الخميس، 11 أغسطس 2016

رحلة المطر - ٣

تحديد اتجاه القبلة
تحديد اتجاه القبلة


كنت أفكر بهذا الموضوع منذ أول يوم لي في الهند، هل أكتبه أم لا؟ كنت متردداً حتى سألت داوود فألح علي بأن أكتبه لعل وعسى أن يكون له أثر.

قبل سفري بيومين أخبرت داوود عن نيتي بأنني أريد بناء مسجد أو مسجدين في الهند، من مالي وأنا أتكفل بكل شيء، فأخبرني أنه في ذلك اليوم تلقى مكالمة من أناس يريدون مسجداً في منطقة ليس فيها أي مسجد، المسلمون هناك يعتمدون على المكالمات الهاتفية لكي يعرفوا وقت الإفطار والسحور ويجتمعون في بيوت بعضهم البعض للصلاة، فقلت لنبني مسجداً هناك، وسألت عن التكلفة فتبين أنها تكلفة يمكنني تحملها ويمكنني كذلك بناء مسجد آخر، وهناك منطقة أخرى يحتاج فيها الناس لمسجد.

في الهند وفي يوم محدد زرنا المكانين، الأول بعيد عن بيت داوود ويحتاج ساعة ونصف تقريباً للوصول له، لم يكن يبتعد كثيراً عن مطار مانغلور، منطقة سكنية ليس فيها مسجد منذ أربعين عاماً، سرنا حتى دخلنا ساحة منزل وأخبروني أن البيت سيبنى على جانب من هذه الأرض، مالك الأرض تبرع بجزء منها وهو بذلك يحقق أمنية ووصية أبيه رحمه الله الذي كان يتمنى أن يبنى مسجد في أرض منزله.

كنا ننتظر قدوم شيخ وإمام يعرفه الناس ويقدرونه، الرجل لديه خبرة في تحديد اتجاه القبلة، وقد ظننت أن الوسائل التي ستستخدم بسيطة لكن الرجل جاء مع جهاز تحديد أماكن GPS وآلة حاسبة وهاتف ذكي بتطبيقات لتحديد الأماكن ودفتر لكتابة الحسابات وأخذ الأمر وقتاً لإجراء الحسابات والتأكد من المكان وارتفاعه وموقعه من خطوط العرض والطول، ثم تحديد اتجاه القبلة من خلال بوصلة يدوية ورقمية في الهاتف الذكي، ثم جاء دور بعض الأدوات، هناك شيء يشبه المنقلة خضراء اللون كما ترى في الصورة وفوقها توضع بوصلة كبيرة توضع على عدة نقاط لتشكيل خط مستقيم يشير إلى القبلة ثم يربط خيط قوي في المكان بين هذه النقاط لكي يبدأ البناء لاحقاً وهو يشير إلى القبلة.

أخذت العملية ما يقرب من ساعة، ثم اتجه الشيخ إلى مكان آخر ليفعل نفس الشيء، بينما أنا وداوود ذهبنا ألى مدينة مانغلور.

أحد المسجدين سيكون باسمي، والثاني سيكون باسم عمتي صنعاء رحمها الله، وتكلفة المسجد الواحد لا تزيد عن ١٣٠ ألف درهم، من أين لي هذا المال؟ هو مال ورثته وإلا فكيف لشخص مثلي أن يحصل على مبلغ مثل هذا؟ وهي فرصة وكان علي استغلالها، لا أود أن أرحل عن الدنيا دون أن أترك أثراً ولو كان صغيراً.

قد يسأل شخص: لماذا الهند؟ والجواب بسيط: لأنني أستطيع فعل ذلك بسهولة ولأن التكلفة بسيطة يمكن تحملها، المبلغ الذي أنفقته في المسجدين لن يكفي لمسجد واحد في دول أخرى، ولأنني أعرف كيف أفعل ذلك، لكي أقدم مساعدة لدول أخرى علي أن أبحث وأسأل أو أرسل المال لجهة خيرية لا أدري كيف ستنفق المال.

من ناحية أخرى، أشعر بأن علي التوجه للدول العربية، القريب أولى بالمساعدة من البعيد، لكن أنا لا أعرف كيف أساعد القريب، لكن هذا سيتغير بإذن الله، بالبحث والسؤال سأرى ما الذي يمكن لشخص مثلي فعله، وإن استطعت فعل شيء فلن أبخل بما لدي من مال أو وقت.

4 تعليقات:

jwan يقول...

بارك الله بك وجعله في ميزان حسناتك ايها الطيب.
لقد سررت بمشاهدة صور رحلتك، كنت اتصورك شخص نحيل :)

ميمونة يقول...

يارب يجعله في ميزان حسناتك خالصا لوجه تعالى :))
أتمنى ان لا تكون هذه هي التدوينة الاخيرة من رحلة المطر . بانتظار المزيد من التدوينات عن رحلتك
بالتوفيق لك

غير معرف يقول...

السلام عليكم
رحلة موفقة، وتقبل الله منك.
في الحقيقة كثيراً ما سمعنا وشاهدنا عن الهند، لكن تدويناتك هذه كانت تُظهر أبعاد أخرى لم نراها ولم نسمع بها، والصور جميلة جداً، شاهدتها كلها في موقع فليكر. فحقيقة ما يقولون أنها بلد قارة.

عبدالله المهيري يقول...

@jwan: آمين، وفيك بارك الله.

@ميمي الحامد: جزاك الله خيراً، هناك موضوع آخر نشرته اليوم.

@أبو إياس: هي بلد كبير فعلاً، وأنا محظوظ بوجود داوود، لو سافرت كسائح فلن أرى كثيراً مما رأيته هناك، السفر مع سكان البلد تجربة مختلفة.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.