كلما مررت برف المجلات في الجمعية أو في مكتبة جرير أو في أي مكان آخر أشعر بالذنب والإحراج، ماذا سيظن فلان إن شاهدني وأنا أقف أمام أغلفة قلة الحياء؟ غالباً لا أهتم بما سيقوله الناس لكن في هذا الموقف أحاول أن أشتري ما أريد بأسرع وقت قبل أن يراني أي شخص وأنا أقف أمام هذا الرف.
أبحث عن مجلات الحاسوب والسيارات وأقرأ العناوين لعل هناك شيء ما يدفعني لشراءها، أبحث عن مجلة البيان والأسرة ومجلات أخرى عربية وإنجليزية، ومقابل كل مجلة أبحث عنها هناك عشر أو عشرين مجلة تحوي ما ما لا يعجبني ولا يتوافق مع ديننا، صور مثيرة على كامل الغلاف وعناوين حول الأناقة، الصحة، الجمال، الرشاقة، المطبخ وأخبار أهل الفن.
بمعنى آخر كل ما له علاقة بالجسد والملذات الحسية ستجده في هذه المجلات، أما العقل والروح فليس لهما مكان في صفحات هذه المجلات وإن كانت هناك صفحة "دينية" أو مقالات تستحق القراءة فهي جواهر في القذارة، ستتسخ كثيراً لكي تصل إليها.
وبسبب ترتيب المجلات على الرفوف أصبحت المجلات القيمة المفيدة جواهر في كم من القذارة يثير الاشمئزاز، أكثر من مرة تراجعت عن شراء أي شيء بسبب هذه الأغلفة، ولأن المجلات تتنافس في ما بينها ستجد أن الفوضى والتشويش ومحاولة جذب الانتباه جعلت مصممي الأغلفة يحاولون بشكل يائس أن يضعوا عناوين مثيرة وصوراً أكثر إثارة والنتيجة مجلات لا تختلف عن بعضها البعض.
هناك مجلات يمكنك تمييزها من غلافها، مجلة تراث مثلاً التي كانت تصدر من نادي تراث الإمارات كانت مميزة، غلاف أنيق ومحتويات مفيدة، الغلاف يأتي بلون واحد وهناك صورة كبيرة للموضوع الرئيسي وعناوين جانبية صغيرة لمواضيع أخرى، لا شيء أكثر من ذلك، مجلة ناشونال جيوغرافي تأتي بغلاف أصفر وصورة للأرض أو الفضاء، مجلة الإيكونوميست تتميز بأغلفة أنيقة خالية من التشويش، صورة كبيرة للموضوع الرئيسي وعناوين صغيرة لمواضيع أخرى.
التميز لا يكون أبداً بمحاولة تقليد الآخرين ومنافستهم في سباق هدفه الوحيد هو أن تكون مثلهم، التميز هو أن تكون مختلفاً قلباً وقالباً، أن تجمع خيوط الضوء المتناثرة باستخدام عدسة مكبرة وتركز الضوء الصغير على منطقة واحدة لتحترق، الضوء المتناثر قد يجعلنا نرى الأشياء لكنه لن يعالج مشكلة.
إدارات المجلات المتشابهة لا تفهم ذلك أو لا تريد المخاطرة بفهم ذلك، تريد أن تبقى في مساحة الأمان التي ستتناقص مع الأيام لأن الإنترنت لا تعرف "يا امه ارحميني" وقد بدأت التأثير على الصحف الأمريكية العريقة وبعض الصحف والمجلات توقفت أو أصبحت رقمية فقط وهي مسئلة وقت فقط قبل أن تصل الموجة لنا، على الأقل سنتخلص من بعض مجلات قلة الحياء.
في مقابل إغلاق الصحف الكبيرة في أمريكا ظهرت صحف صغيرة متخصصة يعمل على إنتاجها ونشرها فريق صغير وبالتالي لا تحتاج لمبيعات كبيرة فهي تركز على جمهور محدد وليس كل الناس، هل سيحدث هذا لدينا أيضاً؟ أتمنى ذلك، في الحقيقة من المفترض أن يحدث هذا الآن، من المفترض أن تظهر مزيد من وسائل الإعلام المتخصصة التي تبتعد عن كل ما يخاطب بطن الإنسان وما دونه لتخاطب روح الإنسان وعقله.
أعود للجواهر، إلى أي مدى يقبل أي شخص منا أن يتسخ لكي يحصل على الجواهر؟ في وسائل إعلامنا وفي كل شيء تقريباً هناك كم من القذارة يجب أن تخوض فيها قبل أن تصل إلى المفيد، أسأل مرة أخرى: إلى أي مدى؟ قد تظن أنك قادر على مقاومة القذارة ولعلك تظن أن الشخص الواثق من نفسه لا يخشى الخوض في هذه الأشياء لأنه لن يتأثر، كلام كنت أؤمن به عندما كنت مراهقاً متحمساً لكنني أرى بين حين وآخر ما يجعلني متأكداً أنني كنت مخطئاً، الناس يتأثرون حتى بالنظرة العابرة فكيف بما نراه في وسائل الإعلام وفي شوارعنا؟
أبحث عن مجلات الحاسوب والسيارات وأقرأ العناوين لعل هناك شيء ما يدفعني لشراءها، أبحث عن مجلة البيان والأسرة ومجلات أخرى عربية وإنجليزية، ومقابل كل مجلة أبحث عنها هناك عشر أو عشرين مجلة تحوي ما ما لا يعجبني ولا يتوافق مع ديننا، صور مثيرة على كامل الغلاف وعناوين حول الأناقة، الصحة، الجمال، الرشاقة، المطبخ وأخبار أهل الفن.
بمعنى آخر كل ما له علاقة بالجسد والملذات الحسية ستجده في هذه المجلات، أما العقل والروح فليس لهما مكان في صفحات هذه المجلات وإن كانت هناك صفحة "دينية" أو مقالات تستحق القراءة فهي جواهر في القذارة، ستتسخ كثيراً لكي تصل إليها.
وبسبب ترتيب المجلات على الرفوف أصبحت المجلات القيمة المفيدة جواهر في كم من القذارة يثير الاشمئزاز، أكثر من مرة تراجعت عن شراء أي شيء بسبب هذه الأغلفة، ولأن المجلات تتنافس في ما بينها ستجد أن الفوضى والتشويش ومحاولة جذب الانتباه جعلت مصممي الأغلفة يحاولون بشكل يائس أن يضعوا عناوين مثيرة وصوراً أكثر إثارة والنتيجة مجلات لا تختلف عن بعضها البعض.
هناك مجلات يمكنك تمييزها من غلافها، مجلة تراث مثلاً التي كانت تصدر من نادي تراث الإمارات كانت مميزة، غلاف أنيق ومحتويات مفيدة، الغلاف يأتي بلون واحد وهناك صورة كبيرة للموضوع الرئيسي وعناوين جانبية صغيرة لمواضيع أخرى، لا شيء أكثر من ذلك، مجلة ناشونال جيوغرافي تأتي بغلاف أصفر وصورة للأرض أو الفضاء، مجلة الإيكونوميست تتميز بأغلفة أنيقة خالية من التشويش، صورة كبيرة للموضوع الرئيسي وعناوين صغيرة لمواضيع أخرى.
التميز لا يكون أبداً بمحاولة تقليد الآخرين ومنافستهم في سباق هدفه الوحيد هو أن تكون مثلهم، التميز هو أن تكون مختلفاً قلباً وقالباً، أن تجمع خيوط الضوء المتناثرة باستخدام عدسة مكبرة وتركز الضوء الصغير على منطقة واحدة لتحترق، الضوء المتناثر قد يجعلنا نرى الأشياء لكنه لن يعالج مشكلة.
إدارات المجلات المتشابهة لا تفهم ذلك أو لا تريد المخاطرة بفهم ذلك، تريد أن تبقى في مساحة الأمان التي ستتناقص مع الأيام لأن الإنترنت لا تعرف "يا امه ارحميني" وقد بدأت التأثير على الصحف الأمريكية العريقة وبعض الصحف والمجلات توقفت أو أصبحت رقمية فقط وهي مسئلة وقت فقط قبل أن تصل الموجة لنا، على الأقل سنتخلص من بعض مجلات قلة الحياء.
في مقابل إغلاق الصحف الكبيرة في أمريكا ظهرت صحف صغيرة متخصصة يعمل على إنتاجها ونشرها فريق صغير وبالتالي لا تحتاج لمبيعات كبيرة فهي تركز على جمهور محدد وليس كل الناس، هل سيحدث هذا لدينا أيضاً؟ أتمنى ذلك، في الحقيقة من المفترض أن يحدث هذا الآن، من المفترض أن تظهر مزيد من وسائل الإعلام المتخصصة التي تبتعد عن كل ما يخاطب بطن الإنسان وما دونه لتخاطب روح الإنسان وعقله.
أعود للجواهر، إلى أي مدى يقبل أي شخص منا أن يتسخ لكي يحصل على الجواهر؟ في وسائل إعلامنا وفي كل شيء تقريباً هناك كم من القذارة يجب أن تخوض فيها قبل أن تصل إلى المفيد، أسأل مرة أخرى: إلى أي مدى؟ قد تظن أنك قادر على مقاومة القذارة ولعلك تظن أن الشخص الواثق من نفسه لا يخشى الخوض في هذه الأشياء لأنه لن يتأثر، كلام كنت أؤمن به عندما كنت مراهقاً متحمساً لكنني أرى بين حين وآخر ما يجعلني متأكداً أنني كنت مخطئاً، الناس يتأثرون حتى بالنظرة العابرة فكيف بما نراه في وسائل الإعلام وفي شوارعنا؟
7 تعليقات:
ذكرتني بكشك الجرائد القابع في شارع لحبيب بورقيبة بمدينة سوسة السياحية في تونس، الكثير من الجرائد والمجلات العالمية كانت معروضة ، لوموند الفرنسية،مجلة دير شبيغل و جريدة بيلد الألمانياتين، زهرة الخليج..الخ
دفعني الفضول للبحث بين العناوين لكن ما كنت أصادفه من صور على أغلفة المجلات أحرجني كثيرا مما دفعني للمغادرة مبكرا.
جزاك الله خيرآ ,
ووفقك الله لكل خير
http://www.al-ryan.com
للأسف أستاذي العزيز الموضوع ليس قاصراً على المجلات فقط ... فانظر الى تلك المناظر والقذارات التي يتحتم عليك مشاهدتها لكي تتمكن من تحميل ملف معين من موقع استضافة، بل تخطى الموضوع هذه الحدود الى شوارعنا ومدننا وما فيها ... الله يستر علينا ... بصراحة موضوعك متفرع لعدة فروع ربما لا نتجرأ على الخوض فيها لأسباب مختلفة وربما لن يستطيع أحد معالجتها.
لعل سكوتنا أخي الكريم له دور أيضاً فصاحب الرف مثلا في البقالة لم يفكر مرة بما نفكر به فلو قم بتنبيهه لعله يدرك أن وضعها أمام المارة والتركيز على صور النساء غير مستحب ، ولكنه على قناعة أنه مستحب لدى الكثير هذه الصور ، فلو كان غير مستحباً لوضح له الأمر واحد على الأقل ، وأنا متأكد أن الملتزمين (مع أني لا أحب هذه العبارة) يدخلون ويخرجون دون حرج
حيّاك الله يا عبدالله ..
في حالتي - للأسف - فأنا أضطر أحيانا للتواجد في كومة القذارة تلك ، ولكن لغرض مختلف هو اقتناء كتب الأدب الإنجليزي لغرض تطوير اللغة ، قد يضطرّ المرء لشراء كتب من لها تلك الأغلفة السيئة ثم يقوم بتغطيتها بطريقته ، لكن المشكلة - كما تفضلت - هي في أثناء التواجد أمام الرف الحاوي لتلك الكتب ، ونظرة الآخرين لمتصفحها.
قد يكون الشراء من الانترنت في هكذا حالات حلا جيدا لو سلمنا من تكاليف الشحن الباهضة أحيانا.
ما تحدثت عنه أخي عبد الله، هو فعلا الحقيقة الإنسانية التي يفرق بها الدهر بين الجادين الذين يتغلبون على الثقوب السوداء التي تحيط بهم فلا تبتلعهم، ونتكلم هنا عن الإنسان كإنسان فطري حتى بعيدا عن الإسلام، ففي الحروب العالمية كان الإغواء أحد وسائل إلهاء الجنود عن القتال، واليوم هذه المجلات الهابطة والمواقع الخليعة، والإعلانات التي تملأ كل الشوارع المؤدية إلى الجواهر كما وصفتها، قد تلفت في حين أو في آخر، تحدينا هو أن نصل إلى الجواهر ونحن
"أحياء"
ونسعى نحوى شوارع (في العالمين اللإفتراضي والواقعي) نظيفة من القذارة نبنيها نحن، وإلى ذلك الحين يمكن استخدام بعض الإحتياطات كمانع الإعلانات المنبثقة، أو إضافة Adblock في الشبكة على الأقل.
بالنسبة لي المشكلة هي سطحية تلك المجلات وليس "قذارتها"
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.