الفكرة بدأت بنكتة سخيفة، كل يوم لدي كثير من هذه الأفكار السخيفة التي أبتكرها لنفسي فقط لأتسلى وفي أحيان ينجح ذلك لدرجة تجعلني أضحك كالمجنون في آخر الليل وأخشى أن يطرق علي الباب أحد أفراد العائلة ليسألني ما إذا كنت بخير أم لا، بعض السخف يتحول لأفكار معقولة فالطيران كان فكرة سخيفة والحديث إلى شخص ما في الجهة الأخرى من الأرض كان فكرة مستحيلة، لكن ما لدي اليوم ليس بفائدة الطيارات أو الهواتف بل هو أسخف من ذلك!
طرحت الفكرة في تويتر، ماذا لو طور شخص ما تطبيقاً للهواتف الذكية لقياس الوزن يجعل الهاتف يصيح في أوقات عشوائية ويذكرك بأنك سمين وعليك ألا تأكل كثيراً، تغيرت الفكرة بعد ذلك إلى أن يكون فقط تطبيقاً مزعجاً يصدر أصواتاً عشوائية في أوقات غير مناسبة، فمثلاً في الساعة الثانية صباحاً وأنت نائم تسمع الهاتف يكح بعنف كأنه مريض، أو لعلك تمشي في مركز تجاري فتسمع الهاتف يعطس بلا توقف إلى أن تهز الهاتف بعنف، وإذا ربطنا التطبيق بنظام تحديد الأماكن بحيث يعرف مكانك فيمكنه أن يكون أكثر إحراجاً بأن يقول في المسجد فجأة "يا أخوة أرجو إغلاق الهواتف ووضعها على الصامت، لا تنسوا أنكم في مسجد!" أو إذا كنت في السوق يصيح بأعلى صوت "حراميييي" ... قلت لكم فكرة سخيفة.
بعد ذلك تذكرت تقنيتان، سيري من أبل، وتاماغوتشي من اليابان أو بالأحرى من شركة يابانية للألعاب تسمى بانداي، ما علاقة الفكرتين بسخافاتي؟ لا شيء سوى أنني رأيت بأن الفكرة يمكن أن تصبح مفيدة أو على الأقل مثيرة للاهتمام أكثر إن جعلتها مفيدة أو حولتها إلى لعبة ذكاء اصطناعي أو لعبة تواصل اجتماعي.
أبدأ بلعبة تاماغوتشي، أذكر أنني رأيتها أول مرة في المدرسة، بعض الطلاب تحلقوا حول واحد منهم وهو يريهم اللعبة العجيبة التي تحوي فيها حيواناً يحتاج لرعاية وإطعام وتنظيف وترفيه وفوق ذلك يمكنك أن تضعه في جيبك! كان هذا في منتصف التسعينات وكان هذا شيئاً عجيباً حقاً، ومثلما انتشرت اللعبة بسرعة اختفت بسرعة إلا بين قلة من المعجبين بها وهناك دائماً معجبين بأي شيء يبقون مخلصين للأشياء التي يحبونها لوقت طويل، حتى اليوم هناك من يحب لعبة تاماغوتشي وإن تجاوز الثلاثين من العمر.
اللعبة تطورت بطرح نسخها المختلفة وأصبحت آلية اللعبة أكثر تطوراً وأكثر محاكاة للحياة، المخلوق في اللعبة يبدأ من بيضة ويتقدم في مراحل العمر ويمكن أيضاً أن يموت، جيل آخر من اللعبة أضاف الزواج والأبناء واللعب مع آخرين بربط لعبتي تاماغوتشي، وظهرت ألعاب فيديو تاماغوتشي للحاسوب وبلايستيشن وكذلك نينتندو.
من ناحية الفائدة تاماغوتشي تقدم صفراً، لا فائدة منها، العالم يمكنه أن يعيش بدونها، أما التسلية فهي بالتأكيد مسلية لمجموعة كبيرة من الأطفال وبعض الكبار وهي لعبة محاكاة (Simulation) تشبه ألعاباً أخرى يجدها البعض أكثر متعة وفائدة، المحاكاة تستخدم اليوم لتدريب رواد الفضاء أو الأطباء وتستخدم في المجال العسكري كذلك، يمكن أن تقول بأن ألعاب المحاكاة تستطيع أن تكون وسيلة تعليمية.
أما سيري فهي سكرتير في جيبك، اسأل وستجيب، الناس تحمسوا للفكرة في البداية ثم خف الحماس والاستخدام، تبدو خاصية مفيدة عندما تستخدمها أو تراها لأول مرة ثم تصبح مزعجة مع الاستخدام الدائم أو هكذا يراها البعض، والحماس لهذه الخاصية بدأ يرتفع مرة أخرى مع اقتراب مؤتمر أبل للمطورين إذ يتوقع البعض تحسينات لسيري.
ربما مشكلة سيري الأساسية هي الاعتماد على الأوامر الصوتية، أظن أن أبل ستحسن مستوى سيري لو أنهم أتاحوا للمستخدم اختيار كتابة الأوامر بدلاً من التحدث إلى سيري، هذا سيجعل الناس يستخدمون البرنامج في أي مكان لا يمكنهم الحديث إلى الهاتف، ثم النص أكثر دقة من الصوت ويمكن فهمه ومعالجته بسرعة أكبر من الأوامر الصوتية، يمكن للهاتف نفسه أن يعالج الأوامر النصية بدلاً من إرسالها إلى مزود أو خدمة عبر الإنترنت وهذا يعني إمكانية استخدام مجموعة من الخصائص دون حاجة للاتصال بالإنترنت.
ماذا لو ربطنا بين الأفكار هذه، لم على واجهات الاستخدام أن تكون تقليدية؟ يمكنها أن تكون حية حقاً بأن يكون هناك شيء ما يعيش في هاتفك، لا أعني بالضرورة إنساناً افتراضياً لكن شيء أقرب إلى ما تسميه نينتندو Mii وهي شخصيتك الافتراضية لكن مرسومة بشكل كرتوني، يمكن لهذه الشخصية أن تجيب على أسئلتك النصية، يمكنها التفاعل مع شخصيات أخرى قريبة منك، يمكنها أن تخبرك بمعلومات مختلفة بحسب المكان والزمان والبيانات المتوفرة في الهاتف، ولو أضفنا طبقة من الذكاء الاصطناعي يمكن لهذه الشخصية أن تصبح أكثر فائدة وذكاء بمرور الزمن.
تصور واجهة الهاتف كأنها مكان طبيعي، أرض خضراء وسماء زرقاء وربما جبال بعيدة والشمس تشرق وتغرب وفي الليل ترى النجوم والقمر، الرسومات لا يجب أن تكون واقعية بل بسيطة، يمكن للشخصية التي صنعتها أن تعرض لك ما تريد من معلومات وتتفاعل معك بطرق مختلفة، يمكن أن ترى في هذا المكان شخصيات الناس الذين أضفتهم لدفتر عناوينك وترى رسائلهم لك واتصالاتهم والبريد وغير ذلك، يمكن أن تجعل شخصيتك الافتراضية تذهب لأماكن مختلفة فهناك ساحة دردشة مثلاً، هناك ساحة ألعاب فيديو، يمكن أن تفتح خريط العالم وتزور دولاً فتعرف أخبارها وترى صورها ومقاطع الفيديو.
لا، هذه ليست فكرة سخيفة بل معقولة وأجد متعة عند التفكير في الإمكانيات المختلفة التي يمكن أن تقدمها مثل هذه الواجهة،هذه الفكرة قد تجد نجاحاً كبيراً في اليابان فالناس هناك لديهم استعداد أكبر لتقبل الروبوت والشخصيات الافتراضية، في دول أخرى قد تكون فكرة مسلية لفترة مؤقتة ثم يمل الناس منها، هذا لا يمنع من اللعب قليلاً وتخيل أفكار كثيرة.
حقيقة أتمنى لو أن نينتندو تطور هاتفاً يحوي بعض هذه الأفكار، مجرد أمنية.
لدي اهتمام بأمرين، الشخصيات الافتراضية وعلاقتنا بها، هناك أبحاث حول الموضوع تحاول أن تشرح لم الناس يقبلون أو يرفضون مثل هذه الشخصيات ولم البعض يتعلق بها، الأمر الثاني هو الذكاء الاصنطاعي، هل يمكنه أن يصل إلى درجة من التقدم تجعله يصنع شخصية؟ هذا سؤال يبحث فيه البعض منذ عقود.
لدي أيضاً اهتمام بواجهات الاستخدام، لم لا تستخدم المحاكاة كواجهة استخدام؟ لا أعني المحاكاة على مستوى التطبيقات كأن ترى تطبيق آلة حاسبة يشبه الآلات الحاسبة لكن المحاكاة على مستوى أعلى، الشخصيات الافتراضية وتفاعلها مع العالم الافتراضي الذي يكون مساحة جغرافية افتراضية يمكن التجول فيها.
أظن أن علي التوقف هنا، الموضوع يمكنه أن يصبح كتاباً قصيراً لو تحدثت عن بعض الأبحاث والتجارب في هذه المجالات.
9 تعليقات:
إجابة السؤال دون قراءة الموضوع:
الحمدلله لا يبدو أنك مدمن مكالمات هاتفية.. أو مراسلات نصية.. لأن هناك العديد من "البشر" من من يعيش "في" الهاتف.. وأعتبرهم أسوأ من مدمني الإنترنت..
تعليق بعد قراءة نص الموضوع:
كنت أبحث عن "السخافة" في النص ولم أجدها.. كنت مبتسمة ومستمتعة بقراءة الأفكار ^.^
ضحكت لأنني لم أتحدث عن سيري مطلقا على أساس أن"ها" مؤنث! كنت أستمتع باستغفال سيري.. من عيوبه -وهذه عيوب بسبب تأخر تقنية التقاط الأصوات- أنه لا يميز كل مخارج الحروف.. ولا يتحدث العربية.. وبالمناسبة، يمكنك الكتابة عند تقديم الأوامر لسيري..
جعلتني أتذكر الشخصية التي أطلقتها مايكروسوفت في نسخة إكس بي أو ٩٨.. لا أذكر ولكنني أذكر أن شخصية (ساحر، كلب، قطة وشيء آخر) كانت متوفرة ويمكن إظهارها في الشاشة للمساعدة.. تعلمت أغلب الأشياء في وورد وبوربوينت وإكسيل بمساعدتهم.. كنت أشعر بالنعاس عندما أسمع شخير القطة وهي نائمة عندما أطيل العمل..
إجابتي:
أتوقع أن اليابانيين قد خطوا خطوات واسعة في هذا المجال.. ولكن حتى لو توصلوا إلى "مخلوق إلكتروني متكامل" الحس الإنساني يختلف تماماً.. كما أن فطرة البشر في الحياة الاجتماعية لا بديل لها.. أنت في النهاية كتلة من المشاعر والأحاسيس ولا حياة لمن يعيش مقطوعا عن الحياة الحقيقية من حوله..
اليازية خليفة
أهلا عبدالله .. عنوان يفتح الشهية ـ عائد لك بعد القراءة .
لقد أعدت إحياء أفكاري الجهنمية فيما يخص إمكانية إدخال ال IA إلى دائرة العواطف و اصحابه في جولة حول بستان الإنسانية :)
الفكرة ليست سخيفة إطلاقا ، لكن تحتاج لمنتج ، منفذ يرعاها و يطورها أكثر .
الأفكار الخلاقة التي صنعت و تصنع عالمنا الحاضر لم تتعد كونها شرارات كهرومغناطيسية "شاذة" أصدرتها عقول عبقرية منذ مجرد سنوات مضت .. و خير مثال فيسبوك .. كم من شخص ضحك و سخر من زوكربورغ و أفكاره "السخيفة" ؟
الفكرة التي كتبتها في اﻷول يُمكنك تنفيذها بسهولة، إذا تعلمت برمجة الموبايل.
أذكر في الماضي عندما كُنت في الجامعة وحتى في الثانوي كانت تستهويني أفكار غريبة فأقوم بتنفيذها في برنامج كمبيوتر. فمرة قُمت بعمل برنامج مطارحة شعرية ضد الكمبيوتر، ومرة برنامج يجعلك تتخيل كلمة، ثم يسألك عن الحرف اﻷول هل موجود في بيت الشعر.. ثم بيت ثاني. ثم الحرف الثاني، وفي النهاية يقوم بكتابة الكلمة التي تخيلتها في الشاشة, وهذين البرنامجين مع بساطتهما استحوذا على إهتمام الجمهور في معرض الجامعة. حتى أن مدير الجامعة نفسه عجبه برنامج المطارحة الشعرية وأخذ يتسابق معه، ومرة طلب مني بالمشاركة به في مسابقة برامج حاسوب مقرها أستراليا.
@A.K. AlSuwaidi: وأنا أحمد الله أنني أكره استخدام الهواتف وإن كنت مهتماً بالهواتف كثيراً كتقنيات مهمة، معدل استخدام للاتصال قد يبلغ دقيقة كل يوم أو أقل من ذلك، الرسائل ربما رسالة في الشهر أو الشهرين، أما غير ذلك فالهاتف مجرد قطعة بلاستك لا أهتم بها، أدرب نفسي حالياً على أن أحول عدم الاهتمام هذا إلى الإنترنت لكي أقلص الوقت الذي أقضيه فيها :-)
أتحدث عن سيري كشخصية مؤنثة لأن صوتها صوت امرأة في النسخة الأمريكية، أما ما ذكرته عن مايكروسوفت فأظن أنك تقصدين Clippy وآخرون، أبحثي عن microsoft office assistant وستجدين صورهم.
في اليابان الموضوع يناقش من خلال قصص المانغا والرسوم المتحركة Anime وكذلك من خلال الأبحاث، بسبب ثقافتهم لديهم قابلية أكثر لتقبل مثل هذه الأمور وهم يشيرون في بعض أبحاثهم إلى أن العلاقة بين الجهاز والشخص لن تكون كالعلاقات الإنسانية أو على الأقل لم تصل لهذا المستوى.
@finalhero: شكراً، كما ترى الفكرة بدأت كنكتة وأصبحت الآن موضوعاً لفتح باب النقاش، لا أدري إن كنت أريد تنفيذها أم لا، أجدها مسلية كفاية لكي أكتب عنها.
@أبو إياس: الأفكار غير التقليدية للبرامج هو ما نحتاجه حالياً، لدينا ما يكفي من برامج الإنتاجية والتواصل وغيرها، هناك برامج لا يمكن تصنيفها، برنامجك الشعري مثلاً هو نوع من الأدب الإلكتروني، والأدب الإلكتروني مجال أجده مهماً ومثيراً للحماس بالإمكانيات الكثيرة التي يمكن أن يقدمها لكنني لا أعرف عنه الكثير.
الأفكار جميلة جدا وليست سخيفة.
هذا برنامج لأندرويد مشابه لسيري لديه شخصيات عدة، بإمكانك مشاهدة الفيديو في أسفل الصفحة http://bit.ly/Lo6143
افكارك جنونك
و الله صدقا و فعلا افتقدت كتاباتك .. ابحث وسط بريدي القديم 2007 و اعيش وسط ذكرياتي لاجد رابط مدونتك
لاتذكرك
لاقرا تدويناتك
لاجد هذه التدوينة الرائعة المجنونة التي كنت اناقش فيها مبرمجا منذ فترة قريبة
فعلا اشتقت الي افكارك المجنونة الملهمة الملهمة فعلا :) انت ستظل ملهمي الأول بلا منازع
ساعود الي قراءة مدونتك بلا انقطاع ان شاء الله :) استمر يا ملهم
لقد أعجبني طرح الموضوع
ولقد ذكرني بمسلسل كرتوني كنت أحبه كان اسمه ميجا مان أنتر واير او ما شابه ذلك
كان جميع من في المسلسل يحملون أجهزة صغير فيها شخصيات افتراضية تلك الشخصيات كانت تتفاعل مع أصحابها وتشعر بهم وتحميهم أيضاً
لطالما تمنيت وجود شيء مثل هذا في الواقع
سيكون رائعاً لو أن هناك شخصية افتراضية تعيش في هاتفي تتحدث معي وتيقظني في الصباح
وتشعر بي عندما أحزن صديق لا يمل منك أبداً وتجده عندما تحتاجه
فعلاً سيكون شيء رائع لن أشعر بالوحدة حينها أبدا
شكراً لطرح الفكرة
@Amoola Moon: شكراً على التعليق، اليابانيون لديهم الكثير من هذه الأفكار في مسلسلات الكرتون، بعضها خيالي تماماً لكن بعضها أيضاً واقعي بعض الشيء ويمكن تطبيقها اليوم، الأمر يحتاج لمبرمج يعرف كيف يفعل ذلك، موضوع الذكاء الاصطناعي يدرس منذ ١٩٥٠ تقريباً وهناك بحوث وكتب كثيرة حوله.
فيلم Her كان يدور حول هذا الموضوع، لم أشاهده لكنه واحد من الأفلام القليلة التي تحوي هذه الفكرة.
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.