هل تقنية المعلومات مهمة؟ الجواب يبدو بديهياً لكن الكتاب يطرح السؤال في سياق محدد ويقدم إجابة طويلة يمكن اختصارها إلى التالي: لا!
نيكولاس كار كاتب أمريكي يكتب حول التقنية والأعمال والثقافة وكتبه ومقالاته تدور حول نقد التقنية والثقافة التي تخلقها التقنية، كتابه هذا كان أول كتاب له وقد بدأ بمقالة نشرها في مجلة هارفرد للأعمال عام 2003 وفي العام التالي تحولت المقالة إلى الكتاب.
ما يقوله الكاتب في 147 صفحة كان يمكن أن يختصر إلى أقل من 90 صفحة، لكن أرى أن التوسع والتعمق له فائدة، فالكاتب تحدث عن الماضي وبالتحديد عن اختراعات مثل التيليغرام أو البرق والقطار البخاري والكهرباء، في الماضي عندما ظهرت هذه التقنيات لأول مرة كانت غالية الثمن ولا يمكن إلا للشركات الكبيرة أن تستخدمها، بعد ذلك انخفضت الأسعار وتمكن الجميع من استخدام هذه التقنيات بالتالي فقدت الشركات الكبيرة ما كان يميزها، فقد كانت في الماضي تستطيع أن تنتج أكثر وتنقل بضائعها لمسافة أكبر وبسرعة أكبر بينما الشركات الصغيرة تكتفي بالسوق المحلي وعندما انتشرت التقنية أصبح عامل التفوق متاحاً للجميع بالتالي لم يعد عامل تفوق.
هذا يذكرني بمقولة: أنت متميز جداً تماماً كالآخرين!
كذلك الحال مع تقنية المعلومات، في الماضي كانت الشركات الكبيرة فقط هي التي تستطيع تأجير حواسيب آي بي أم وأجهزة تنظيم البطاقات - وسيلة تخزين البيانات في ذلك الوقت - وبالتالي كانت تستطيع أن تنجز مهمات معالجة المعلومات أسرع من أي شركة أخرى لا تمتلك نفس التقنية، بعد عقود أصبحت تقنية المعلومات رخيصة ومتوفرة لكثير من الشركات وبالتالي فقدت الشركات الكبيرة عامل تفوق.
المسئلة تبدو بديهية لدرجة لا أصدق فيها أن هناك من يعارض هذا الرأي، تصور مثلاً أنك تمتلك سلسلة من البقالات، محلات صغيرة تبيع الأغذية على اختلاف أنواعها، ولديك في السوق منافس واحد فقط، قررت في يوم ما أن تضع شبكة حاسوب لكي تدير الأموال وتعرف التكاليف وتعرف احتياجات كل بقالة، الآن لديك ما يجعلك تتفوق على منافسك لأنك تعرف بسرعة ما الذي تحتاجه كل بقالة وتوفره لها قبل منافسك، في يوم ما عرف المنافس أنك تستخدم شبكة حواسيب فقرر أن يقلدك بل وقرر أن يفعل ذلك بطريقته الخاصة، استخدم برامج حرة ليوفر على نفسه بعض التكلفة واستخدم حواسيب أصغر وأقل استهلاكاً للطاقة، الآن لم تعد تقنية المعلومات مهمة في عامل التنافس، ما يهم الآن أن تدير تقنية المعلومات بأكبر فعالية ممكنة وبأقل التكاليف، تماماً كما تدير أصولاً أخرى مثل المباني والسيارات وشاحنات النقل.
هذا ما يعنيه الكاتب وأجد أنني أوافقه، لا عجب أن مدراء بعض الشركات مثل ستيف بالمر من مايكروسوفت ومديرة أتش بي في ذلك الوقت انتقدوا الكتاب بأنه يقول كلاماً فارغاً، من مصلحتهم أن تبقى الشركات تشتري الحواسيب الجديدة وتتخلص من القديمة وفي هذه العملية تتبدل أنظمة التشغيل، لكن هل هذا في صالح الشركة نفسها؟ هل هناك مصلحة في الترقية إلى الجديد؟
مدراء التقنية في الشركات وصلوا إلى قناعة أن الإنفاق على الجديد لم يعد مجدياً بل استغلال ما هو متوفر بفعالية هو ما يجب أن يحدث، التحديث من ويندوز أكس بي إلى ويندوز 7 ليس ضرورياً، التحديث إلى آخر نسخة من أوفيس ليس مهماً، لذلك قررت شركات كثيرة أن تبقى على ما تملكه ولا تنتقل إلى حواسيب جديدة إلا عند الحاجة.
مرة أخرى، يبدو الأمر بديهياً، لكن من الطبيعي أن يختلف الناس وبالتالي هناك من يخالف هذا الرأي ويرى ضرورة الترقية والتطوير دائماً، لماذا؟ لم أجد حتى الآن سبباً مقنعاً.
هل أنصح بشراء الكتاب؟ نعم إن كنت مديراً لشركة، أو مسؤول قسم تقنية المعلومات لمؤسسة أو كنت مهتماً بالتقنيات بشكل عام.
الأربعاء، 14 يوليو 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
7 تعليقات:
كما سبق وقلت انت في مقالتك السابقة من لا تعجبك مقالاته لا تتابعه احسن
ولكن مقالاتك تعجبني حتى هذه النقطة بالذات وهي :
لما رفضك الدائم للتقنية الفاحشة .
وانت تستعمل التقنية لايصال رسالتك . لا تعتبره سؤال شخصي بقدر ما هو سؤال عن مدون.
فعلا اوافق كلام الاخ توفيق
انت عدو لدود لكل شيء و بالاخص التقنية و ها انت موجود في عالم التقنية ليلا نهارا تكاد لا تخرج من غرفتك بسببه
@most.toufik: التقنية هي أداة، إن لم تحقق لك ما تريد فلا تشتريها، ما أنا ضده هو الاستهلاك غير الواعي الذي يحول كوكبنا لمكب نفايات، تأثير هذا الاستهلاك كبير على صحتنا وبيئتنا، لست ضد شراء الأفضل بل ضد شراء ما لا يحتاجه المرء، ما تقدمه شركات التقنية ليس بالضرورة في صالحنا دائماً، فهي في النهاية شركات تبحث عن مصالحها ومصلحتها أن يبقى المستهلك مستهلكاً ولا يتوقف عن الشراء.
عجيب، أنا بحسب أحد التعليقات عدو لدود لكل شيء وبالأخ التقنية، وأنا بالتالي أناقض نفسي لأنني أستخدم التقنية كل يوم
@most.toufik: التعليق الثاني هو ما أعنيه وليس تعليقك الأول.
أعتقد أنه ما يميز ذا الكتاب من خلال ما قراته في كلامك انه يضع التقنية في مكانها الطبيعي ...كوسيلة ضمن عدة وسائل وبالتالي يصبح الإستخدام الفعال هو العامل الحاسم في تحديد موقع الوسيلة من إستراتيجيات أي شركة أو مؤسسة .....
أشكرك على الإفادة
شكرا أخى الكريم على المواضيع المميزة
فعلا موضوع مميزة وبالفعل التقنية لها العامل الاكبر فى نجاح أى عمل سواء على الانترنت أم غيرة ..
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.