في أول كل عام ميلادي هناك دائماً أخبار تقنية مثيرة، معرض CES حدث كبير سنوي تعلن فيه مئات الشركات جديد منتجاتها أو تعرض تقنيات جديدة، حدث كبير تغطيه مواقع كثيرة وتأتي الأخبار بلا انقطاع ليومين أو ثلاثة وفي السنوات الأخيرة تبدأ الأخبار قبل شهر من المعرض وتزداد باقتراب موعده، أي شخص يتابع جديد المنتجات التقنية سيجد بعض الحماس أو الكثير منه عند متابعة أخبار المعرض، هذا ما كنت أشعر به في الماضي وهذا كذلك شعوري قبل الإنترنت عندما كانت مجلات الحاسوب تغطي معارض الحاسوب لكن الفرق هنا أن المجلة محدودة بمساحة أوراقها، مواقع الشبكة لا حد لها.
في هذا العام أجد أنني فقدت حماسي لهذا المعرض ولكثير من الأخبار التقنية، في هذا المعرض هناك أكثر من 2000 شركة تريد أن تأخذ حصة من انتباهك، هو معرض أمريكي لكن تغطيته عالمية وبلغات عديدة والشركات تستغل ذلك لتعلن عن الجديد لكن هذا الجديد هو في الحقيقة ليس جديداً إلا نادراً.
خذ على سبيل المثال التلفاز، ستعلن الشركات عن دقة 4K وهي دقة أعلى من Full HD وعندما تطرح أجهزة التلفاز بهذه الدقة ستكون أسعارها مرتفعة وستسوق على أنها مستقبل التلفاز وهي بالفعل مستقبل هذا الجهاز إلى أن يبتكروا شيئاً جديداً ليخبروا الجميع أن المستقبل أصبح ماضياً وهناك مستقبل جديد يمكن شراءه، هل تذكرون الشاشات ثلاثية الأبعاد؟ أو العديد من الملصقات التي تجدها على التلفاز في محلات الإلكترونيات لتخبرك عن مميزات تقنية لا تهمك؟ ولا أنسى فكرة التلفاز الذكي والتي تعجبني حقاً لكنها حتى الآن لم تطبق بشكل جيد، يقولون يمكنك تصفح الشبكة بالتلفاز ويمكنك مشاهدة مواقع الفيديو بالتلفاز، خصائص جيدة لكن التطبيق فقير.
لكن قبل حتى أن نناقش فائدة كل هذا على كل شخص أن يسأل نفسه إن كان بحاجة لتلفاز أم لا، شخصياً كان لدي واحد من النوع القديم CRT وكنت أستخدمه لمشاهدة أفلام وثائقية أو ألعاب الفيديو لكنني أخرجته ولم يعد لدي تلفاز وفي الغالب لن أشتري واحداً جديداً، لم يعد هناك عذر لاقتناء واحد، هو منتج إستهلاكي يجر معه منتجات استهلاكية أخرى لا أحتاجها حقاً، التلفاز ليس جهازاً تشتريه وسيعمل لوحده دون أي إضافات بل عليك أن تضيف له، لعبة فيديو ستحتاج لألعاب، مشغل DVD سيحتاج لأفلام، وبما أنك تريد مشاهدة التلفاز ستحتاج لقطعة أثاث تضع عليها التلفاز والأجهزة الأخرى وكرسياً لتجلس أمامه، وهكذا حبل الرغبات والاستهلاك سيستمر حتى تقرر أن تتخلص من التلفاز ليصبح كل شيء آخر جاء معه عديم الفائدة.
في هذا المعرض ستكون هناك العشرات من الحواسيب التي تعمل بنظام ويندوز 8 الجديد وكثير منها سيأتي بأشكال مختلفة لكن يمكنني أن أخمن أن معظمها سيكون متشابهاً من ناحية المواصفات لحد لا يمكنك أن تفرق بينها إلا من خلال العلامة التجارية، هناك خيارات كثيرة لكن كلها تشبها بعضها البعض، والقصة ستتكرر مع هواتف ويندوز وآندرويد، ستطرح العشرات منها لتزيد حيرة الناس.
ستعلن شركات عن منتجات لم تطرح بعد ثم في منتصف العام ستعلن عن عدم طرحها أو غالباً ستختفي هذه المنتجات بهدوء، سترى أخباراً ونقاشات وتحليلات والمئات المئات من التعليقات ولا تنسى آلاف الصور وعشرات مقاطع الفيديو، كل هذا لتغطية منتجات استهلاكية، أثناء كل هذا تذكر أن هناك ملايين من الناس عاشوا وسيعيشون دون أن يعرفوا بوجود هذا المعرض أو معروضاته وحياتهم طبيعية، يمكنك أن تتجاهل المعرض إن أردت.
ليست المشكلة في وجود المنتجات لكن في الثقافة الاستهلاكية ومصلحة الشركات في بقاء هذه الثقافة، بالأمس اشتريت شيئاً وسيحاولون إقناعك أن تتخلص منه لتشتري الجديد مع أن القديم لا زال يعمل ويقدم لك فائدة، سيحاولون من خلال الآلة التسويقية أن يصوروا لك أن حياتك لا يمكنها أن تستقيم بدون أن تشتري جديد منتجاتهم، وللأسف هناك من يشتري كل عام ويجدد مشترياته كلما ظهر الجديد، بل هناك من يهزأ بمن يملك جهازاً قديماً ويصور من يستخدم الأجهزة القديمة على أنهم متخلفون تقنياً، صدقني رأيت ما يكفي من الحوارات حول الهواتف العادية - غير الذكية - ومؤسف أن هناك ما يكفي من الناس يرون في هذه الهواتف تخلفاً وعودة إلى البدائية وإلى الماضي.
الرسالة هنا هي: عليك أن تواكب الجديد، اشتري وجدد كل عام أو حتى كل بضعة أشهر.
والسؤال هو: طيب وبعدين؟! هل هناك نقطة توقف يقرر فيها المرء أنه اكتفى؟ ليس في عالم الثقافة الاستهلاكية، لو أن كل شخص اكتفى بما لديه فلن تبقى هناك شركات تصنع المنتجات الاستهلاكية.
حجم معرض CES وتوقيته يجعلانه أقل فائدة مما كنت أتصور في الماضي، الشركات تتنافس على صنع منتجات متشابهة وتحاول إقناع الزبائن بكل وسيلة أن كل شركة تقدم منتجات مميزة عن الشركات الأخرى، التميز والتنوع الفعلي في المنتجات التقنية إما نادر أو غير موجود، وكلما مضت السنوات وجدت أن التخلص من الثقافة الاستهلاكية ومحاولة تبسيط حياتي يجعلني أكثر راحة وسعادة وهذا أمر يسير عكس تيار معرض CES والشركات المشاركة فيه.
في هذا العام أجد أنني فقدت حماسي لهذا المعرض ولكثير من الأخبار التقنية، في هذا المعرض هناك أكثر من 2000 شركة تريد أن تأخذ حصة من انتباهك، هو معرض أمريكي لكن تغطيته عالمية وبلغات عديدة والشركات تستغل ذلك لتعلن عن الجديد لكن هذا الجديد هو في الحقيقة ليس جديداً إلا نادراً.
خذ على سبيل المثال التلفاز، ستعلن الشركات عن دقة 4K وهي دقة أعلى من Full HD وعندما تطرح أجهزة التلفاز بهذه الدقة ستكون أسعارها مرتفعة وستسوق على أنها مستقبل التلفاز وهي بالفعل مستقبل هذا الجهاز إلى أن يبتكروا شيئاً جديداً ليخبروا الجميع أن المستقبل أصبح ماضياً وهناك مستقبل جديد يمكن شراءه، هل تذكرون الشاشات ثلاثية الأبعاد؟ أو العديد من الملصقات التي تجدها على التلفاز في محلات الإلكترونيات لتخبرك عن مميزات تقنية لا تهمك؟ ولا أنسى فكرة التلفاز الذكي والتي تعجبني حقاً لكنها حتى الآن لم تطبق بشكل جيد، يقولون يمكنك تصفح الشبكة بالتلفاز ويمكنك مشاهدة مواقع الفيديو بالتلفاز، خصائص جيدة لكن التطبيق فقير.
لكن قبل حتى أن نناقش فائدة كل هذا على كل شخص أن يسأل نفسه إن كان بحاجة لتلفاز أم لا، شخصياً كان لدي واحد من النوع القديم CRT وكنت أستخدمه لمشاهدة أفلام وثائقية أو ألعاب الفيديو لكنني أخرجته ولم يعد لدي تلفاز وفي الغالب لن أشتري واحداً جديداً، لم يعد هناك عذر لاقتناء واحد، هو منتج إستهلاكي يجر معه منتجات استهلاكية أخرى لا أحتاجها حقاً، التلفاز ليس جهازاً تشتريه وسيعمل لوحده دون أي إضافات بل عليك أن تضيف له، لعبة فيديو ستحتاج لألعاب، مشغل DVD سيحتاج لأفلام، وبما أنك تريد مشاهدة التلفاز ستحتاج لقطعة أثاث تضع عليها التلفاز والأجهزة الأخرى وكرسياً لتجلس أمامه، وهكذا حبل الرغبات والاستهلاك سيستمر حتى تقرر أن تتخلص من التلفاز ليصبح كل شيء آخر جاء معه عديم الفائدة.
في هذا المعرض ستكون هناك العشرات من الحواسيب التي تعمل بنظام ويندوز 8 الجديد وكثير منها سيأتي بأشكال مختلفة لكن يمكنني أن أخمن أن معظمها سيكون متشابهاً من ناحية المواصفات لحد لا يمكنك أن تفرق بينها إلا من خلال العلامة التجارية، هناك خيارات كثيرة لكن كلها تشبها بعضها البعض، والقصة ستتكرر مع هواتف ويندوز وآندرويد، ستطرح العشرات منها لتزيد حيرة الناس.
ستعلن شركات عن منتجات لم تطرح بعد ثم في منتصف العام ستعلن عن عدم طرحها أو غالباً ستختفي هذه المنتجات بهدوء، سترى أخباراً ونقاشات وتحليلات والمئات المئات من التعليقات ولا تنسى آلاف الصور وعشرات مقاطع الفيديو، كل هذا لتغطية منتجات استهلاكية، أثناء كل هذا تذكر أن هناك ملايين من الناس عاشوا وسيعيشون دون أن يعرفوا بوجود هذا المعرض أو معروضاته وحياتهم طبيعية، يمكنك أن تتجاهل المعرض إن أردت.
ليست المشكلة في وجود المنتجات لكن في الثقافة الاستهلاكية ومصلحة الشركات في بقاء هذه الثقافة، بالأمس اشتريت شيئاً وسيحاولون إقناعك أن تتخلص منه لتشتري الجديد مع أن القديم لا زال يعمل ويقدم لك فائدة، سيحاولون من خلال الآلة التسويقية أن يصوروا لك أن حياتك لا يمكنها أن تستقيم بدون أن تشتري جديد منتجاتهم، وللأسف هناك من يشتري كل عام ويجدد مشترياته كلما ظهر الجديد، بل هناك من يهزأ بمن يملك جهازاً قديماً ويصور من يستخدم الأجهزة القديمة على أنهم متخلفون تقنياً، صدقني رأيت ما يكفي من الحوارات حول الهواتف العادية - غير الذكية - ومؤسف أن هناك ما يكفي من الناس يرون في هذه الهواتف تخلفاً وعودة إلى البدائية وإلى الماضي.
الرسالة هنا هي: عليك أن تواكب الجديد، اشتري وجدد كل عام أو حتى كل بضعة أشهر.
والسؤال هو: طيب وبعدين؟! هل هناك نقطة توقف يقرر فيها المرء أنه اكتفى؟ ليس في عالم الثقافة الاستهلاكية، لو أن كل شخص اكتفى بما لديه فلن تبقى هناك شركات تصنع المنتجات الاستهلاكية.
حجم معرض CES وتوقيته يجعلانه أقل فائدة مما كنت أتصور في الماضي، الشركات تتنافس على صنع منتجات متشابهة وتحاول إقناع الزبائن بكل وسيلة أن كل شركة تقدم منتجات مميزة عن الشركات الأخرى، التميز والتنوع الفعلي في المنتجات التقنية إما نادر أو غير موجود، وكلما مضت السنوات وجدت أن التخلص من الثقافة الاستهلاكية ومحاولة تبسيط حياتي يجعلني أكثر راحة وسعادة وهذا أمر يسير عكس تيار معرض CES والشركات المشاركة فيه.
1 تعليقات:
اولا السلام عليكم اخي عبد الله
ثانيا انا من متابعين مدونتك في الخفاء طبعا ، و هذا اول تعليق لي في مدونتك اتمنى ان يكون البداية
ثالثا في ما يخص معرض التقنية CES فالكثير من الناس تظن ان كل ما هو جديد هو احسن من الذي سبقه و هذا خطء يقع فيه الكثيرين
وفي الاخير انا موافقك في رأيك و سلام
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.