الأربعاء، 24 يونيو 2009

زحمة الشكاوي

بدأت أتبع سياسة بسيطة قبل نشر أي موضوع، أكتب ما أريد ثم لا أنشر حتى أعود للموضوع مرة أخرى في وقت لاحق وأسأل: هل هو إيجابي؟ هل يقدم شيئاً مفيداً؟ إن كانت الإجابة بنعم أنشره، الإجابة الثانية تؤدي لحذف الموضوع وقد حذفت عدداً لا بأس به من مواضيع الشكاوي والتعليقات على سلبيات أراها حولي.

الآن علي أن أعترف بأن هذا صعب جداً، أصعب مما تصورت، والسبب أن هناك ألف شيء يمكنني الحديث عنه لكنه لن يكون سوى تذمر وشكوى لا فائدة منها، فمثلاً أتذكر أنني كتبت موضوعاً في منتدى سوالف قبل ما يزيد عن سبع سنوات حول النساء والتسوق وبالتحديد حول وقاحة بعض النساء وكيف يزاحمن الرجال بلا أي خجل، بل أنني أنا الذي أخجل فأهرب لأفسح المجال لمرأة لم تجد حرجاً من أن تقترب لحد مد يدها أمامي لتأخذ شيئاً بعيداً عنها، كان بإمكانها أن تقول "لو سمحت" أو حتى تكون وقحة فتقول "أذلف شوي أبغي أتشرى على راحتي" لكن أن تقتحم المكان كأنها رامبو ثم تأخذ ما تريد بدون أي اعتبار للعمود الواقف هناك - أعني أنا - فهذه مشكلة.

هل هناك أي فائدة من الشكوى؟ اليوم مثلاً ذهبت لرف محدد لأرى إن كان ما أريد شراءه متوفر هناك، لكنه رف طويل، خلال 5 ثواني ذهبت لآخره وعدت لآخذ ما أريده لكن اقتحم المكان جندي كوماندوز - أي امرأة - ووقف هناك لربع ساعة استطعت فيها التجول لشراء كل شيء آخر أريده، عدت ولا زالت الآنسة كوماندوز تقارن بين شيئين، ذهبت لقسم الكتب ووقفت أتصفح الكتب لخمس دقائق تقريباً إلى أن ذهبت الآنسة ولم تشتري شيئاً من ذاك الرف!

قصة أخرى قبل أسبوعين، في فترة المساء - وهي أسوأ فترة للتسوق - كان المكان مزدحماً والناس يكاد يأكل بعضهم بعضاً، ذهبت لرف خالي لكي فقط أبعد نفسي عن الزحام وهناك جاءت امرأة تريد شراء شيء أقف أمامه، مرة أخرى تمنيت سماع "لو سمحت" لكنني لم أسمع ولم أكن منتبهاً إلا عندما رأيت ذراعاً ممتدة أمامي، أخذت عربة التسوق وهربت، أهلي ينتظرونني بجانب رف آخر، ذهبت لهم متسائلاً "شو سالفة الحريم اليوم؟!" فلم تجب لأنها تعرف ماذا أعني، ذهبنا لقسم آخر وهناك امرأتان تسدان الطريق والناس يريدون العبور فلا يستطيعون إلا بأخذ دورة كاملة حول مجموعة من الرفوف، أحد الرجال تضايق فتنحنح وكح لكن بلا فائدة قال باستحياء "لو سمحتوا" مشيراً بيده لرف قريب، لم يتحركن من مكانهن بل حتى لم يلتفتن للرجل ووقفن يتحدثن كأنهن في مقهى والدنيا حولهم تغلي.

لا فائدة من كل هذه الشكاوي، من الأفضل التسوق في وقت مبكر في منتصف الأسبوع بدلاً من نهايته، ومن الأفضل فعل ذلك بأسرع وقت قبل أن يبدأ الغزو المغولي.

أمر آخر أردت أن أشتكي منه وأنتقده لكن أسأل مرة أخرى: هل هناك فائدة؟ بمعنى آخر الشكوى والنقد لن تصل إلى الأشخاص المعنين بالأمر، ولو وصلت فهل ستؤثر؟

قبل قليل قرأت رسالة في بريدي تتحدث عن البيبسي - الذي لا أشربه - وكيف أنه يحوي مادة مستخرجة من أمعاء الخنزير، المقالة كتبت عام 2005م فماذا تفعل في بريدي بعد أربع سنوات؟ آلات النسخ هي الجواب، آلة نسخ ما رأت شيئاً لم تره من قبل فقررت نسخه للآخرين، آلة نسخ لم تفكر كثيراً كيف أن ما تفعله من نسخ هو مزعج، أعلم أن الناسخ يريد الخير لكنه أزعجني بشيء لا يهمني.

لو جمعت قائمة للممنوعات بحسب ما تحذر منه القوائم البريدية والرسائل الإلكترونية لوصلت إلى نتيجة تقول: أكتفي بشرب ماء نقي من نبع لم يره بشر وكل تمراً فقط وحتى التمر سيصيبك بالسكري!

منتج غذائي مصنوع في السعودية ومع ذلك هناك تحذير منه في بريد ما لأنه يحوي مواد سامة تؤثر على العقل وقد يحوي مادة أخذت من الخنزير، طعام آخر يزيد الوزن، نفس الطعام في رسالة أخرى تقول أنه يخفف الوزن، أمريكا ضحكت على 2 مليار مسلم وأطعمتهم الخنزير وهم لا يعلمون، مؤامرة تحيكها بلدان العالم كله والهدف هو قتل المسلمين والتخلص منهم من خلال كيت كات ومارس وجالكسي!

من أين أبدأ؟ بالنسبة لي أخبار البريد وشائعاته مشكوك فيها بنسبة 99.99% وبسبب هذا الرقم لدي قناعة أن هناك علاقة بين مصداقية هذه الأخبار ونزاهة الانتخابات العربية.

ثانياً ... لا داعي لثانياً أو ثالثاً، سئمت الحديث عن هذا الموضوع وتكراره مرة بعد مرة، كتب آخرون عن نفس الموضوع لكنه كالسرطان يزداد حجماً كل يوم، هنيئاً لكل ناسوخ لا يفكر!

ولا زالت لدي مزيد من المواضيع، هل أحدثكم عن الأطفال الذين يستخدمون أبواق سياراتهم ويلعبون بها ولا يهتمون أبداً بموضوع إزعاج الآخرين، أسمعهم يتنافسون في التزمير لبعضهم البعض، وبعضهم ليس لديه أدنى صبر فيطلق إزعاجاً متواصلاً غير منقطع إلى أن يخرج له عامل من البقالة، صاحب السيارة الأحمق عديم الإحساس كان بإمكانه أن يتعب نفسه فيفتح باب سيارته ليمشي ثلاث خطوات ويدخل البقالة، لكن الكبرياء يمنعه فلا يعقل أن يفعل ذلك مواطن ... سبق أن تحدثت عن الموضوع مرات كثيرة، لا فائدة من الكلام.

كما ترى، مواضيع سلبية لا فائدة منها لأن هذه الظواهر لن تختفي بمجرد كتابة مواضيع في مدونتي ثم الكتابة ذاتها تؤثر سلبياً علي، ما سيؤثر هو الفعل المباشر، الكلام مع الناس بأدب جم وتواضع ليس له مثيل وباحترام مبالغ فيه، إن لم ينفع هذا الأسلوب فبالوقاحة مع شيء من "الطراقات" ثم زيارة السجن، هذه بالمناسبة ليست فكرة سيئة.

سأستمر في عدم كتابة أي موضوع سلبي ... بقدر الإمكان.

11 تعليقات:

مزاجيات يقول...

أضحك الله سنك يا أخي ..أولاً ليست هذه التدوينة غير نافعة، حتى وإن كانت تذمراً أو شكوى..لماذا؟ لأن أسلوبك رائع أمتعني وأنا أقرأ وهذا بحد ذاته فائدة، ومعك حق ربما أصبحت النساء وقحاتٍ خاصة في الأسواق وليس الكل ولكن البعض.
أستطيع القول بأن هذه التدوينة من أروع التدوينات التي قرأتها لك منذ أن بدأت متابعتك في شهر مايو الماضي.
ثم لماذا خلقت الكتابة؟ أليس لنعبر عما نريد وما نشعر به، وحتى نفضفض عما يخنق خواطرنا؟ اكتب واشتكِ لا عليك إن لم يرُق لنا فلن نكمل القراءة وإن راق لنا فخيرٌ على خير، وفي النهاية تكون أنت قد ارتحت من ضيقٍ اعتمر فكرك وصدرك.
كُن بخير

غير معرف يقول...

أنا أكره عملية النسخ هذه، لكن لحظة
ألا يمكنك الحديث عن الأشياء التي لا تحب بأسلوب أكثر لطفًا؟
آلة نسخ؟
في وصف النساء الوقحات إياهن، أنا معك
الأمر لا خلاف عليه ولا مبررات لهن، هن وقحات وانتهى الأمر
أما آلات النسخ على حد تعبيرك فهم غالبًا مستجدون في الإنترنت ومن الطبيعي أن يمرو بهذه المرحلة.. لم يفهمو اللعبة بعد كما فهمتها أنت..
لا يستحقون تهكمك عليهم غالبًا، الجهل ليس شيئًا نتهكم عليه بل نعالجه برفق!

أحب القراءة لك وأستفيد كثيرًا وأمتن لك لأني عرفت أوبنتو بفضلك.. لكن أحيانًا أجدك مزعجًا جدًا وأراك كشخص متذمر حقًا ولا يعجبه شيء..

نعم.. معك حق في هذه التدوينة، يحدث أن تتذمر من أشياء وبلا فائدة للقارئ، بل قد توتره وتخرجه من عندك متذمرًا مثلك!
ولهذا فالخطوة التي بدأت باتخاذها خطوة ممتازة وأتمنى أن تفيدك وتفيدنا معك..

خفف قليلًا من التذمر وابتسم للحياة خلال كتاباتك
هذا ينتقل للقارئ معك، وإذا انتقدت فانتقد بلطف قدر المستطاع أو بسخرية جميلة لا تجرح أحدًا


وإني لأتمنى لك يومًا سعيدًا
اليوم وغدًا وكل يوم

شبايك يقول...

أتفق مع تعليق مزاجيات في كل ما قاله، أضحكتنا يا عبد الله وخففت من همنا :)

محمد الجوهري يقول...

ابتلينا ببعض الإيميلات التي يرسلها البعض بغير تفكر أو تمعن في محتوياتها.
كثير منها تلغي العقل والمنطق لتحل الفوضى والتخلف محلهما.

عابرة سبيل يقول...

أتفق مع مزاجيات ،،
ولـ تسمح لي أنت و الأخت نجاة ،،
الجديد في عالم النت يا أختي العزيزة ،، عليه بـ القراءة و البحث عما هو جديد ،، نحن فـ عالم يتطور فـ الثانية مليون تطور ،، كيف له فـ السنوات الماضية و القادمة ..!!
كل ما يفعله ذلك الجديد أو آلة النسخ كما يدعوه الأخ عبدالله ،، أن يبحث عن الجديد وليس القديم :)
فـ لا يعقل أن لا يعرف القديم حتى لو سمعه من أحد أقاربه أو أصحابه أو قرأه فـ مكان ما ..!!

عبد الله ،،
أتعلم أين يكمن العيب ،،
فينا وفيهم ،،
حيث أننا نكتب فـ مدوناتنا فقط ، دون أن نبعثه لأصحابنا لـ كي يقرؤوه ،،
وربما مروا على أؤلئك الناسخين لكي يكرروه على مر السنين،، فـ ربما كانت لها موعظة إن انتشرت كما تنتشر الإعلانات )
لك احترامي

عبدالله المهيري يقول...

@مزاجيات: كما قلت في الموضوع، الفضفضة ليست إيجابية دائماً، تأثيرها في بعض الأحيان سلبي علي، فموضوع يجر آخر وأشعر بأنني أغرق نفسي في السلبية ... وقد قلت "بعض النساء" في موضوعي :-)

@نجاة: أتمنى لو أن الأمر مقتصر على المستجدين، لكن النسخ يمارسه المخضرمون أيضاً، ثم النسخ ذاته يعني في كثير من الأحيان تعطيل العقل، هذا لا علاقة له بكون الشخص مستجداً وهذا لوحده يكفي لإثارة أعصابي إلى حد يجعلني لا أجد مشكلة في وصفهم بآلات النسخ وقد فعلت من قبل في موضوع عن المنتديات وسميتهم "الناسوخ،" أما الرفق واللطف فقد جربته من قبل، ينفع مع البعض ولا ينفع مع آخرين، أحدهم يقول في رسائله بما معناه "إن لم تعجبك رسائلي فأنت فيك كذا وكذا ولا تراسلني وستصلك رسائلي شئت أم أبيت" ... نعم أنا متضايق بشدة لأنهم يعطلون عقولهم في شؤون حياتهم والنسخ مجرد عرض لهذا المرض.

@شبايك: حياك الله :-)

@محمد الجوهري: وهذا بالضبط ما يغضبني، المشكلة أن الرد عليهم وتنبيههم بلطف لم يأتي بنتيجة إلا نادراً لأنهم لا يقرأون الرد أو ربما يتجاهلونه كلياً.

عابرة سبيل: صحيح ما ذكرتي، العيب فينا وفيهم، من محاولاتي القليلة للحديث مع بعضهم أجد نفسي غير قادر على التواصل معهم، في بعض المنتديات مثلاً انتشر موضوعي السابق "الناسوخ والشاكور" ومع ذلك جاء من يكتب رداً بكلمات مثل "مشكووووووووور" في موضوع ينتقد هذه الظاهرة، أشعر بأن الأمر يتعدى البحث عن الجديد أو القديم أو عدم معرفة ما يمكن فعله في الشبكة، أشعر بأن البعض يتوه في الشبكة بلا وعي ويظن أن من يخاطبهم في الطرف الآخر ليسوا بشراً، أشعر بأنهم يقرأون بلا وعي ولا عقل، ولو كلمتهم على أرض الواقع لظهر وعيهم وعقلهم ولاستطعت إجراء حوار بيني وبينهم ... هناك حلقات كثيرة مفقودة.

بسام حكار يقول...

ربما لو تنشر تدوينة مثل هذه في احد الجرائد الشعبية في منطقتكم، سيكون لها التاثير المنشود.
اشكرك اخي عبد الله على هذه الوجبة الخفيفة من الشكاوي اللذيذة.

Shoa'a almalki يقول...

هذه مشكلتي أناأيضًا وقد كتبت عنها من قبل،أتذمر كثيرا وليت ذلك يأتي بفائدة!
ولكنني أرى أن تتبع الشكوى والتذمر بحلول مقترحة أو شيء ربما يعطي قيمة للمقالة أو حتى عند التذمر امام شخص ما لابد أن يكون هناك حل، لأنه لا يمكن التخلص من الشكوى والتذمر لأنها تساوي النقد وذلك بإضافة الحلول إليها، والنقد حتمًا مطلوب، فهو من باب إنكار المنكر ولو باللسان والقلب وأقترح أن تكون (الطراقات) آخر الحلول :)

مرابط يقول...

السلام عليكم
مند تدوينة ّبقالة القلب الذهبي ّوانا اشك في ان عبد الله المهيري هو لذي يكتب هذه المقالات والله لااعلم هل تم اختراق مدونة والله لا اعلم....حقيقة اسلوب تغير بشكل كبير حتى بعض احداث والله فجأتني كثير مع اني اقرأتدوينات لأخي عبدالله(ّسردال ) مند بديات هذه بعض الامثلة
1.اسلوب كتابة تغير بشكل كبير
2.ذكرت ان والدك رحمه الله توفي (و لله حزنة) في تدوينة (مسجدومدرسة ابى)
لكن اخر تدوينات عبدالله ّسردال ّ ذكر فيها سيرة ابيه انه كان يشاهد التلفاز معه لماذكر انه نعى والده
3.لم اعرف ان عبدالله ّسردال ّ متزوج حتى يوم
لهذا ساطرح عليك سؤال اذا جاوبة عليه ساعرف من وراء لوحة مفاتيح انه عبد الله
اخي عبد الله كان يعمل في شركة ع.ع.ع اعطيني اسم كامل لشركة
في اخير اعتدر ان كنت هو هو وإني انا المقصر قد تكون قد فاتتني بعض تدوينات تقبل تعازينا في الوالد عظم الله اجركم ....
تقبل تهنئتي بزواجك بالرفاه وبننين.

عبدالله المهيري يقول...

بسام حكار: لدينا فقط صحف حكومية ولم أعد أشارك بالكتابة فيها.

شعاع: هناك حلول لكل مشكلة، وكثير من المشاكل لا يحتاج لمزيد اقتراح حلول بل لتطبيقها، المشكلة من يجب عليه التطبيق؟ عندما يصل الأمر إلى هذه المرحلة تبدأ الحلقات بالاختفاء، هناك خطأ ما، ربما سوء تفاهم أو عدم اتفاق ... لا أدري، المهم أن الحلول لا تطبق، والطراقات ليست حلاً، مجرد دعابة شبه جادة.

مرابط: هداك الله أخي الكريم، ولم الشك؟ تغير أسلوب الكتابة أمر طبيعي، هل تستطيع أن تخبرني ما الفرق بين الأسلوب القديم والجديد؟ أمر آخر، سيحزنني ألا يتغير أسلوبي في الكتابة بين حين وآخر، لأنني أعود لمواضيعي القديمة وأرى تغير أسلوبي وأنا سعيد بذلك لأنني أرى تقدماً وتحسناً في مستوى الكتابة.

نعم والدي توفي رحمه الله، في شهر ديسمبر 2008، كتبت موضوعين في ذلك الوقت وجاء أكثر من 150 رداً على أحدهم والثاني حصل على أكثر من 80 رداً.

لم أقل أنني متزوج، قلت أهلي، أعني أختي، لكنني أفضل كلمة أهلي، أما السؤال عن ع ع ع فلست بحاجة للإجابة عنه، هذا أنا صاحب المدونة ولم يحدث أي اختراق، فكر بالأمر، لو اخترق شخص ما هذه المدونة فلماذا سيستمر بالكتابة بأسلوب يشبه كثيراً أسلوبي؟ ولم يكتب مواضيع مفيدة؟ ألن يكون من المفيد أن يكتب مواضيع تحط من شأني؟ أو يحذف المدونة؟

غير معرف يقول...

الله يرحم والدك ، وامد الله في عمر اهلك ، واسكننا جميعا فسيح جناته ، أمين .

ا