الخميس، 6 أكتوبر 2011

المشكلة ثقافية ولا ذنب للجو


كتبت في تويتر أن الحاجز الفعلي أمام انتشار استخدام الدراجات الهوائية هو حاجز ثقافي ووصلتني مجموعة ردود تقول "والجو" وهو بالفعل مشكلة في بعض بلداننا لذلك كان ردي على هذه الردود جميعاً أن الجو ليس حاراً طوال العام في بلداننا ففي الإمارات مثلاً هناك فترة باردة طويلة نسبياً تبدأ من منتصف شهر أكتوبر وتمتد إلى شهر أبريل أو مايو وهذا يعني من 6 إلى 7 شهور مناسبة، نصف العام تقريباً، في بلدان أخرى الجو مناسب معظم العام، وعلي أن أذكر هنا أن درجة الحرارة ليست المؤشر الوحيد الذي يؤثر على الإنسان، في طوكيو مثلاً درجة الحرارة قد تصل إلى 28 درجة مؤية وتتسبب في وصول كثير من الناس إلى المستشفيات بسبب ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري وهذا كما أرى لم يمنع الناس من استخدام الدراجات الهوائية.

دعونا من موضوع المناخ هذا فليس في يدنا فعل شيء بخصوصه، ما أعنيه بالثقافة هنا هو كل شيء يدور حول الطرق والنظرة التي ينظر بها كثير من الناس للدراجات الهوائية وحتى سوق الدراجات الهوائية لدينا، من يقود سيارة يجد نفسه في مواقف مختلفة تدل على أن كثيراً من مستخدمي الطرق لا يحترمون الآخرين ولا يلتزمون بالقانون فكيف بمن يقود دراجة هوائية؟ ثم القوانين حول الدراجات الهوائية ليست معروفة أو قلة من الناس يعرفونها وقد حاولت الوصول لهذه القوانين ولم أستطع.

الطرق غير مهيئة لمستخدمي الدراجات الهوائية بل حتى عند صيانة الطرق سيكون المشاة هم أول ضحية لهذه الصيانة حيث الرصيف يختفي ولا يعود لهم ولا لغيرهم مكان للسير فيه، عليهم البحث عن طريق أطول للوصول إلى المكان الذي يريدونه أو عليهم ألا يمشوا وألا يستخدموا الدراجات الهوائية ويعتمدوا على السيارات.

ثم هناك مستخدمي الدراجات الهوائية، لدينا الأطفال والمراهقين وقد كنت واحداً منهم في الماضي - صدق أو لا تصدق - وكدت أفقد حياتي مرتين بسبب طيشي ولا زلت أرى الأطفال يستخدمون هذه الدراجات الهوائية بطريقة خطيرة عليهم، ولدينا الهنود وبعض الجنسيات الأخرى التي تستخدم الدراجات الهوائية كوسيلة تنقل يومية، هؤلاء يستخدمون الشوارع ويسيرون مع السيارات لكنهم بحاجة لتوعية لكي لا يعرضوا أنفسهم للخطر ولا يعرضوا أصحاب السيارات للقضايا والمحاكم.

أما سوق الدراجات الهوائية لدينا فهو في غالبه سوق للدراجات الموجهة للأطفال والمراهقين وأغلب الخيارات المتوفرة فيه تدور حول ما يسمى بالدراجات الجبلية (Mountain Bike) وهي دراجات ثقيلة الوزن ومتينة ومصممة لتحمل الصدمات في مناطق وعرة ومع ذلك كثير من الناس يشترونها ولا يستخدمونها إلا في المدن، في سوقنا من النادر أن تجد دراجات مصممة للمدن  والتي تكون غالباً خفيفة الوزن ورخيصة ويسهل استخدامها، ولم أرى دراجات هوائية مصممة للشحن ونقل البضائع أو دراجات من نوع Recumbent، قد يقول شخص ما بأنه لا يوجد طلب وبالتالي لا حاجة لوجود عرض لهذه الأنواع، في حين أنه يمكن قول العكس، يمكن القول أنه لا يوجد عرض وبالتالي لا يوجد طلب لأن الناس لا يعرفون أن هناك أنواعاً مختلفة من الدراجات الهوائية.

كل ما ذكرته سابقاً وغير ذلك يدل على عدم وجود بيئة تتقبل الدراجات الهوائية وتجعلها أداة للتنقل ولا تنظر لها نظرة دونية ونحن بحاجة لتغيير كل هذا.

في البداية لدي قناعة أنه لا يمكن لكل الناس أن يمتلكوا سيارات ولا يمكن أن نستمر في تصميم المدن لتناسب السيارات فقط ولا بد أن نعود لتصميم المدن لكي تناسب الناس قبل السيارات، تصور فقط لو أن كل شخص لديه القدرة على شراء سيارة اشترى سيارة فهل تظن أن توسيع الطرق سيكفي هذا العدد الهائل من السيارات؟ مهما وسعنا الطرق ومهما حاولنا تطويرها لتنساب الحركة بدون عوائق سيكون عدد السيارات أكبر من قدرة الطرق على تحملها، سيكون هناك زحام وتأخير وأعصاب محروقة وأوقات ضائعة وإنتاجية مهدورة، سيكون هناك تلويث أكثر واستهلاك للوقود المصدر الذي نعرف أنه غير متجدد وقد ينضب في المستقبل القريب.

لا بد من إعادة تصميم المدن لتضع الناس قبل السيارات، بمعنى أن تصبح المدن قابلة للمشي، أن يتمكن الإنسان من إنجاز أعماله من خلال المشي فقط أو من خلال دراجة هوائية، ثم لا بد من تحديد الفئات التي يمكن لها أن تستخدم السيارات، أعلم أن هذا الرأي سيضايق الكثيرين لكنه شيء أؤمن به، لا يمكن للجميع أن يمتلكوا السيارات، وقبل هذا لا بد من وجود أنواع من المواصلات العامة، الحافلات، سيارات الأجرة، برامج المشاركة بالسيارات، الترام، والقطارات للتنقل بين المدن، هيمنة السيارة على النقل يجب أن تنتهي ... هذا كلام أقوله وأنا أحب السيارات وأقرأ عنها كثيراً.

هناك الكثير أود الحديث عنه لكن سأكتفي بهذه الروابط:

12 تعليقات:

Unknown يقول...

جربت U3-X من هوندا؟ :)

سفيان الدوغان يقول...

منذ زمن أردت الكتابة حول استخدام الدراجات , لماذا النظرة الدونية لمستخدمي الدراجات ؟ ليه ؟

حلوة مريحة رياضة جميلة متعة

نحن عندنا عيب , إذا كانت في الشارع , في الغرب حتى الوزير

Musaed يقول...

أمتلك دراجة هوائية شخصياً و استخدمها باستمرار كرياضة فقط , لا أمانع استخدامها للعمل شتاءً إلا إن هناك تحديات (ليس من ضمنها الجو), أولها هو بعد المسافة الغير منطقي حيث إني سأحتاج أن استيقظ ساعات قبل الذهاب للعمل و الشيء الآخر إنك عند قيادتك للدراجة فأنت تقوم بمجهود رياضي يحتم عليك الإستحمام بعدها و هذا ليس متوفر في معظم مقار العمل.

سفيان الدوغان يقول...

تعليق بسيط الجو عائق كبير جدا في كثير جدا من المناطق أخصوصا المنطقة الشرقية في السعودية وتحديدا الأحساء ستغير رأيك حول أن للجو ذنبا أم لا ! الدراجات بديل مناسب , لكن ليس للجميع , شكرا

غير معرف يقول...

الفكرة من الجمال الكثير, و لكن لا يمكن تطيبق فكرة ما, إن لم تتوفر مقومات نجاحها.
الدرجات الهوائية تحتاج إلى الكثير من المقومات -الغير متوافرة حالياً- ليتسنى للبعض الإعتماد عليها بشكل جزئي أو كلي في تنقلاتهم, أولاً الطرقات التي تحدثت عنها أنفاً, فالغالبية -و من وجهة نظر شخصية-ليسوا على إستعداد للمخاطرة بحياتهم إرضاءً لقناعتهم في "فوائد الدراجة الهوائية", فالتخصص (بفتح الصاد) الطرق أولاً, أو على الأقل فاليخصص نظام مروري خاص بالدراجات الهوائية -ليس لدي أدنى علم بما هية النظام المتبع لديكم في الإمارات حيال ذلك الأمر ففي بعض الدول العربية, الدراجات الهوائية ممنوعة (حفاظاً على الأمن القومي)و قد يصل إلى حد مصادرة الدراجة الهوائية- ليتسنى لهؤلاء إستخدامها في تنقلاتهم.
ثايناً فالتخصص مواقف لها, في كثير من الدول يتم تخصيص "فسحة" ليتسنى لمستخدمي الدراجات الهوائية "ركن" دراجاتهم الهوائية, أما في بعض دولنا العربية تحتاج لـ"نظام إنذار" لتضمن عدم العبث بدراجتك أو سرقتها.
ثالثاً غالبية أنواع الدراجات الهوائية لا تأمن لك الحماية من العوامل الجوية أياً كانت, و دول الخليح مشهوداً لها بمناخها الحار نهاراً الرطب على مدار اليوم, و إن لم تتأثر بالعوامل الجوية المحيطة فستتأثر بكمية الغبار المتتطاير -نتاج الطفرة العمرانية أدامها الله- .
الدراجة الهوائية من الأمور الكثيرة الرائعة التي قد يفتقدها البعض, ولكن لكل أمر مقوامته, الغربي أو الشرق أسيوي إن إستخدم الدراجة الهوائية فهو ناج ثقافة ساعدة على تكونها ظروف موائهمة, فالتتغير الظروف لدينا ليتسنى لتا إبتداع ثقافة الدراجات الهوائية

عبدالله المهيري يقول...

Eye Code: لا، رأيتها في الشبكة فقط، تبدو عجيبة ووسيلة مسلية للتنقل في المكاتب.

@سفيان الدوغان: كما ترى، المشكلة ثقافية في الأساس، ولم أقل أنها بديل مناسب للجميع، ما أقوله في كل هذا الموضوع أن النظرة تجاه الدراجات الهوائية يجب أن تتغير ويجب أن تتاح الفرصة لمن يريد استخدامها بأن نشجعهم على استخدامها من خلال توفير طرق مناسبة لها، والجو في بلداننا ليس حاراً طوال العام.

@Musaed: في الخليج الدراجة الهوائية يمكن تسويقها على أنها أداة للتسلية والتجول وأداة رياضية لتخفيف الوزن وتحسين الصحة، لا أظن أن سكان الخليج سيتخلون بسهولة عن السيارات لأسباب كثيرة منها ما ذكرته في تعليقك عن بعد المسافة بين البيت والعمل، لذلك قلت في الموضوع أن المدن يجب أن يعاد تصميمها لتصبح مناسبة للناس لا السيارات.

رأيت في القناة اليابانية عن شركة توفر مرافق مخصصة لقائدي الدراجات الهوائية، خزانة صغيرة وحمام للاستحمام ومكان لحفظ الدراجة الهوائية، أحياناً أحسدهم :-)

@غير معرف: كما ترى في الموضوع، مقومات نجاح الدراجات الهوائية في بلداننا معدومة أو شبه معدومة، وما أقوله في الموضوع أن المدن يجب أن يعاد تصميمها لكي تصبح مناسبة للناس وبالتالي تصبح مناسبة للمشي واستخدام الدراجات الهوائية بغض النظر عن الجو، ليس من الحكمة أن تبقى المدن بتصاميمها وطرقها الحالية ثم ندعوا الناس لاستخدام الدراجات الهوائية فهذا ليس عملياً.

samio يقول...

آستآذ عبدالله الحقيقة أنهآ فكرة جدآ خيالية وتنم عن تحضر المجتمع ويمكن تطبيقهآ إذآ بدآت أي حكومة في تشريعهآ وسن قوآنين لهآ .. وصدقني صح في البدآية يقولن عيب ومن هالكلام بس في النهآية بما أن الحكومة تدعم مع الأعلام رآح تنجح ولو بعد حين .. والأجوآء المنآطق ليس مثل بعض فالجنوب و الشمال في المملكة أجوآئهآ حلوه [ أعجبتني مدونتك ] وآستفدت منهآ شكرآ لك

احمد صلاح يقول...

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
انا كنت فاكر انك بتكلم عن ثقافه من نوع تانى يعنى مش ثقافه معرفه قوانين الدرجات لكن الثقافه اهلام هى انه الناس بتنظر نظره دونيه لقائد السياره انا مثلك كان عندى دراجه واعشق دراجتى لكن قلى ازاى اركب دراجتى وانا طبيب واروح عيادتى قلى بالله عليك . تخيل انه كان فيه مبادره فعلا لركوب الدرجات وتحولت البلد لركوب الدرجات شوف كم الفائده
كتير جدا اولا منها رياضه منها ترويح عن النفس منها انجاز لكثير من المشاوير القريبه والبعيده ورخيصه وسيله رائعه اتمنى يجى اليوم وتكون مصدر فخر
بص تصور طبيبك يركب دراجه هههههههه والله تستهزق بيه

اخبار مصرية يقول...

مشكلة مجتمعاتنا العربية اغلب الوقت بتستهلك اشياء كثيرة دون الوعى بأهميتها او المكان المناسب لها
زى ما حضرتك ذكرت كدة عن المشى بين السيارات
وبعض الاشخاص اللى بيركنوا السيارات صف تالت ورابع
ومش مهم المشاه
والله اننا فى حاجة لقوانيين لكل شيىء .. بس المهم نلتزم

غير معرف يقول...

فعلًا أود أن أذهب إلى مدرستي بدراجة هوائية، للأستمتاع بالجو الصباحي الجميل .. لكن عندما أتخيل أنني سأكون مضطرًا للرجوع من المدرسة بها في هذه الظهيرة "الحارة جدًا جدًا " أشعر بالكآبة، ربما تكون فكرة الدراجة الهوائية فكرة جيدة للأجيال التي تعقبنا .. لأن الوعي سيزيد وسيكون هناك شوارع خاصه للمشاة ولراكبي الدراجات على الأقل =)

تطبيقات يقول...

اشكرك على الطرح القيم
اننا بحاجة فعلا
لتغيير ارائنا فى اشياء كثيرة

غير معرف يقول...

كانت أيام جميلة عندما كُنا نستخدم الدراجات، أيام الثانوي. وكانت المدرسة تبعد حوالي كيلو ونصف، والغريب أن الجو السخن عندنا في السودان لم يكن مشكلة أبداً، كأننا لم نكن نحس حينذاك، كنا نحس فقط بالبرد، كنت أتجنب الذهاب للمدرسة بالدراجة في الشتاء وذلك لأن الهواء كان شديداً وفي عكس إتجاه المدرسة.
اﻵن كثرة السيارات والزحام في العاصمة الخرطوم تجعل من الصعب على اﻷطفال، الشباب والكبار بقيادة الدراجة.
نحتاج لبنية تحتية مختلفة عن البُنية الحالية للطرقات

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.