ملاحظة: هذا الموضوع كتب قبل أكثر من عام ونصف ولم أنشره هنا إلا اليوم.
على الرغم من انتشار الحواسيب النقالة واللوحية والحواسيب المكتبية من نوع الكل في واحد، لا زال كثير من الناس يمارسون تجميع الحواسيب لأسباب مختلفة، ربما لتصميم حاسوب لألعاب الفيديو التي تحتاج حاسوباً قوي الأداء، أو لتصميم محطة عمل للأعمال الثقيلة كتحرير الفيديو أو التصميم ثلاثي الأبعاد أو للبحث العلمي الذي قد يتطلب عمليات حسابية كبيرة، أو لمجرد تعلم تجميع الحاسوب والاستمتاع بذلك وفي نفس الوقت تعلم أجزاء الحاسوب، من سيجمع الحاسوب لا بد أنه سيحتاج أن يتعلم ما تعني هذه الأجزاء وما يفعله كل واحد منها، ومن يمارس تجميع الحواسيب لفترة سيكتسب خبرة كافية قد تساعده على صيانة أعطال الحاسوب.
ماذا لو أراد شخص ما أن يتعلم الحاسوب أكثر، أعني أن يغوص في طبقاته التي لا يمكن رؤيتها ويتعلم منطق الحاسوب وكيف يعمل المعالج، هذا يعني أن عليه أن يبرمج الجهاز ولا أعني البرمجة بلغة مثل سي وإن كان هذا مفيداً لكن أعني أن يتعامل مع الحاسوب بلغة الآلة (Machine Code) ثم بلغة التجميع (Assembly language) ثم بلغات أخرى مثل بيسك وسي وغيرها، يمكن فعل هذا في حواسيب اليوم لكن حواسيب اليوم معقدة وكبيرة وبين المستخدم والمعالج هناك طبقات من البرامج ونظام التشغيل.
في فترة من منتصف السبعينات إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي كانت هناك مجموعة كبيرة من الحواسيب الموجهة للأفراد وسميت حواسيب منزلية (Home computer) أو ميكروكمبيوتر، وكان جزء منها يباع على شكل قطع يجمعها المشتري بنفسه ثم يبرمجها بنفسه، بعضها كان يباع مع أدلة برمجة ووثائق توضح أجزاء الحاسوب وربما وثائق تشرح طريقة عمل المعالج والذاكرة والفيديو وغيرها من أجزاء الحاسوب، وكان بعضها مزود بمنافذ توسعة يمكن للمستخدم أن يستغلها بتصميم أو شراء قطع إضافية للحاسوب كذاكرة إضافية أو بطاقة فيديو أفضل أو منفذ لمشغل أقراص مرنة أو غير ذلك، كان على المستخدمين فعل الكثير للحصول على خصائص نجدها من البديهيات اليوم.
مقابل صعوبة الاستخدام يتعلم المرء الحاسوب لأنه لا يوجد شيء بينه وبين الجهاز، أعني أن يتعلم فعلاً طريقة عمل الحاسوب وليس أن يبرمج من خلال نظام تشغيل يوفر له كل شيء ويبعده عن الجهاز، لم يكن هناك خيار لمشتري هذه الأجهزة سوى أن يتعلموا برمجتها لأنها لم تأتي مع نظام تشغيل أو لغة برمجة ولذلك كان على المستخدم أن يبدأ كل شيء من الصفر، ربما يطور نظام تشغيل بدائي يسمح له بتشغيل محرر لغة برمجة بسيط ومن هذا المحرر يطور النظام أكثر أو يبرمج لغة برمجة!
أبليكس 1616 مثال على مثل هذه الأجهزة، ففي عام 1984 أسس رجلان في أستراليا شركة سموها أبليكس (Applix) وكان أول منتج لهم بطاقة إضافية تحوي معالج Z80 يمكن تركيبها على حواسيب أبل2 وتسمح بتشغيل نظام CP/M على الجهاز وهذا النظام هو ما كان أساس دوس بعد ذلك، أنظمة دوس للحواسيب المنزلية صممت لتحاكي هذا النظام، على أي حال، بعد عامين صممت شركة أبليكس مشروع 1616 وهو ما عرف بعد ذلك بحاسوب أبليكس.
كان 1616 يعمل بمعالج موتورولا 68000 بسرعة 7.5 ميغاهيرتز وهو نفس المعالج الذي استخدمته أبل في حاسوبها ماكنتوش، ثم طرح معالج آخر للجهاز وهو موتورولا 68010 بسرعة 15 ميغاهيرتز، الذاكرة 512 كيلوبايت، وهناك ما بين 64 كيلوبايت إلى 256 كيلوبايت للروم، ويمكن للجهاز عرض شاشة رسومية بدقة تصل أقصاها إلى 960 بكسل في 512 بكسل وهي دقة أحادية اللون، لإضافة الألوان لا بد من تخفيض الدقة ويمكن للجهاز دعم 4 أو 16 لوناً.
الجهاز كان يحوي منافذ للتوسعة يمكن استخدامها لإضافة بطاقات كبطاقة تحكم بمشغل أقراص مرنة أو بطاقة فيديو إضافية أو بطاقة ذاكرة إضافية، وهناك بطاقات طورها بعض مستخدمي الجهاز مثل بطاقة إثيرنت (Ethernet) للربط بالشبكات وبطاقة تحوي معالج موتورولا 68030.
الجهاز كان يأتي مع نظام بسيط لمراقبة الذاكرة، مثل هذا البرنامج يسمى (monitor) ويحوي أوامر للتحكم بالذاكرة وتفريغها ويحوي كذلك على محرر نصي، مع مرور الوقت أصبح النظام أكثر تطوراً واقترب من كونه نظاماً مماثلاً لأنظمة يونيكس ويحوي كثيراً من أوامر يونيكس، أحد مستخدمي الجهاز استطاع نقل نظام مينيكس (Minix) إلى الجهاز وهذا النظام كان أحد الأنظمة القليلة التي تحاكي يونكس ويمكن استخدامها على أجهزة الحاسوب الشخصي مجاناً وكان بإمكان المستخدمين رؤية مصدره وشراء كتاب حوله يشرح برمجة أنظمة التشغيل، وهو كذلك النظام الذي استخدمه لينوس تورفالدس في حاسوبه لفترة قبل أن يطور نواة لينكس.
أبليكس كان يستطيع كذلك تشغيل نظام مشابه لدوس يسمى ZRDOS، ويمكنه أن يشغل بيئة سطح مكتب تسمى MGR، وكانت هناك لغات كثيرة متوفرة للجهاز مثل لغة التجميع، لغة سي، لغة بيسك ولغات غير معروفة كثيراً مثل فورث (Forth) ولسب (LISP) وMUMPS، وهناك كتيبات ووثائق لكل لغة ونظام تعلم المستخدم كيف يستغل النظام ولغات البرمجة، وهناك مجموعة من التطبيقات التي تطورت للجهاز مثل برنامج اتصال بشبكات BBS وبرنامج للبريد الإلكتروني.
أستطاعت شركة أبليكس بيع 400 جهاز 1616 بعد أن نشرت مجلة تقنية مجلة 4 مقالات حول الحاسوب وبدأت الشركة في تلقي الطلبات وكونت مجموعة تلتقي كل شهر مرة تناقش الجهاز ويتبادل المستخدمون الخبرات والأفكار والبرامج ولم تنقطع هذه اللقاءات منذ الثمانينات وحتى اليوم وإن لم يكن أحد يستخدم الجهاز اليوم، وأحد مطوري ومؤسسي شركة أبليكس وهو أندرو مورتون كان له دور في تطوير وإدارة نواة لينكس لاحقاً.
مثل هذا الجهاز يجعلني أحلم بوجود واحد مماثل لكن بكتب وأدلة ووثائق عربية ومجموعات تلتقي كل شهر لتناقش وتتعالم أموراً كثيرة حول الأجهزة والبرمجة والبرامج، صنع مثل هذا الجهاز اليوم ليس أمراً صعباً فكثير من قطع الإلكترونيات لا زالت متوفرة ولها متاجر في الشبكة ويمكن شرائها بكميات كبيرة وبأسعار رخيصة نسبياً ويمكن تصميم جهاز حديث بمعالج بسيط وحديث في نفس الوقت.
أبليكس لم يكن فريداً من نوعه والمجتمع الذي تكون حوله واللقاءات التي دارت حوله لم تكن فريدة من نوعها، الأمر تكرر مع حواسيب أخرى مختلفة وفي دول مختلفة، الآن أرى حاجة لمثل هذا الجهاز كوسيلة تعليمية لأن البرمجة اليوم ليست بسيطة والحواسيب ليست بسيطة ولفهم البرمجة ولفهم منطق الحاسوب لا بد من التبسيط ولا بد من برمجة الحاسوب مباشرة دون أي حاجز بين المستخدم والجهاز.
على الرغم من انتشار الحواسيب النقالة واللوحية والحواسيب المكتبية من نوع الكل في واحد، لا زال كثير من الناس يمارسون تجميع الحواسيب لأسباب مختلفة، ربما لتصميم حاسوب لألعاب الفيديو التي تحتاج حاسوباً قوي الأداء، أو لتصميم محطة عمل للأعمال الثقيلة كتحرير الفيديو أو التصميم ثلاثي الأبعاد أو للبحث العلمي الذي قد يتطلب عمليات حسابية كبيرة، أو لمجرد تعلم تجميع الحاسوب والاستمتاع بذلك وفي نفس الوقت تعلم أجزاء الحاسوب، من سيجمع الحاسوب لا بد أنه سيحتاج أن يتعلم ما تعني هذه الأجزاء وما يفعله كل واحد منها، ومن يمارس تجميع الحواسيب لفترة سيكتسب خبرة كافية قد تساعده على صيانة أعطال الحاسوب.
ماذا لو أراد شخص ما أن يتعلم الحاسوب أكثر، أعني أن يغوص في طبقاته التي لا يمكن رؤيتها ويتعلم منطق الحاسوب وكيف يعمل المعالج، هذا يعني أن عليه أن يبرمج الجهاز ولا أعني البرمجة بلغة مثل سي وإن كان هذا مفيداً لكن أعني أن يتعامل مع الحاسوب بلغة الآلة (Machine Code) ثم بلغة التجميع (Assembly language) ثم بلغات أخرى مثل بيسك وسي وغيرها، يمكن فعل هذا في حواسيب اليوم لكن حواسيب اليوم معقدة وكبيرة وبين المستخدم والمعالج هناك طبقات من البرامج ونظام التشغيل.
في فترة من منتصف السبعينات إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي كانت هناك مجموعة كبيرة من الحواسيب الموجهة للأفراد وسميت حواسيب منزلية (Home computer) أو ميكروكمبيوتر، وكان جزء منها يباع على شكل قطع يجمعها المشتري بنفسه ثم يبرمجها بنفسه، بعضها كان يباع مع أدلة برمجة ووثائق توضح أجزاء الحاسوب وربما وثائق تشرح طريقة عمل المعالج والذاكرة والفيديو وغيرها من أجزاء الحاسوب، وكان بعضها مزود بمنافذ توسعة يمكن للمستخدم أن يستغلها بتصميم أو شراء قطع إضافية للحاسوب كذاكرة إضافية أو بطاقة فيديو أفضل أو منفذ لمشغل أقراص مرنة أو غير ذلك، كان على المستخدمين فعل الكثير للحصول على خصائص نجدها من البديهيات اليوم.
مقابل صعوبة الاستخدام يتعلم المرء الحاسوب لأنه لا يوجد شيء بينه وبين الجهاز، أعني أن يتعلم فعلاً طريقة عمل الحاسوب وليس أن يبرمج من خلال نظام تشغيل يوفر له كل شيء ويبعده عن الجهاز، لم يكن هناك خيار لمشتري هذه الأجهزة سوى أن يتعلموا برمجتها لأنها لم تأتي مع نظام تشغيل أو لغة برمجة ولذلك كان على المستخدم أن يبدأ كل شيء من الصفر، ربما يطور نظام تشغيل بدائي يسمح له بتشغيل محرر لغة برمجة بسيط ومن هذا المحرر يطور النظام أكثر أو يبرمج لغة برمجة!
أبليكس 1616 مثال على مثل هذه الأجهزة، ففي عام 1984 أسس رجلان في أستراليا شركة سموها أبليكس (Applix) وكان أول منتج لهم بطاقة إضافية تحوي معالج Z80 يمكن تركيبها على حواسيب أبل2 وتسمح بتشغيل نظام CP/M على الجهاز وهذا النظام هو ما كان أساس دوس بعد ذلك، أنظمة دوس للحواسيب المنزلية صممت لتحاكي هذا النظام، على أي حال، بعد عامين صممت شركة أبليكس مشروع 1616 وهو ما عرف بعد ذلك بحاسوب أبليكس.
كان 1616 يعمل بمعالج موتورولا 68000 بسرعة 7.5 ميغاهيرتز وهو نفس المعالج الذي استخدمته أبل في حاسوبها ماكنتوش، ثم طرح معالج آخر للجهاز وهو موتورولا 68010 بسرعة 15 ميغاهيرتز، الذاكرة 512 كيلوبايت، وهناك ما بين 64 كيلوبايت إلى 256 كيلوبايت للروم، ويمكن للجهاز عرض شاشة رسومية بدقة تصل أقصاها إلى 960 بكسل في 512 بكسل وهي دقة أحادية اللون، لإضافة الألوان لا بد من تخفيض الدقة ويمكن للجهاز دعم 4 أو 16 لوناً.
الجهاز كان يحوي منافذ للتوسعة يمكن استخدامها لإضافة بطاقات كبطاقة تحكم بمشغل أقراص مرنة أو بطاقة فيديو إضافية أو بطاقة ذاكرة إضافية، وهناك بطاقات طورها بعض مستخدمي الجهاز مثل بطاقة إثيرنت (Ethernet) للربط بالشبكات وبطاقة تحوي معالج موتورولا 68030.
الجهاز كان يأتي مع نظام بسيط لمراقبة الذاكرة، مثل هذا البرنامج يسمى (monitor) ويحوي أوامر للتحكم بالذاكرة وتفريغها ويحوي كذلك على محرر نصي، مع مرور الوقت أصبح النظام أكثر تطوراً واقترب من كونه نظاماً مماثلاً لأنظمة يونيكس ويحوي كثيراً من أوامر يونيكس، أحد مستخدمي الجهاز استطاع نقل نظام مينيكس (Minix) إلى الجهاز وهذا النظام كان أحد الأنظمة القليلة التي تحاكي يونكس ويمكن استخدامها على أجهزة الحاسوب الشخصي مجاناً وكان بإمكان المستخدمين رؤية مصدره وشراء كتاب حوله يشرح برمجة أنظمة التشغيل، وهو كذلك النظام الذي استخدمه لينوس تورفالدس في حاسوبه لفترة قبل أن يطور نواة لينكس.
أبليكس كان يستطيع كذلك تشغيل نظام مشابه لدوس يسمى ZRDOS، ويمكنه أن يشغل بيئة سطح مكتب تسمى MGR، وكانت هناك لغات كثيرة متوفرة للجهاز مثل لغة التجميع، لغة سي، لغة بيسك ولغات غير معروفة كثيراً مثل فورث (Forth) ولسب (LISP) وMUMPS، وهناك كتيبات ووثائق لكل لغة ونظام تعلم المستخدم كيف يستغل النظام ولغات البرمجة، وهناك مجموعة من التطبيقات التي تطورت للجهاز مثل برنامج اتصال بشبكات BBS وبرنامج للبريد الإلكتروني.
أستطاعت شركة أبليكس بيع 400 جهاز 1616 بعد أن نشرت مجلة تقنية مجلة 4 مقالات حول الحاسوب وبدأت الشركة في تلقي الطلبات وكونت مجموعة تلتقي كل شهر مرة تناقش الجهاز ويتبادل المستخدمون الخبرات والأفكار والبرامج ولم تنقطع هذه اللقاءات منذ الثمانينات وحتى اليوم وإن لم يكن أحد يستخدم الجهاز اليوم، وأحد مطوري ومؤسسي شركة أبليكس وهو أندرو مورتون كان له دور في تطوير وإدارة نواة لينكس لاحقاً.
مثل هذا الجهاز يجعلني أحلم بوجود واحد مماثل لكن بكتب وأدلة ووثائق عربية ومجموعات تلتقي كل شهر لتناقش وتتعالم أموراً كثيرة حول الأجهزة والبرمجة والبرامج، صنع مثل هذا الجهاز اليوم ليس أمراً صعباً فكثير من قطع الإلكترونيات لا زالت متوفرة ولها متاجر في الشبكة ويمكن شرائها بكميات كبيرة وبأسعار رخيصة نسبياً ويمكن تصميم جهاز حديث بمعالج بسيط وحديث في نفس الوقت.
أبليكس لم يكن فريداً من نوعه والمجتمع الذي تكون حوله واللقاءات التي دارت حوله لم تكن فريدة من نوعها، الأمر تكرر مع حواسيب أخرى مختلفة وفي دول مختلفة، الآن أرى حاجة لمثل هذا الجهاز كوسيلة تعليمية لأن البرمجة اليوم ليست بسيطة والحواسيب ليست بسيطة ولفهم البرمجة ولفهم منطق الحاسوب لا بد من التبسيط ولا بد من برمجة الحاسوب مباشرة دون أي حاجز بين المستخدم والجهاز.
2 تعليقات:
أظن أن البديل العصري لمثل هذا الحاسوب هو Raspberry pi الذي تم تصميمه لأغراض تعليمية أساسًا.
@إسلام الرفاعي: صحيح، لذلك وضعت ملاحظة أول الموضوع لأنني كتبته قبل حتى أن أعرف شيئاً عن رازبيري.
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.