سائق سيارة الفورميلا وان يجب أن يكون شاباً قوياً صحيح الجسم والعقل
ولا بد أن تكون لياقته البدنية عالية ليتحمل ضغط السباق، ولا أعني الضغط
العصبي وحده بل الفيزيائي إذ أن سيارات السباق تستطيع أن تضع صغطاً كبيراً
على سائقها يصل إلى 5 بمقياس قوة جي،
بمعنى آخر قوة جاذبية الأرض خمس مرات، تصور هذا الضغط على الجسم خصوصاً
العمود الفقري والرقبة، لذلك يلبس سائق الفورميلا ما يحمي جسمه من هذه قوة
الجاذبي لكنه قبل كل هذا عليه أن يكون في لياقة تامة وأكثر حتى من عدائي
سباقات 100 متر، عامة الناس لا يختبرون قوة جي بمثل هذا المقياس إلا نادراً
وغالباً في حدائق الملاهي.
من ناحية أخرى سائق الفورميلا عليه أن يكون سريع التفكير، أو بالأحرى عليه أن يكون سريعاً في ردات فعله فلا وقت للتفكير، نصف ثانية تعتبر وقتاً طويلاً لرد الفعل في الفورميلا وان، على السائق أن يتخذ قرارات مختلفة سريعة طوال السباق حول كل ما يحيط به وعليه فعل ذلك أثناء السير بسرعات كبيرة وفي منعطفات كثيرة، لا مكان للتفكير هنا.
التقنيات الجديدة تتطلب منا سرعة أكبر بكثير مما كانت تطلبه تقنيات الماضي، من يعمل على حاسوب ولديه هاتف ذكي سيتلقى العشرات إن لم يكن المئات من المعلومات والاتصالات بمختلف أنواعها، قارن هذا بالماضي ولا أعني الماضي البعيد جداً بل قبل 20 عاماً عندما كانت الهواتف النقالة شيئاً جديداً وغالياً وكان الناس يعتمدون في اتصالاتهم البعيدة على الرسائل المكتوبة، تصور فقط أنه كان على الإنسان أن يذهب لصندوق البريد ويفتحه ليأخذ الرسائل الجديدة وقد يكون خالياً أحياناً، ثم يعود للمنزل ليقرأ الرسالة وقد يكتب رداً لاحقاً ويرسله من خلال البريد وهذا الرد قد يحتاج أياماً ليصل إلى الطرف الآخر وقد يحتاج أسابيع أو شهر، لا شك أن هناك فرق كبير بين سرعة تقنيات الماضي القريب وتقنيات اليوم، يمكننا اليوم أن نعرف أخبار العالم خلال دقائق ونراسل أناساً يعيشون في الفضاء - محطة الفضاء الدولية أعني - ويمكننا أن نتلقى الردود خلال دقائق أو حتى ثواني.
زيادة السرعة تعني أن المرء عليه أن يقلل التفكير ويزيد من سرعة ردة فعله تماماً كسائقي سيارات السباق، التفكير عند التعامل مع كم كبير من المعلومات والاتصالات سيجعلها تتراكم وهذا بدوره قد يصل بالمرء إلى حالة الشلل فلا يدري ماذا يفعل بهذا الكم الكبير من المعلومات والاتصالات التي يجب عليه أن ينجزها، لذلك البعض أعلن إفلاسه بريدياً وأعلن يأسه من ملاحقة رسائل البريد الإلكتروني، البعض توقف عن متابعة المواقع، البعض اعتزل الشبكات الاجتماعية وهناك كثير من الناس تخلصوا من هواتفهم النقالة، لا شك أن هناك حاجة لتعويد النفس على تجاهل كم كبير من المعلومات والاتصالات لأن الانتباه لكل واحد منها يعني عدم وجود وقت لأي شيء آخر.
من ناحية أخرى أشعر بأن التركيز على ردود الفعل أصبح منتشراً بيننا في أمور كثيرة، فكر بالأمر قليلاً، كثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لديها حزمة إجراءات وقوانين وقواعد والموظف في كثير من الأحيان ليس له حق التفكير بل يتصرف بحسب الإجراءات فكل حالة لها ردة فعل خاصة بها، لا يمكن للموظف أن يفكر قليلاً في كل حالة ويعاملها بما يناسبها إن كان هذا يخالف سياسات المؤسسة، بمعنى آخر الموظف في مكانه مجرد آلة تنفيذ لا أكثر في حين أن عقله لا يهم كثيراً ما دام أنه يستطيع التعامل مع وظيفته.
حالة أخرى يتكرر فيها التركيز على رد الفعل هي عند التوظيف، المؤسسات لا تتعامل مع طالبي الوظيفة على أنهم أناس مختلفون ولهم قدرات ومهارات مختلفة بل تنظر إليهم من زاوية الورق، بمعنى الشهادات والأوراق الرسمية، أكثر من مرة مررت بموقف مماثل في مقابلة توظيف، أتحدث مع الشخص المسؤول عن المهارات وما يمكنني أن أقدمه وما يشجعني على العمل ويحدثني هو عن الشهادة والدرجة والشاغر الوظيفي، هو ليس لديه أدنى اهتمام بعقلي وبمهاراتي وكل ما يفعله هو عدم التفكير بأن يترك القواعد والقوانين والإجراءات تفكر نيابة عنه.
لا أدري إن كنت تشاركني الرأي بأن المجتمعات الحديثة وضعت نفسها في حالة رد الفعل وأصبحت تتعامل آلياً كالحواسيب مع المواقف في حين أن التفكير الفعلي أصبح أمراً مخيفاً ومخاطرة يجب تجنبها، أصبحت المبادرات التي تتجاوز الإجراءات والقواعد شيئاً محرماً ولا يمكن المخاطرة بتنفيذها إلا في حالات نسميها الواسطة.
أتسائل إن كان الناس يفكرون فعلاً أم لا، البعض مشغول طوال الوقت بأشياء كثيرة لدرجة ينسى فيها أنه مشغول وأن وضعه غير طبيعي، لو أجبرته على التوقف وأخذت كل ما يشغل باله فقد يفاجأ بذلك، قد يحتاج لوقت طويل لكي يعتاد على وضعه الجديد، قد يقاوم ذلك ويطالب بأن يعود لما كان عليه لأن عقله وصل لمرحلة الذعر، تماماً كما يحدث مع مدمني المخدر عندما يتوقفون فجأة عن تناول المخدر.
هل خدرتنا السرعة؟
من ناحية أخرى سائق الفورميلا عليه أن يكون سريع التفكير، أو بالأحرى عليه أن يكون سريعاً في ردات فعله فلا وقت للتفكير، نصف ثانية تعتبر وقتاً طويلاً لرد الفعل في الفورميلا وان، على السائق أن يتخذ قرارات مختلفة سريعة طوال السباق حول كل ما يحيط به وعليه فعل ذلك أثناء السير بسرعات كبيرة وفي منعطفات كثيرة، لا مكان للتفكير هنا.
التقنيات الجديدة تتطلب منا سرعة أكبر بكثير مما كانت تطلبه تقنيات الماضي، من يعمل على حاسوب ولديه هاتف ذكي سيتلقى العشرات إن لم يكن المئات من المعلومات والاتصالات بمختلف أنواعها، قارن هذا بالماضي ولا أعني الماضي البعيد جداً بل قبل 20 عاماً عندما كانت الهواتف النقالة شيئاً جديداً وغالياً وكان الناس يعتمدون في اتصالاتهم البعيدة على الرسائل المكتوبة، تصور فقط أنه كان على الإنسان أن يذهب لصندوق البريد ويفتحه ليأخذ الرسائل الجديدة وقد يكون خالياً أحياناً، ثم يعود للمنزل ليقرأ الرسالة وقد يكتب رداً لاحقاً ويرسله من خلال البريد وهذا الرد قد يحتاج أياماً ليصل إلى الطرف الآخر وقد يحتاج أسابيع أو شهر، لا شك أن هناك فرق كبير بين سرعة تقنيات الماضي القريب وتقنيات اليوم، يمكننا اليوم أن نعرف أخبار العالم خلال دقائق ونراسل أناساً يعيشون في الفضاء - محطة الفضاء الدولية أعني - ويمكننا أن نتلقى الردود خلال دقائق أو حتى ثواني.
زيادة السرعة تعني أن المرء عليه أن يقلل التفكير ويزيد من سرعة ردة فعله تماماً كسائقي سيارات السباق، التفكير عند التعامل مع كم كبير من المعلومات والاتصالات سيجعلها تتراكم وهذا بدوره قد يصل بالمرء إلى حالة الشلل فلا يدري ماذا يفعل بهذا الكم الكبير من المعلومات والاتصالات التي يجب عليه أن ينجزها، لذلك البعض أعلن إفلاسه بريدياً وأعلن يأسه من ملاحقة رسائل البريد الإلكتروني، البعض توقف عن متابعة المواقع، البعض اعتزل الشبكات الاجتماعية وهناك كثير من الناس تخلصوا من هواتفهم النقالة، لا شك أن هناك حاجة لتعويد النفس على تجاهل كم كبير من المعلومات والاتصالات لأن الانتباه لكل واحد منها يعني عدم وجود وقت لأي شيء آخر.
من ناحية أخرى أشعر بأن التركيز على ردود الفعل أصبح منتشراً بيننا في أمور كثيرة، فكر بالأمر قليلاً، كثير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لديها حزمة إجراءات وقوانين وقواعد والموظف في كثير من الأحيان ليس له حق التفكير بل يتصرف بحسب الإجراءات فكل حالة لها ردة فعل خاصة بها، لا يمكن للموظف أن يفكر قليلاً في كل حالة ويعاملها بما يناسبها إن كان هذا يخالف سياسات المؤسسة، بمعنى آخر الموظف في مكانه مجرد آلة تنفيذ لا أكثر في حين أن عقله لا يهم كثيراً ما دام أنه يستطيع التعامل مع وظيفته.
حالة أخرى يتكرر فيها التركيز على رد الفعل هي عند التوظيف، المؤسسات لا تتعامل مع طالبي الوظيفة على أنهم أناس مختلفون ولهم قدرات ومهارات مختلفة بل تنظر إليهم من زاوية الورق، بمعنى الشهادات والأوراق الرسمية، أكثر من مرة مررت بموقف مماثل في مقابلة توظيف، أتحدث مع الشخص المسؤول عن المهارات وما يمكنني أن أقدمه وما يشجعني على العمل ويحدثني هو عن الشهادة والدرجة والشاغر الوظيفي، هو ليس لديه أدنى اهتمام بعقلي وبمهاراتي وكل ما يفعله هو عدم التفكير بأن يترك القواعد والقوانين والإجراءات تفكر نيابة عنه.
لا أدري إن كنت تشاركني الرأي بأن المجتمعات الحديثة وضعت نفسها في حالة رد الفعل وأصبحت تتعامل آلياً كالحواسيب مع المواقف في حين أن التفكير الفعلي أصبح أمراً مخيفاً ومخاطرة يجب تجنبها، أصبحت المبادرات التي تتجاوز الإجراءات والقواعد شيئاً محرماً ولا يمكن المخاطرة بتنفيذها إلا في حالات نسميها الواسطة.
أتسائل إن كان الناس يفكرون فعلاً أم لا، البعض مشغول طوال الوقت بأشياء كثيرة لدرجة ينسى فيها أنه مشغول وأن وضعه غير طبيعي، لو أجبرته على التوقف وأخذت كل ما يشغل باله فقد يفاجأ بذلك، قد يحتاج لوقت طويل لكي يعتاد على وضعه الجديد، قد يقاوم ذلك ويطالب بأن يعود لما كان عليه لأن عقله وصل لمرحلة الذعر، تماماً كما يحدث مع مدمني المخدر عندما يتوقفون فجأة عن تناول المخدر.
هل خدرتنا السرعة؟
4 تعليقات:
اعتقد أن عصر السرعة الجنونية مازال في بداياته .. كما أن قلة قليلة جدا من الناس تحسم أمرها بسرعة البرق وهي موهبة وقوة ثقة عالية بالنفس تحياتي لقلمك الرائع
@كريمة سندي: عصر السرعة بدأ في رأيي منذ ظهور قطارات البخار، أي اكثر من 100 عام ومنذ ذلك الوقت والدنيا تتسارع أكثر وأكثر، أو التقنية تتسارع وستزداد سرعتها في المستقبل.
هو تطور عادي وطبيعي للأحداث. حينما يظهر شيء جديد، يسارع إليه الناس، لكن مع مرور الزمن ينظمون حياتهم آخدين بالاعتبار الشيء الجديد دون أن يجعلوه طاغيًا على حياتهم. نحن في المرحلة الطفولية للتكنلوجيا، ومناتنا ضدها ما زالت في مرحلتها الطفولية أيضًا.
الحل في الثقة باللة
والثقة في نسك المبدعة الخلاقة
والبحث عن المعجزات داخلك
وعدم الياس
وتعلم تقنيات التنمية البشرية
وان تعيش كل لحظة كانها اخ لحظة في حياتك
عيش بحبك للة والتطبع باخلاق الرسول والسلامعليكم ورحمة اللة وبركاتة
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.