كتب الإدارة والتطوير الشخصي وحتى الصحف والمواقع وبعض من نعرفهم يدفعوننا دفعاً للتخطيط ووضع الأهداف، وهذا من ناحية أمر طيب ولا شك في ذلك، لكنها - أي الكتب - لا تخبرنا عن كيفية بناء عادة الالتزام والاستمرار في تحقيق الأهداف لمدة طويلة بل تفترض أنك إذا وضعت أهدافاً فكل ما عليك فعله هو أن تلتزم بها وهذا أمر سهل لكنه في الحقيقة أصعب مما يظنه الناس.
نقطة ثانية تزعجني حول التخطيط في نهاية العام، لماذا نهاية العام؟ لماذا ليس الآن أو بعد أسابيع؟ بداية العام الجديد تبدو نقطة جيدة متفائلة، ها قد أتى العام الجديد وأنا أستقبله بتفاؤل وحماس وفوق ذلك ... لدي خطة!
لكن هذا الأسلوب أثبت فشله لدى الناس لأن معظم الناس لا يلتزمون بخططهم وقد يكون السبب أن خططهم صعبة أو تكون عاداتهم القديمة صعبة الكسر أو قد لا يجدون أي تشجيع من البيئة المحيطة بهم فلماذا التغيير؟
نصيحتي أن تبدأ الآن، تريد أن تقرأ؟ خذ كتاباً الآن واقرأ، لا تضع هدفاً "قراءة 120 كتاباً في العام القادم" بل اقرأ الآن، احمل معك كتاباً في كل مكان، في العمل، في المنزل وأنت في الطريق، في بيت صديقك ولا تنم قبل أن تقرأ بضع صفحات، افعل ذلك كل يوم، وإن توقفت يوماً أو يومين فلا تلم نفسك، لا بأس يمكنك أن تعود.
تريد أن تحقق هذا الهدف أو ذاك؟ ابدأ الآن، الأمر لا يحتاج لكتب وتعقيدات وأدوات، يمكنك أن تستخدم أي أدوات تناسبك، ربما عقلك فقط يكفيك، لعلك بحاجة لكتابة الأشياء على ورق لكي تحفظها، لا بأس، لكن لا تذهب للمكتبة لشراء قرطاسية متنوعة بمئات الدراهم لتبدأ خطة العام الجديد، لا تحتاج لذلك، ابدأ بما لديك من أدوات، أبسط قلم وأبسط ورقة ولو كانت مأخوذة من دفتر أحد الأطفال في المنزل!
ماذا عن عدم الالتزام؟ ماذا لو توقفت؟ إليك هذه الأخبار: هذا أمر طبيعي، في الحقيقة أنت ستتوقف في بعض الأيام عن تحقيق أهدافك، فلا تقتل نفسك بالتفكير السلبي المتشائم، كل ما عليك فعله هو أن تعود للطريق الذي رسمته لنفسك، ذكر نفسك بأهدافك ولتكن لديك وسيلة لفعل ذلك، شخصياً لدي دفتر صغير أمامي كتبت فيه بعض ما أريد وهذا أفتحه كل يوم لكي أتذكر، لا أدعي أنني ألتزم كل يوم، بل على العكس أتوقف في بعض الأيام لكنني أعود بعد ذلك.
الخطط الكبيرة والأهداف المتفائلة أمر جميل وقد جربت هذا الشعور بعد أن أنتهي من الخطة، لن ينافسني أحد، سأكون شخصاً مختلفاً في نهاية العام، ساحقق كذا وكذا من الأهداف، لكن في اليوم التالي ينتهي كل شيء بمجرد أن أجد صعوبة في الاستيقاظ مبكراً أو في محاولة التجرأ على لبس ملابس الرياضة والخروج من المنزل.
ابدأ الآن ولتكن خطواتك متدرجة صغيرة يومية، هذا الأسلوب أكثر واقعية من الخطط الكبيرة.
14 تعليقات:
الأمر الذي يهدر الوقت كثيرا هو أن نخطط لشئ بسيط ونجعله هدفا لهذا العام!
شئ يمكن تحقيقه خلال شهر مثلا، يصبح هدفا لهذا العام، فنتساهل فيه، او نتبع عادة التسويف حتى آخر شهر من العام، ثم نشتكي من ضيق الوقت.
وهناك أيضا واجبات يجب علينا القيام بها، فلا تصلح لأن تكون أهدافا.
مشكله أعاني منها كثيرا والمؤسف أنها تؤدي لترك العمل بالكليه الناتج من الإحباط.
برأيي أن هناك عاملان مهمان وهما كما ذكرت الإهتمام والإلتزام. فالذي تهتم به تعمل له
تدوينه في وقتها المناسب
شكرا لك
التخطيط في نهاية العام بسبب إن المزاج العام لدى الناس يثير الحماس لبدء خطة من جديد و إلا طبعاً لن نحتاج إلى نهاية عام , ممكن البدء أي وقت.
المشكلة الكبرى مثل ما قلت هي بالإلتزام و هذه النقطة بالذات هي ما يصنع الفرق ما بين الناجحين و الفاشلين.
أحبط كثيرًا بعد أن اكون قضيت وقتًا طويلاً في كتابة أهدافي وخطتي للسنة الجديدة، وفي اليوم التالي "أجد صعوبة في الاستيقاظ مبكراً"!
صدقت يا أ. عبدالله الخطوات الصغيرة والمتدرجة هي أكثر واقعية..
جزاك الله خيرًا.
من الأشياء المهمة في التخطيط هو الواقعية ، فليس من المعقول أن تضع هدف قراءة 100 كتاب في السنة و أنت لم تقرأ كتاب في خمس سنوات الماضية .
ثم الشيء الثاني هو الالتزام و هو مفتاح كل نجاح.
كلام جميل ، ومقال أكثر من رائع .
الأعمال اليسيرة هي خير وسيلة لوضع الأهداف . فعلا لا تضيع وقتك في كتابة الأهداف وتتحسر على عدم تطبيقها . إبدا من الآن وطبق أشياء يسيرة . هذه الأشياء اليسيرة تقودك إلى أشياء كبيرة في المستقبل .
كلام ولا أجمل منه .
وهذه علامة starred Items على المقال الرائع . لتصبح من ضمن الأشياء الجميلة التي تأتيني على google reader .
دمت بخير أخي عبدالله
هل أنت داخل الدائرة أو خارجها؟ هذا هو المحك. لا بأس من التخطيط، ولكن بشرط أن تكون داخل الدائرة. تأملت منذ فترة عدداً ضخماً مما كتب عن القراءة في بعض المواقع والمنتديات، فوجدت أن ثمانين بالمئة منه تقريباً من خارج الدائرة، يعني أن هذه النسبة من المتحدثين عن القراءة لا يقرؤون، بحسب ما توحي به تعليقاتهم، فكلها كانت من خارج الدائرة.
لا بأس في التخطيط، مئة وعشرون كتاباً، أو مئتان. المهم أنك داخر الدائرة، في النهاية.. لو تحقق مما خططت له النصف، فهذا جيد. لذلك لابد أن يكون التخطيط دائماً أكبر مما تتوقع فعله، ليتسع لكل ما يمكنك فعله ويزيد.
الفكرة الرئيسة: لابد أن يكون تخطيطك من داخل الدائرة.
عبدالله هذا مقال قصير جدا قرأته وتوقفت عن محاولة التنبؤ بما سيحدث السنة القادمة او البحث عن تنبؤات الاخرين المستندة على الاحصائيات الحالية (كعادتي في نهاية كل سنة)
http://sethgodin.typepad.com/seths_blog/2008/12/predictions.html
ماعلاقة هذا في موضوعك ؟ أعتقد ان الخطط هي نوع من التنبؤ لما ستفعل السنة القادمة ! (بالإضافة الى عنصر النية! )
والمشكلة انها كما قال الكاتب في المقال مستندة على المعطيات الحالية ففي طبيعة الحال عندما يحين وقت التطبيق او التنفيذ تجد نفسك غير تواقة نهائيا لتنفيذ ماخططت له لأن الزمن والحال و"المزاج" يختلفون عن ماكانوا وقت وضع الخطط !!
لهذا لا للخطط (سأفعل كذا وكذا هذه السنة )
ولا للتنبؤات لإستحثاث الخطط !
أتمنى أن يكون كلامي مفهوما (حسيت اني اقول لغز)
لقد جربت هذا في جدول المذاكرة و دائما يكون مدة صلاحيتة ثلاثة أيام بالكثير...بالفعل التخطيط قصير المدى يكون أكثر فعالية...مثلا مساءً أجلس مع نفسي أكتب ماذا أريد انجازه غداًبإذن الله و بالفعل يتحقق منه نحوالي 80% بعكس اليوم الذي لا اكتب فيه لا انجز فيه كثيراً
الأمر كما قلت أخ عبد الله يحتاج الي أخذ قرار ووضعه موضع التنفيذ بجانب أجبار النفس علي فعل ما تم التخطيط له فاذا أجبرت نفسك مره فأخري فانها ستعتاد علي ذلك لكن النقطه هنا هو الثبات والأدراده تجاه تحقيق الهدف , بجانب وضع جدول يومي للأعمال وتنفيذه تحت اي ظرف .
عابر سبيل: كلام سليم، أشكرك.
ياسر الشتوي: الالتزام بهدف واحد لمدة شهر كفيل بأن يحول الهدف إلى عادة، يمكن بعدها الانتقال لشيء آخر.
مساعد: صدقت، التخطيط لأول العام، لأول الأسبوع، لأول الشهر، كلها مناسبات مناسبة للبدء في تحقيق شيء، لكن فعلياً الوقت الأنسب هو الآن.
شعاع: نعم التدرج في الخطوات أكثر ثباتاً وأظن أنه أكثر نجاحاً مع أن البعض يستثقل هذا الأسلوب البطيئ ويستعجل النتائج.
زايد السعيدي: صدقت، الواقعية أمر مهم، هذا يمكن دمجه في أهمية التدرج.
فهد: شكراً لك، كتابة الأهداف ليست مشكلة في حد ذاتها، يمكن للمرء أن يكتب اهدافاً مختلفة ويبدأ العمل على تطبيقها تدريجياً، هدف واحد في كل فترة، المشكلة تكمن في الحماس الزائد عن الحد والرغبة في الانتقال من الصفر إلى 100 في فترة قصيرة جداً والوصول إلى النتائج المرجوة بأسرع وقت وأقل جهد، وهذا غير واقعي ومحبط مع مرور الأيام.
عبد الرحمن المسيعد: ما فهمته من كلامك أن عليك البدء في التنفيذ وأن تخطط وأنت تنفذ، إن كان هذا ما تقصد فأنا معك، وإن لم يكن فأتمنى التوضيح.
مدون: كلامك واضح، التخطيط الدقيق أو حتى العام قد لا يكون مناسباً، أما وضع الأهداف فهو أمر مطلوب، من الجميل أن يريد المرء تحقيق أهداف بسيطة حول صحته مثلاً، هذا أمر حسن، الخطأ الذي يقع فيه البعض هو التخطيط الدقيق غير المرن وغير المتدرج والذي يدركون سريعاً أنه غير عملي ويتخلون عنه وعن تحقيق الأهداف.
غير معرف: التخطيط على المدى القصير فعال بالفعل، أشكرك.
كريم عبد المجيد: إجبار النفس شيء نقرأ عنه في القصص، قرأنا عن أناس غيروا حياتهم 180 درجة فجأة وفي يوم واحد بعد حدث ما، معظم الناس لا يستطيعون ذلك، ما يمكن للشخص منا أن يفعله هو التدرج نحو تحقيق الأهداف، اليوم مشيت خمس دقائق، غداً 7 دقائق، وبعد غد 10 دقائق ... وهكذا حتى تصبح الدقائق ساعة، مجرد مثال.
السلام عليكم ،،
كلام جميل يا أخ عبد الله .. يصدر عن مجرب ..
شكرا لك
موضوع التخطيط, موضوع مهم لكل من أراد التفوق و التميز في لحياة, و هو موضوع كبير أيضا.
ذكرت أخي عبدالله في تعليقاتك زبدة الكلام"التخطيط الدقيق أو حتى العام قد لا يكون مناسباً، أما وضع الأهداف فهو أمر مطلوب،" و أنا أوافقك عليها تماما, و إن اختلفت معك في بعض جزئيات حديثك في التدوينة.
تجربتي في التخطيط حافلة بالفشل ... ثم الفشل .. ثم الفشل. فقد كان التخطيط بالنسبة لي في البادية عبارة عن وضعي لما أتمنى و أحلم من دون دراسة واقعي دراسة صحيحة, فتبوء محاولاتي بالفشل -طبعا-!!.
تشكر أخي عبدالله على هذا الموضوع, و نتمنى لك سنة هجرية و ميلادية مميزة و منتجة, و أفضل من السنوات الماضية في حياتك.
لكن لم تخبرنا ما هو الشيء المميز في خطتك هذه السنة عن خطط السابقة :) ؟؟
اصبت بكل ما قلت..
لكن الشخص منا يصيبه الحزن اذا انتهى العام ولم ترضيه انجازاته..فيبدا بحماس وضع اهداف للسنة المقبلة قد يكون تحقيقها يتطلب ارادة لا يملكها..
الحل الامثل كما قلت نبدأ بالفعل قبل القول..
موضوع رائع :)
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.