناديل غير نظيفة لأنها تستخدم مرة بعد مرة، إليكم الحل البسيط: المحارم تغسل كل يوم، لا تحتاج لفعل ذلك في الغسالة فقط اغسلها بنفسك، شخصياً أجد المناديل أرقى وأفضل من المحارم الورقية.
بعد جلسة طويلة بعض الشيء عدت لتسلق الجبل لكن يبدو أن جسمي يريد إعلان الهزيمة، كنت متعباً وأصعد ببطء وداوود لحق بنا، وصلت إلى منتصف الطريق وأنا أفكر في النزول، كيف سأنزل؟ لأن النزول سيكون أخطر من الصعود ويتطلب توازناً، قلت لداوود أنني أكتفي بهذا فأخبروني أنني صعدت ما يقرب من 60% من الجبل وهذا كما يقول داوود إنجاز لم يكن يتصور أنني قادر عليه! أقول لابن داوود وهو شخص رفيع القامة خفيف الوزن: لكي تتصور الوزن الذي أحمله عليك أن تحمل كيسي أرز من الحجم الكبير على ظهرك ثم تصعد الجبل، هذا هو وزني الزائد، أخبرتهم أنني إن لم أخسر 5 كيلوجرام من وزني في ذلك اليوم فسيكون هذا محبطاً لي، لذلك كان أول ما فعلته عندما وصلت إلى المنزل بعد رحلتي هو أن أزن نفسي وبالفعل خسرت 5 كيلوجرامات.
استراحة قبل النزول |
المنظر من فوق الجبل، غابات ومزارع وجبال على مد البصر |
ما تبقى من الجبل لصعوده |
نزلنا ببطء والنزول فعلاً خطير، أعني لو تعثر أحدنا فلن يوقف سقوطه شيء سوى الشجر أسفل الجبل وما بين المسافة التي وصلناها والشجر ما يكفي من الحجارة لطحن عظام أي شخص، جلسنا نستريح على سفح الجبل ثم انطلقنا لنرى تمثالاً يعبد في منطقة بعيدة بعض الشيء وكذلك لنرى متحف سيارات.
أما التمثال فهو يمثل ملكاً اختلف مع أخيه ودخل معه في حرب ولسبب ما تخلى بعد ذلك الملك عن ملكه وكل ما يملكه حتى ثيابه وذهب إلى غابة واعتزل الناس أو هذا ما فهمته من القصة التي أخبروني بها، التمثال الضخم الذي رأيناه يمثل الملك بعد قراره، بمعنى أنه تمثال عريان وأعتذر لكل من يرى أن عرض صورته أمر غير لائق، الناس يأتون لهذا التمثل ليصلوا ونحن اكتفينا برؤيته من بعيد، أخبروني أن هذا ثالث أكبر تمثال في ولاية كارناتكا وهناك تماثيل أكبر.
إله عريان، صنع هذا الإله في عام 1973 من الجرانيت |
متحف السيارات يمنع التصوير وهذا أمر مؤسف لأنني رأيت الكثير من السيارات التي تستحق التصوير، المعرض يحوي عربات تجرها الخيول أو الناس وبعضها يعود لأكثر من 130 عاماً، رأيت سيارة تشبه رينو واي لكنها طرز أقدم بسنتين ولونها أزرق والكراسي لونها أسمر أو بني فاتح فخم، رولز رويس 20 بيضاء، مجموعة من سيارات ستيدبايكر ومنها سيارة تعود إلى 1929 وحملت المهاتما غاندي في جولته حول ولايتي كارناتكا وتاميل نادو، مجموعة من سيارات موريس ومرسيدس وفيات وفورد وغيرها من السيارات.
السيارة التي جعلتني أريد مخالفة قاعدة منع التصوير هي سيارة صغيرة من فيات لم يضعوا اسمها لكنني أعرفها جيداً فهي فيات توبولينو - إن كنت أكتب الاسم بشكل صحيح - وهي إحدى السيارات التي لا يتوقف إعجابي بها، أن أراها أمامي بعد أن قرأت عنها الكثير كان أمراً صعباً، ممنوع اللمس وممنوع التصوير، كان هذا صعباً، السيارة صغيرة أنيقة بسيطة أي أنها تحوي كل شيء يعجبني، وبعد دقائق انتبهت لسيارة أخرى بجانبها وهي أوستن سفن وهي أيضاً سيارة صغيرة بسيطة وهي من ناحية تاريخية سيارة مهمة لأنها كانت أساس سيارات ممثلة لشركات أخرى وحققت نجاحاً كبيراً في السوق البريطاني والأهم أنها جعلت أجهزة القيادة التي نعرفها اليوم منتشرة ومألوفة، أعني مواضع الدواسات ومغير السرعات.
كنت أرى السيارة تلو الأخرى وفي رأسي يدور شريط من المعلومات حول تاريخ كل سيارة، ما قصة منع التصوير هذه، لا أدري ما المصلحة التي يحققها هذا المنع، على أي حال كان المتحف من الأشياء التي استمتعت بها حقاً في الهند، ويبدو أنني عازم على زيارة متاحف سيارات أخرى في أي بلد.
ملاحظة: بعد أن كتبت الموضوع بحثت عن المتحف في الشبكة ووجدت من صوره ووضع الصور في منتدى، أنا حقاً نادم أنني التزمت بقاعدة ممنوع التصوير، على أي حال الصور في المنتدى تعوض عن عدم تصويري.
بقي موضوع واحد سأكتب فيه ملاحظات متفرقة وأنشر فيه صوراً مختلفة.
2 تعليقات:
لم يتبقى لك الكثير من الجبل للوصول الى القمة.
في الشارقة لدينا متحف السيارات القديمة. بعضها لن يكون قديماً بالنسبة لك لأنك عاصرته.. بتوفرد وغيرهم..
أنصحك بزيارته.
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.