الأحد، 3 أغسطس 2008

أين "أوص" في حياة الجيل الجديد؟!

أتذكر جيداً كل لحظة تلقيت فيها ضربة من أبي، دعوني أقول بأنها لحظات قاسية جداً ولا زلت أشعر بالحزن عند تذكرها لكنني أتذكر أيضاً أن حزم أبي كان ضرورياً وربما بدونه لكنت أكثر شخصاً آخر لا يكترث لشيء أبداً، لم يكن أبي يمارس الضرب إلا نادراً ولسبب وجيه، مرة لأنني تأخرت كثيراً في بيت الجيران وقد كان قلقاً علي، مرة لأنني غبت كثيراً عن المدرسة وكنت في ذلك الوقت أتفنن في أساليب الهروب لكنها كلها لا تصلح في مواجهة أبي الذي يعرف جيداً أين يبحث.

هذا الحزم أتمنى لو أنه يعود مع ظهور جيل جديد في عائلتنا، الجيل الجديد لديه طاقة هائلة لكنها منفلتة في كل الأوقات، فمثلاً لا بأس لديهم إن كانوا يلعبون بصوت عال وبكل ما لديهم من قوة تخريبية في وقت متأخر من الليل، لم يكن هذا ليحدث في أيام طفولتنا فالليل هو وقت الراحة والهدوء، هناك وقت محدد لكل شيء، الجيل الجديد يجد أن الوقت مناسب لكل شيء.

أتذكر كيف كان أبي يستطيع أن يفرض حضر التجول بكلمة واحدة، يقول "أوص" فنسكت ويهدأ الوضع، لا يمكن لنا أن نتجرأ على قول أو فعل أي شيء، هذا الحزم مطلوب في كل وقت ومن المؤسف حقاً أن يفقده الجيل الجديد، ولا أعمم كلامي على جميع أفراد هذا الجيل، لكن الجزء الأكبر منه والأكثر إزعاجاً والذي يمارس دوره بإتقان وأنا أكتب هذه الكلمات.

حل جميع مشاكل الشرق الأوسط المعقدة أسهل من محاولة تهدأتهم، أذني تشتكي ورأسي هو الآخر يشتكي ولا يمكنني فعل شيء! يمكنني أن أتمنى وأحلم بوظيفة في سفينة لنقل البضائع، بعيداً عن كل شيء وبعيداً عن اليابسة، أيام تمضي لا تختلف عن بعضها البعض وبحر هادئ ينقلب إلى وحش قاتل في لحظات، أو أحلم بجبل في اليابان حيث الصباح متوشح بالضباب ولا شيء يعكر صفو الهدوء سوى أصوات الطيور، أو ربما رحلة في الصحراء بعيداً عن المدينة في مكان يمكن للمرء فيه أن يرى النجوم، أنا مستعد للتخلي عن حاسوبي والطاولة ... وماذا أيضاً؟ كرسي مريح، خزانة متوسطة الحجم، بعض العملات المعدنية، سأتخلى عن هذا مقابل مكان هادئ جداً.

7 تعليقات:

غير معرف يقول...

انت حتؤلي؟؟؟
للأسف هو جيل الحقوق المدنية و الخوف من عدم تطبيق بنود التجارة العالمية أو الإتهام بالإرهاب.
تدخل الغير في طريقة تربيتنا لأولادنا فلم نعد نملك الحق في تربية الأولاد وبالتالي لم يعد يهتم الكثير منا بهذا المتطلب الأساسي في حياة الإنسان.
انه عصر تغيرت فيه كثير من مفاهيم العائلة بل ربما تغيرت كثير من مفاهيم الإنسان تجاه نفسه و دوره في المجتمع.
تحياتي

غير معرف يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
غير معرف يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
عبدالله المهيري يقول...

ياسر الغسلان: المسألة بالنسبة لعائلتي أبسط من ذلك، الجيل الجديد أعني به أبناء إخواني، وهؤلاء لم يجدوا الحزم الكافي الذي يجعلهم ينظمون حياتهم بأسلوب بسيط، العب في النهار وارتح في الليل، هناك وقت محدد لكل شيء، لذلك أجدهم يلعبون في كل وقت، لا يتحملون المسؤولية عندما يرتكبون الخطأ، ليس لديهم احترام للكبار إلا أبي الذي ما زال حازماً.

Pinkota: وما علاقة الكاميرا بما أقول؟ لم أصور شيئاً لأنني لا أرى شيئاً يستحق التصوير. لكنني سأحاول.

أما اقتراحاتك فأقدرها، أتظنين أننا لم نحاول؟ هؤلاء لا يصلح معهم التهديد أو الحرمان لسبب بسيط هو أنهم لا يجدون سبباً كافياً للاستماع لنا، الوقت الوحيد الذي أجدهم ينتبهون فيه هو وقت التوبيخ، أما غير ذلك فيستحيل أن أجعلهم ينتبهون لما يقوله أي شخص.

غير معرف يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
عبدالله المهيري يقول...

Pinkota: وأنا لم أقصد تصويرهم، كان بإمكانك تجنب سوء الفهم هذا بأن تقولي "ألن تتخلى عن الكاميرا أيضاً؟" أما التربية الحديثة فأنا لست في موقع يمكنه ممارسة أي نوع من التربية على هؤلاء، لذلك أي جهد نمارسه لن يؤدي نتيجة ما دام الأبوان يمارسان ما يقف ضد التربية.

غير معرف يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.