الخميس، 7 يناير 2010

مختصر قصة الدراجات الهوائية

لو أمكنك أن تعود إلى الماضي وبالتحديد إلى الثمانينات من القرن الماضي وتزور مدينة بكين ستلاحظ أن معظم الناس يستخدمون الدراجات الهوائية، مئات من الناس يسيرون بانتظام وكل على دراجته الهوائية، كل يحمل أمتعته وكل يسير نحو عمله، السيارات قليلة ولا يمكنها السير بسرعة كافية لكثرة مستخدمي الدراجات الهوائية، بكين في ذلك الوقت كانت أكثر نظافة مما هي عليه اليوم، فالسيارات اليوم هي المسيطرة على شوارع بكين، أناس كثر أصبحوا من الطبقة الوسطى وهؤلاء يرون شراء سيارة حلماً ووسيلة لإخبار الآخرين بوضعهم المالي، لكن حلم السيارة يصبح كابوساً عندما يتحقق في بلاد مثل الصين يسكنها أكثر من مليار شخص.

أسلوب الحياة الأمريكي يجب ألا يتكرر في أي بلد آخر، ما يستهلكه الفرد الأمريكي يكفي لإطعام عدة أفراد في دول أخرى ويكفي لتوفير طاقة لعدة عوائل في إفريقيا، المشكلة هنا أن الفرد الصيني الذي أصبح غنياً كفاية مؤخراً يريد جزء من أسلوب حياة الأمريكي الاستهلاكي، يريد شراء سيارة وبيتاً أكبر وأفضل من بيته الحالي ويريد أن يتناول طعاماً مختلفاً عن الطعام التقليدي، والنتيجة أن الصين أصبحت الرقم واحد في إصدار الملوثات لكن متوسط التلوث للفرد الصيني لا يزال أقل من متوسط التلوث للفرد الأمريكي، هل بإمكانك أن تتخيل ما سيحدث لو أن متوسط التلوث الفرد الصيني ارتفع ليوازي الفرد الأمريكي؟ ستكون كارثة علينا جميعاً.

أسلوب حياة الدراجة الهوائية يختلف عن أسلوب حياة السيارة، الدراجة الهوائية صحية أكثر للفرد وأقل تلويثاً بكثير من أي سيارة، ومن المفترض أن تشجع المدن ساكنيها على استخدام الدراجات الهوائية وهذا ما يحدث فعلاً في مئات المدن حول العالم، مدينة كوبنهاجن مثال لما يمكن أن تقدمه أي مدينة لمستخدمي الدراجات الهوائية.

لكنني لا أريد الحديث عن الدراجات الهوائية اليوم بل عن تاريخها، كيف وأين بدأت؟

لنعد إلى القرن التاسع عشر وبالتحديد في عام 1820م حيث ظهر في ألمانيا اختراع يسمى آلة الركض وكانت آلة بسيطة ولا تحوي أي وسيلة دفع ولها عجلاتان مثل الدراجات الهوائية أم الدفع فيكون بأن يستخدم الراكب رجليه، وفي الستينات من القرن الثامن عشر أضاف رجل فرنسي مرفقاً أو ذراعاً للتدوير يسمح له بتدوير العجلة، هكذا تخلى الناس عن فكرة آلة الركض وبدأوا في تطوير ما نعرفه بالدراجة الهوائية.

كانت الدراجات الهوائية الأولى تعاني من مشاكل عدة، منها أن الدفع والتحكم باتجاه الدراجة كان ينجز من خلال العجلة الأمامية ولم يكن هذا سهلاً، ثم كانت العجلات متقاربة وكبيرة وهذا ما جعل الدراجات الهوائية صعبة القيادة على الطرق غير المعبدة وحتى على الطرق المعبدة بالصخور حيث تتحول الدراجة لآلة تكسر عظام راكبها، وأخيراً لم تكن الدراجات سريعة كفاية.

حلت هذه المشاكل بطرق مختلفة، منها بتطوير دراجة هوائية بعجلة أمامية ضخمة وعجلة خلفية صغيرة، هذه الدراجة لم تكن آمنة بسبب ارتفاعها إلا أنها كانت سريعة وثابتة عندما تسير بسرعة، ثم طور الإنجليزي جون ستارلي فكرة السلسلة التي تدير العجلة الخلفية، وفي أواخر القرن التاسع عشر بدأت تظهر دراجات هوائية تسمى الدراجات الآمنة وهي تشبه ما نعرفه اليوم من دراجات هوائية.

في أواخر القرن الثامن عشر بدأت الدرجات الهوائية في الانتشار وظهرت أندية عديدة في أوروبا وأمريكا لتجمع بين مستخدمي هذه الآلات وتنظم السباقات، وبدأت تحسينات كثيرة تدخل على الدراجات الهوائية، أنواع مختلفة من المكابح، وأنواع مختلفة من تروس نقل الحركة تساعد الراكب على تحقيق سرعات كبيرة أو صعود الهضاب والطرق المرتفعة، وظهرت دراجات هوائية بثلاث عجلات وأربع عجلات ثم ظهرت الدراجة التي تسمى Recumbent، وهي دراجة تسمح لراكبها بوضعية جلوس مريحة أكثر من الدراجات الهوائية التقليدية وتوفر أيضاً إنسيابية أفضل لراكب الدراجة، هذا ما جعلها تتفوق على الدراجات الهوائية التقليدية في السباقات.

حاول البعض إضافة محركات احتراق داخلي للدراجات الهوائية وهكذا ظهرت أول الدراجات النارية ثم ظهرت السيارات التي كانت تسمى في ذلك الوقت Cyclecar وقد كانت سيارات خفيفة بإطارات نحيفة ومحركات صغيرة.

هذا ملخص قصير فقير لتاريخ الدراجات الهوائية، في الحقيقة أدركت للتو كم التفاصيل التي يمكن الكتابة عنها في هذا الموضوع، خصوصاً من ناحية التأثير الاجتماعي والاقتصادي للدراجات الهوائية، تصور مثلاً أن امرأة فقيرة في آسيا أو إفريقيا يمكنها أن ترفع دخلها فقط إن حصلت على دراجة هوائية.

هذا الموضوع كتبته لأنني وعدت شخصاً بفعل ذلك لكنني الآن أجد أنني أرغب في قراءة المزيد عن الموضوع.

4 تعليقات:

اقصوصه يقول...

منذ صغري

كنت احلم بركوب دراجه هوائيه

وكلما كبرت

كلما اصبع تحقيق هذا الحلم اكثر صعوبه!

شكرا لاخذنا في جوله لعالم الدراجات

بإنتظار جديدك على الدوم

marrokia يقول...

من اجمل متع الدنيا
ركوب الدراجة العادية والدراجة النارية
وقد جربت كلاهما
انصحك عزيزتي اقصوصة بمحاولة تجربة الدراجه ، فالامر لا علاقة له بالسن
سلامووووو

Unknown يقول...

لازلنا في معامل أرامكو السعودية نستخدم الدرجات للتنقل السريع داخل المعمل والذي يبلغ مساحته أقل من كيلو بقليل. وعادةً تكون فيها سلة صغيرة أمام المقود ليحمل بعض الحاجيات الصغيرة والضرورية.

كذلك نستخدم الدرجات ذات الثلاث عجلات لحمل بعض الأدوات الكبيرة والتنقل بها من مكان إلى مكان آخر.

يلقى أيضاً إعتناء خاص وإهتمام كبير من قبل الموظفين أصحاب الدراجات، تراه ينظفها ويزينها حتى تكون معلم بارز في حال السرقة. وكذلك يوجد هناك ورشة صغيرة يديرها أحد الأسيويين مهمته الوحيدة إصلاح كل ما يتعلق بالدراجات بشكل مجاني.

غير معرف يقول...

في الدول الاسكندافية انتشرت الدراجة خلال السنوات الماضية حتى أن بعض الوزراء أصبحوا يذهبون إلى العمل بواسطتها