قد يندهش البعض إذا قلت لهم بأن مدينة مثل “دبي” لا تروقني أبدًا وبالترويج لأسلوب الحياة فيها المترف والمستفزجملة بسيطة تعبر جيداً عن ما في نفسي، أنا أيضاً لا يروقني ما يحدث في دبي وما يحدث هنا في أبوظبي أيضاً.
لا شك لدي أن العمارة الإسلامية قدمت ومنذ مئات السنين حلولاً لمشاكل البناء ويمكننا اليوم أن نتعلم منها الكثير، العمارة الإسلامية ليست مجرد زخارف جميلة إنما هي حلول متكاملة لإنشاء مباني تناسب الناس واحتياجاتهم، وبالتأكيد تناسب طبيعة أسرنا ومجتمعاتنا، كلما شاهدت هذه البيوت الشامية التي تحوي ساحة في منتصفها تمنيت لو أن بيتنا يشبه هذه البيوت، الساحة الداخلية توفر لساكني المنزل حماية لخصوصياتهم وخصوصاً النساء، أشجار وربما نافورة ماء وهواء طبيعي وشمس تدور، هذا أفضل بكثير من الأبنية المغلقة التي تسجن المرء وتثير الاكتئاب.
النقطة الثانية هي استخدام المواد الطبيعية المحلية، بيوت الطين والحجر والطوب يمكنها أن تكون أكثر فاعلية لتطليف الجو من بيوت الاسمنت والطابوق ويمكنها أن تعمر لعقود عديدة إذا ما حافظ عليها الناس، ما الذي يمنع من استخدام هذه المواد الطبيعية؟ هل هناك قوانين تمنع ذلك؟ لا أدري، إن كان لدى أحدكم العلم اليقين فليخبرنا، يمكن لبيوت الطين أن تكون عالية وواسعة وتحوي طوابق متعددة.
شاهدت في موضوع الأخ حمود عصام تعليقاً للأخ علوش يتهم فيه المعمارين وحدهم بأنهم سبب عدم تطوير العمارة الاسلامية، وفي هذا ظلم كبير لهم وتعميم لا يجوز، الأسباب كثيرة، منها عقدة النقص لدى المسؤولين في الحكومات وصناع القرار، فما الذي يجعل الوزير أو المدير يقرر أن يكون البناء على الطراز الغربي بدلاً من تنفيذ مقترح آخر لإنشاءه على الطراز الإسلامي؟
موضوع العمارة والبناء والتصميم هذا يهمني كثيراً ومن المفترض أن يكون مهماً لكل شخص، لا بد من عودة للعمارة الإسلامية ومراجعة لكل ما كتب في هذا المجال لكي نتعلم ونعرف جمال البناء الإسلامي ونحاول أن نطبق أسسه في منازلنا، ضاقت نفسي من بيوت الاسمنت وبنايات الزجاج.
9 تعليقات:
كأنك تصف قطر الحديثة!
يمكنك تصميم منزل بفناء داخلي إذا شئت
لا يوجد شي يمنعك من القيام بذلك
و لا تؤثر مواد البناء إذا صممت الفراغات و وزعت الغرف بالطريقة التي ترغب فيها
انتشار نماذج معينه أو لنقل ستايل معين لتصميم الفلل يعتمد بشكل كبير على رغبة المالك نفسه
فلو كنت معمارياً و لديك مكتب فلن تفرض رأئك على المالك قد تقترح عليه و لكن لا يمكنك الزامه إذا كان -راسه و ألف سيف- يريد تصميم نموذج وجده في مجلة ما
فهو في الأخير من سيدفع التكاليف و سيسكن في المنزل
قرأت منذ فترة خبر من الهيئة المفوضة لمواجهه خلل التركيبة السكانية، بادراج أساليب بناء تقلل من عدد العمال
لا أعلم ماهي بالضبط، و لكن أكيد سنخرج من الإطار اسلوب البناء الحالي
بن علي: أعلم أنني قادر على تصميم منزلي كما أشاء، لكنك تبسط الأمر كثيراً بقولك ذلك، لأن هناك عوامل اجتماعية وثقافية مختلفة تؤثر على الناس وتجعلهم يسيرون مع القطيع وينفذون تصاميم البيوت الحالية، وبعضهم سيأخذ برأي المعماري لأنه يظن أن المعماري يفهم أكثر في الأمر.
أما مواد البناء فليس من المعقول أن تقول بأنها لا تؤثر، هناك تأثير كبير وفرق ملحوظ بين مواد البناء الطبيعية ومواد البناء المصنعة، وهذا يناقش في كتب ومقالات ودراسات مختلفة، لا يمكن أن نقول بأن الطين لا يختلف عن الاسمنت، أو أن الحديد لا يؤثر في حين أن تأثيره واضح بعد 15 أو 20 عاماً حيث يزداد حجمه مع الصدأ ويتآكل الجدار وتسقط السقوف.
انا كذلك معجب جدا بطريقة المنازل الشامية والمغربية واتمنى ان اسكن في بيت بنفس الطراز
للأسف اصبحت بيوتنا اشبه بالسجون خصوصا عندنا في السعزدية، اسوار عالية وبيوت كلها اسياب وغرف مغلقة وضيقة، حتى اسطح المنازل لم نستفد منها
شكرا عبدالله
لم أكن اتحدث عن أساليب و مواد الإنشاء
و لكن عن التصميم المعماري
فلن يؤثر نوع الإنشاء إذا حققت توزيع الفراغات المعمارية المطلوبة
فإذا أردت فناء داخلي و نظام عربي-محلي في طريقة توزيع الغرف
لن يضرك إذا كان الجدار من الجص أو الطابوق الاسمنتي
الاختلاف سيكون في مسألة المساحات و عرض الغرف
في البناء التقليدي ستكون محدوداً جداً في مسألة عرض الغرف
بينما البناء المسلح يعطيك مرونة أكبر
كذلك سمك الجدار يختلف بين البناء التقليدي و الحديث
التقليدي يصل إلى نصف متر بينما الحديث يصل ما بين 10- 20 سنتمر
مشكلة البناء الحديث لدينا تكمن في العمالة الغير ماهرة و ليس في المواد
و أيضا سوء التصميم المعماري الذي يقلل من التهوية و الإضاءة الطبيعية و يعتمد عوضاً عنها الإضاءة الصناعية و التهوية الميكانيكية
التصميم المعماري الناجح وحده يمكنه أن يقلل استهلاك الطاقة
و يحقق التهوية و الإضاءة الطبيعية لكل مساحات المنزل
و استغلال المساحات الزراعية في المنزل بطريقة ذكية مع التصميم المعماري ،يمكنك من محاكاة فكرة الفناء الداخلي التي ستحقق لك الخصوصية و لطافة الجو بأسلوب حديث
فهي عامل بيئي و جمالي ، و ساتر طبيعي يحفظ خصوصيتك عن الجيران
كل أنواع الانشاء تتهالك مع الوقت و تحتاج إلى صيانة و ترميم
أو حتى هدم و إعادة بناء
هناك عوامل كثيرة تحدد شكل البناء منها التخطيط الحضري للمدينة
الموقع الجغرافي، المواد المتوفرة، مساحة الأرض، الميزانية
ما كان يصلح في السابق قد لا يصلح الآن
الموضوع المتشعب جداً و لو استمريت في الشرح لن أتوقف
:)
علي أن أذهب الآن ، و قد أرجع بمزيد من التشعب
السلام عليكم
بالنسبة لي فان الموضوع معقد نوعا ما
فنحن مابين أمرين،أولهما التطور وثانيهما الحفاظ على الهوية والعمارة الاسلامية.
لا ننكر بأن كثير منا ينبهر بجمال دبي ولكنك اذا رأيت المارين والسائرين بين جنباتها وطرقها،ترى الهم في عيونهم أي هم الوقت واللحاق بركب التطور.
أقولها ببساطة ممزوجة بقليل من التهور
أن لو كان الأمر بيدي لجعلت جميع المباني والأحياء بدبي أشبه بأحياء دمشق العتيقة
من منا لا يريد ان يرى نافورة صغيرة في وسط بيته والاغصان المتمايلة هنا وهناك؟؟
ولكن يأبى التطور الا أن يدوسنا ويهدم الجمال وأن يبعث فينا الاكتئاب
لم يكن تعميمي ناتج عن سوء نية أبداً، والأخ مكتوم شرح تعقيدات الهندسة المعمارية وهي تفاصيل لا يدركها الشخص العادي مثلي.
على كل بعد قراءتي لما ذكره الأخ مكتوم، لا أعتقد أن السبب وحده هو البلديات والقوانين.
السبب بنظري هو انقطاع الثقة بتاريخنا وثقافتنا والايمان الراسخ أن هذا هو سبب تخلفنا.
فإذا كان الجانب الأول وهو الزبون بعيد كل البعد عن الأصالة والارتباط مع التاريخ.
فيكون الجانب الثاني، تغيير المناهج التعليمية لتكون طبق الأصل عن الغربية، والنتيجة دخول المهندس الجامعة وتخرجه دارساً شيء بعيد كل البعد عن ثقافته.
ولا تنسى أن نفسية الزبون ونفسية المهندس تجاه الثقافة والأصالة هي من ذات المجتمع الذي قطع صلته مع تاريخه إلا من رحم ربي.
أنا درست الاقتصاد لأربع سنوات، مناهجنا أوروبية بحتة، لا ذكر فيها للاقتصاد الاسلامي سوى ملحقات صغيرة مخجلة.
مهما أبدعت ومهما فكرت، لن يمكنني الاتيان بمنتج مصرفي اسلامي خالص دون ربطه بمنتجات مصرفية تقليدية، والنتيجة خدمة مصرفية تقليدية مشوهة.
بمعنى آخر فاقد الشيء لا يعطيه.
قد يكون هناك حالات نادرة وشاذة، لكنها نادرة وأغلبها تكون بمبادرات فردية.
أرى الأمل بنهوض الأفكار الجديدة والخلاقة من شباب طموح، لكن ما من بيئة لتحتضن هذه الأفكار.
هناك اهتمام متزايد بالعمارة المحلية القديمة، لكن لأسباب مالية بحتة هدفها الربح، البيوت الحلبية أصبحت ترمم من قبل المحافظة ليصار اعادة افتتاحها مطاعم وفنادق.
السؤال هو: بعد 100 سنة من الاهمال هل يمكن تطوير العمارة العربية وانتاج عمارات تجمع ما بين الحداثة والأصالة؟.
الاتجاهات الحالية في سوق العقارات تقول لا.
طموح الشباب يقول نعم.
تميم: مما شاهدته في بعض البرامج الثقافية، لديكم في السعودية بيوت جميلة مبنية على طرز يناسب المجتمع والمناخ، ما تصفه بالأسوار العالية والغرف المغلقة أظنه جاء حديثاً.
بن علي: فهمتك الآن، أتفق معك بخصوص العمالة غير الماهرة، كذلك سوء التصميم المعماري، ولا أوافقك على مسئلة المرونة والبناء التقليدي، مما قرأته وشاهدته يمكن للبناء التقليدي أن يكون مرناً بالقدر الكافي، في الماضي بنيت قصور من الطين والحجر وكانت تحوي قاعات كبيرة وعالية، وحول العالم هناك من طور أساليب البناء التقليدية فهي لم تقف عند الماضي.
الموضوع بالفعل متشعب جداً ويعجبني جداً :-)
الساهية: يمكننا أن نحقق الأمرين لو أردنا، ما يقال عن جمال دبي يضيع على الواقع في الزحام ومحاولة ملاحقة الأعمال وعدم وجود أماكن يمشي فيها الإنسان بدون أن تزاحمه السيارات، نعم هناك حدائق عامة وخاصة، هناك شوارع للمشاة لكن لكي يصلها الإنسان عليه أن يستخدم السيارة، والسيارة تعني خوض الزحام الذي يأكل الوقت والأعصاب.
علوش: أخي الكريم، لم أتهم نيتك بأي شكل ولا أريد :-)
ما قلته هو رأي يحق لك أن تقوله ويحق لنا أن نوافقك أو نخالفك فيه، أنا متفق معك على مسئلة انقطاع الثقة بتاريخنا وثقافتنا وأنهما سبب تخلفنا، هذا لا أخالفك فيه، ولا أخالفك في موضوع الزبون هذا، كذلك المناهج التعليمية.
هذه هي بعض أبعاد المشكلة، وغالباً هذه هي الجوانب المشتركة لمعظم مشاكلنا، وما يحدث في البلدان العربية وإن كان صغيراً اليوم يبشر بالخير، هناك عودة للأصل وستحتاج لوقت طويل لكي تؤتي ثمارها.
نعم في السابق كانوا يبنون قاعات واسعة و لكنها كانت مليئة بالعمدان
قد تكون عامل جمالي في بعضها و لكن ليس في كل مكان، هناك بعض القاعات تحتاج ان تخلو قدر المستطاع من العمدان في وسطها
هناك حلول كالأقواس و القبب، و هي مناسبة جداً لبيئتنا، فالقبب بشكلها الكروي تعكس و توزع أشعة الشمس و تقلل من تركيز الحرارة على سطحها
لذلك نجد كثرة استخدام القبب في السابق في بعض الأقاليم العربية،
محلياً لا نجد هذا الاسلوب مستخدم بكثرة
فقد كانت السقوف تصنع إما من- الدعون- أو -الدنجل- لذا كان عرض الغرف محدود بطول هذا النوع من الخشب
بالمناسبة لدينا في الإمارات جمعية التراث العمراني ، برئاسة المهندس رشاد بوخش
مختصون في ترميم المباني التاريخية و على حسب علمي فهم يدربون أعضاءها على طرق البناء التقليدي في الدولة
كما لهم إصدارات مختصة في البناء المحلي و أهم المباني الموجودة، إلى جانب المحاضرات و الرحلات المتعلقة بهذا المجال
:)
لا يسمح بالتعليقات الجديدة.