هذا كتاب اشتريته بمجرد قراءة نصوص الغلاف ثم وضعته في مكتبتي لسنوات لأنني أعلم أنه سيكون كتاباً مؤلماً وقد كان، أعلم أنه كتاب سيتحدث عن اعتقال شخص بريء أو بشكل أدق هو اختطاف شخص بريء والزج به في دوامة من السجون والتحقيقات والمعاملة القاسية وربما التعذيب، لا أحب قراءة هذا النوع من الكتب لأنها مؤلمة ولأنها تشعرني بالذنب على مستويات عديدة، مع ذلك لا يمكنني الهرب منها فما حدث لمؤلف الكتاب وما يحدث لأناس آخرين أمر لا أتوقف عن التفكير فيه.
لا زالت أحداث 11 سبتمبر وما تبعها حية في أذهان الناس وما كتب عنها كثير جداً ومن مختلف الزوايا، كتاب Enemy Combatant كتبه شخص خطف في أفغانستان ووصل إلى سجن غوانتانامو وخرج منه بينما لا زال آخرون هناك حتى اليوم، هناك كتب عن الهجوم على البرجين وتاريخ منظمة القاعدة وعن تسلسل الأحداث بعد الهجوم الإرهابي، كثير من الكتب تحلل ما فعلته أو تريد فعله الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بقيادة مجرمي الحرب - بوش، تشيني، رامسفيلد وغيرهم - وتحلل كذلك القاعدة وشبكاتها وأفكارها، لكن قليل من الكتب تتحدث عن الناس، عامة الناس ممن تأثروا بهذه الأحداث وتغيرت حياتهم كلياً بسببها، كتاب Enemy Combatant مختلف لأنه يعطي صورة عن عالم السجون والتعذيب من وجهة نظر سجين وعائلته وأصدقائه.
مؤلف الكتاب بريطاني من أصل باكستاني والكتاب يبدأ من طفولته وحياته في بريطانيا وانضمماه لعصابة من الشباب في مدينة بيرمنجهام ودخوله في عراك مع عنصريين بريطانيين، ثم ينتقل إلى الحديث عن حرب الخليج الأولى وتأثيرها عليه ثم حرب البوسنة التي دفعته للانضمام إلى قوافل المساعدات التي كانت تنطلق من بريطانيا وتحاول الوصول إلى ضحايا الحرب في البوسنة لتساعدهم بتقديم المواد الغذائية والرعاية الصحية ونقل البعض إلى بريطانيا ليبقوا هناك كلاجئين، ثم حاول المؤلف أن يقدم المساعدات في حرب الشيشان لكنه لم يتمكن من ذلك.
زار المؤلف باكستان مرات عدة وكذلك أفغانستان وزار كذلك مخيم مجاهدين وقضى أياماً هناك، هذه الزيارات ونشاطه الخيري وكذلك مشروعه الخاص في بيرمنجهام وهو مكتبة إسلامية، كل هذا استخدم ضده عندما اعتقل في كابول ونقل إلى قندهار ثم باجرام ثم إلى غونتاناموا، أضف إلى ذلك ثقافته وتمكنه من الحديث بلغات مختلفة، الأمريكان وكذلك البريطانيون حاولوا انتزاع اعتراف منه بل ورسموا له شخصية خيالية عجيبة، من بين التهم أنه أحد الأعضاء البارزين في القاعدة وأنه كان يخطط لاستخدام طيارات بدون طيار لكي ينشر جرثومة الجمرة الخبيثة فوق مدن أمريكا وأنه درب آخرين على فنون القتال وقدم دعماً مالياً لضرب مصالح أمريكية وغير ذلك، وأجبر على توقيع اعتراف كاذب.
تلفيق التهم هذا حيلة قديمة وللأسف فعالة أحياناً خصوصاً أن هناك من يبحث عن أي تهمة ولا يحتاج لأي دليل وهناك المتردد الذي لا يدري كيف يتصرف مع تهمة ضد شخص ما، قد يصدق الأخبار ثم يسمع من ينفي التهمة فيتردد، وكذلك الأمر مع انتزاع الاعترافات، التعذيب النفسي أو الجسدي استخدم ويستخدم لنزع الاعترافات والتوقيع عليها حتى لو كانت هذه الاعترافات أكاذيب من نسج الخيال.
لأكثر من 300 مرة حقق الأمريكان والبريطانيون مع المؤلف بحثاً عن أي شيء أو أي معلومة تفيدهم، ومع أن إجابات المؤلف لم تتغير إلا أن المحققين لم يكونوا يرغبون في تصديق أن المؤلف شخص عادي ليس له علاقة بتنظيم القاعدة، حبس المؤلف في سجن انفرادي ومنذ اعتقاله وهو لا يعرف ما الذي حدث لزوجه وأطفاله أو ما الذي سيحدث له، حياة السجن رتيبة مملة وتسير على نمط واحد كل يوم، لكن هناك الكثير في هذا الكتب يدور حول هذه الأيام بتفاصيلها الصغيرة، حديث المؤلف مع الحراس المكلفين بمراقبته واختلاف ثقافاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم، بعضهم كان بارداً ورسمياً وبعضهم كان يتحدث مع المؤلف كصديق مع أنهم سمعوا أنه معتقل خطير جداً لكن مع الحديث يتبين لهم أنه شخص عادي وقد أصبح بعضهم أصدقاء للمؤلف.
يتحدث المؤلف كذلك عن المعتقلين معه وأحوالهم وظروفهم، بعضهم كان يتعرض للإهانة والتعذيب وبعضهم مات أثناء التعذيب والمؤلف كان شاهداً على حالتين، يتحدث كذلك عن تأقلمه مع واقعه الجديد ورحلة انتقاله من الخوف والقلق إلى الثقة وعدم مبالاته بالسجان أو السجن، كان المؤلف رياضياً قبل اعتقاله لذلك كان حريصاً في السجن على ممارسة الرياضة بالإضافة إلى القراءة والكتابة، كان يحاول أن يعيش كل يوم دون التفكير باليوم التالي أو المستقبل، لكن كل هذا لم يقيه من نوبات الغضب والسخط ولا ألومه، السجن الانفرادي وعدم استطاعته التحدث مع مسلم آخر أو الصلاة في جماعة والتحقيقات المتكررة، كل هذا لا بد أنها ستؤثر سلبياً عليه.
هذا ملخص سريع لكتاب لا يمكن تلخيصه بسهولة، لم أكن أنوي الكتابة عنه لكن عندما انتهيت منه رأيت أن أكتب لأنه كتاب مختلف، أنصح بقرائته لمن لديه اهتمام بهذا الموضوع.
الكتاب: Enemy Combatant
المؤلف: Moazzam Begg
الصفحات: 416
لا زالت أحداث 11 سبتمبر وما تبعها حية في أذهان الناس وما كتب عنها كثير جداً ومن مختلف الزوايا، كتاب Enemy Combatant كتبه شخص خطف في أفغانستان ووصل إلى سجن غوانتانامو وخرج منه بينما لا زال آخرون هناك حتى اليوم، هناك كتب عن الهجوم على البرجين وتاريخ منظمة القاعدة وعن تسلسل الأحداث بعد الهجوم الإرهابي، كثير من الكتب تحلل ما فعلته أو تريد فعله الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت بقيادة مجرمي الحرب - بوش، تشيني، رامسفيلد وغيرهم - وتحلل كذلك القاعدة وشبكاتها وأفكارها، لكن قليل من الكتب تتحدث عن الناس، عامة الناس ممن تأثروا بهذه الأحداث وتغيرت حياتهم كلياً بسببها، كتاب Enemy Combatant مختلف لأنه يعطي صورة عن عالم السجون والتعذيب من وجهة نظر سجين وعائلته وأصدقائه.
مؤلف الكتاب بريطاني من أصل باكستاني والكتاب يبدأ من طفولته وحياته في بريطانيا وانضمماه لعصابة من الشباب في مدينة بيرمنجهام ودخوله في عراك مع عنصريين بريطانيين، ثم ينتقل إلى الحديث عن حرب الخليج الأولى وتأثيرها عليه ثم حرب البوسنة التي دفعته للانضمام إلى قوافل المساعدات التي كانت تنطلق من بريطانيا وتحاول الوصول إلى ضحايا الحرب في البوسنة لتساعدهم بتقديم المواد الغذائية والرعاية الصحية ونقل البعض إلى بريطانيا ليبقوا هناك كلاجئين، ثم حاول المؤلف أن يقدم المساعدات في حرب الشيشان لكنه لم يتمكن من ذلك.
زار المؤلف باكستان مرات عدة وكذلك أفغانستان وزار كذلك مخيم مجاهدين وقضى أياماً هناك، هذه الزيارات ونشاطه الخيري وكذلك مشروعه الخاص في بيرمنجهام وهو مكتبة إسلامية، كل هذا استخدم ضده عندما اعتقل في كابول ونقل إلى قندهار ثم باجرام ثم إلى غونتاناموا، أضف إلى ذلك ثقافته وتمكنه من الحديث بلغات مختلفة، الأمريكان وكذلك البريطانيون حاولوا انتزاع اعتراف منه بل ورسموا له شخصية خيالية عجيبة، من بين التهم أنه أحد الأعضاء البارزين في القاعدة وأنه كان يخطط لاستخدام طيارات بدون طيار لكي ينشر جرثومة الجمرة الخبيثة فوق مدن أمريكا وأنه درب آخرين على فنون القتال وقدم دعماً مالياً لضرب مصالح أمريكية وغير ذلك، وأجبر على توقيع اعتراف كاذب.
تلفيق التهم هذا حيلة قديمة وللأسف فعالة أحياناً خصوصاً أن هناك من يبحث عن أي تهمة ولا يحتاج لأي دليل وهناك المتردد الذي لا يدري كيف يتصرف مع تهمة ضد شخص ما، قد يصدق الأخبار ثم يسمع من ينفي التهمة فيتردد، وكذلك الأمر مع انتزاع الاعترافات، التعذيب النفسي أو الجسدي استخدم ويستخدم لنزع الاعترافات والتوقيع عليها حتى لو كانت هذه الاعترافات أكاذيب من نسج الخيال.
لأكثر من 300 مرة حقق الأمريكان والبريطانيون مع المؤلف بحثاً عن أي شيء أو أي معلومة تفيدهم، ومع أن إجابات المؤلف لم تتغير إلا أن المحققين لم يكونوا يرغبون في تصديق أن المؤلف شخص عادي ليس له علاقة بتنظيم القاعدة، حبس المؤلف في سجن انفرادي ومنذ اعتقاله وهو لا يعرف ما الذي حدث لزوجه وأطفاله أو ما الذي سيحدث له، حياة السجن رتيبة مملة وتسير على نمط واحد كل يوم، لكن هناك الكثير في هذا الكتب يدور حول هذه الأيام بتفاصيلها الصغيرة، حديث المؤلف مع الحراس المكلفين بمراقبته واختلاف ثقافاتهم وأفكارهم وتطلعاتهم، بعضهم كان بارداً ورسمياً وبعضهم كان يتحدث مع المؤلف كصديق مع أنهم سمعوا أنه معتقل خطير جداً لكن مع الحديث يتبين لهم أنه شخص عادي وقد أصبح بعضهم أصدقاء للمؤلف.
يتحدث المؤلف كذلك عن المعتقلين معه وأحوالهم وظروفهم، بعضهم كان يتعرض للإهانة والتعذيب وبعضهم مات أثناء التعذيب والمؤلف كان شاهداً على حالتين، يتحدث كذلك عن تأقلمه مع واقعه الجديد ورحلة انتقاله من الخوف والقلق إلى الثقة وعدم مبالاته بالسجان أو السجن، كان المؤلف رياضياً قبل اعتقاله لذلك كان حريصاً في السجن على ممارسة الرياضة بالإضافة إلى القراءة والكتابة، كان يحاول أن يعيش كل يوم دون التفكير باليوم التالي أو المستقبل، لكن كل هذا لم يقيه من نوبات الغضب والسخط ولا ألومه، السجن الانفرادي وعدم استطاعته التحدث مع مسلم آخر أو الصلاة في جماعة والتحقيقات المتكررة، كل هذا لا بد أنها ستؤثر سلبياً عليه.
هذا ملخص سريع لكتاب لا يمكن تلخيصه بسهولة، لم أكن أنوي الكتابة عنه لكن عندما انتهيت منه رأيت أن أكتب لأنه كتاب مختلف، أنصح بقرائته لمن لديه اهتمام بهذا الموضوع.
الكتاب: Enemy Combatant
المؤلف: Moazzam Begg
الصفحات: 416
2 تعليقات:
لم اقرأ هذا الكتاب وبما ان الكتاب عن السجون والظلم فانا قد انتهيت من قراءة كتاب قبل يومين اسم الكتاب القوقعه .. وهو كتاب الفه مسيحي ملحد اسم مصطفى خليفه سجن في سجون النظام السوري بتهمة إنتمائه للإخوان المسلمين !! ..
الصراحة الكتاب يروي فيه معاناة ليس بعدها معاناة وذل ليس بعده ذل ..
وستجعل من التعذيب في سجون غوانتانمو كمساج بعد التعذيب بالنسبة للمساجين في السجون السورية ايام حافظ الأسد ..
انصحك بشدة بقراءته ..
واشكرك على تلخيص قصة الكتاب ..
بالتوفيق للجميع ..
هنالك كتاب آخر يحمل تجربة إنسانية لا تتوفر في الكتابين، لماذا لأنها تجربة عائلة بأكمله ترمى في السجن لمدة 20 سنة عقابا للوالد الذي قتل ... تلك هي قصة مليكة أوفقير في كتابها "السجينة"، قصة مبهرة وستبقى مشدوها طيلة رحلتك معها، أعترف أنها صدمتني فعلا
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.