الثلاثاء، 2 ديسمبر 2008

اليوم الوطني ... واعتراف

لا أدري من أين اكتسبت شعور عدم المبالاة بشيء، سمعت كثيراً "أنت بارد" من الأسرة والأصدقاء والمدرسين ولا زلت أسمعها بين حين وآخر، لأنني لا أهتم، لأنني لا أبالي بالنتائج، أتذكر كيف كان المدرس يحترق أمامي ويهتم بغيابي ويحرص على أن أفهم العواقب، يقول لي "ستفصل من المدرسة وستضيع سنة أخرى عليك" فأرد بكل ثقل وبرود "إن حدث هذا فأنا أستحقه، أنا أتحمل مسؤولية أخطائي!" ولم يكن لديه رد على هذا المنطق العجيب سوى أن يرمي "أنت بارد" قبل أن يذهب وهو التربوي الذي نادراً ما يزل لسانه في أي موقف.

شعور عدم المبالاة هذا لا يعني أنني لا أهتم بشيء فهناك أمور كثيرة تهمني، وليس من بين هذه الأشياء اليوم الوطني للإمارات! بالنسبة لي في الماضي - وحتى اليوم - كان اليوم الوطني يعني إجازة يومين فقط، وإن جاء في وقت مناسب سيكون إجازة أربعة أيام متواصلة، الاحتفالات والأغاني والأعلام كلها بالنسبة لي مظاهر لا تهمني، أعلم جيداً أن هناك أناس يعبرون عن فرحتهم وحبهم للوطن بهذه المظاهر، أحترم ذلك، شخصياً لا أستطيع أن أمارس هذه الأشياء لأنها بالنسبة لي لا تعبر عن الولاء للوطن.

شخصياً أرى أن أفعالاً صغيرة هي أكثر تعبيراً عن حب الوطن، كأن ترمي القاذورات في سلة المهملات بدلاً من رميها في الشارع وأنت تسير بسيارتك الفخمة ولا تبالي بأي شيء إلا نفسك وسيارتك، هذا الفعل الصغير يعني لي الكثير، هناك شباب مستعدون لضرب صدورهم ونفخها عند الحديث عن الوطن لكنهم لا يجدون أدنى حرج في رمي القذارات في الشارع ومخالفة قوانين المرور وإزعاج الحي بأكمله لطلب شطيرة "شاورما" من كافتيريا وضعت خطأ في منتصف الحارة.

ممارسة المسؤولية تجاه الوطن أهم بكثير من أي مظهر من مظاهر الاحتفالات، بإمكان المرء أن يضع علماً على سيارته ويضع عبارات تعبر عن حب الوطن، لا بأس بذلك، في نفس الوقت عليه فقط أن يستشعر المسؤولية ويجعل حب الوطن أفعالاً إيجابية، والأمثلة كثيرة:
  • تعامل مع الجميع باحترام، لأن هذا أمر يحث عليه ديننا ولأنه يعطي صورة إيجابية عن المواطن، من المؤسف فعلاً أن  نسمع قصصاً عن مواطنين يشوهون صورة الإماراتي بتكبرهم وظلمهم للناس، الدين والأخلاق أهم من أي شيء آخر، أوصي نفسي بهذا قبل الآخرين.
  • لا تسرف، سواء في استهلاك الماء أو الكهرباء أو حتى في تناول الطعام، نصيحة أوجهها لنفسي قبل الآخرين.
  • اقرأ، أقرأ، اقرأ، تعلم، أقرأ، علم الآخرين، أقرأ، ثقف نفسك بأي طريقة، أقرأ، المدارس لا تكفي ... أقرأ ... سأكرر هذه الكلمة إلى أن تصاب بالصداع! لنعترف أن كثيراً من شبابنا يجهلون الدنيا لكنهم علماء في الإطارات والمحركات والتلفونات ... والبنات!
  • حافظ على صحتك، مارس الرياضة، نصيحة أخرى أوجهها لنفسي، الأصحاء يستطيعون تقديم المزيد للوطن وللناس ولا يحملون الدولة تكاليف الرعاية الصحية.
  • عندما ترى أي خطأ فلا تسكت، صمتنا كثيراً ونحن بحاجة للتحرك، اتصل بالمسؤولين، بالإعلام، تحدث مع الشرطي، تكلم بنفسك.
  • هل يمكننا أن نستغني عن الخدم؟ عن العمالة الأجنبية في مشاريعنا التجارية؟ شخصياً تحدثت مع أبي حول الموضوع كثيراً في الماضي، لدي علاقة طيبة بالخدم في منزلنا لكنني مؤمن باننا لا نحتاجهم أو على الأقل نستطيع أن نستغني عن بعضهم، لكن صوتي لا يسمع.

    لذلك كتبت من قبل أنني لو تزوجت - ولو هنا أصبحت في الحقيقة لن! - سيكون أحد الشروط "عدم إحضار خادمة" مهما كانت الظروف، هناك أسر حول الخليج لديهم تجارب إيجابية تثبت أننا لسنا بحاجة للخدم.
  • تعرف على بلادك، سافر من شرقها لغربها وزر الأماكن وتحدث مع الناس، هذا شيء أتمنى أنني أفعله لكنني لا أملك رخصة قيادة وأخي الذي كلمته كثيراً عن الفكرة يؤجلها بكلمات مثل بعدين وبنشوف وغيرها، أظن أن علي استخراج رخصة القيادة، يا إلهي ... هذا يعني أن أستخرج بطاقة الهوية أيضاً!

    التعبير عن الحب للوطن لا يكون في يوم واحد أو يومين، وبالتأكيد لن يكون في مسيرات إزعاج يرقص فيها بعض الشباب على أنغام "المعلاية" وتمارس بعض الفتيات فيها وقاحة وقلة أدب يسمونها "التعبير عن حب الوطن" وهي في الحقيقة سقوط أخلاقي فاضح نزع آخر ذرة من الحياء.

    هذه المسيرات المزعجة بما فيها من قلة أدب تشوه صورتنا وتعطينا فكرة عن مستوى تفكير بعض شبابنا وعن مستوى أخلاقياتهم، هؤلاء لا يشرفون البلاد بما يفعلون. 

    ليكن حبنا للوطن أفعالاً إيجابية يومية حتى لو كانت صغيرة كإزالة الأذى عن الطريق، هذا خير من كل المسيرات.

    16 تعليقات:

    غير معرف يقول...

    نفس الحال عندنا في السعودية..
    ليس لدينا شيء أسمه ثقافة الإحتفال في أي شيء
    تشوف الشباب في تجمعات موسيقى صاخبه و قلة أدب لا كن الوطنية الحقيقية في خدمة بلدك ولعل ما اسلفت أنت يكون كافيا لتكون وطنيا...

    ..أبو ريتاج

    مسك الحياة يقول...

    أتمنى لو كان باستطاعة الكل أن يقرأ ويفهم تعريف الوطنية من هذه التدوينة..

    أو أن توزع كمنشورات لتعم الفائدة.. (تظل أمنية)..

    هذه هي الوطنية والتي يجب أن ينشئ عليه الطفل ويتربى عليها..

    أصبح من مظاهر الاحتفال التفسخ من الحياء وهذا هو المؤلم.. فكيف نثق بمن يمارس الوطنية بصورة سيئة.. ويشوه صورة الوطني محلياً أو دولياً.. بقصد أو دون قصد..


    لك كل الشكر على إعادة صياغة الوطنية..

    لا حرمك الله الأجر..

    غير معرف يقول...

    صدقت ..

    نحن بحاجة لحب فعلي لوطنا ، و ليس حب مزيف كما يدعيه البعض

    و الله يحفظ البلاد و أهلها من كل شر ، و إن شاء الله مزيد من التقدم و التطور

    غير معرف يقول...

    رااائع يا عبدالله .. أقف مصفقا لما دونت .. بالضبط هو هذا الذي أشعر به .. الوطنية أن تاحفظ على الوطن أن تتكلم إذا رأيت خطا .. أن تتعامل مع الكل باحترم .


    عبدالله ، لا ليسن ولا هوية ! .. عيل لازم نضيف مظهر جديد من مظاهر الوطنية ؛)

    غير معرف يقول...

    اقتباسا من تدوينتي لليوم:
    "الوطنية خدمات, و ليست كلمات لا معنى لها"
    "الوطنية تعمل و لا تتكلم"
    "الوطنية خدمة و تضحية, لا كلمات جوفاء و لا خطب رنانة"
    الوطنية قول و فعل ... هذه جملتي :) .

    ...........أعتقد أنها تناسب فكرة موضوعك.
    و "ليكن حبنا للوطن أفعالاً إيجابية يومية ".

    غير معرف يقول...

    كثير من الدول العربية تعاني من نفس المشكلة، احتفالات اليوم الوطني دائماً ما تكون حاملة معاها شيئاً من المشاكل..
    يعجبني في ماليزيا الاحتفالات الرسمية التي تقيمها بلديات المدن على مسارح كبيرة مفتوحة ووجود كبار المسؤولين.. تشعر بأنك بالفعل تحب وطنك! حتى وإن كانت الاحتفالات اغاني وأهازيج وترى بعض الأشكال التي لا تمت للوطنية بـ صلة، لكن اهتمام الحكومة بهذا الحدث بحد ذاته مهم :)

    >>> كيف ما عندك هوية? أجل كيف ماشي في المعاملات الرسمية?

    Dr. Chandra يقول...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    الاخ الكريم عبدالله المهيري
    تحية طيبة لك وللشعب الاماراتي في يوم عيد الاتحاد الوطني ...
    اري ان فكرة الوطنية والانتماء الي مكان او جنس معين فكرة صغيرة جدا اذا ما قورنت بالانتماء الي الفكر او الدين...
    الانتماء الي الدين انتماء اكبر واعم يضم بداخله اجناس واعراق وبلدان شتي ...و الوطنية او الانتماء ليس كما يحدث الان ولكن كما عبرت عنه انت ... الوطنية او الانتماء هو خدمة هؤلاء الناس والاهتمام بهم ... الشعور بانك قدمت شيء لهم فكريا او ماديا ...

    غير معرف يقول...

    احنا عندنا فى مصر (بلد الجازات) عندنا نفس الشعور ايضا المهم اننا بنكون اجازه فى
    -عيد العمال
    -عيد 6 اكتوبر
    -عيد الام
    -عيد شم النسيم
    -عيد علاء الدين سلامه "اسمى" هو ده الىى ناقص !!!!!!

    مختار الجندى يقول...

    اسلوبك رائع جدا ومقالاتك اكثر ابداعا
    اخى عبدالله انطلق الان
    فلقد توقفت كثيرا

    غير معرف يقول...

    الحمدلله عرجعتك .. يبدو انى وصلت متاخرة ..
    وربنا يحفظ بلادكم ..
    اما عنا فلا فى يوم وطنى ولا شى فى عيد الاستقلال وطبعا نحن محتلين فبذلك نكون لم نحتفل ابدا فى يوم كهذا ..

    ولكن اعجبنى كلامك عن التعبير بحب الوطن بالحفاظ عليه .. على العكس منا عبر عن حبك لوطنك بالصبر والبقاء فيه بكل قواك العقلية :)

    بس خبرنى كيف تمشى بالبلد من غير هوية اذكر انى منذ كنت بالصف العاشر وهويتى لاتغادر حقيبتى .. :)

    حنان احمد يقول...

    كما اسلف الكاتب
    اسلوب الصخب في الاحتفال باليوم الوطني حرية شخصية
    ان لم تكن ممن يعشقون الازعاج فلك ذاتك
    ولا يعني هذا ان ترفض ذوات الاخرين << للذين ينتقدون الشباب في طريقة احتفالاتهم

    شخصيا اعشق الصراخ للتعبير عن اي شئ
    فرح حزن تعجب .. الخ
    لكني حتما لا احتفل باليوم الوطني لاني لاارى في اليوم الذي تسمت به المملكة العربية السعودية بهذا الاسم سببا لان امجده

    واحتفل وحدي في اليوم الذي خرجت فيه لابارك الدنيا
    وبالهستيريا التي تغلف شوراع العرب في احتفالاتهم القومية ..

    بالمناسبة
    الاتحاد الذي كونته اماراتكم رائع
    ومجرد الاتحاد ذكرى تستحق ان تحيوها
    لا تهملها يا عبدالله ..

    غير معرف يقول...

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخوي عبدالله.. مثل ما قالت إختي حنان يظل يوم إتحاد إماراتنا مناسبة لها مكانة غالية في قلوبنا وتستحق منا جميعا أن نعبر عنها ولو بالشيء القليل وبأسلوب حضاري..
    دامت كتاباتك الرائعة..

    غير معرف يقول...

    تدوينه جميله , ولكن اظن انها ثقافه شعب والوطن العربي ككل
    التغيير لازم له حاجه كبيره جداً , ومبارك علي اليوم الوطني .

    غير معرف يقول...

    رائعة تدوينتك لكن ليه ماتطلع بطاقة هوية + قيادة؟
    هل منحرج يقولون ليه توك تطلعها مثلا ؟
    الإحراج لو حصل راح يكون مدته 30 ثانية أثناء السؤال فقط :)

    أنا قاعدتي في الحياة هو نسيان شخص احرجني ممكن ماأشوفه في حياتي نهائيا
    وهذا الشخص هو موظف الحكومة او المطار او غيره
    فلذلك خلك لامبالي من هالناحية وخلنا نشوف تدوينتك بخصوص إخراجك للهوية والرخصة :)

    عبدالله المهيري يقول...

    أشكركم جميعاً على المشاركة وأعتذر عن الرد على كل شخص، هذا رد عام.

    بطاقة الهوية في الإمارات لم تكن إلزامية إلا مؤخراً، ولا زلت غير مقتنع بفائدتها للمواطن، هي مفيدة للحكومة من ناحية، وقد أصبحت إلزامية لذلك علي أن أستخرجها، السؤال: ما الذي سيحدث لمواطن أصر على عدم استخراجها لأنه يؤمن مثلاً بضرر البطاقة؟

    عدم استخراجي للهوية ورخصية القيادة سببه "كسلي" أكثر من أي شيء آخر.

    غير معرف يقول...

    كلام اخي سردال لنظرها لأهميتها عندي وعند كثير من العقلاء :
    اقتباس (( ... اقرأ، أقرأ، اقرأ، تعلم، أقرأ، علم الآخرين، أقرأ، ثقف نفسك بأي طريقة، أقرأ، المدارس لا تكفي ... أقرأ ... سأكرر هذه الكلمة إلى أن تصاب بالصداع! لنعترف أن كثيراً من شبابنا يجهلون الدنيا لكنهم علماء في الإطارات والمحركات والتلفونات ... والبنات! ...)))

    وايضا هم علماء في اشياء اخرى اخجل عن ذكرها .