لماذا نخشى الوقوع في الأخطاء؟البطاقة الثانية بعنوان "تعلم الجديد" تقول:
الأخطاء جزء مهم من عملية التعلم والإبداع
إن لم تخطأ فإنت لم تتعلم شيئاً.سبق أن كتبت عن الموضوع في هذه المدونة وأعيد طرحه من زاوية مختلفة قليلاً، عندما تطرح جملة مثل الجمل التي كتبتها في البطاقات ستجد أن كثيراً من الناس يوافقونك ويهزون رؤوسهم للتأكيد على الموافقة، قد يتحدث شخص عن المعصية فتخبره أنها استثناء فليس من المعقول أن نجرب الوقوع في المعاصي أو ندعوا لذلك، قد يتحدث شخص عن الأخطاء في مجالات لا تحتمل الأخطاء فتذكره أن هناك استثناءات دائمة لكل قاعدة.
بعد أن تضيع طاقتك في هذا الحوار المتكرر الذي يدور في دائرة "لكن هناك .." ثم يتحول لدائرة "لكل شيء استثناء" استرح قليلاً وفكر في حال الناس والفرق بين ما يقولونه وما يفعلونه.
البعض عندما يخطأ يريد من الآخرين ألا يتحدثوا عن الأمر أو أن يتجاوزوه وسيذكرهم بأنهم يقعون في الأخطاء فليس هناك شخص معصوم، في المقابل تجده أحد الذين يرفعون أيديهم كسلاح موجه لكل من أخطأ وعلى وجهه علامة الانتصار "أهااا! أنت غلطان!" وقد ينزل في درجات النذالة حتى يصبح دفتر ذكريات يجمع فيه أخطاء الآخرين ليذكرهم بها كل عام أو ربما كل يوم.
هل بإمكاننا فعلاً تقبل أخطاء الآخرين والتجاوز عنها؟ هل بإمكاننا كمجتمعات أن نمارس دور المشجع والمؤيد لمن أخطأ فبدلاً من محاربتهم نقف معهم لكي نساعدهم على تجاوز أخطائهم، في بعض الأحيان أرى أن مجتمعاتنا غير قادرة على فعل ذلك لأن هناك من يمارس دور الذباب الذي لا يقع إلا على القذارة ويجمعه لينثرها متى ما احتاج لذلك.
أتذكر في بداية تعرفي على المنتديات كيف كانت الحوارات تدور ولا زالت حول شخصيات معروفة، فلان أخطأ فاجتمع عليه مجموعة من الذباب ينتقدونه ويشتمونه ويقللون من شأنه ويصل ببعضهم إلى تأليف الكتب ورفض كل شيء جاء من هذا الشخص حتى لو كان حقاً، هذا يحدث بين أناس يفترض أن يكونوا "إخوة" لكنهم نسوا هذه النقطة ونسوا أخلاق الصفح والعفو واللين والنصيحة بطيب الكلام فأصبح الآخر عدواً لا أخاً.
لو أن كل شخص منا تذكر أنه إنسان ناقص وأن عليه الاهتمام بنفسه لتخلصنا من جزء كبير من هذه المشكلة، ولست أدعو للسكوت عن الخطأ والتوقف عن النقد، نحن بحاجة للتوازن، تذكر أنك لست بحاجة للحديث عن كل خطأ، تذكر أن الناس فيهم عيوب ولا يمكنك إصلاح عيوبهم كلها، تذكر أن عليك تقبل الناس بعيوبهم أو ابتعد عنهم إن لم تستطع تقبل العيوب، ثم تذكر أنك محاسب على نيتك وعملك فإن أردت الخير فاسلك طريقه وللنصيحة والنقد أساليبها التي تعين الآخرين على تجاوز الأخطاء، فإن لم يكن لديك خير تقوله فاسكت فهذا خير.
8 تعليقات:
يقولون أن نون النسوة هي الفئة التي لا تتميز بهذه الخصلة التي تحدثت عنها ،،
لكنني فـ هذا الزمان اجد ان الرجال سبقوا النساء فـ الأمر ،،
والمصيبة أن الرجال أصبحوا يتفننون فـ حياكة المسلسلات من خطأ قام به احدهم ،،
سبحان الله فـ طبع العرب ..!!
"من اشتغل بعيوبه نسي عيوب الآخرين"، كما يقال..
و صدق الشاعر حينما قال:
تريد مهذبا لا عيب فيه -*- و هل عود يفوح بلا دخان
هذا النقد الملح الكثيف على أغلاط الآخرين سببه النفسي الخوف من أغلاطنا والاحتمالات المفزعى لاكتشافها والفضيحة بين الناس .... يعني هي نوع من الحرب الاستباقية لتغطية وارضاء الذات
سلامي لك
بوركت يا عبدالله.
أظنّ أن هناك خطاً دقيقا يفصل بين نوعين من الانتقاد من قِبَل المتلقّين ، الأوّل: هو النقد لمجرّد النقد ، ولإشباع هوى النفس ، وربّما حسدها ، ولا شكّ أن على صاحب العمل حينئذ أن يدرك هذا ويمضي كأن لم يسمع ، فالتعويل كله في هذه الحالة على العامل الذي يُفترض فيه الوعي ، وأمّا أصحاب الهوى فلا يمكن ضبطهم بحال
الثاني : وهو الخطأ الذي لا يسلم منه أحد ، وعلاجه بالنقد المتعقل " المتوازن " كما أشرتَ.
شكرا وآسف على الإطالة.
قبل فترة اضطررت أن أتعامل مع أناس لا تتقبل النقد أو حتى مجرد لفت انتباهها إلى أخطائها! الآن أصبحت أتوخى الحذر عند كشف أخطاء الناس وأحاول اختيار ألفاظ خفيفة على العقول والقلوب p: شخصياً أحبذ البقاء مع أشخاص أعلم أنهم إذا أخطأت سيكونون موجودين لتنبيهي ومساعدتي لتصحيح أخطائي.
ولكن هناك ناس يخطئون ولكن لا يعترفون بأنه خطأ ويصرون على موقفهم الخاطئ..
عندها كيف نتعامل.. هل نغفل عنهم ليصلوا إلى مرحله يصدق فيه الناس أنهم على صواب (في زمن الهرج) أم نصد كلامهم وتصرفاتهك بالحجة..
يجب أن نفرق بين من يخطئ ويتعلم ويعترف وبين من يخطئ ويحاول أن يلعب بعقول الناس ليتبنوا خطأه على أنها تجربة فريدة..
ناهيك عن سياسة الخطأ.. ""يجب أن نخطئ لنتعلم""
لما لا أتعلم من الألف خطأ الذي وقع فيه فلان بدلا من أن أقع فيهم شخصيا..
حينها أكون قد وفرت على نفسي ألف تجربة فاشلة وسأبدأ من الأف وواحد :)..
طرح جميل..
موفق إن شاء الله..
عابرة سبيل: العرب وغيرهم، الأمر لا يقتصر علينا فقط، وبالفعل الرجال سبقوا النساء بأشياء كثيرة، أعجب من ثرثرة الهواتف التي كنت أظنها عادة نسائية لظروف النساء، لكن ما عذر الرجل الذي يستطيع أن يخرج متى ما شاء؟
محمد: صدقت، انشغل بعيوبي خير لي من الانشغال بعيوب الناس ونسيان نفسي.
عطا الله: ما تقوله صحيح لبعض الحالات.
خالد: أمور كثيرة بحاجة لتوازن، الناقد والمنتقد والنصيحة وأسلوبها وتوقيتها، المهم هو التوازن والعقلانية.
Esperanza: هناك من الأخطاء ما يمكن تجاوزه، قد تضايقنا لكن بقاءها لن يمسنا بسوء، وهناك ما لا يمكن السكوت عنه، سواء تقبل الناس النقد هنا أم لم يتقبلوا، لا بد من الحديث عنها.
مسك الحياة: مشكلة "اللكنات" هذه لا علاج لها، ما كتبته في موضوعي شيء صغير جداً في أمر نشرت حوله كتب مفصلة لتعالج كل الاحتمالات والاستثناءات والحالات المختلفة للناس التي لا يمكن وضعها في مدونة.
التعلم من أخطاء الآخرين أمر بديهي فمن الحماقة تكرارها، هذا لا يلغي أن الناس سيقعون في الأخطاء حتى لو تعلموا من الآخرين، لكل شخص تجربة فريدة ولكل تجربة أخطاءها، عدم الوقوع في الخطأ يعني أن المرء لا يجرب ولا يحاول فعل شيء وهذا تعريف مناسب للفشل، نحن نتفق على نقطة التعلم من تجارب الآخرين.
هل علينا أن "نصد كلامهم بالحجة" هناك فرق بين من يقبل الحق ومن لا يقبله كما قلتي، من لا يقبل الحق علينا ألا نضيع وقتنا معه فما الفائدة إن لم يتقبل الكلام؟
شكرا استاذ عبدالله
جميلة هي مقالتك مهذبه مرتبه ..
متزنة لا تبالغ ولا تهون ما بين وبين
نحتاج الى مثل هذه التوجيهات من وقت لاخر
زادك الله فهما وعلما وتقوى
السلام علكيم
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.