كنت أطرق الباب ومر علي ابن أخي ليخبرني أن طرقي للباب لا فائدة منه فعمته قد ذهبت، سألته أين ذهبت فأخبرني أنها في المستشفى، لسبب ما لم أصدقه وظننت أنه يكذب، ليس هذا وقت مستشفيات وربما هو يؤلف قصة فقط، لم أفكر في أنه قد يكون على صواب فهو صغير ولا شك أنه يكذب، هكذا كان عقلي يفكر، طلبت منه أن يتبعني إلى غرفتي، هناك اتصلت بأهلي لكنهم لم يردوا على الهاتف وهذا كان كافياً لي ليثبت أنهم ليسوا في المستشفى فلو كانوا هناك لردوا على الهاتف، عنفته قليلاً ونعته بالكاذب وسألته مرة أخرى أين عمته فرد علي: ما أعرف.
خرج من غرفتي وأدركت أنني ارتكبت خطأ، قرأت كتاب طبائع الاستبداد للكواكبي ويبدو أنني لم أتعلم منه شيئاً، وهذا ما تأكدت منه بعد نصف ساعة عندما جائني اتصال وتبين لي أن أهلي بالفعل في المستشفى - الأمر بسيط ولله الحمد - فخرجت أبحث عن ابن أخي لكي أعتذر له ولم أجده، ما الذي فعلته هنا؟ أي قيمة تربوية تعلمها ابن أخي من فعلي الأحمق هذا؟ ما تعلمه هو أن يقول ما يظن أن الكبار يريدون سماعه لا أن يقول الحقيقة والتي قد تضايق الكبار وتغضبهم، بمعنى آخر يتعلم أن يكذب لكي يتجنب المشاكل، هذه الرسالة هي نفسها التي تلقيتها في صغري عندما كنت أقول الحقيقة فلا يصدقوني ثم أكذب فيصدقون كذبي وفي الحالتين أنا معاقب، هذا ليس تربية بل استبداد وبدلاً من أن أتجنب ممارسته وقعت فيه.
في عصر ذلك اليوم كنت في صالة المنزل أركب قطعتي أثاث صغيرتين لأهلي ودخل ابن أخي ليسأل عن عمته، كما أخطأت علي أن أعتذر له ولا يهم أنه صغير في الرابعة من عمره، قربته مني وأحطته بذراعي وأخبرته أنني في الظهر نعته بالكاذب ولم أصدقه وأنني كنت على خطأ فعمته كانت في المستشفى وهو قال الحقيقة وأنا مخطأ واعتذرت له، قلت له "أنا آسف" ثم قبلت رأسه وأنا أعني حقاً هذا الاعتذار، قلت له أن عليه أن يقول الحق حتى لو لم يعجب أحداً وأخبرته أنني لن أشك في كلامه مرة أخرى.
عندما نتحدث عن الاستبداد فنحن في الغالب نتحدث عن الآخرين أياً كان مكان وسلطة هؤلاء الآخرين، لكن في الحقيقة الاستبداد يبدأ في أنفسنا، كما يقال: عندما تشير إلى الآخرين بأصبعك فلا تنسى الثلاثة التي تشير لك.
خرج من غرفتي وأدركت أنني ارتكبت خطأ، قرأت كتاب طبائع الاستبداد للكواكبي ويبدو أنني لم أتعلم منه شيئاً، وهذا ما تأكدت منه بعد نصف ساعة عندما جائني اتصال وتبين لي أن أهلي بالفعل في المستشفى - الأمر بسيط ولله الحمد - فخرجت أبحث عن ابن أخي لكي أعتذر له ولم أجده، ما الذي فعلته هنا؟ أي قيمة تربوية تعلمها ابن أخي من فعلي الأحمق هذا؟ ما تعلمه هو أن يقول ما يظن أن الكبار يريدون سماعه لا أن يقول الحقيقة والتي قد تضايق الكبار وتغضبهم، بمعنى آخر يتعلم أن يكذب لكي يتجنب المشاكل، هذه الرسالة هي نفسها التي تلقيتها في صغري عندما كنت أقول الحقيقة فلا يصدقوني ثم أكذب فيصدقون كذبي وفي الحالتين أنا معاقب، هذا ليس تربية بل استبداد وبدلاً من أن أتجنب ممارسته وقعت فيه.
في عصر ذلك اليوم كنت في صالة المنزل أركب قطعتي أثاث صغيرتين لأهلي ودخل ابن أخي ليسأل عن عمته، كما أخطأت علي أن أعتذر له ولا يهم أنه صغير في الرابعة من عمره، قربته مني وأحطته بذراعي وأخبرته أنني في الظهر نعته بالكاذب ولم أصدقه وأنني كنت على خطأ فعمته كانت في المستشفى وهو قال الحقيقة وأنا مخطأ واعتذرت له، قلت له "أنا آسف" ثم قبلت رأسه وأنا أعني حقاً هذا الاعتذار، قلت له أن عليه أن يقول الحق حتى لو لم يعجب أحداً وأخبرته أنني لن أشك في كلامه مرة أخرى.
عندما نتحدث عن الاستبداد فنحن في الغالب نتحدث عن الآخرين أياً كان مكان وسلطة هؤلاء الآخرين، لكن في الحقيقة الاستبداد يبدأ في أنفسنا، كما يقال: عندما تشير إلى الآخرين بأصبعك فلا تنسى الثلاثة التي تشير لك.
5 تعليقات:
ما كتبته أكثر من رائع.. فقد بين أهمية قيمة محددة (الصدق) من خلال مثال واقعي.. الكذب آفة تعاني منها مجتمعاتنا، من دون استثناء الدائرة التي توصف بالالتزام الديني.. وقد تكون إحدى منابت هذه الآفة الخطيرة هو الاستبداد الاجتماعي وعدم منح بعض الطبقات ضمن العائلة أو البيئة التي نعيش فيها شيئاً من الثقة والاعتبار بحيث تصبح قيمة الصدق والتصديق لها الأولوية في التواصل والعلاقات الاجتماعية
الموضوع رائع جدآ. هي تجربه بسيطه ولكن بها درس كبير لنا جميعآ. ثق بأن هذا الصغير لن ينسى تراجعك عن الخطأ وإعتذارك له وستظل هذه اللحظه حاضرة في مخيلته ووجدانه.
@Hisham Hashem: ما قلته صحيح وعميق وبكلمات قليلة، لدي أمل أننا كشعوب المنطقة نتعلم ونتغير، على أمل أن نزيل كل ما هو سبب للتخلف.
@عبدالله: شكراً، أتمنى ألا يعود ابن أخي إلى الاضطرار للكذب لتجنب المشاكل كما أجبرته على ذلك.
رائع استاذ عبد الله , والف سلامة على مرضيكم
تدوينه رائعه واسلوب شيق ، جميل الصدق والأجمل الاعتذار
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.