الثلاثاء، 27 أبريل 2010

اليأس كفر

إن كنت أحد هؤلاء المتفائلين دوماً فيمكنك تجاوز هذا الموضوع لأنه ليس موجهاً لك بل موجه لمن يأس أو بدأ في السير على طريق اليأس.

عزيزي المكتئب اليآس، قبل أن تقرأ موضوعي أرجو أن تشاهد هذا المقطع:



أنا أستحي من نفسي عندما أتذكر أن هذا الرجل بلا أطراف وهو في رأيي أكثر نجاحاً مني لأنه ينشر رسالة حول العالم ويريد أن يزرع الأمل في قلوب الناس وقد نجح في ذلك ووصل صوته للعالم، الله أعطاني الصحة والعافية وجسماً سليماً بلا عيوب وعائلة كريمة ومع ذلك أنا أشعر بأنني لم أحقق 1% مما يمكنني فعله، لكسلي وضعف همتي.

أتظن أنك تعاني من مشكلة؟ أتظن أن الأبواب أغلقت في وجهك ولم يعد هناك أمل؟ لا يحق لك أن تشعر باليأس! اليأس رفاهية لا نملك ثمنها في الوطن العربي، إن لم تبذل كل طاقتك وتحاول لا يحق لك أن تيأس، حتى لو حاولت ولم تنجح لا تيأس، أنت حاولت وهذا لدي هو نجاح بحد ذاته، هناك آلاف الناس الذين لم يفكروا حتى بالمحاولة.

النجاح أمر نسبي، عندما تقرأ قصص النجاح فلا تظن أن أحداً يطالبك بأن تكون بيل غيتس العرب، قصص النجاح لا تروى لأن الرواة يريدون من الناس أن يصبحوا نسخاً من الناجحين في قصصهم بل لكي تتعلم من القصص شيئاً واحداً فقط: لا تيأس، حاول مرة أخرى.

في بلادنا العربية الأوضاع صعبة وتتفاوت من بلد لآخر، يمكننا أن نلقي اللوم من اليوم وحتى يوم الآخرة على الحكومات لكن هذا لن يحل المشكلة ثم لنكن صرحاء، نحن الشعوب لدينا من المشاكل ما يكفي ونحن سبب في كثير من مصائبنا، لذلك دع الحكومة جانباً، على الأقل حتى آخر هذا الموضوع ولنركز أكثر عليك أنت.

إن كنت تعاني من مشكلة - وأنت في الغالب تعاني من مشاكل - فعليك أن تنظر أولاً في مرآة لأن ما ستراه هناك هو أول مشكلة: أنت! خذ على سبيل المثال مشكلة صغيرة لدي، مستوى صحتي لا يسرني فأنا سمين وازداد وزني في الأسابيع الماضية وزارتني عدة أمراض في الأسابيع الماضية ومؤخراً أصبت بتسمم من طعام لم يعد في منزلنا، يمكنني أن ألقي اللوم على البيئة المحيطة بي وصدقوني هناك 100 سبب في هذه البيئة تجعلني لا أهتم بصحتي، مع ذلك ... مع ذلك ... أنا الوحيد المتهم وأنا الوحيد المسؤول عن صحتي وأنا الوحيد الذي يمكنني تصحيح هذا الوضع، علي ألا أنتظر من الآخرين أن يهتموا بصحتي أكثر مني.

كذلك أنت، عليك ألا تنتظر الآخرين أن يهتموا بك أكثر من نفسك، إن كانت لديك مشكلة فعليك أن تواجهها أو تتهرب منها لكن لا تلقي باللوم على البيئة، أنت الملام وأنت تتحمل مسؤولية نفسك.

ربما فرضت عليك العائلة تخصصاً لا يعجبك أو عملاً لا تريده، لديك خيارات هنا ولا تظن أنك مجبر على شيء، واجه الأسرة الكريمة وأخبرهم أنك لن تكون سعيداً بما اختاروه لك، إن لم تكن لديك الشجاعة الآن لفعل ذلك ستضيع سنوات من عمرك، لدي إيمان أن الأسرة لها الحق في التدخل في كثير من شؤون الفرد لكنها لا تملك الحق في تقرير أمور مثل العمل والزواج والدراسة، لأن هذه أشياء شخصية إن لم يرغب فيه المرء فإجباره لن يعود بفائدة عليه أو على العائلة.

لعلي أبسط الأمر أكثر من اللازم هنا، لأنني أعلم أن البعض لن يستطيعوا مواجهة الأب أو الأم، هؤلاء ربما بحاجة لمساعدة من الآخرين فليبحثوا عن مساعدة، ليتدخل شخص من العائلة أو صديق للعائلة.

ربما مع كل هذا لن يحدث شيء، ربما المرء مجبر لظروف مختلفة على عمل لا يحبه فماذا يفعل؟ لنعد لقصص الناجحين، كثير منهم بدأوا في مجالات لا يحبونها لكي يجمعوا شيئاً من المال أو يكتسبوا خبرة، ثم لا شيء يبقى على حال ما إلى الأبد، الأمور تتغير من وقت لآخر وهذا لوحده يجب أن يكون داعياً للتفاؤل.

ثم هناك موضوع الخطوة الواحدة كل يوم، يمكنك أن تبدأ صباحك بالنكد والتعاسة والهم ويمكنك أن تسأل نفسك: ما الذي يمكنني فعله اليوم لتحسين حياتي؟

النجاح ليس نتيجة بل طريق عليك أن تسلكه وعادة يومية يجب أن تعتاد عليها، كما تتناول الطعام كل يوم عليك أن تتنفس النجاح كل يوم، أو بالأحرى عليك أن تتنفس الأمل كل يوم، على المستوى الشخصي يمكنك فعل الكثير في ما يتعلق بتعليمك وصحتك وعلاقاتك، على مستوى الناس يمكنك أن تؤثر بكلامك سواء باللقاءات الشخصية أو المحاضرات أو المقالات، على مستوى المجتمع يمكنك أن تؤثر من خلال العمل الدائم على توصيل أفكارك للآخرين، ففكرة اليوم تزرعها قد تحصد ثمرها اليوم أو يحصد الناس ثمرها بعد أن ترحل أنت عن الحياة، لم تشاهد الثمرة لكن لك أجرها إن كانت نيتك نقية صحيحة ... نعود للنية، صلي على رسول الله ... عليه الصلاة والسلام ... ألم يقل إنما الأعمال بالنيات، كل شيء يبدأ من القلب، من هذه النقطة ترسم الطريق فإن كنت تريد الخير ستسير على طريقه وإن كنت تريد اليأس ستسير على طريقه وقلبك هو الحكم.

نقطة أخيرة، إن قررت بعد كل هذا أن تكون يائساً وترى أن التفاؤل حماقة وغباء فلا بأس، من حقك أن تقول أن المتفائلين مغفلين أغبياء يضحكون على أنفسهم وعلى الناس يخدعون أنفسهم والناس فاشلين ... إلخ، من حقك أن تؤمن بكل هذا وأكثر، لكنني أدعوك إلى أن تترك المتفائلين في حالهم، فمن لا يعمل عليه أن يصمت ويترك من يعمل لينجز العمل، سيكون من طيب أخلاقك أن تترك يأسك لنفسك لأن اليأس مرض معدي وأنا لا أريد أن أصاب به.

13 تعليقات:

developar يقول...

كلام يسوي ذهب, شحن همتي عالياً, بعد أن كان مستواها منخفض اليوم.

شكراً لك

complex يقول...

لافض فوك اخي الكريم ..

غير معرف يقول...

قرأت مقالك وأنا بأمس الحاجة لدفعة أمل.
كلماتك رائعة.. يعجبني اسلوب المحاججة العقلية بدل من الإستعراض اللغوي فقط.
شكرا.

غير معرف يقول...

موفق جدًا
أحدهم بالجوار وعلي تركه يقرأ هذا المقال الآن،،

فؤاد يقول...

بارك الله فيك أخي عبد الله
لكم نحتاج إلى مثلك

لحظات السحر يقول...

طالما أن لنا رب كريم فبإذن الله لن نيأس .
جزيت خيرا

غير معرف يقول...

لهذه التدوينة جلالة و عظمة ! كم هي تنير البصائر المحبطة !
ألف شكر أستاذ عبد الله .. ألهمتني أشياء جميلة و شحذت همتي .

محمد باجبير يقول...

جزاك الله خيرا
نحتاج الى الهمة و العزيمة للوصول الى النجاح

ŃỄήẴ يقول...

رائع جدًا أيننا من همة هذا الذي بنصف جسد

سبحان الله ولله في خلقه شؤون

شكرًا لك

جميلة يقول...

بارك الله فيك
وشكراً على كلماتك الجميل والتي زادتني عزيمة وإصرار

غير معرف يقول...

قرأت تدوينتك وانا بحالة نفسية مزرية
المرض بلغ مني مبلغه ولم أترك بابا دون ان أطرقه
حالتي الصحية تحول دون عيشي بطريقة طبيعية
ورغم أني في حالة يأس عظيمة أحاول أن لا أنسى طرق باب الله
أتمنى ان يتحلى الجميع بالتفاؤل لكن ماذا عن الذي لا يستطيع ذلك..هل اليأس كفر ربما..
الله يوفقك بس الحياة لا تشبه كتب قصص نجاح ولن تتغير بقراءة احدها
أحبك في الله اخ عبدالله واحب ما تكتبه

MohmdFthy يقول...

شكرا اخ عبد الله على المقال والفيديو الرائعين
الاخ غير معروف 3
أتمنى لك السلامة والعافية
دمتم جميعا بحفظ الله ورعايته

شبايك يقول...

لا فض فوك يا عبد الله، مقالة عظيمة الشأن كريمة الهدف بعيدة التأثير، نحتاجها كلنا من حين لآخر...