لا أدري ما الذي ذكرني بالأمر، قصة صغيرة في الفصل الثالث الابتدائي وبين ثلاث طلاب، كان الوقت بين حصتين وهذا يعني أن الطلاب سيتحركون في الفصل ويلعبون لخمس دقائق حتى يأتي مدرس الحصة التالية، كان أحد الطلاب ينظف السبورة وكنت أتجول في الفصل فوصلت في الوقت الخطأ إلى المكان الخطأ وهو خلف هذا الطالب بمسافة قصيرة وفي هذه اللحظة كان هناك طالب ثالث بأفكار شيطانية وكنا نسميه طحينة استهزاء به وقد كان متأخراً بضعة أعوام، طحينة بسرعة بديهة عجيبة ضرب ذلك الطالب على مؤخرته - عذراً على اللفظ - وهرب فالتفت الطالب فلم يجد غيري!
حاولت أن أقنعه بأنني لم أفعل ذلك فلم يصدق ولم يعطني فرصة وذهب إلى الأخصائي الاجتماعي الذي كان طويلاً وبشعر يشبه شعرة الأفارقة أو Afro ويلبس دائماً نظارات سوداء تغطي عينيه ولا أذكر أنني رأيته يخلعها مرة، جاء الأخصائي وسألني إن كنت قد فعلت ذلك فأخبرته أن طحينة فعل ذلك وطحينة حلف أيماناً مغلظة أنه لم يفعل ولا أدري لم وثق به الأخصائي وطلب مني أن أتبعه إلى مكتبه.
في المكتب كان هناك طلاب آخرون ينتظرون دورهم وكان الأخصائي ذو الأفرو لا يجد حلاً لأي شغب سوى ضرب بالعصا على اليد، ضربهم وجاء دوري فرفضت مرات عديدة ثم أزعجني بإلحاحه فرفعت يدي ورفع عصاه ثم أنزلها سريعة فسحبت يدي وضرب طاولته التي كانت مغطاة بلوح زجاجي فكسره! بالطبع لم أهرب من العقاب ووجدت ما يكفي من الضرب على يدي.
بعد أكثر من 20 عاماً لم يعد في نفسي شيء تجاه الأخصائي أو طحينة أو الطالب الذي اشتكى علي وهذا الحادث أصبح جزء من مجموعة حوادث صغيرة في المدرسة تشكل نمطاً يتكرر كل عام، الأخصائي كان جزء من نظام كامل والمسألة ليست متعلقة بتصرفه وإن كان ما فعله أمر غير تربوي ولم يكن في صالحي أو يقدم أي فائدة لي أو للطالب المظلوم أو يردع الطالب الظالم وبعدها ولسنوات كنت أحقد عليه لأنني أصبحت متهماً بلا دليل وكان على استعداد أن يظلم بريئاً من أن يترك جريمة بلا عقاب.
من ناحية أخرى النظام المدرسي مصمم لكي يحقق أكبر كفاءة ممكنة وليس المقصود بالكفاءة هنا التعليم الأفضل بل تحقيق مقاييس معينة وبأسلوب محدد، النظام المدرسي لا يملك أي مرونة فهناك أمور يجب أن تمارس وأصبحت طقوساً يومية للطلاب، الحضور في وقت محدد والمشاركة في العذاب الصباحي المسمى طابور الصباح ومن يتأخر يعاقب وحتى اليوم لم أجد أو أفهم فائدة هذا الطابور، ثم هناك الحصص المقسمة بنفس الشكل لجميع الطلاب، كل الطلاب يدرسون في نفس الوقت وإن كانوا يدرسون مواد مختلفة فهم في النهاية يدرسون نفس الكتب ونفس المناهج وكثير من الفصول يتشاركون بنفس الأساتذة.
النظام التعليمي هو نظام واحد مصمم لجميع الطلاب والمدرسة هي وسيلة التعليم الشامل، بمعنى آخر هي أفضل وسيلة لتقديم نوع واحد من التعليم لأكبر عدد من الطلاب ثم تضع مقياساً واحداً لكل هؤلاء الطلاب ومن لم يحقق هذا المقياس سيتأخر، ولكي يسير هذا النظام بلا مشاكل يفترض أن يدار بحزم فلا يخرج عن النظام شخص إلا ويعاقب والخروج عن النظام له صور كثيرة كافتعال المشاكل مع الطلاب الآخرين أو الأساتذة أو حتى عدم حضور الطابور الصباحي.
الآن وفي شبكة الويب يمكن عكس هذا النظام التعليمي، فبدلاً من أن يكون هناك مدرسون كثر يعلمون الطلاب يمكن للتعليم أن يقدمه شخص واحد وبطرق مختلفة كما فعلت أكاديمية خان ويستطيع عدد كبير من الطلاب التعلم من خلال المواد المتوفرة في الشبكة، دور المعلم التقليدي لم يعد ضرورياً ولا أعني أن المعلم ليس ضرورياً بل هو مهم لكن مسؤوليته يجب أن تتغير من التعليم إلى التوجيه والتدريب، والمواد التعليمية المتوفرة في الويب كثيرة ويمكن للطلاب مشاهدة وقراءة ما يناسبه في البيت ثم يطبق هذه الأفكار مع المدرس الذي يمكن أن ينتبه أكثر لكل طالب ويشرح له ما لم يفهمه.
في النظام التعليمي الحالي المدرس ما هو إلا وسيلة نقل منهاج وضعته مؤسسة واحدة لكل الطلاب وهذا لم يعد فعالاً ولم يكن فعالاً منذ البداية والبديل اليوم متوفر لكن هل هناك أي أمل في تغير التعليم ليصبح أكثر مرونة؟ لا يعقل اليوم أن نبقي هذا النظام الذي لا يراعي الفروق الفردية ويضع مقياساً واحداً للجميع وتعليماً واحداً للجميع، الناس مختلفون ووضع مقياس واحد للجميع هو ظلم لهم وهدر للطاقات.
حاولت أن أقنعه بأنني لم أفعل ذلك فلم يصدق ولم يعطني فرصة وذهب إلى الأخصائي الاجتماعي الذي كان طويلاً وبشعر يشبه شعرة الأفارقة أو Afro ويلبس دائماً نظارات سوداء تغطي عينيه ولا أذكر أنني رأيته يخلعها مرة، جاء الأخصائي وسألني إن كنت قد فعلت ذلك فأخبرته أن طحينة فعل ذلك وطحينة حلف أيماناً مغلظة أنه لم يفعل ولا أدري لم وثق به الأخصائي وطلب مني أن أتبعه إلى مكتبه.
في المكتب كان هناك طلاب آخرون ينتظرون دورهم وكان الأخصائي ذو الأفرو لا يجد حلاً لأي شغب سوى ضرب بالعصا على اليد، ضربهم وجاء دوري فرفضت مرات عديدة ثم أزعجني بإلحاحه فرفعت يدي ورفع عصاه ثم أنزلها سريعة فسحبت يدي وضرب طاولته التي كانت مغطاة بلوح زجاجي فكسره! بالطبع لم أهرب من العقاب ووجدت ما يكفي من الضرب على يدي.
بعد أكثر من 20 عاماً لم يعد في نفسي شيء تجاه الأخصائي أو طحينة أو الطالب الذي اشتكى علي وهذا الحادث أصبح جزء من مجموعة حوادث صغيرة في المدرسة تشكل نمطاً يتكرر كل عام، الأخصائي كان جزء من نظام كامل والمسألة ليست متعلقة بتصرفه وإن كان ما فعله أمر غير تربوي ولم يكن في صالحي أو يقدم أي فائدة لي أو للطالب المظلوم أو يردع الطالب الظالم وبعدها ولسنوات كنت أحقد عليه لأنني أصبحت متهماً بلا دليل وكان على استعداد أن يظلم بريئاً من أن يترك جريمة بلا عقاب.
من ناحية أخرى النظام المدرسي مصمم لكي يحقق أكبر كفاءة ممكنة وليس المقصود بالكفاءة هنا التعليم الأفضل بل تحقيق مقاييس معينة وبأسلوب محدد، النظام المدرسي لا يملك أي مرونة فهناك أمور يجب أن تمارس وأصبحت طقوساً يومية للطلاب، الحضور في وقت محدد والمشاركة في العذاب الصباحي المسمى طابور الصباح ومن يتأخر يعاقب وحتى اليوم لم أجد أو أفهم فائدة هذا الطابور، ثم هناك الحصص المقسمة بنفس الشكل لجميع الطلاب، كل الطلاب يدرسون في نفس الوقت وإن كانوا يدرسون مواد مختلفة فهم في النهاية يدرسون نفس الكتب ونفس المناهج وكثير من الفصول يتشاركون بنفس الأساتذة.
النظام التعليمي هو نظام واحد مصمم لجميع الطلاب والمدرسة هي وسيلة التعليم الشامل، بمعنى آخر هي أفضل وسيلة لتقديم نوع واحد من التعليم لأكبر عدد من الطلاب ثم تضع مقياساً واحداً لكل هؤلاء الطلاب ومن لم يحقق هذا المقياس سيتأخر، ولكي يسير هذا النظام بلا مشاكل يفترض أن يدار بحزم فلا يخرج عن النظام شخص إلا ويعاقب والخروج عن النظام له صور كثيرة كافتعال المشاكل مع الطلاب الآخرين أو الأساتذة أو حتى عدم حضور الطابور الصباحي.
الآن وفي شبكة الويب يمكن عكس هذا النظام التعليمي، فبدلاً من أن يكون هناك مدرسون كثر يعلمون الطلاب يمكن للتعليم أن يقدمه شخص واحد وبطرق مختلفة كما فعلت أكاديمية خان ويستطيع عدد كبير من الطلاب التعلم من خلال المواد المتوفرة في الشبكة، دور المعلم التقليدي لم يعد ضرورياً ولا أعني أن المعلم ليس ضرورياً بل هو مهم لكن مسؤوليته يجب أن تتغير من التعليم إلى التوجيه والتدريب، والمواد التعليمية المتوفرة في الويب كثيرة ويمكن للطلاب مشاهدة وقراءة ما يناسبه في البيت ثم يطبق هذه الأفكار مع المدرس الذي يمكن أن ينتبه أكثر لكل طالب ويشرح له ما لم يفهمه.
في النظام التعليمي الحالي المدرس ما هو إلا وسيلة نقل منهاج وضعته مؤسسة واحدة لكل الطلاب وهذا لم يعد فعالاً ولم يكن فعالاً منذ البداية والبديل اليوم متوفر لكن هل هناك أي أمل في تغير التعليم ليصبح أكثر مرونة؟ لا يعقل اليوم أن نبقي هذا النظام الذي لا يراعي الفروق الفردية ويضع مقياساً واحداً للجميع وتعليماً واحداً للجميع، الناس مختلفون ووضع مقياس واحد للجميع هو ظلم لهم وهدر للطاقات.
3 تعليقات:
كلام جميل خصوصا ما يتعلق باكاديمية خان
فرغم سطحية المادة العلمية الذي يقدمها و عدم التعمق إلا أنني استفدت منه في الفصل السابق لدراسة مادة كنت أحضر دروسها متأخرا
التعلم يتعلق بالintrest و التوقيت الذي يكون فيه الشخص مستعدا للتعلم و لا يقف على حضور حصة و تسجيل غياب و حضور للأسف كما في جامعاتنا و كأننا لا زلنا بالمدرسة !
ذكرتني بموقف مشابه حصل معي في المرحلة الابتدائية عاقبني فيها الاخصائي الاجتماعي بدون وجه حق..
حتى الآن مازلت أجهل دور الاخصائي الاجتماعي في تلك الفترة.. أظنه أكثر شخص مرتاح في المدرسة!
@Hussain Shehabi: لا بد من أن تدرك أنظمتنا التعليمية أن المرونة مطلوبة وأن الناس مختلفون، بدون ذلك لن يكون التعليم فعالاً وسيبقى كآلة تنتج حملة شهادات.
@أسامة: بدأ الوضع يتغير تدريجياً وأصبح الأخصائي له دور في علاج مشاكل الطلاب في المنزل أو المدرسة، لكن في الماضي كان مجرد مشرف آخر.
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.