الخميس، 22 يوليو 2010

لماذا انتقد التعليم؟

بعد كل ما كتبته عن التعليم - وهو ليس بالكثير ولا بالقليل - يبدو أن كلامي لم تصل معانيه للبعض، يبدو أنني لم أشرح الأمور بشكل كافي، لذلك هذه محاولة أخرى أعيد فيها ما قلته سابقاً لعل أن يفهم كلامي البعض حتى لو لم يوافقوا عليه، أريد فقط أن أتاكد أنهم عرفوا من أي موقع أتحدث ولماذا أتبنى هذه الآراء.

دعوني أذكركم بأنني كنت طالباً في المدرسة، 6 سنوات في الابتدائية، و6 في الإعدادية مع أنها 3 لكنني كررت الأعوام، و4 في الثانوية لأنني فصلت في الأول الثانوي لغيابي المتكرر، أي 18 سنة خبرة في المدارس، شيء لا أفتخر به صدقني، وشيء لا أعتبره مقياساً لأي شيء في حين أعرف جيداً أن بعض أو كثير من الناس يقيسونني به.

لأبدأ بالجانب الأخلاقي، رأيت من القصص ما يكفي لكتابة سلسلة مقالات حول هذا الجانب، لكنني أستحي من ذكر التفاصيل، يكفي العاقل أن أخبره بأن 5 تشاركوا في الاعتداء على سادس وكان كل هذا بالتراضي، حدث هذا أيام الإعدادية وكنت وقتها رئيس مجلس الطلاب، رأيت طلبة يتحرشون بطالب في ساحة المدرسة وأمام أعين المدرسين والإدارة، لم يحدث هذا مرة أو مرتين طوال سنوات الدراسة بل يحدث مرات كل عام، رأيت في الفصل الذي أدرس فيه تصرفات أخجل من ذكرها، عندما كنت صغيراً كنت أسكت لأنني خائف كبقية طلبة الفصل وبعد سنوات كنت أتحدث وأتصادم مع طلاب أكبر مني سناً وحجماً ويكاد أحدهم يصبح جداراً ونتيجة لهذا التصادم كنت أقع في المشاكل معهم لكنني من ناحية أخرى أحترم الإدارة والمدرسين لذلك كانوا يقفون معي ويصدقون كلامي ... هذا عندما كانت إدارة المدرسة تحوي وكيلاً يحترم الطلاب.

رأيت وسمعت الكثير، أكاد أتقيأ عندما أفكر بالأمر، هذه القصص بدأت منذ أيام الابتدائية، هل يمكنك تخيل ذلك؟ طالب في أول عام دراسي له يبلغ من العمر 7 سنوات يتعرض لاعتداء من طالب آخر رسب سنوات عديدة حتى أصبح أحد المعالم البارزة في المدرسة، أصبح عموداً أو إهراماً لا يمكن تخيل المدرسة بدونه، رأيت وسمعت ذلك وتكرر الأمر مرات كثيرة.

أما المدرسين فلدي قصتان أعرف أبطالها، مدرس في الابتدائية وآخر في الإعدادية، كلاهما كشف وفضح من قبل الطلبة وتحركت إدارة المدرستين لفصلهما من العمل في التدريس، لكن قبل فضح البطلين كم مرة اعتدوا على الطلاب من قبل؟

أما اليوم فهناك أخبار الصحف، هل يمكنك أن تتخيل مدرس تحفيظ قرآن يمارس الفعل القبيح؟ حدث هذا وقرأنا عنه، حدث هذا في بلادنا وفي بلدان أخرى، الأمر ليس نادراً أو مجرد استثناء صغير حقير لا يستحق الذكر، والأمر يتكرر في المدارس على اختلاف أنواعها.

هذه بيئة المدرسة في الماضي، اليوم دخلت التقنية إلى المدرسة وأصبحت في جيوب الطلاب، كما ترى الاهالي يخافون على طلابهم فيشترون لهم هواتف، بعضهم يشتري هاتفاً لابنه لأنه لا يرى مشكلة في ذلك، أو لأن الابن ألح - أصر يصر إلحاحاً! - على شراء هاتف، وما المشكلة في ذلك؟ في الغالب لا مشكلة إلى أن تحدث مشكلة!

مدرسة اكتشفت في هاتف طفل في الابتدائية معرض صور إباحية، هذا طفل في الابتدائية فما الذي تحويه بعض هواتف طلاب الإعدادية والثانوية؟ أضف إلى ذلك أن التواصل بين الطلاب أصبح داخل وخارج المدرسة، في الماضي كان التواصل خارج المدرسة صعباً، الشبكة والهواتف اليوم ألغت المسافات، لذلك الطالب السيء أخلاقياً لديه فرصة لبث تأثيره أثناء الحصص المدرسية وبعد انتهاء الدوام.

حتى الآن أشعر أنني لم أكون صورة واضحة عن الوضع الأخلاقي في المدرسة، لكن أتمنى أن يكون ما كتبته كافياً لأنني لو دخلت في التفاصيل فلن أنتهي، لم أتحدث عن الاعتداء لفظياً أو جسدياً على الطلاب من قبل المدرسين أو طلاب آخرين، لا أعني اعتداء جنسي بل عنف فقط، عنف لفظي وجسدي، يحدث أن يتنمر بعض الطلاب على آخري، تتكون عصابات ترهب الطلاب وتخيفهم، رأيت من حوادث العنف في المدرسة ما يكفي وبعضها وصل لمرحلة خطيرة، أو لأكون أكثر وضوحاً، بعضها أوصل بعض الطلاب إلى المستشفى في حالة خطيرة.

بعد كل ما قلته أعلم جيداً أن هناك من يجهز رداً "لكنك تبالغ، الوضع ليس بهذا السوء، هناك إيجابيات لم تذكرها ... إلخ" وبالطبع علي أن أقول بأن الأمر ليس بهذه السوداوية لكن ما حدث ورأيته بعيني لم يمكنني أن أكذبه وما يحدث اليوم لا يمكننا التغاضي عنه، لنعترف أن هناك مشاكل أخلاقية في مدارسنا، لنعترف أن هناك طلاب أبرياء يتعرضون لاعتداء بأنواعه ومن بينها التحرش وهذا يدمرهم، لا يدمرهم ليوم أو يومين، إن ضرب الطالب فقد تظهر كدمة تحت عينه تزول مع الأيام لكن أخبروني متى سيذهب أثر الاعتداء والتحرش؟ هذا التحرش قد يبقى أثره طول حياة الإنسان ... لذلك أخي الكريم، أختي الكريمة، أرجوكم ... أرجوكم من أعماق قلبي، لا تقللوا من شأن التحرش.

نقطة أخيرة، عندما يعتدي طالب على آخر أو مدرس على طالب فهذا سيحدث عندما لا يكون هناك رقيب يشاهد، وأعلم جيداً أن الآباء والأمهات لا يذهبون إلى المدرسة مع أبنائهم بل يتركونهم للمدرسة على أساس أن الإدارة المدرسية مسؤولة، من ناحية الإدارة المدرسية لا يمكنها أن تراقب كل الطلاب في كل وقت ومن ناحية أخرى عندما تقع الفأس على الرأس لا يمكن للإدارة المدرسية أن تبتكر معجزة لتزيل كل آثار الضرر.

من ناحية التعليم كنت في الماضي القريب أظن أنني الصوت الوحيد الذي يقول أن التعليم في مدارسنا ليس بالمستوى الذي يبرر وجود الطالب 12 عاماً في المدرسة، اكتشفت لاحقاً أن هناك أناس كثر يؤيدون كلامي، فإن كنت أنا أقول هذا الكلام لأنني فاشل دراسياً فماذا عسى أن يكون رد الناس الذين يذكرونني بفشلي على آراء خبراء في التعليم؟ هل المدرس الذي قضى 30 عاماً في التعليم لا يفهم مثلاً؟ أو أنه هو الآخر فاشل دراسياً؟

لم تعد هناك فائدة من تحويل الموضوع ليناقش أمراً يخصني عندما يتفق آلاف من المعنيين بالتعليم والمتخصصين فيه على أن نظم التعليم حول العالم سلبياتها كثيرة ولم تعد تلبي حاجة العالم اليوم، هناك عشرات الكتب والأبحاث حول الموضوع، هناك تجارب عديدة حول العالم تثبت أن هناك طرقاً مختلفة للتعليم ولم يعد من المجدي التركيز على أسلوب واحد في التعليم، المدارس بشكلها الحالي وبأسلوبها الحالي ليست مقدسات لا تمس، ليست إهرامات لا تهدم، ليست جبالاً لا تتزحزح، التعليم اليوم من صنع البشر، وما هو من صنع البشر لا يمكنه أن يبقى صالحاً لكل مكان وزمان.

حتى وقت قريب كنت أقرأ لمن يؤيد كلامي في الشبكة أو في الكتب، وقد بدأت أسمع من آباء كلاماً يوافق كلامي، بعضهم يرى التعليم مضيعة للوقت لأن ابنائهم لا يتعلمون الكثير ويقضون نصف يومهم في المدرسة ويعودون للبيت متعبين يحلون واجباتهم وينامون ليعيدوا اليوم نفسه غداً وبعد غد، هل تستحق المدارس هذا الجهد؟ في الماضي كان مجرد طرح السؤال يعتبره البعض وقاحة والآن آباء يفكرون جدياً في بدائل المدرسة، وبالمناسبة لم أحدثهم أنا بشيء، لم أفسد عقولهم، هم الذين تحدثوا في الموضوع.

هل هؤلاء الآباء مجانين؟ لا ... بالطبع لا، بعضهم ينظر للأمر من ناحية عملية فلا يرى الجهد والوقت والمال الذي يبذل في التعليم يبرر وجود ابنه في المدرسة لوقت طويل، بعضهم يرى الأمر من ناحية أخلاقية فهو يخشى على ابنه من أي اعتداء وهذا الخوف له ما يبرره، يغضبني أن يقلل البعض من شان هذا الخوف، ما لن تقبله أبداً لابنك عليك ألا تقبله لآبناء الآخرين ولا تقلل من شأنه.

إن وصلت لهذا السطر فلعلك تهز رأسك وتسأل: طيب ما الحل؟

حالياً؟ وبكل صراحة؟ لا يوجد حل! أو لا يوجد حل بدون سلبيات كبيرة، فمثلاً أنا أدعوا للتعليم المنزلي، ولا يعني هذا أن كل أسرة قادرة على تعليم ابنائها، لا شك لدي أن الأسرة المهملة للأبناء لا يمكنها تعليمهم، لذلك خيار التعليم المنزلي هو خيار للأسرة الواعية الحريصة على ابنائها، الأسرة الحريصة على أن يتلقى ابنائها تعليماً بجودة عالية يحفظ للابناء عقولهم وينمي مواهبهم، هؤلاء الذين يمكنهم توفير هذا المستوى من التعليم سيناسبهم التعليم المنزلي ... هل هذا واضح؟

الاعتراض الأساسي للتعليم المنزلي يدور حول أمرين، الشهادة والتواصل الاجتماعي، التعليم المنزلي في بلداننا مفهومه مختلف كلياً عن التعليم المنزلي الذي أقرأ عنه ويمارس في بلدان مختلفة، فما أعرفه لدينا هو تعلم المنهاج المدرسي الرسمي ثم أداء الامتحانات في منتصف ونهاية العام، هذا كل شيء، بينما التعليم المنزلي في دول أخرى يعني أن الأسرة تضع المنهاج بأكمله لابنائها وهي تصمم كل الأنشطة التعليمية، هذا النوع من التعليم غير معترف به لدينا وبالتالي لن يحصل الطالب على شهادة وبالتالي ستكون نظرة المجتمع له سلبية ولن يحصل على عمل حتى لو كان الأخ غير الشقيق لآينشتاين ... بالمناسبة ماذا تعني الأخ غير الشقيق؟

قيمة الإنسان لدينا بحاجة لمراجعة، أسلوب الحصول على شهادة بحاجة لمراجعة، ونحن بحاجة لاعتراف رسمياً بالتعليم المنزلي ووضع أسس لتقييمه كما هو الحال في أمريكا واستراليا وبلدان أخرى، حالياً من سيعلم ابناءه بنفسه في المنزل فعليه أن يتحمل تبعات هذا القرار، قد يكون الأمر إيجابياً لهم من ناحية وسيكون سلبياً لهم من ناحية أخرى.

أما الجانب الاجتماعي فهو أمر آخر يغضبني، لا أدري إلى أي مدى وصلت قناعة البعض أن المدرسة هي المكان الوحيد أو المكان الأنسب للتواصل الاجتماعي للطفل، أنا لا أوافق على هذه النظرة، على العكس أجد أن المدرسة هي صورة مشوهة للتواصل الاجتماعي فهي لا تعطي الطفل صورة كاملة عن المجتمع بل عن جزء منه.

بالنسبة لي أرى التواصل على مستوى الحي الذي يعيش فيه الطفل أهم بكثير من صداقاته في المدرسة، مجتمعاتنا العربية والمسلمة عموماً أساسها الأسرة لا أي مؤسسة أخرى، والأسر في الغالب تعيش في منطقة واحدة والانتقال من مكان لآخر لا يحدث لدينا كما يحدث في الغرب، الأمريكان مثلاً يرون بيع بيوتهم والانتقال لبيوت أخرى أمراً طبيعياً أما نحن ففي الغالب سنعيش في بيت واحد لمدة طويلة أي في حي واحد، الصداقات على مستوى الجيران والحي أراها أكثر أهمية وفائدة للطفل، أراها طبيعية أكثر من المدرسة.

ثم هناك التواصل الاجتماعي مع البقالة، السوبر ماركت، السوق، المؤسسات الحكومية، المكتبة، الحديقة العامة، عامل النظافة، الشرطي، إمام المسجد، بواب البناية وغير ذلك كثير، هؤلاء الأشخاص وهذه المؤسسات كلها جزء من المجتمع ومن المفترض أن المدرسة تعلم الطلاب كيف يتعاملون مع كل فرد وكل مؤسسة، هذا لن يحدث، على الأقل هذا لن يحدث في مدارسنا بوضعها الحالي، ولعل هذا أمر طبيعي مقبول لأن المدرسة لا يمكنها أن تقدم كل شيء وعلى الأسرة أن تكون هي أساس التعليم حتى لو كان الطفل يذهب لمدرسة، إرسال الطفل إلى مدرسة لا يرفع العبء عن الأسرة التي يجب أن تعلمه وتربيه.

اعتراضي هنا على فكرة أن المدرسة هي المكان الوحيد للتواصل الاجتماعي للطفل وإن كان الطفل يتعلم في المنزل فسنحرمه من هذا التواصل، لا أوافق هذا الكلام وأجد أن هذه مشكلة ستظهر لدى أي أسرة حتى لو أرسلت الطفل إلى مدرسة، التواصل الاجتماعي كما أسلفت أساسه الأسرة والحي وبيد الآبوين ربط الطفل بمحيطه الاجتماعي أو عزله عنه، مرة أخرى نعود للأسرة، ما يذكره البعض من سلبيات يمكن للأسرة المهتمة الحريصة أن تتجنبها.

نقطة أخرى مهمة وهذه رأيتها في منزلنا وبالتأكيد موجودة في منازل أخرى، وجود أجيال مختلفة حول الطفل ضروري لكي تنتقل الثقافة من جيل لآخر، كثير من أبناء إخواني رأوا أبي وتحدثوا معه ولعبوا معه، لن أنسى صورة أبي وهو يحبو على أربع بينما تركب ظهره ابنة أخي الصغيرة، وجود الأبناء مع الآباء والأجداد والأعمام والعمات هو نوع من التواصل الاجتماعي الأساسي، هذا لن يحدث في المدرسة، ولن يحدث عندما يقضي الطفل نصف يومه في المدرسة وفي المنزل يقضي معظم ما تبقى من يومه في الواجبات.

أعلم أنني حتى الآن لم أقدم حلاً عملياً أو كلاماً جديداً، كل ما قلته سابقاً سبق أن كتبته ... سابقاً!

كتاباتي في الماضي لم يكن هدفها أن أغير نظام التعليم فهذا أمر بعيد المنال وصعب - ليس مستحيلاً - هدفي أن أزرع فكرة عدم القبول بالنظام التعليمي بشكله الحالي، ربما لا توافق كلامي بسبب تجربتي في المدرسة، لا بأس بذلك، لا تستمع لي، استمع لخبراء التعليم والذين كتبوا كتباً وأبحاثاً مفصلة حول الموضوع، دعني أخبرك أنك ستجد ما قرأته هنا ستقرأ هناك بأسلوب مختلف، لكن هؤلاء خبراء وأناس قضوا حياتهم في التعليم،

ما الحل؟ أظن أن لدي جزء من الحل، سأكتب عنه في موضوع منفصل.

8 تعليقات:

غير معرف يقول...

إذا لم تغير هذه الافكار قتصبح مجنونا قريبا
أنت تحاول أن تفير كل شيئ
هذه حالة من عدم ارضا عندك
اسمع
في وقتنا يجب أن يذخب الاطفال للمدرسة ثم الثانوية ثم الجامعة ويحصلون على شهادة جامعيةثم مستقبل وظيفي ثم زوجةو أولاد
هذه هي الحياة , بخصوص المعرفة التي يحصلون عليها وغن كانت قليلة لكنها مفيدة
من أخبرك بأن الناس تريد من أطفالها حمل معرفة ضخمة في عقولهم من المدرسة , أريدهم أن يعلمو قليلا فقط بقدر ما يفيدهم ويبعدهم عن الجعل وأن يكونوا مستعديل للعمل بعد الجامعة والانتاج هذا ما تستطيع المدرسة ان تقدم
انا من يريد ان يجهل إبنه مثقفا فهدا أمر مستجيل ,الطفل الذي يحب أن يتعلم سيتغل كل وقته ليفعل ذلك والمدرسةلن تكون عائق
مشكلنك أنك تعاني من مرض التفكير ,تعلم أن تطفى عقلك قليلا وترتاح
إقبل الدنيا يا أخي , المشكلة ليست مشكلة التعليم المشكلة هي في أمثالك يا إلاهي تريد منا أن نعلم أبناءنا في المنازل أي عالم سطجي وزهري تعيش فيه
والاكثر من ذلك ان نعلمعم وفق منهاج خاص بنا
لكن معك حق ومالذي وراءك انت ,انت لا تعاني من الجوع ول الخوف ولا ينفصك شي ,تسافر إلى الهند وتفني عمرك في إنتقاد كل شي
عندما تعاني من الجوع والحرمان ستعرف جيدا قيمةالمدرسة والجانعة التي تنتقدها
أفضل شيئ تقوم به قبل أن تحاول إنقاض العالم هو إنقاض نفسك من عزلةواخلام قاتلة

غير معرف يقول...

مالهدف والغاية من إصلاح التعليم أو من تطويره ؟
هل هو تقدم المجتمع و خروجه من حالة التخلف ؟
سأقول لك سراً
تقدم المجتمع يكون بإعادة التأسيس الثقافي
فلو طبقنا مناهج التعليم اليابانية أو الأمريكية في الدول العربية فلن يتغير شيء في واقعنا أبداً
ليس الأمر بهذه البساطة

لأن التعليم محكوم بالثقافة وليس حاكماً لها , فالفرد يأخذ ثقافته من المجتمع بشكل تلقائي
فأنا وأنت كلنا مبرمجون بثقافة معينة لم نخترها بل فرضت علينا لأننا ولدنا في بيئة ثقافية معينة

فمعتقدتنا ومسلماتنا و ما نستقبحه و ما نستحسنه كل ذلك هو نتاج الثقافة التي ولدنا فيها.
والسبب الرئيسي لتخلف الشعوب هو انغلاق الثقافة .

فأنت يا أستاذ عبدالله لو طرحت رأيك هذا حول المدرسة في مجتمع ذو ثقافة منفتحة لوجدت ردود أفعال أفضل مما تجدته في مجتمعنا لأن ثقافتنا في الغالب تستحسن الوضع الحالي مهما كان سيئاً وترفض التغيير و تستهجن الآراء المخالفة

إعادة التأسيس الثقافي تحتاج إلى عدة أجيال لنقل الثقافة من الانغلاق إلى الانفتاح و يكون ذلك عبر عدة أمور من ضمنها التعليم ولكن ليس هو كل شيء .

Unknown يقول...

أخي عبدالله...
في مقالك خلطت بين مشكلتين وجعلتهما واحدة،
فأما الأولى: المشكلة الأخلاقية، فقد جعلت هذه المشكلة من نواتح المدارس ونظام التعليم، وإزالة المدارس يزيل هذه المشكلة، والواقع أن هذه المشكلة مشكلة مجتمع، وليست مشكلة مدرسة أو نظام تعليم.
فالأمثلة التي أوردتها موجودة خارج المدرسة أيضاً، فالاعتداءات والتحرشات وأسلوب العصابات ليس موجودة في المدرسة فقط، أخرج وتمشى في ليلة ما في الشارع وسترى ما كنت تراه في المدرسة من هذه الناحية.

وأما المشكلة الأخرى: نظام التعليم، أتفق معك أن هناك مشكلة في نظام التعليم، وفي كيفية التدريس، وطرقها والمنهاج والكثير من الأمور التي ذكرتها.

النقطة التي أريد أن أصل إليها، هي عدم الخلط بين المشاكل وتصنيفها، فالمشكلة الأخلاقية هي مشكلة مجتمع وحلها يكون نابعاً من حلها في المجتمع وبالتالي ستنعكس على المدرسة، أما المشكلة الثانية ، مشكلة نظام التعليم، فهي متعلقة في نظام التعليم.

أما حلهما (هاتين المشكلتين) فلا يتم إلا عن طريق قرار سياسي. والمشكلتين نابعتين من أصل واحد، ألا وهو المجتمع وتكوينه، أفراداً وعلاقاتٍ وأنظمة.

على الهامش: الأخ غير الشقيق، الذي يكون أحد الوالدين ليس والداً للآخر، بمعنى أن يكون أخي ليس من أمي أو ليس من أبي.

وتقبل تحياتي

Asim يقول...

هذه هي الحياة ،
فإن لم يواجه الإبن هذه المصاعب في المدرسة سيواجهها في حياته عندما يكبر وسيكون اقل خبرة في التعامل معها
وحينها ستكون المصيبة أكبر سيُصدم وربما يعتزل الناس ويبقى وحيداً بسبب انه توقع ان يُقاب مجتمعا طاهراً خاليا من الأخطاء لكنه وجده مليئا بكل الأخطاء التي لم يتوقعها


انا اعتبر ان المدرسة هي عبارة عن تجربة للطفل وتنقل له صورة من الحياة التي سيواجهها بكل مافيها من المحاسن والمساوئ ، فهو سيواجه الصالح والطالح وهكذا هي المجتمعات .

حسن يقول...

قد اوافق الكثير من آرائك أخي
إن الحل الحقيقي يكمن في اصلاح هذه المؤسسات وهذا يمكن ان يكون بإرادة جماعية من الأسرة والحكومة والعاملين في قطاع التعليم ففي هذا تخلص من المشكلة جذريا، وايحاد حل للجميع وخاصة لمن لا يفكر في حل، فتربية ابناءه ليس شيئا خاصا به بل هو امر خاص بالامة والمجتمع لابد منه
لكن لك الحق ان تجد حلا لأبنائك وتنجو من الشرور التي تحوم حولهم، أوافقك تماما، ولا أومن ابدا بوجوب الذهاب الى المدرسة لمدة زمنية للحصول على شهادة ما، ان كانت هذه الشهادة دليل على مكتسبات معرفية للطالب فلما لا تقدم له بمجرد اكتسابه لها.
ليس لدى ابناء، وسيكون لي ابناء ان شاء الله لكني افكر بجد في ايجاد مدرسة اضمن فيها مستوى مقبول من الأخلاق داخلها ثم اني لن اكتفي بتدرسيهم فيها ساعتمد على تدريس ابنائي بمفردي وساعمل على اختصار مسافة الوصول الى الجامعة (حيث يكون مسؤولا عن دراسته)، ارى انه يمكن اختصار المراحل خاصة تلك الاولى الى النصف او أقل واكتفي باجتياز امتحانات الانتقال بين الأطوار
ان هذا غير متوفر حاليا لدينا فاجتياز امتحان الدخول للجامعة يطلب منك فيه شهادة بدراسة السنة النهائية، اليس هذا غباء!!!

في انتظار ما ستكتبه، أهتم كثيرا بهذا الموضوع

Turki يقول...

يعطيك العافيه اخي عبدالله
موضوع مهم واحتاجه حاليا حيث ان لدي ابني اول سنة هي السنة القادمة واتمنى موضوعك القادم يفيدني
فانت تعلم مصيبة التدريس لدينا هو للوصول الى الجامعة يجب ان تدرس المراحل جميعها لتصل للثانوية العامة
يانتظار موضوعك
وشكرا

أسامة يقول...

أظن أنني أختلف معك في الرأي حول هذا الموضوع يا صديقي العزيز:)

فأنا لست مع التعليم المنزلي أبدا إلا في حالات خاصة جدا..حيث أنني أرى أن ذهاب الطفل إلى المدرسة مهم بل ضروري جدا حتى لو كانت مناهجنا تعاني من خلل كبير كما هو الحاصل في التعليم الحكومي وهي الجزئية الوحيدة التي أؤيدك فيها.

وأرى أنك بالغت نوعا وصفك للبيئة التعلمية في السابق بأنها فاسدة.. فأنا وإياك تقريبا من نفس الجيل وأظننا درسنا في نفس المدارس ولا أرى أن الوضع كان بذلك السوء

نعم كانت هناك مشاكل أخلاقية وكان هناك طلاب ومدرسين سيئين ومنحرفين لكن بالمقابل كنت أرى أنها كانت سنوات جميلة خرجت منها بخبرات كبيرة ساهمت في صقل شخصيتي بالاضافة إلى التجارب الحياتية الأخرى والتي جعلتي أصل إلى ما وصلت إليه إليه الآن.

ولو افترضنا أن التعليم الحكومي مازال يعاني من تخبط وهي الجزئية التي ذكرت أنني أؤيدك فيها.. فهناك التعليم الخاص ومدارس توفر بيئة تعليمية وتربوية صحية نوعا ما ..مدارس كمدرسة الاتحاد والبشائر في أبوظبي مثلا أظنهما يقدمان التربية والأخلاق على الربح المادي بعكي ما تفعل أغلب المدارس الخاصة.

أخيرا أرى أن التعليم ليس بالضرورة منهج دراسي سليم..أنا مدرستي قائمة على الاحتكاك المباشر والتجارب الحياتية والتي تعد المدرسة واالجامعة وغيرها من المؤسسات التعليمية جزءا منها

غير معرف يقول...

الحمد لله أن أحدا يحمل فكرا كفكرك الناضج يؤيدني في أمر لم يزل سببا لتضجري لوقت طويل. السؤال الذي دائما ما كنت أطرحه : هل كل هؤلاء الناس بهذا المستوى من السطحية حتى يقتنعوا بجدوى هكذا تعليم ؟!!