مشاركة من الأخت مرفأ الأمل
أستيقظ صباحاً وقد أعلنت الصلح مع ذاتي التي أثقلتها بالتأنيب والمحاسبة الليلة الماضية ، وأقرر أن أمنحها فجرا جديدا وأملا كبيرا أستعين بالله وبجمال الصباح ، فأفتح باب منزلي أستنشق هواء الصباح وأملأ رئتي بالهواء النقي وأتجه لسيارتي التي تقف هنا في منطقة (بين الجسرين ) خارج جزيرة أبوظبي نسكنها لأننا نبتعد عن الزحام بين البنايات المكتظة داخل المدينة ، وها أنا أكتب قائمة بالأعمال التي سأحاول إنجازها بعد نهاية عملي (المرور – الوكالة – موعد الطبيب- المحكمة – البلدية – قائمة مشتريات للمنزل...!) هذا إن وجدت متسعا من الوقت أو المكان.
تتحرك سيارتي في رحلتها الصباحية اليومية ،ولا زالت في محيط الشوارع الداخلية للمنطقة ولكن السيارات تمر مسرعة متجاهلة الدوارات أو المطبات ، الكل يستبق الفرصة للمرور، وسيارتي تبدو حائرة أمام هذا الهجوم الصباحي ! وبعد المكابدة أصل للشارع الرئيسي ، وإطلالتي هذه المرة تبدو أشد صعوبة فمجرد أن تتهيأ سيارتي لتكون ضمن ركاب السير تتلقاها خطفات سريعة من شاحنة متشنجة أو سيارة متسلطة ، أحاول التماسك واستقبال الأمر برحابة صدر ، فأسير في شارع الخليج العربي ، من المفروض أنه شارع سريع ، لكنه كما لاح لي نهر من السيارات المكتظة ، وكأني حين أناظرها من بعيد أرى فيضا من السيارات الملونة والمنوعة في الشكل والحجم ، كنت دائما أشعر أن السيارات كالأشخاص ، فالسيارة بحركتها تعكس نفسية صاحبها ،ويتبادر لنفسي سؤال ترى من يركب السيارات؟ أطفال ، كبارالسن ، مرضى ، معلمون ، طلاب ، عمال وكلهم بشر! فأين الرفق بهم ؟ أحاول أن أسير بسرعة متوافقة مع السيارات ، ولكن التفاوت فيها أتعبني ، أقرر الاستقرار في الوسط ، فمسار اليمين محتل من قبل الشاحنات التي تُسلم القيادة لشاحنة متهورة تسير بكل ما أوتيت من قوة غير آبهة بأي كائن أمامها أو سيارة أو حتى بناء تندفع بقوة وكأنها تخترق الصخر ، فتتبعها الشاحنات كسلسلة لا تنتهي ، وأما مسار اليسار فمخصص للسيارات الطائرة عفوا أقصد المسرعة التي تظل مسرعة بغض النظر عما أمامها ، فهي لا تنظر للسيارات ، وعلى السيارات أن تتكيف مع وجودها ، وإن عاندت سيارة ما فإنها تنال التهديد الضوئي من بعيد ، فمصابيح السيارة تعمل صباحا كعلامة على غضب السيارة لأن الطريق لا يُفسح لها ، وعلى السيارة المهددة أن تتصرف بأي طريقة حتى لو كان تحركها في تلك اللحظة مستحيلا ولو اضطرت لاستخدام مسار الطوارئ ..
ألتقط أنفاسي بصعوبة ، وأفتح المذياع علي بذلك أحافظ على شيء من طاقتي ..أتابع القيادة ، وأتابع السيطرة على أعصابي ، ولكن التاكسي الذي أمامي يبعث في نفسي التوتر حقا ، فحركته غير منتظمة في كل اتجاه ، لا أتوقع الجهة القادمة التي يقصدها ، وكأنه ذبابة مترنحة ! تذكرت أحدهم حين قال لي يوما : هذا سيدي التاكسي!أنا أحترمه دائما وأبتعد عنه ما استطعت ، لأني إن لم أفعل لقيت جزائي ، فالتاكسي سيارة فوق القانون ، هكذا هي لها عالمها الخاص ، وهذا ينطبق على كل سيارات الأجرة ..
لا أدري في أي اتجاه أوزع نظراتي ، وددت لو كان لي عدد أكبر من المرايا ، أو أن سيارتي تتحسس طريقها لوحدها ،أو أن لها أرجلا طويلة تتخطى بها الصفوف، و أعود للقيادة ، ولكن سيارة تفاجئني بحركة سريعة تكاد معها أن تكسر مرآة سيارتي الجانبية ، إنها السيارة الدودة فحركتها لا تتبع مسارا معينا ، فها هي تقتنص كل فراغ لتعبر فيه دون اكتراث بالبقية ، وإن فكرت في مواجهتها ، ربما فتح صاحبها النافذة وأسمعني من حلو الكلام فصلا ! قائلا : هذا ليس شارع والدك! فأكظم ما بنفسي وأفتش عن شيء يسمى الذوق أو اللباقة لأستعين به على أمري ..
أرمق السيارات المقاتلة في صراعها للوصول ، فأراها جميعا تبطؤ السرعة فجأة ، إنه الرادار ، ما يعني هذا وقوفا فجائيا للجميع ، وبعد إلقاء التحية على الرادار ، تعاود السيارات قيادتها المجنونة من جديد ..
انتهى الشارع الطويل بعد أن أنهى حماسة نفسي ، وبقي أمامي عالم من الدوارات والإشارات الضوئية ، علي اختراقها لأصل إلى عملي في كورنيش أبوظبي ، إنها النقطة الأبعد ، والأصعب ، أشعر كأنني مشيت دهرا ، الإشارة الضوئية تسمح لي بالمرور بعد الوقوف الخامس ،والمسافة الآمنة بين السيارات حلم صعب المنال ، ومع كل انطلاقة إشارة ضوئية لا بد لي أن أرى حادثا عن يمين وعن يسار ، فيزداد الوضع سوءا ، وتزداد النفس غيضا .
وينهك سيارتي كذلك أعمال الطرق التي تتوزع في كل مكان ، فهذا شارع مغلق ، وتحويلات فجائية تخنق سيري، وتخنق أملي بالوصول في الوقت المحدد ، أصوات السيارات تتعالى احتجاجا على إفساحي الطريق للسيارات التي أمامي ، فأمني نفسي بالصبر ، وأعد نفسي بإطلالة سريعة على البحر ، وحينما أصل للكورنيش أجد أن يد الأعمال امتدت إليه كذلك ، فالبحر مغلق للصيانة ،لا أذكر أني رأيت بحر أبوظبي فالعمل فيه منذ سنوات ، أشعر بخيبة أمل كنت أتمنى حقا أن أطلق عيني في رحابة بحر ، ولكن كل البحار التي تطل عليها جزيرتنا مغلقة للصيانة ! في كل جهة تجد عائقا كبيرا ، ولولا عملي لما دخلت إلى قلب المدينة ، سيارتي تعبت من رحلتها ، نعم وصلت إلى عملي ، ولكن فرصة الحصول على موقف لسيارتي المنهكة يبدو معدوما ، ضيق الأماكن والطريق عكس على نفسي بؤسا صباحيا ، فكيف سأبدأ يومي ، وكيف سأحافظ على نشاطي ، والسؤال المهم كيف سأعود إلى البيت مبتسما ؟
الأمر يتنامى يوما بعد يوم والزحام يشتد والصبر ينفد ، حان الوقت لأشتري طائرة!
أستيقظ صباحاً وقد أعلنت الصلح مع ذاتي التي أثقلتها بالتأنيب والمحاسبة الليلة الماضية ، وأقرر أن أمنحها فجرا جديدا وأملا كبيرا أستعين بالله وبجمال الصباح ، فأفتح باب منزلي أستنشق هواء الصباح وأملأ رئتي بالهواء النقي وأتجه لسيارتي التي تقف هنا في منطقة (بين الجسرين ) خارج جزيرة أبوظبي نسكنها لأننا نبتعد عن الزحام بين البنايات المكتظة داخل المدينة ، وها أنا أكتب قائمة بالأعمال التي سأحاول إنجازها بعد نهاية عملي (المرور – الوكالة – موعد الطبيب- المحكمة – البلدية – قائمة مشتريات للمنزل...!) هذا إن وجدت متسعا من الوقت أو المكان.
تتحرك سيارتي في رحلتها الصباحية اليومية ،ولا زالت في محيط الشوارع الداخلية للمنطقة ولكن السيارات تمر مسرعة متجاهلة الدوارات أو المطبات ، الكل يستبق الفرصة للمرور، وسيارتي تبدو حائرة أمام هذا الهجوم الصباحي ! وبعد المكابدة أصل للشارع الرئيسي ، وإطلالتي هذه المرة تبدو أشد صعوبة فمجرد أن تتهيأ سيارتي لتكون ضمن ركاب السير تتلقاها خطفات سريعة من شاحنة متشنجة أو سيارة متسلطة ، أحاول التماسك واستقبال الأمر برحابة صدر ، فأسير في شارع الخليج العربي ، من المفروض أنه شارع سريع ، لكنه كما لاح لي نهر من السيارات المكتظة ، وكأني حين أناظرها من بعيد أرى فيضا من السيارات الملونة والمنوعة في الشكل والحجم ، كنت دائما أشعر أن السيارات كالأشخاص ، فالسيارة بحركتها تعكس نفسية صاحبها ،ويتبادر لنفسي سؤال ترى من يركب السيارات؟ أطفال ، كبارالسن ، مرضى ، معلمون ، طلاب ، عمال وكلهم بشر! فأين الرفق بهم ؟ أحاول أن أسير بسرعة متوافقة مع السيارات ، ولكن التفاوت فيها أتعبني ، أقرر الاستقرار في الوسط ، فمسار اليمين محتل من قبل الشاحنات التي تُسلم القيادة لشاحنة متهورة تسير بكل ما أوتيت من قوة غير آبهة بأي كائن أمامها أو سيارة أو حتى بناء تندفع بقوة وكأنها تخترق الصخر ، فتتبعها الشاحنات كسلسلة لا تنتهي ، وأما مسار اليسار فمخصص للسيارات الطائرة عفوا أقصد المسرعة التي تظل مسرعة بغض النظر عما أمامها ، فهي لا تنظر للسيارات ، وعلى السيارات أن تتكيف مع وجودها ، وإن عاندت سيارة ما فإنها تنال التهديد الضوئي من بعيد ، فمصابيح السيارة تعمل صباحا كعلامة على غضب السيارة لأن الطريق لا يُفسح لها ، وعلى السيارة المهددة أن تتصرف بأي طريقة حتى لو كان تحركها في تلك اللحظة مستحيلا ولو اضطرت لاستخدام مسار الطوارئ ..
ألتقط أنفاسي بصعوبة ، وأفتح المذياع علي بذلك أحافظ على شيء من طاقتي ..أتابع القيادة ، وأتابع السيطرة على أعصابي ، ولكن التاكسي الذي أمامي يبعث في نفسي التوتر حقا ، فحركته غير منتظمة في كل اتجاه ، لا أتوقع الجهة القادمة التي يقصدها ، وكأنه ذبابة مترنحة ! تذكرت أحدهم حين قال لي يوما : هذا سيدي التاكسي!أنا أحترمه دائما وأبتعد عنه ما استطعت ، لأني إن لم أفعل لقيت جزائي ، فالتاكسي سيارة فوق القانون ، هكذا هي لها عالمها الخاص ، وهذا ينطبق على كل سيارات الأجرة ..
لا أدري في أي اتجاه أوزع نظراتي ، وددت لو كان لي عدد أكبر من المرايا ، أو أن سيارتي تتحسس طريقها لوحدها ،أو أن لها أرجلا طويلة تتخطى بها الصفوف، و أعود للقيادة ، ولكن سيارة تفاجئني بحركة سريعة تكاد معها أن تكسر مرآة سيارتي الجانبية ، إنها السيارة الدودة فحركتها لا تتبع مسارا معينا ، فها هي تقتنص كل فراغ لتعبر فيه دون اكتراث بالبقية ، وإن فكرت في مواجهتها ، ربما فتح صاحبها النافذة وأسمعني من حلو الكلام فصلا ! قائلا : هذا ليس شارع والدك! فأكظم ما بنفسي وأفتش عن شيء يسمى الذوق أو اللباقة لأستعين به على أمري ..
أرمق السيارات المقاتلة في صراعها للوصول ، فأراها جميعا تبطؤ السرعة فجأة ، إنه الرادار ، ما يعني هذا وقوفا فجائيا للجميع ، وبعد إلقاء التحية على الرادار ، تعاود السيارات قيادتها المجنونة من جديد ..
انتهى الشارع الطويل بعد أن أنهى حماسة نفسي ، وبقي أمامي عالم من الدوارات والإشارات الضوئية ، علي اختراقها لأصل إلى عملي في كورنيش أبوظبي ، إنها النقطة الأبعد ، والأصعب ، أشعر كأنني مشيت دهرا ، الإشارة الضوئية تسمح لي بالمرور بعد الوقوف الخامس ،والمسافة الآمنة بين السيارات حلم صعب المنال ، ومع كل انطلاقة إشارة ضوئية لا بد لي أن أرى حادثا عن يمين وعن يسار ، فيزداد الوضع سوءا ، وتزداد النفس غيضا .
وينهك سيارتي كذلك أعمال الطرق التي تتوزع في كل مكان ، فهذا شارع مغلق ، وتحويلات فجائية تخنق سيري، وتخنق أملي بالوصول في الوقت المحدد ، أصوات السيارات تتعالى احتجاجا على إفساحي الطريق للسيارات التي أمامي ، فأمني نفسي بالصبر ، وأعد نفسي بإطلالة سريعة على البحر ، وحينما أصل للكورنيش أجد أن يد الأعمال امتدت إليه كذلك ، فالبحر مغلق للصيانة ،لا أذكر أني رأيت بحر أبوظبي فالعمل فيه منذ سنوات ، أشعر بخيبة أمل كنت أتمنى حقا أن أطلق عيني في رحابة بحر ، ولكن كل البحار التي تطل عليها جزيرتنا مغلقة للصيانة ! في كل جهة تجد عائقا كبيرا ، ولولا عملي لما دخلت إلى قلب المدينة ، سيارتي تعبت من رحلتها ، نعم وصلت إلى عملي ، ولكن فرصة الحصول على موقف لسيارتي المنهكة يبدو معدوما ، ضيق الأماكن والطريق عكس على نفسي بؤسا صباحيا ، فكيف سأبدأ يومي ، وكيف سأحافظ على نشاطي ، والسؤال المهم كيف سأعود إلى البيت مبتسما ؟
الأمر يتنامى يوما بعد يوم والزحام يشتد والصبر ينفد ، حان الوقت لأشتري طائرة!
8 تعليقات:
صراحة يوم من بدايتة شاق ...
اعانك الله اخ عبد الله
لكن اعجبتني كلمة البحر معلق للصيانة ههههههه
هل البحر يغلق ؟
اختي مرفأ الأمل ..
نعم نعم .. هذه معاناة كل يوم ..
الأمر تحسن قليلاً في دبي ..حيث كثرة الطرق البديلة بين الشارقة ودبي ..
ولكنه يعود إلى عادته القديمة بين الحين والآخر على حسب الحوادث المرورية وما أكثرها :)
يبدوا أن شراء الطائرة لن يفيد لأنه وتماشياً مع الموضة والظروف ستكون الطائرة في متناول الجميع ..!!
أن تكون سعيدا أو حزينا .. هو خيارك أنت ،،
النظر للموضوع من جانب آخر وحديث النفس الإيجابي
كفيل بإذن الله أن تعود إلى البيت مبتسما ..
شكرا لكما
يالها من رحلة مرعبة! لذلك أرفض أن أكون في موقع قيادة السيارة، أمتعني الوصف كثيرً رغم المعاناة أختي مرفأ ..! اكفلي القيادة إلى سائق ربما كان الوضع أخف وطأة على نفسيتك حتى تصلي إلى مبتغاكِ، أو اصبري حتى تحصلي على رخصة قيادة طيــارة :)
قلمكـ جميل جداً أختي مرفأ أمل ، بدأت أكره الزحمة في أبوظبي ، بدأت أكره التصليحات الممتدة من أول أبوظبي إلى آخره .. حتى أنا عملي يطل على كورنيش أبوظبي قد آخذكـ يوماً لنتمشى في الكورنيش للتخفيف من ضغط العمل : )
السلام عليكم
أولا أحب أن أشكر الأستاذ عبدالله المهيري على استضافته لموضوعي ، وأستميحه العذر في الرد على الأخوة الكرام
الأخ فضل ..نعم للأسف يغلق البحر بألواح البناء فلا نرى منه شيء بحجة تعبيد الطرق وتغيير الإضاءات و....أمور أخرى
الأخ فيصل الحمادي
الزحام ينغض صفاءنا اليومي ، وبشأن الطائرة مشكلة لو أصبحت السماء مكتظة كذلك ..أعاننا الله
الأخت المعاني حروف
أتفق معك ، ولا يثنيا الزحام عن الابتسام أبدا ، ولكن قدرة التحمل تختلف من شخص لآخر ...وإنما المقال ضوء على الحقيقة فقط ، شكرا لك
الأخت مزاجيات
إن كان لديك من يقود عنك ، فلا أنصحك بالقيادة أبدا ، إلا للنزهة
الأخت أفلاطونية
شكرا عزيزتي على الدعوة ، ولكن بعد انتهاء أعمال صيانة الكورينش!
مدونتك جميلةورائعة ^_^...
الله يعينك على مشوارك اليومي أخي عبدالله ...
تحياتي
هذا ونتي بين الجسرين ههههههه يعني 8 كلم من المدينة عيل شو تقولين الي بالرحبة (55 كلم )والسمحه(60 الى 70 كلم )) والباهية والشهامة (45 كلم )) وبني ياس (35 كلم )) تخيلي يوميا شرات معاناتج بس ضيفي عليها الخط السريع براداراته وزحمته واختناقه ساير 50 كلم وارجع 50 كلم يعني اذا ما ضرب الموتر 150 كلم يوميا بتزعل الحكومة لانها بتخسر بترول ورادارات الخ
خليها عالله وقولي الحمد لله ان الوضع عندج احسن بوايد من الي بعيد عن مركز المدينة بمسافة كبيرة
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.