السبت، 24 أغسطس 2013

الإنترنت أساس والويب خدمة

قبل أن تبدأ بقراءة الموضوع، يجب أن أحذر بأنه ملغم بمصطلحات تقنية كثيرة تكفي لإرسال شحنة من الصداع لأي قارئ، في نفس الوقت ليس لدي الدافع الكافي لشرح كل مصطلح بالتفصيل وأتوقع منك أن تبحث في أي شيء لا تفهمه وتحاول أن تفهمه بنفسك، هذه هي فائدة الإنترنت ... أليس كذلك؟

شهرة شبكة الويب جعلت كثيراً من الناس يخلطون بينها وبين الإنترنت، بل هي الإنترنت لكثير من الناس وهذا تقنياً غير صحيح، أجد أنه من الضروري فهم أن إنترنت (Internet) هي شبكة فيزيائية، بمعنى أنها تتكون من حواسيب وأسلاك بل ويمكن للمرء أن يعرف أماكن الأسلاك التي تعبر من خلالها البيانات في الشبكة، هذه ليست أسرار فالمعلومات حول بنية الإنترنت متوفرة في مقالات وكتب مختلفة.

هذه الشبكة تعمل بتقنية أو بروتوكول يسمى TCP/IP، كثير من التقنيات تعتمد على شبكة إنترنت وعلى بروتوكول TCP/IP بمعنى آخر يمكن تشبيه الإنترنت بأنها شارع عام تعبر عليه مختلف أنواع المركبات أو الخدمات مثل:
  • الويب، الخدمة الأشهر في الإنترنت.
  • البريد الإلكتروني.
  • نقل الملفات من خلال بروتوكول FTP.
  • شبكات الند للند P2P بمختلف أنواعها مثل بتورنت BitTorrent.
بمعنى أنه لا توجد تقنية أو خدمة شبكية عالمية لا تعتمد على الإنترنت، سواء كانت الخدمة مركزية أو غير مركزية فهي تعتمد على الشارع العام الذي نسميه إنترنت وهو شارع مركزي في أساسه، هناك تقنيات تستخدم لإدارة الإنترنت تجعلها شبكة مركزية، وهي:
  • عناوين المواقع أو Domain name
  • أرقام IP
  • مزودات DNS
  • مقدمي خدمة الإنترنت ISP
 مقدمي خدمة الإنترنت في رأيي هم النقطة المركزية الأساسية للمستخدمين، عناوين المواقع وأرقام IP ومزودات DNS كلها تعمل خلف الستار وبصمت ولا ينتبه لها المستخدم أو حتى يدرك وجودها، لكن مقدم خدمة الإنترنت شيء يجب أن يتعامل معه الإنسان في حال أراد خدمة الإنترنت، بدون مقدم الخدمة لن يتمكن أي شخص من الاتصال بالشبكة.

نظرياً يفترض بالإنترنت أن تكون شبكة مفتوحة للجميع ويمكن لأي شخص الاتصال بأي حاسوب في الإنترنت بدون نقطة مركزية مثل مقدم خدمة الإنترنت، عملياً هذا مستحيل الآن على المستوى العالمي، يمكن إنشاء شبكات محلية بدون مقدم خدمة إنترنت ويمكن لهذه الشبكات أن تغطي مساحات تتراوح من شقة صغيرة لشركة صغيرة إلى شبكة تغطي مئات الكيلومترات لشركة كبيرة لكن حتى الآن لم أجد شبكة محلية غير مركزية تتجاوز حدود الدول لتصبح عالمية.

عندما تزور موقعاً وتطلب منه مقطع فيديو - مثل يوتيوب - فأنت تشعر بأنك تتعامل معه مباشرة، تشعر بأن هناك رابط مباشر بينك وبين الموقع، لكن في الحقيقة هناك عشرات الحواسيب والأسلاك التي تتحرك فيها البيانات من الموقع إلى حاسوبك وبالعكس، بسبب بروتوكول TCP البيانات لا ترسل دفعة واحدة بل تقسم إلى قطع صغيرة وكل قطعة ترسل في اتجاه مختلف لتجتمع عند مقدم خدمة الإنترنت في بلدك وهو بدوره يرسلها لك.

عندما تعبر قطع البيانات الصغيرة مسارات مختلفة في الإنترنت فهي تعبر من خلال حواسيب مختلفة، قد تعبر قطعة ما من خلال حاسوب موجود في إسبانيا مثلاً وتعبر قطعة أخرى من خلال حاسوب فرنسي، كلاهما قد لا يعرفان من أين أتت هذه القطع وإلى أي تمضي لكنهما يمرران البيانات بحسب قواعد محددة وفي اتجاهات محددة.

مقدم خدمة الإنترنت في بلدك يعتبر نقطة تجميع لهذه البيانات التي ستصل لك لذلك بإمكان مقدم الخدمة أن يعرف ما الذي تفعله في الشبكة، بل هناك تقنيات تسمى Deep packet inspection وظيفتها أن تعرف ما الذي يفعله المستخدمون بخدمة الإنترنت، وبهذه التقنيات يمكن مراقبة المستخدمين ويمكن مثلاً معرفة ما إذا كانوا يستخدمون تقنية بتورنت لإبطاء هذه التقنية لأنها تستهلك سعة كبيرة من خطوط الاتصال، أو بإمكانهم منع الوصول لبعض المواقع أو الخدمات أو حتى منع الوصول لبعض الكلمات، قد تبحث في غوغل عن كلمة ممنوعة فتجد أن موقع غوغل أصبح محجوباً فجأة، بالطبع لم يحجب الموقع لكن الكلمة التي استخدمتها للبحث محجوبة.

ما هو المهرب من هذه المركزية؟ هناك إجابات مختلفة:
  • البعض يعتمد على التشفير كحل مؤقت، مشكلة التشفير أنه يجعل استخدام بعض البرامج والخدمات عملية صعبة لذلك لا يستخدم التشفير على نطاق واسع كما يفترض أن يحدث، أبرز مثال على ذلك تشفير البريد، صناديق البريد الإلكتروني هي ملعب مفتوح لجهات مختلفة ومع إدراك الناس ذلك لا زالوا غير مهتمين بالتشفير وأنا منهم.
  • البعض يدمج فكرة التشفير مع فكرة تقنيات لا مركزية وهي تقنيات كثيرة، مع إدراكهم أنها تقنيات لا مركزية تعتمد على أساس مركزي لكنها تعالج جزء من المشكلة أو تعالج مشاكل مختلفة مثل الاعتماد على شركات مثل غوغل أو على مزودي الاستضافة للمواقع.
  • البعض يرى أن نتوقف عن استخدام الشبكة العالمية لصالح شبكات محلية لا مركزية حقاً ولا تعتمد على مزودي خدمات الإنترنت، هذا الحل يعني بالضرورة التخلي عن النطاق العالمي لشبكة الإنترنت لصالح شبكات محلية متعددة، حل يعجبني بالمناسبة وأسباب إعجابي به تحتاج لموضوع آخر.
في موضوع لاحق سأتحدث عن بعض تقنيات P2P وما هي شبكة P2P أو كما تسمى بالعربية: الند للند.

لاحظ أنني أكتب هذه المواضيع لأعلم نفسي قبل أي شخص آخر، لا أدعي علمي بهذا المجال لكنني أتعلم وأكتب لكي أفهم، لذلك هذه دعوة لمن يفهم حقاً هذه المواضيع أن يعلمنا ويكتب أو ينشر مقطع فيديو تعليمي عن طريقة عمل الشبكة وعن شبكات الند للند.

2 تعليقات:

Abraham يقول...

أظن أن ما تريد الوصول إليه (لا أحد بإمكانه مراقبتك وقراءة بريدك في الشبكة) صعب جدًا بسبب بنية الشبكة (كما شرحت في الموضوع) إضافة إلى سيطرة الحكومات على بنيتها التحتية واستغلالها من طرف وكالات استخباراتها والتي بدورها تسيطر على مزودي الخدمة بحيث أصبح بإمكانهم مراقبة ورؤية كل ما يريدونه وستقوم بكسر ذراع كل من يعارض ذلك (لافابيت).
أعتقد أنك تذكر طبيعة هذا الصراع منذ سنوات، حيث كان بين شركات المحتويات الرقمية والتي خاضت الكثير من المعارك ضد مواقع المشاركة وجرت الكثير إلى المحاكمات وسجن العديد أيضا، لإضافة إلى ضغطها من أجل تمرير قوانين (محاولة سوفا وبيبا) تعطيها الحق في فصل من يتمرد عليها.
كما قال الكثيرون إن هذا التعدي على الخصوصيات يحدث منذ زمن ولكنه أصبح واضحًا جدًا للجميع بسبب التسريبات.
إن محاولة التخلص من هذه المراقبة ستكلفك الكثير من الوقت والجهد وربما الابتعاد عن الشبكة يعد أفضل الحلول أو على الأقل توعية الناس وربما سيتكون رأي عام يمكن أن يؤثر في الاتجاه المعاكس لتطور الأمور رغم أني لا آمل في ذلك.
شكرًا على الموضوع.

عبدالله المهيري يقول...

@Abraham: ما أريد الوصول له هو أن المراقبة في الشبكة سهلة بسبب مركزية الإنترنت، والنقاط المركزية الأربع المذكورة في المقال هي ما يجعل الرقابة سهلة أو منع المواقع والمستخدمين من الوصول للمحتويات سهل، أردت فقط أن أشرح ذلك لأنني لا أتوقع أن يعرف الجميع ما الذي أعنيه بأن الإنترنت شبكة مركزية كما ذكرت في مقال سابق.

التخلص من الرقابة صعب لكنه ليس مستحيلاً وهي لعبة قط وفأر مستمرة ولن تنتهي، لكن الحلول المتوفرة كثيرة وبعضها يركز على حل أساس المشكلة وهذا صعب ويحتاج لوقت، تابع ما أكتبه في المواضيع القادمة لأنني سأذكر بعض هذه الحلول.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.