الخميس، 5 ديسمبر 2013

دروس التدوين (5) ما هي أهدافك للتدوين؟

سأجيب باختصار على سؤال العنوان: ما يدريني ما هي أهدافك؟!

لكن ليس هذا ما تريد أن تقرأ، المشكلة أن موضوع الأهداف واسع كالفضاء ويختلف من شخص لآخر فكيف أتحدث عن كل هذا؟ لنبدأ بالأساس، مدونة بلا هدف هي مدونة بلا فائدة، الهدف لا يجب أن يكون كبيراً لكنه يجب أن يحدد مسار المدونة من البداية وحتى النهاية، لا بأس أن يكون الهدف نشر ألف صورة للقطط إن كان هذا ما تريده، لكن يجب ألا يكون هدفك هو إنشاء المدونة فقط دون أن تدري ما الذي ستفعله بها.

بإمكانك التوقف عن قراءة الموضوع هنا لأن كل شيء مهم قلته في الفقرة السابقة، لكن أكمل إن أردت التعرف على أمثلة لأهداف المدونات، وسأبدأ بمدونات، هذه المدونة ومدونة سردال كذلك كان هدفهما ولا زال أن يكون لدي مساحة شخصية مرنة أكتب فيها ما أريد دون أن ألتزم بتخصص معين، لأنني حقيقة لا أعرف ما التخصص الذي يناسب أن أنفق عليه وقتي ولأنني أريد أن أكتب عن أمور كثيرة متفرقة لكن يجمع بينها رابط واحد وهو اهتمامي بها، لذلك هذه مدونة شخصية متنوعة ستبقى ما دام لدي دافع للكتابة، قد تنتقل من مكان لآخر كما فعلت عندما انتقلت من مدونة سردال إلى هذه المدونة لكن ستستمر بنفس الطريقة من ناحية نشر مواضيع أهتم بها.

هذا قد يكون هدف مناسب لك، أن تفتتح مدونة لكي تكون مساحة خاص بك لتعبر بها عن نفسك، لكنني شخصياً أجد مع الأيام أنني سأتوجه إلى التخصص في التدوين وقد بدأت أشكّل فكرة عما أريد أن أتخصص فيه، لذلك قد لا أستمر في التدوين الشخصي وقد أستمر، لا أدري حقيقة، لم أقرر بعد وعدم اتخاذ قرار هو سلبية ومشكلة علي التخلص منها، على أي حال، أعطيت لنفسي مهلة محددة لاتخاذ قرار بالاستمرار أو التخصص وعندما تنتهي المهلة سأتحدث عن الأمر أكثر.

هدف آخر للتدوين هو أن تكون المدونة وسيلة استكشاف للتدوين، أنت لا تعرف ما الذي تتوقعه من التدوين وما الذي يمكنك فعله لذلك تريد أن تفتتح مدونة تتعلم من خلالها التدوين وتجربه ثم ستقرر ما إذا كنت تريد الاستمرار أم لا أو ما إذا كنت ستقرر تخصص المدونة أم لا، هذا الهدف يختلف عن الهدف الأول بكونه مؤقتاً فأنت لا تدون هنا إلا لتجرب وتتعلم ثم ستقرر هدفك الرئيسي من التدوين.

يمكن للمدونة أن تكون وسيلة نشر متخصصة ومؤقتة، لا شيء ... أكرر لا شيء ... يلزمك أن تبقي أي مدونة إلى آخر عمرك، على العكس أشجعك أن تحدد وقت التوقف عن التدوين في أي مدونة، إذا فكّرت بهذا الشكل سيكون من السهل عليك أن تفتتح مدونات عدة وتغلقها متى ما انتهت الحاجة من المدونة.

مثلاً، افتتحت مدونة إنجليزية تجمع الرسومات التي أنجزت ببرنامج الرسام في ويندوز، فعلت ذلك فقط لأبين أن الأدوات لا تصنع الفنان بل الفنان هو من يستغل أي أداة ليصنع الفن وتخصص المدونة هنا هو برنامج الرسام في ويندوز، مدونة أخرى افتتحتها قبل أسابيع هي مدونة البيت العربي، الهدف منها أن أعلّم نفسي ما الذي يعنيه البيت العربي وما هي خصائصه وأن أجمع مصادر مختلفة حول الموضوع في مكان واحد، كل يوم أنشر موضوعاً واحداً فقط، رابط أو صورة أو مقطع فيديو، بعد فترة سأتوقف عن التدوين فيها وأوقفها لأنها أدت مهمتها وهي أن أتعلم أو على الأقل أشكّل أساساً معرفياً لموضوع البيت العربي يجعلني أتوجه لقراءة الكتب المتخصصة في هذا المجال.

مدونة اصنع دولتك بنفسك كانت مختلفة إذ بدأت كطرفة كمدونة فكاهية بعد أن عرفت أن هناك أناس في هذا العالم لديهم دولهم الخاصة بهم! بالطبع الموضوع فكاهي وإن كان بعض هؤلاء جادون فعلاً لكن الفكرة أثارت حماسي وبدأت المدونة دون هدف واضح إلا أن تكون جغرافية مع قليل من الفكاهة وشيء من الحديث عن الدول المجهرية، لكن الحماس مات وبدأت المدونة تشكل عبئاً علي لذلك رأيت أن أتوقف عن الكتابة فيها.

التدوين المتخصص والمؤقت وسيلة جيدة لجمع مصادر كثيرة حول موضوع واحد خصوصاً إن كان الموضوع شيئاً تريد تعلمه، جرب هذا النوع من التدوين لأنه سهل ومؤقت، لا يجب أن تكتب الكثير، ضع رابطاً أو صورة أو مقطع فيديو، هذا كل شيء.

التدوين يمكن أن يكون وسيلة تعلم، دعني أفترض أنني افتتحت مدونة مؤقتة حول تعلمي للغة اليابانية وألزمت نفسي أن أكتب فيها كل يوم موضوعاً صغيراً عما تعلمته في هذا اليوم، سأكون صريحاً معكم، أشعر أنني أحمق وأنا أكتب هذه الكلمات، لأنني لم أفكر بالأمر إلا الآن، لو فعلتها قبل عام سأتمكن على الأقل من قراءة بعض اليابانية وأتقدم بسرعة أكبر من سرعتي الآن ... حسناً، سأفتتح مدونة اللغة اليابانية لكي أتعلم اللغة بشكل أسرع.

هناك تجارب عدة للتدوين كوسيلة تعلم، شخصياً كنت أتابع تجربة Geometry Daily وهي مدونة يريد صاحبها أن ينشر يومياً رسماً فنياً هندسياً، لم يعد يفعل ذلك الآن لكنه كان ينشر كل يوم رسماً ولمدة تزيد عن العام، هو لم يكن يفعل ذلك كوسيلة تعلم بل فقط لينتج شيئاً خارج إطار عمله كمصمم، ولا شك أنه تعلم من تجربته واستفاد منها بتقديم قمصان عليها تصاميمه الهندسية وهي المناسبة قمصان رائعة.

تجربة أخرى هي لامرأة أرادت تعلم البرمجة في 180 يوماً من خلال إنشاء 180 موقعاً، وفعلت ذلك وكانت تجربتها مصدراً للنقاش بين المبرمجين وغير المبرمجين وانتشرت تجربتها بين مواقع كثيرة ولا شكّ أنها شجّعت كثيراً من الناس في خوض نفس التجربة.

في سنوات مضت رأيت تجارب مختلفة تستخدم التدوين كوسيلة لتوثيق ما تعلمه الفرد، البعض كان يريد تعلم الطبخ أو الرسم أو إنشاء مشروع تجاري صغير أو تعلم لغة جديدة، ما لاحظته أن من كان جاداً في مشروعه ويوثقه كل يوم بالتدوين ينجح في النهاية في تحقيق هدفه وأحياناً يجد فرصاً لفعل شيء آخر، بعضهم يبدأ مشاريع تجارية وبعضهم يحصل على وظيفة في مؤسسة ما.


يمكن للتدوين أن يكون وسيلة ترويج وتسويق، ولا أعني الترويج للشركات بل لك أنت المدون، إن كنت شخصاً تملك مهارة أو مهارات فلم لا تسوق نفسك في مدونة؟ ولا أعني هنا أن تضع لنفسك إعلانات فالتسويق لا يعني بالضرورة الإعلان، لكن أن تستغل مهارتك لتكتب محتويات مفيدة في مجال تخصصك وتنبه من حين إلى آخر إلى أنك تقدم خدمات تجرية لمن يرغب فيها وربما تكون هناك صفحة في المدونة تشرح كيف تتعامل مع من يريد خدماتك.

أي شخص يملك مهارة يمكنه فعل ذلك، وحتى من لم يملك مهارة يمكنه أن يبدأ فيتعلم ويطور نفسه ويرفع مستوى مهارته ثم يقدم خدماته تجارياً، يمكن لأي شخص فعل ذلك مهما كان مجال تخصصه، ولا يهم إن كان رجلاً أم امرأة، صغيراً أم كبيراً، الجميع يستطيعون فعل ذلك:
  • المصمم يمكنه أن يتحدث عن التصميم سواء المواقع أو تصميم المطبوعات أو الشعارات ويسوق نفسه وخدماته.
  • المصورة الفوتوغرافية يمكنها أن تتحدث عن فنون التصوير وتقدم دروساً للتصوير وتسوق نفسها وخدماتها.
  • المزارع يمكنه أن يتحدث عن الزراعة ويشرح في دروس كيف تزرع النباتات والأشجار وكيف يجني المرء الثمار ويسوق نفسه وخدماته.
هذه أمثلة فقط، معظم المجالات والتخصصات والهوايات يمكن أن تسوق بهذا الشكل، أن تكتب محتويات مفيدة وتدون بالصورة والصوت والفيديو وتقدم فائدة فعلية للناس وفي نفس الوقت تسوق لنفسك وتقول للناس مباشرة بلا أي مشكلة أو حياء أن من يريد خدماتك مقابل مبلغ من المال فعليهم الاتصال بك.

هذا الموضوع لا ملخص له سوى التالي: قبل أن تبدأ مدونة فكرة بهدفها، هذا كل شيء.

هل هناك أهداف أخرى للتدوين لم أذكرها؟ شاركني الآن بتعليق.


أخيراً، في الموضوع السابق عرضت أن أضع أسماء مدونات هنا في هذا الموضوع كوسيلة لترويجها، لكن لم يفعل ذلك سوى شخص واحد وهو الأخ أبو إياس الذي طلب أن أضع رابط مدونته أفكار علمية، لا أدري ما المانع من أن يطلب البقية أن أضع لهم روابط في هذا الموضوع، هل انتبهوا إلى نقطة أنني أريد أن أضع روابط مدوناتهم هنا؟!

عموماً، زر مدونة الأخ أبو إياس، أفكار علمية.

8 تعليقات:

A.K. AlSuwaidi يقول...

شكرًا أستاذ عبدالله، يمكن أن يكون هدف المدونة جمع معلومات ، بمعنى أن تكون وسيلة بحثية، مثل مدونة أنا أقرأ لمناقشة استبيان حول عادات القراءة عند العرب:
iaqraa.blogspot.com

سابقا فتحت مدونة خاصة أيام دراستي للماجستير في لندن للأهداف التالية:
١.مشاركة أمي وأهلي وأصدقائي أخباري ويومياتي المصورة.
٢. مشاركتهم المعلومات الجديدة التي تعلمتها، كما كنت أحتفظ بصفحات من مراجع فيها -في أغلب الأمر لا تهمهم هذه الصفحات ولكنني أطلب منهم أن يتذكروها إن سألتهم عنها لأنني كثيرة النسيان!
٣. مسابقات! أجل كنت لا أتقن الطبخ، فخصصت مسابقة لمن يكتب لي أسهل وصفة لأجربها، والفائزة لها هدية عند عودتي، وبالفعل تفاعل الجميع!

وائل حسن يقول...

شكراً علي إدراج رابط المدونة :)

بالنسبة لي فالتدوين هو أسلوب حياة، و تنفيث عما في داخلي حتي لا أصاب بالفالج من كتمي له (و أنا من النوع الذي يحب التصريح بما في داخله طيلة الوقت). و من فرط حبي للتدون كتبتُ بعض التدوينات عنه منذ فترة:
http://afkar-abo-eyas.blogspot.com/search/label/التدوين

و كنتُ أنوي أن أكتب المزيد من المقالات لتشجيع الناس علي التدوين، و بث حبه في قلوبهم مثلي، و لكن الانشغال يثبت أنه لخصم الأقوي كل مرة. و عموماً فها أنذا أستفيد مع غيري بما تكتبه. فنفع الله بك.

أظنني من فرط حبي للتدوين أصبحت من النوع الذي لو لم يكن التدين موجوداً لاخترعه اختراعاً لينقل ما يفكر فيه للعالم !

وائل حسن يقول...

* قصدتُ "التدوين" لا "التدين" :)

غير معرف يقول...

الدروس تأصيلية إن صح التعبير، ولا شك أنها مرجعية طيبة منك يا أخي عبدالله، خصوصاً خبرتك الطيبة في هذا المجال، حاولت تنويع التدوينات، مرة اخترت التدوين في موضوع جديد، موضوع الأقلام، وافتحت مدونة في بلوغر لكنني لم أكتب سوى تدوينة واحدة!
تدوينتي الوحيدة التي تعلقت بها هي مدونة أنشودة المطر وهذا هو الرابط:

http://therainsong.wordpress.com

banateen يقول...

شكرا جزيلاً لهذه السلسلة الجميلة
أنا افتتحت مدونتي لرغبتي لأكون كاتبة بعد ذلك انتقلت للحديث عن الكتاب ولكي الزم نفسي بالقراءة أصبحت اكتب مراجعة لكل كتاب اقرائه
وأنا سعيدة بذلك جدا

Muaad Elsharif يقول...

السلسلة ممتازة سيد عبد الله! تقبل مروري

T@rek يقول...

ربما أحتاج لأن يكون لرابط مدونتي شرف الظهور في إحدى صفحاتك.,خاصة ً في هذا الموضوع.
مدونة استمرت لعدة أعوام,تنقّل الكاتب فيها ما بين تيارات دينية عديدة . ما بين ضياع و هدى .
اكتشف فيها ذاته و الحياة , حتى أن إعادة قراءة ما سبق و كتبته يثير داخلي الدهشة :: هل كنت ذاك الشخص حقا ً؟ ... أقولها أحيانا ً بفخر . و أحيانا ً أخرى بحسرة.

hotm video يقول...

شكرا جزيلاً السلسلة ممتازة.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.