هل الناس يتغيرون فعلاً بسبب التقنيات ويصبحون قادرين على أداء مهمات متعددة في نفس الوقت؟ لعلنا نفترض أن الإنسان عليه أن ينجز أكثر من عمل واحد في وقت واحد وإلا سيكون متأخراً عن الركب، أو ربما يحاول البعض منا إقناع نفسه بأن عليه فعل أكثر من شيء في وقت واحد والعمل على أكثر من مشروع في يوم واحد وإلا سينظر له الآخرون نظرة سلبية.
بالنسبة لي ... أرفع الراية البيضاء الناصعة البياض وأمسك بمكبر صوت يدوي يعمل بالطاقة الكهربائية ليصل مداه إلى الفضاء الخارجي وأخبر العالم: أنا لا أستطيع العمل على أكثر من مهمة واحدة في أي وقت.
سنة مضت وأنا أحاول العمل على أكثر من مشروع وعلى أكثر من مهمة وأطرد كل فكرة ومقالة وكتاب قرأته حول الموضوع، كل ما أعرفه عن الأمر أن الإنسان لا يمكنه أن يفكر في أمرين في نفس الوقت، وأعلم جيداً أن شخصاً ما سيقول "لكنه يستطيع بدليل أنني أقود السيارة وأستمع للإذاعة أو أحدث صديقي" وهذا أمر صحيح لكنه لا يلغي حقيقة أننا لا نستطيع التفكير في أمرين في نفس الوقت.
عقولنا تستطيع أن تؤدي كثيراً من المهمات اليومية المتكررة بدون تفكير، يسمونه العقل الباطن وله أسماء أخرى، يقولون أن العقل يلغي بعض التفاصيل من الوصول إلى الإدراك لأنها غير مهمة، قد لا تدرك الأصوات والحركات والروائح إلا إذا أردت أن تركز عليها، وعندما تقود السيارة لأول مرة فأنت تركز كثيراً على القيادة لتنسى كل شيء وبعد مرات متعددة من جلسات قيادة السيارة تصبح العملية عادة لا يحتاج العقل للتفكير فيها فتبدأ بالتفكير في أشياء أخرى كالإذاعة أو الحديث لصديق، أداء المهمات بدون تفكير أمر مهم جداً، تصور فقط لو أن ركوب السلم والنزول منه مثلاً يحتاج إلى تركيز كامل، كيف ستكون حياتنا؟ تنظر إلى الأسفل وتتأكد أنك وضعت قدمك في المكان الصحيح ثم تنزل بجسمك وترفع رجلك الأخرى لتضعها على الدرجة التالية، سيكون الأمر مملاً ومضيعة للوقت، إذا كنت تركب سلماً ما كل يوم فلا بد أنك تستطيع استخدامه حتى بدون إضاءة وبالتأكيد بدون الحاجة للتركيز عليه.
من ناحية أخرى هناك مهمات تحتاج إلى تركيز كامل كالقراءة أو الاستماع لشخص عزيز، هذه عليك أن تعطيها تركيزك الكامل، لا يمكنك أن تقرأ بنصف وعي وتحدث صديقك بربع وعي والربع الباقي يضيع في أفكار مشتتة، هذا لا يسمى تعدد المهام بل تعدد مضيعات الوقت، فلا أنت فهمت ما قرأت ولا أنت استمعت وأعطيت انتباهك لصديقك، أعلم جيداً أن هناك من سيقول "لكنني أستطيع فعل ذلك فأفهم وأستمع" فإن كنت من هؤلاء فهنيئاً لك! أنا وغيري لا نملك هذه القدرة.
نحن نعيش في مرحلة تغيير سريع لم يسبق لها مثيل، كم المعرفة والمعلومات التي يتلقها الإنسان في يوم واحد أكبر بكثير مما كان بعض أجدادنا يتلقونه في سنوات أو طوال حياتهم، التقنيات تجرنا أو نحن جعلناها تجرنا نحو أسلوب جديد للحياة، حيث على المرء فعل أشياء كثيرة لمشاريع كثيرة وعليه إنجاز مهمات صغيرة لكن بأعداد كبيرة وعليه أن يوزع وعيه وتركيزه في اتجاهات مختلفة وقد تكون في بعض الأحيان متناقضة جداً.
أنا لا أريد هذا، من الغريب حقاً أنني الشخص الذي يهتم بالتقنيات وكلما فهمتها أكثر زادت رغبتي في الابتعاد عن التقنيات الحديثة ومع ذلك أقرأ المزيد وأجرب المزيد لأفهم أكثر، البريد الإلكتروني خارج السيطرة، لا يمكنني أبداً أن أكره الهاتف النقال أكثر مما أكرهه الآن ومع ذلك أفكر في شراء هاتف نقال بكاميرا عالية الدقة، هناك تضارب عميق بين ما يريده المجتمع وما أريده لنفسي، فكرتي عن التعليقات في المدونات لم تتغير، لدي تضارب عميق بين رغبتي في مشاركة الآخرين بأخطائي وعيوبي وما تعلمته من تجاربي وبين رغبتي في ألا أشارك الآخرين بهذه الأشياء، المشاركة بالتجارب ليس أمراً سهلاً كما يظن البعض خصوصاً في مجتمعاتنا، وماذا يجد في المقابل من يشارك بأخطاءه وتجاربه؟ أترك الإجابة لكم.
هذا التردد وهذا الانقسام الحاد في الأفكار ليس شيئاً خاصاً بي، أجزم أن هناك كثيراً من الناس يعانون من نفس الانقسام لأنهم يبحثون عن إجابات ويريدون الوصول لقناعات ثابتة لكنهم يجدون أنفسهم ينتقلون من قناعة لأخرى، والأمر ليس متعلقاً بنا كمسلمين وعرب بل هو شأن عالمي، من اليابان إلى أمريكا هناك أناس أعلنوا رفضهم للتقنيات الحديثة والعودة للحياة البسيطة مع استخدام الضروري فقط من التقنيات الحديثة.
كنت في الماضي أقول أن التقنيات ما هي إلا مجرد أدوات، وهذا ليس صحيحاً، بعض التقنيات نصنعها ثم نستخدمها لتعيد تصنيعنا وتعيد تشكيل المفاهيم والعلاقات بين الناس، الهاتف النقال ليس مجرد أداة، الإنترنت ليست مجرد أداة، تأثير كل أداة على أي مجتمع يكون إيجابياً وسلبياً ولا يمكن فصل طبيعة هذا التأثير عن الأداة.
ماذا عن القرن 21؟ هذا مجرد عنوان ممل!
الجمعة، 23 يناير 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
19 تعليقات:
موضوع ينغص علي عيشتي كثيرا؛
دعنا الآن نتحدث عن نقطة أخرى أظنها اضافة مهمة ومكملة للموضوع
ماذا عن التقنيات التي تشعرنا نحن من صرنا نعمل في هذا الحقل بالعجز وبالتخلف؟؟
كمصمم جرافيك أخي عبد الله صرت أحس بالفشل من المتابعة اليومية للتصميم وما تجره التقنية من موضة جديدة له كل يوم وفي كل تكتشف نزعات جديدة في عالم الجرافيك التي تصبح فيما بعد مطالب بالعمل عليها.. التقنية الجديدة تجعلك الآن في حالة لهاث غير متوقف من العمل وفي نفس الوقت المتابعة والعمل على تطوير هذه المتابعة أحيانا في اليوم حوالي الخمس مرات وان انقطعت يوما تعود لتجد نغسك في آخر الصف؟؟
لا أجد كيف أشرح الأمر عزيزي عبد الله ولكنني في حالة تعب شديد منها.
قس الآن على بقية المهن التي تعتمد على التقنية وعلى جديدها اليومي
الواقع يا أخ عبد الله أنت ذكرتني بشيء قرأته مؤخراَ عن وهم ايجابية الـ multitasking وتذهب أبحاث حديثة بالفعل أن العمل على أكثر من شيء في نفس الوقت يقلل من القدرة على الانجاز وأن الأفضل التركيز على مهمة واحدة في الوقت الواحد. أعتقد أن صوت الفطرة البسيط سوف تؤكده الأبحاث تباعاً وتناقض بذلك ربما أبحاثاً ومفاهيم ترسخت كالبداهات وما هي إلا فروض لم يتم التأكد منها بشكل سليم لكنها ولسبب ما اكتسبت مصداقة لا تستحقها!
ذكرتني بقصة قراتها لماركوس كلارك .. ذكر أن أحدهم يريد أن يزور أخاه الذي مازال يعيش في مزرعتهم القديمة والتي لم يزرها منذ أربعين عامًا .. كانت القرية بدائية، لا تلفاز أو ثلاجة أو مكيف تبريد .. لكنه كان يتذكر أن تكلك الأوقات كانت أجمل .. حتى عاد لها ذات يوم ثمّ لم يحتمل كثرة البعوض، والحرارة العالية واصطياد الدجاج من المزرعة مما يأخر من وقت إعداد الطعام !
عصام حمود: أفهمك، هذا ما يحدث مع مجالات أخرى مختلفة، يجد الإنسان نفسه متأخراً بمجرد التوقف لفترة قصيرة عن التعلم، لكنني أسأل هل فعلاً نحن بحاجة لمتابعة كل شيء؟ أو تنفيذ كل طلبات العملاء والناس؟
محمد شدو: أتفق معك، العلم لن يتوقف وسيأتي اليوم الذي نتأكد فيه من قدرات الناس ولن يكون الأمر مفاجأة، الفطرة هي الأساس كما تقول، أبحاث الدماغ وعلم النفس تطورت كثيراً في الأعوام الأخيرة وحققت إنجازات كثيرة، لننتظر.
الأنوار: هناك من ابتعد عن التقنيات الحديثة أو لنقل المجتمع الحديث بدون أن يتخلى عن فوائد بعض التقنيات، في مجال الصحة والنظافة والراحة هناك تقنيات كثيرة مفيدة وليس من الحكمة التخلي عنها، أفهم مغزى القصة ولا أوافق عليه.
كلامك يذكرني بما تقوم به مايكروسوفت كثيرا ... دفعك لاستخدام الاصدار الاحدث دائما والاستغناء عن الاصدار الاقدم ... ثم توقف الدعم للقديم .
وحين تحاول استخدام جديدهم على جهازك ومعالجك القديم تصدم بأنه لايتوافق ؟؟؟ لازم تشترى جهاز جديد بمواصفات كور تو واختها سنترينوا 2 و ام بي سي 2 لتتمكن من ملاحقة مايكروسوفت البغيضه.
الحمد على النعم التى نحن فيها انظر حولك كل انواع الترفيه الاضافية لدينا موبايل اخر موديل ايبود اكس بوكس ...الخ مكان يعج بالمترفات .
تخيل ماحدث لاهلنا في غزه يحدث لي أو لك الان وانا او انت نتصفح الانتترنت وفي اذني الايبود ولا سمح الله حدث مايظطرني وانت للخروج من منزلنا ((( ماذا ستأخذ معك )) الاكس بوكس؟ الايبود ؟
اعتقد ان ماستأخذه بطانية وبعض الملابس فقط.
فلنفكر في نقطة الصفر هذا ما افعله دئما كل 6 أشهر وأقل تصفية لكل شي لا احتاجه ويمكنني الاستغناء عنه في كل شيئ ورق - ملابس - اجهزة - ملفات في الكمبيوتر. بل احتفظ بقائمة في جهازي لكل ذلك تقل لا تزيد قدر الامكان مما يقلل ارتباطك بالاشياء وتكون حرا غير مقيد
بزاد قليل خفيف.
شكرا
بالنسبة لإنجاز عدد من المهام في نفس الوقت مثل القراءة و الاستماع عندنا في مصر مثل يقول (صاحب بالين كداب)
و لكن في رأيي المرأة بارعة في هذا المجال أكثر من الرجل
أعرف جيداً نماذج فريدة في هذا الأمر
فكرتي عن التعليقات في المدونات لم تتغير،>>
اذا تسمح أريد معرفة ما هي فكرتك
>> لدي تضارب عميق بين رغبتي في مشاركة الآخرين بأخطائي وعيوبي وما تعلمته من تجاربي وبين رغبتي في ألا أشارك الآخرين بهذه الأشياء، المشاركة بالتجارب ليس أمراً سهلاً كما يظن البعض خصوصاً في مجتمعاتنا، وماذا يجد في المقابل من يشارك بأخطاءه وتجاربه؟
بالفعل هو ليس أمراً سهلاً صعب أن يفتح الإنسان قلبه و يجد في النهاية من تعليقات سخيفة من البعض لكن هؤلاء لا تلق لهم بالاً .
و من الممكن أن تنشر من هذه الخبرات بعضها حتى لا تتضايق بعد ذلك أنك نشرت كذا أو كذا
لكنه سيكون أمراً مفيداً للجميع و عن نفسي سأتشجع و أشارك بنفس الأمر طالما اسمي غير معرف :)
قد يكون في يوم من الأيام من يقرأ هذه التدوينة و يكون مر بنفس الأمر أو يمر به و يستفيد من خبرتك و يدعوا لك بظهر الغيب قد يكون هذا المقابل
كلامك في محله .
العلم يقود الإنسان إلى عالم آخر فهذا العلم الذي نعرفه اليوم قاد الإنسان إلى الإنحباس الحراري و تسبب بأمراض كثيرة ومتنوعة و تسبب في صنع أخطر الأسلحة المدمرة للإنسان وما يزال هذا العلم وهذه التقنيات تقود الإنسان إلى عالم مجنون ، إلى حافة الإنهيار .
دمت بخير و السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
هناك شخص بجامعة الملك سعود بالقصيم أخبروني عنه أنه يتحدث بالهاتف ويكتب خطابات على الحاسب!!!
هناك اناس تستطيع لكن اعتقد أنهم قله و يكون ذلك بامور معينة معروفه أصبحت لهم كالروتين
لكن أن أوزع المهام أو أنجز الاعمال في وقت متقارب فهذا سهل جداً كان أبحث عن لغات البرمجة القديمة و بنفس الوقت أنشيء مشروع أخر و هناك لحظات انتظار استغلها بشيء أخر كأنهي عملي بأتصال هاتفي أو أرسل ايميل و هكذا و لكن أن افعل الامرين معاً أمرين غير روتيني و معاً لم يجعل الله لشخص قلبين في جوفه
لا يوجد لدي الكثير لاقولة ..
اغبطك على الوقت الكبير الذي تملكه ، للشاطيء ، القراءة ، النوم ، والتفكير، الكتابه ، والرد على الاعضاء ..
اتمنى ان يتم اختراع طريقه نستطيع من خلالها نقل الافكار من راس بشري الى راس اخر، من دون الكتابة والقراءه .
تستغرق وقت طويل جدا ..
ذكرتني أخي في الله بقصة سمعتها من أحد المشايخ حفظه الله وهي أن الامام الدارقطني رحمه الله -أحد أساطين علم الحديث- كان حاضرا مجلسا من مجالس علم الحديث فكان الشيخ يحدث والدارقطني يكتب درس الامس فسأله من كان بجانبه بعد انتهاء الشيخ من التحديث يختبر حفظه فسرد له ثمانية عشر حديثا مع اسانيدها فسكت الرجل وكأنه اندهش من هذا الرجل كيف يحفظ هذه الاحاديث كلها وفي نفس الوقت هو منشغل بكتابة درس الامس !!
سبحان الله العظيم قال تعالى:((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم))
اللهم إنا نسألك من فضلك الله
اللهم آمين
غير معرف1: مايكروسوفت وغيرها من الشركات تفعل ما يجب أن تفعله الشركات، أن تبحث عن الربح والسيطرة، هناك بدائل لا تطلب منك الترقية وملاحقة الجديد ... فكرة نقطة الصفر مفيدة.
غير معرف2: معك حق، المرأة أقدر من الرجل على أداء مهمات متعددة، أما عن التعليقات، فقد كتبت موضوعاً في مدونتي السابقة وقلت بأن التعليقات غير مفيدة، بما في ذلك تعليقاتي، على المدى البعيد تفقد التعليقات فائدتها.
أما عن المشاركة وما قلته عن التعليقات السخيفة، في الحقيقة يضايقني كثيراً أن أجد من يحاول أن ينصحني حول خطأ أعترف به وأعرف حله، لست بحاجة للنصيحة، بحاجة لمن يقول: أنا أيضاً لدي أخطاء.
محمد الحاتمي: العلم بدون أخلاق هو الذي يقودنا لما تقول، من المؤسف حقاً أن هناك علماء يرون العلم منفصلاً تماماً عن الأخلاق، ومن المؤسف أن الساسة حول العالم يزيدون خطر تدمير العالم بتجاهلهم لما هو مهم وارتكابهم لأخطاء تزيد من الأخطار على البشر.
أبو سعد: تعليقك يلخص ما أريد أن أقوله في الموضوع، أشكرك.
Pinkota: لا أستبعد أن تظهر مثل هذه الفكرة، الآن تمكن العلماء من استخراج الصور من عقل الإنسان، صور موجودة فقط في العقل، هذا أمر خطير من ناحية ومثير للفضول من ناحية أخرى.
Ahmed: هناك أناس أعطاهم الله قدرات خارقة، البخاري حفظ 100 حديث بأسانيد مغلوطة من أول مرة يستمع لها ثم صححها جميعاً، أتذكر قصة شاب روسي يمكنه إعادة إلقاء أي محاضرة استمع لها كأنه شريط مسجل.
كنت اقوم بكتابة تعليق يا عبد الله علي هذا الموضوع الذي يستحق الدراسة و المناقشة فهوا ذو اهمية كبيرة علي الاقل انا اري ذلك و قد تطور تعليقي عند لهذا المقال
http://www.amaiko.net/bullshit/multitasking-in-our-brains/
انتظر تعليقك عندي لانه في الغالب ستكون انت القاريء الوحيد لهذا المقال :)
كل مرة يرد هذا الموضوع أتذكر حينما انطفأ الكهرباء في الكلية ذات يوم، ولأننا جميعاً كنا مشغولين بالعمل على أجهزة الكمبيوتر، لم نعد نجد ما نفعله، وتلقائياً أخذ السلوك البشري الطبيعي يقودنا لنجتمع نحو 20 شخصاً. أخذنا نحادث بعضنا ونمازح البعض الآخر، استمر الأمر نحو ساعة وكان حدثاً نادراً أن نجتمع هكذا لفترة طويلة، تعرفنا على بعضنا أكثر.
وبالتأكيد لابد أن أمراً شبيهاً حصل لكل من يقرأ هذا الكلام في حال مر بتجربة انطفاء كهرباء في المنزل، أفراد العائلة يجتمعون بحميمية نادرة ويكون للأحاديث طعم نادر مفقود.
فيلم Wall-E من إنتاج بيكسار لامس هذه الظاهرة وتنبأ بغرابة حول سلوك البشر في المستقبل حيث بدوا بدناء جداً لأنهم لا يتحركون بل يتنقلون على سرر آلية تلبي كل طلباتهم، ولا ينفكون عن متابعة شاشات ملصقة بأعينهم يستخدمونها لكل أنماط التواصل والترفيه، حيث انعدم التواصل البشري بالكلام والنظر المباشر. رغم أن الفيلم كارتوني (ثلاثي الأبعاد) لكنه كان عميقاً جداً في قراءة مسيرة الإنسان وإلى ما نحن مقبلون عليه، كعادة أفلام بيكسار، مليئة بالإبداع وتحمل فلسفات غاية في العمق.
مفهوم المشاعر أيضاً هي في تغير ملحوظ مع التقنية، صار شعور امتلاك رسالة خاصة أو توافد التعليقات على موضوع ما أو صورة، مبعث فرح عظيم لمالكها، وهذا مختلف عن السعادة بالصورة القديمة. كذلك شعور (الشوق) الذي أظنه في اندثار مع وفرة سبل الاتصال المباشرة.
قرأت عبارة كتبها أحدهم على سبورة في الجامعة يقول: "رغم امتلاكي 250 صديقاً في الفيس بوك، إلا أنني أشعر الآن بوحدة عظيمة" !
Ahmed Mahmoud: سترى تعليقي قريباً إن شاء الله.
مكتوم: تعليق جميل، بالفعل توقف الكهرباء حدث يغير كثيراً من الأمور، تجتمع العائلة على ضوء الشموع ونتحدث حتى تعود الكهرباء، هذا يحدث أحياناً في الصيف.
لم أشاهد Wall-E بعد، سأفعل في أقرب فرصة.
ما قاله عضو الفيس بوك صحيح تماماً، وما تقوله عن تغير المشاعر أيضاً صحيح، عندما فقدنا التواصل في محيطنا الحقيقي بحثنا عنه في الافتراضي مع غرباء يشاركوننا البحث عن نوع ما من التواصل الإنساني، لكن هذا التواصل الإلكتروني لا يمكنه أن يكون بديلاً للتواصل الفعلي على أرض الواقع.
السلام عليكم ورحمه الله
ياأخي عبدالله، هذه أول مرة أشارك في التعليق مدونةو أود أن أدلو بدلوي لأنني أشعر أنني تخطيت هذه المرحلة من التساؤلات و أشعر الأن براحة نفسية بسبب القناعة التي توصلت إليها، و الموضوع من آخره يتطلب الكثير من الشجاعة للإعتراف بأن التكنولوجيا و العلم الحديث ما هو إلا علم لا ينفع ، نعم لا ينفع و أن مستعد أن أتحاور مع أي شخص يود معرفة المزيد من التفاصيل، و من الأدلة على ذلك ما ذكره أخونا مكتوم من إنقطاع الكهرباء مع العلم أن جميع الحضارات قامت بدون الكهرباء قديما. و شكرا
حسين القثمي
غير معرف: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. حياك الله.
لا بد أن لديك استثناءات لهذا التعميم، ولكي أتفق معك لا بد أن توضح ماذا تقصد بالتقنيات والعلم الحديث لأن هذا تعميم شامل لكل شيء حتى الدواء النافع الذي ينقذ حياة البشر، وهو ما أظن أنك تراه نافعاً.
السؤال هو كيف كان آباءنا و أجدادنا يتداوون قديما؟ خلقتهم كخلقتنا و فطرتهم كفطرتنا و لكن بيئتنا ليست كبيئتهم و غذاءنا ليس كغذاءهم و الحكمة تقول المعدة بيت الداء وبالتالي أمراضنا ليست كأمراضهم و مناعتنا ليست كمناعتهم، و لذلك اضطررنا لصناعة أدوية تناسب ما نحن فيه بغض النظر عن الأعراض الجانبية لهذا الدواء المصنع بطرق حديثة و بالعلم الحديث، و لا ننسا أن الله عز وجل خلقنا و هيأ لنا جميع سبل العيش على هذه الأرض بما يتناسب مع طبيعتنا كبشر دون الحاجة منا لتطويرها أو تحسينها كما ندعي دوما، و قس ما سبق على جميع الأمور.
وفي " المسند " : من حديث ابن مسعود يرفعه إن الله عز وجل لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله
http://sirah.al-islam.com/Display.asp?f=zad4003
حسين القثمي
حسين القثمي: أخي الكريم، لم تعرف ماذا تعني بالتقنيات والعلم الحديث، ولم تخبرني إن كان لديك استثناءات لتعميمك، من الصعب أن يسير الحوار في أي اتجاه بدون توضيح النقطتين.
في الماضي كان أجدادنا يصابون بأمراض لا أدوية لها ونجد اليوم أدوية وعلاجات مختلفة، أبي رحمه الله أخبرني عن أناس في بلادنا ماتوا بالطاعون والسرطان وأمراض لا يعرفونها ونعرفها اليوم، لا يمكن القول بأن أمراضهم ليست كأمراضنا، كانوا يصابون بضغط الدم والسكري والحساسية بأنواعها والرمد وغيرها مما نعرفه من أمراض اليوم، الاختلاف هو في عاداتنا الجديدة التي جعلتنا أكثر سمنة وأكثر عرضة لأمراض السمنة.
أما قولك عن عدم حاجتنا للتطوير فهذا لا أوافقك عليه، منذ أن خلق الله الناس وهم يطورون ويعمرون وهذه طبيعة الحياة، وفي السيرة وتاريخنا أدلة كثيرة على تطوير المسلمين لتقنيات وعلوم مختلفة.
السلام عليكم
أخي العزيز عبدالله
ربما لم أستطع أن أوصل وجه نظري إليك بصورة واضحة لإن الموضوع يشوبه الكثير من التعقيدات التي يطول شرحها، و على فكرة نسيت أن أذكر أنه ليس لدي استثناءات للتعميم ولكن لدي توضيحات لتساؤلات كثيرة بإذن الله.
أما بخصوص العلم الحديث (و تطويره) الذي أقصده هو العلم الذي الهدف منه زيادة الإنتاج و تقليل التكلفة بغض النظر عن ما ينتج منه من أضرار للخلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة و على مدى بعيد أو مدى قريب، و المحرك لهذا النوع من العلم هو المادة (و لعلني أستشهد بمدونتك الأخيرة و ما ذكرته عن تلويث البشر للبيئة)، أما ما يخص تطوير و تعمير الناس للأرض منذ أن خلقهم الله عليها فأنا لا أختلف معك بل هذا هو بيت القصيد من الموضوع ما الهدف و ما المحرك للناس قديما؟ (ومصطلح التطوير ليس هو المشكل بل المقصود به).
و أما بشأن الأمراض، نعم معظم الأمراض هي نفسها قديما و مثل ما ذكرت أسلوب حياتنا هو الذي اختلف و أصبحنا أقل مناعة، و لكن عن كيفية العلاج (السليم) فهذا الجواب لا أملكه، ولكن أنا على يقين من وجوده كما هو مذكور في الحديث، و ربما موجود في علم آخر لم تتطرق إليه البشريه في العصور المتأخرة حتى الآن لإنشغالها بتحصيل و تطوير ما تم وضعه في (مصنع الصناديق).
(في النهاية هذه قناعة و وجهة نظر أحببت أن أبديها لكم)
و جزاك الله خيراً
أخوك حسين القثمي
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.