قبل دخولي إلى عالم الإنترنت لم أكن أعرف شيئاً عن الكراهية الموجهة إلى الشيعة، كل ما أعرفه عنهم أنهم مسلمون بمذهب مختلف، لكن ما إن دخلت الشبكة حتى بدأت أرى الكراهية الموجهة لهم بأشكالها، هذا كان وضع المنتديات العربية وما زال بعضها لكن المنتديات لم تعد الوسيلة الوحيدة فهناك كراهية وعنصرية يمكنك أن تجدها في أحدث الخدمات، ابحث في فايسبوك أو في تويتر وستجد ما يكفي من الكراهية لحجب الشمس.
مؤسف أنني في ذلك الوقت لم أهتم بهذه الكراهية، فقد كانت مجرد كلمات في منتديات، شجار وخلاف وجدال بالكلام فقط، لن يكون له أي تأثير، لكنني الآن أرى نتائج هذه الكراهية في تفجير مساجد، هؤلاء الانتحاريون الذين فجروا أنفسهم تشربوا هذه الكراهية من محيطهم، يرون محيطهم مجموعة متوحدة ضد مجموعة أخرى، نحن الخير وهم الشر، نحن مسلمون وهم كافرون، نحن على حق وهم على باطل ... وهكذا تستمر السلسلة إلى أن تصل إلى قتل إنسانية الآخرين، الآخر لم يعد إنساناً يستحق أي احترام بل هو شيء يجب أن يزول من الوجود، لأن مجرد وجوده هو خطر ضد أفكار المجموعة.
هذا يذكرني مرة أخرى بكتاب الخشية من الأعداد الصغيرة، أرجوك قبل أن تكمل هذه الكلمات، ابحث عن الكتاب واشتره، أو ضع في قائمة مهامك أن تشتري الكتاب في أقرب فرصة، لأنه يتحدث عن الكراهية وعن نمطها المتكرر الذي يبدأ بالكلام وينتهي بالمذابح والتطهير العرقي أو في حالتنا قد يصبح تطهيراً مذهبياً، والكتاب متوفر بالإنجليزية كذلك.
الكراهية تصنع، الكراهية يزرعها المجتمع ويحصد ثمارها، الكراهية يجب أن تحارب ولا نسمح لها بأن تنتشر، بعد هذه التفجيرات التي تعرض لها الشيعة في الكويت والسعودية بدأت أفكر بأن الأمريكان ربما لهم الحق في التدخل في مناهج بعض الدول العربية وتغييرها لأنها تحوي ما يحض على الكراهية، نعم كنت في الماضي أقف ضد أي تدخل من أي شكل لكن الآن لا شك لدي أن هناك تغيير يجب أن يحدث في المجتمعات العربية على مستويات مختلفة ومن بينها التعليم، وإن لم نغير نحن أنفسنا سيضطر آخرون لإجبارنا على هذا التغيير.
الحقيقة هي أننا لا نعيش في مجتمعات متجانسة، حتى لو حذفنا المذاهب فهناك أناس لديهم عنصرية ضد قبائل أو فئات من الناس بسبب أصولهم، الكراهية لها أصل واحد وألف رأس، يجب أن نصل إلى أصل هذه الكراهية ونقتله، وأول ما يمكن لأحدنا فعله هو إدراك أن هذا الآخر هو إنسان كذلك له كل الحق في العيش بكرامة، حتى لو اختلف عنا في كل شيء، بل حتى لو كرهناه لأي سبب، يبقى حقه في العيش في وطنه.
نقطة ثانية، نحن لا نعيش في عالم وردي، سيبقى هناك أناس لديهم أسباب للكراهية ونشرها، ويفترض أن نقف ضدهم، لم يعد السكوت كافياً، وبالمناسبة، لا أحد يظن أنه يرتكب أي خطأ بنشره الكراهية، هناك أناس طيبون حقاً لكنهم بكلماتهم ينشرون الكراهية ضد فئة من الناس لأي سبب والأمر غير متعلق بالدين والمذاهب فقط بل بكل شيء، حتى الاختلاف الفكري جعل البعض يطالب بإعدام وشنق وقتل المخالفين، وهم يفعلون ذلك من منازلهم الراقية، رقي الأشياء من حولهم لا يعني أن أرواحهم ارتقت.
لدي كلام كثير لكن أكتفي بهذا، أقرأ الكتاب، وإن كنت ممن ينشرون الكراهية، فتوقف لأنها الكلمات تصبح تفجيرات وأنت لا تريد أن تساهم في قتل إنسان ولو بكلمة ... المشكلة أنك قد ترغب في ذلك، وهذه هي المصيبة.
مؤسف أنني في ذلك الوقت لم أهتم بهذه الكراهية، فقد كانت مجرد كلمات في منتديات، شجار وخلاف وجدال بالكلام فقط، لن يكون له أي تأثير، لكنني الآن أرى نتائج هذه الكراهية في تفجير مساجد، هؤلاء الانتحاريون الذين فجروا أنفسهم تشربوا هذه الكراهية من محيطهم، يرون محيطهم مجموعة متوحدة ضد مجموعة أخرى، نحن الخير وهم الشر، نحن مسلمون وهم كافرون، نحن على حق وهم على باطل ... وهكذا تستمر السلسلة إلى أن تصل إلى قتل إنسانية الآخرين، الآخر لم يعد إنساناً يستحق أي احترام بل هو شيء يجب أن يزول من الوجود، لأن مجرد وجوده هو خطر ضد أفكار المجموعة.
هذا يذكرني مرة أخرى بكتاب الخشية من الأعداد الصغيرة، أرجوك قبل أن تكمل هذه الكلمات، ابحث عن الكتاب واشتره، أو ضع في قائمة مهامك أن تشتري الكتاب في أقرب فرصة، لأنه يتحدث عن الكراهية وعن نمطها المتكرر الذي يبدأ بالكلام وينتهي بالمذابح والتطهير العرقي أو في حالتنا قد يصبح تطهيراً مذهبياً، والكتاب متوفر بالإنجليزية كذلك.
الكراهية تصنع، الكراهية يزرعها المجتمع ويحصد ثمارها، الكراهية يجب أن تحارب ولا نسمح لها بأن تنتشر، بعد هذه التفجيرات التي تعرض لها الشيعة في الكويت والسعودية بدأت أفكر بأن الأمريكان ربما لهم الحق في التدخل في مناهج بعض الدول العربية وتغييرها لأنها تحوي ما يحض على الكراهية، نعم كنت في الماضي أقف ضد أي تدخل من أي شكل لكن الآن لا شك لدي أن هناك تغيير يجب أن يحدث في المجتمعات العربية على مستويات مختلفة ومن بينها التعليم، وإن لم نغير نحن أنفسنا سيضطر آخرون لإجبارنا على هذا التغيير.
الحقيقة هي أننا لا نعيش في مجتمعات متجانسة، حتى لو حذفنا المذاهب فهناك أناس لديهم عنصرية ضد قبائل أو فئات من الناس بسبب أصولهم، الكراهية لها أصل واحد وألف رأس، يجب أن نصل إلى أصل هذه الكراهية ونقتله، وأول ما يمكن لأحدنا فعله هو إدراك أن هذا الآخر هو إنسان كذلك له كل الحق في العيش بكرامة، حتى لو اختلف عنا في كل شيء، بل حتى لو كرهناه لأي سبب، يبقى حقه في العيش في وطنه.
نقطة ثانية، نحن لا نعيش في عالم وردي، سيبقى هناك أناس لديهم أسباب للكراهية ونشرها، ويفترض أن نقف ضدهم، لم يعد السكوت كافياً، وبالمناسبة، لا أحد يظن أنه يرتكب أي خطأ بنشره الكراهية، هناك أناس طيبون حقاً لكنهم بكلماتهم ينشرون الكراهية ضد فئة من الناس لأي سبب والأمر غير متعلق بالدين والمذاهب فقط بل بكل شيء، حتى الاختلاف الفكري جعل البعض يطالب بإعدام وشنق وقتل المخالفين، وهم يفعلون ذلك من منازلهم الراقية، رقي الأشياء من حولهم لا يعني أن أرواحهم ارتقت.
لدي كلام كثير لكن أكتفي بهذا، أقرأ الكتاب، وإن كنت ممن ينشرون الكراهية، فتوقف لأنها الكلمات تصبح تفجيرات وأنت لا تريد أن تساهم في قتل إنسان ولو بكلمة ... المشكلة أنك قد ترغب في ذلك، وهذه هي المصيبة.
11 تعليقات:
أخي عبدالله، غير صحيح أن هذه التفجيرات نتاج ثقافتنا ومناهجنا. نعم، هذا ما يحاول أن يروج له الإعلام الغربي والمستفيدون من تحميلنا مسؤولية ما يفعله هؤلاء المرضى.
المصالح الغربية تواجه الإسلام السني حاليا، لذا توجهت الآلة الإعلامية لحرب كل ما هو سني والتغاضي عما سواه.
يتحدثون عن أثر المناهج السنية حين يفجر فرد نفسه في حسينية في الكويت أو السعودية، لكن المناهج الشيعية بريئة حين يقتل 70 سني في مسجد ديالى!
بل ويسود الصمت أمام مجازر الميليشيات في العراق وسوريا لأن المصلحة لا تستدعيها!
وما زالت البوذية رمز السلام في الغرب، رغم التطهير العرقي اليومي في بورما!
لم يبق عالم أو داعية سني إلا وأدان جرائم هذا التنظيم مرارا، لكن المشكلة لا تزال فيهم وفي تعاليمهم. بينما الحكومات الطائفية مستمرة في تنفيذ المجازر وإلقاء براميل الموت بمنأى عن أي هجوم على معتقداتها.
هذه ليست إنسانية، إنها لغة المصالح!
لم تنجح المناهج التونسية العلمانية بمنع التونسيين أن يحوزوا على نصيب الأسد من مجندي تنظيم الدولة. ولم تمنع المناهج الأمريكية السمحة الجنود الأمريكيين من التتابع على اغتصاب الطفلة العراقية عبير وقتل أسرتها ثم حرق جثتها! https://en.m.wikipedia.org/wiki/Mahmudiyah_killings
لم ينجح الغرب فقط في إقناعنا بمسؤوليتنا عن هذه الجرائم، بل يقنعنا الآن بحاجتنا إليه ليطهرنا من ذنوب ثقافتنا المخزية!
ومن؟ أمريكا!
تطهرنا أمريكا التي قتلت نص مليون طفل عراقي لتخرج مادلين أولبرايت في أشهر برنامج أمريكي لتقول أن الثمن كان يستحق!
أمريكا التي روعت العراق ل12 عاما بسبب كذبة لم تعتذر لملايين الضحايا عنها حتى الآن!
أمريكا التي تعلمنا أن التعذيب بالإغراق والتعليق في غوانتنامو ما هو إلا وسائل تحقيق مركزة!
أمريكا التي يقوم أرحم رؤسائها بقتل الأطفال والنساء بالدرونز في اليمن، وتجنيد الميليشيات والعصابات في أفريقيا لتحقيق مصالحها. (انظر وثائقي الحروب القذرة، Dirty Wars)
يكفي تصديقا لافتراءاتهم.
كل مناهج الكراهية في العالم لا تكفي لدفع مسلم عاقل لقتل نفس بغير حق، وكل مناهج الحب والإخاء تتساقط أمام صاروخ صهيوني يقتل أمك، أو برميل موت يسحق ابنك.
كنت أعلم أن رداً مثل هذا سيصلنا، لاحظ أنني لم أقل أن الطرف الآخر بريء تماماً لأنني مؤمن أن الكراهية لها طرفان أو أكثر، لكن لا يمكن أن نقول أن "كل الشيعة" أو "كل السنة" ونجعل خليطاً من الناس كأنهم شيء واحد ولهم حكم واحد، إليك ما أود أن أصل له بهذا الموضوع: نحن في مجتمعاتنا ليس من مصلحتنا أن ننشر الكراهية بأي شكل، ويجب علينا التعايش مع حقيقة اختلافنا أياً كان نوع هذا الاختلاف، وعلينا التعامل مع مصدر وأصل الكراهية أياً كان أصله، وإن لم نفعل ذلك سيأتي الغريب ليتدخل وهذا ما لا نريده، وحديثي عن المناهج لا يعني أنني أظن أن المناهج فقط هي المشكلة فهذا تبسيط لا يقبله عاقل ولم أقله.
من الواضح أن الحديث في السياسة يجلب كثيراً من المشاعر السلبية لدى الناس ولا يمكن أن يرضى أحد بأي شيء، لذلك أخبرني أخي أبو عبدالله، ما الحل؟ أخبرني لأني سئمت الكلام الفضفاض، لا أوافق على قتل السنة وكراهيتهم ولا أوافق على قتل الشيعة وكراهيتهم وأكره الحكومة الأمريكية وما فعلته وتفعله وقد كتبت عن هذا الأمر في هذه المدونة مرات كثيرة، أمريكا لم تقنعني بشيء بالمناسبة.
أخبرني ونحن في هذه الفتنة، كيف يمكن للمرء أن يساهم في إيقاف هذه الفتنة؟ ربما سكوتي في الماضي كان أفضل لي من الحديث.
ليس كل ما يحصل حولنا من المصائب بسببنا أو بسبب أسلوب حياتنا حتى نطالب بالتغيير. نعم، لنساهم في وقف هذه الجرائم، لكننا بلوم مناهجنا نعطي دعاوى هؤلاء المجرمين صدقية وأن المناهج الشرعية تدعو بالفعل لقتل المسالمين وتفجير معابدهم. هذا سيكون نصرا كبيرا لهم!
الفرد لا يعكس دوما ثقافة الجماعة. مجزرة النرويج 2011 التي قام بها يميني متطرف لم تزد الأحزاب اليمينية إلا قوة، لأنه لا يوجد في ثقافتهم ما يدعو للمجازر، فعلموا ألا أحد يتحمل مسؤولية المجزرة سواه.
هذا في النرويج المتقدمة المسالمة، فما بالك بمليار ونصف مسلم، يعيش كثير منهم في بلاد ينخرها الاستبداد والاحتلال والفوضى.
المناهج السعودية تعرضت لتغيير شامل بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حتى حذفت عبارات تتحدث عن جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم! فماذا حصل؟ أول استهداف لحسينية في السعودية، والفاعل شاب تخرج من هذه المناهج! (كالغالبية الساحقة من المطلوبين في الحادثة الإرهابية)
فهم المشكلة هو أول خطوات حلها. لكن كما قد يعاني الإرهابي من خلل في الفهم، فإن ردة الفعل ليست بمعزل عن ذلك. بل قد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية. وما تحليل أحداث سبتمبر عنا ببعيد، حين كان جواب إدارة بوش عن سؤال استهداف الإرهاب لأمريكا هو: بسبب حريتنا! ومضوا لاحتلال أفغانستان والعراق مشعلين بذلك أكبر موجة عنف في العصر الحديث، سادت فيها كراهية الأمريكان العالم بعد أن كانوا المخلصين. ليأتي الجواب، لكن متأخرا!
أحيانا لا يمكننا عمل الكثير. مثل النرويج التي بلغت بها قلة الحيلة منع ألعاب كول أوف ديوتي وشبيهاتها!
الخوارج ظهروا في أطهر العصور، لا يمكنك أن تقف في وجه القدر!
لو كان في مناهجنا أو ثقافتنا ما يدعو لقتل الشيعي، بل اليهودي أو النصراني، لكنت أول من يطالب بإزالته. لكن من رأى الصدمة الشعبية بعد هذه التفجيرات علم أن الأمر بعيد عن ثقافة المجتمع ومزاجه.
"كيف يفكر هؤلاء؟!" هو أكثر سؤال يحيرنا (في الحالة السعودية على الأقل). نتمنى أن نفهم عقلية من يفجر نفسه لقتل أكبر عدد من المصلين!
حينما نفذ العنصري الأمريكي مجزرة الكنيسة قبل أيام لم أصب بنفس القدر من الحيرة، خاصة مع موجة العنف في أمريكا وانتشار السلاح والجريمة.
لكن هنا؟ في السعودية؟ في بيئة أبعد ما تكون عن العنف، بل وفي وقت انتشر فيه الخمول والكسل _للأسف_ وسيطرت عليه وسائل الترفيه!
سأقوم بدوري ما استطعت لإدانة هذه الأفعال وتوعية من ألقى. لكني لن أهاجم معتقدات وثقافة المجتمع بسبب لعل وعسى. وسأظل أبحث عن الجواب.
حاليا، أعلم أن الشيء يلد شبيهه. ومن رحم العنف يولد العنف. من هناك جاؤوا، من مناطق الحرب والنزاع. فإلى هناك تشير بوصلة الجواب.
أعتذر إن بدت مشاركاتي هجومية بعض الشيء، الشبكة ليست وسيلة جيدة لنقل المشاعر. حسنا، ربما كنت منفعلا قليلا :). هذه المواضيع تمس حياتنا أكثر مما تمسها المواضيع التقنية فلا تستغرب تغير طابع المشاركات، واستمر بطرحك.
أتوقف هنا. أعلم أنك لا تحب الجدل وأنا أحاول تجنبه كذلك. شاكر لسعة صدرك. متابع لك منذ عرفتني مدونة سردال بالنسخة الأولى لفايرفوكس، وأرشدتني إلى الزوايا المضيئة من الشبكة.
أخوك أبو عبدالله :)
أعتقد أن اكبر تحد يواجه السنة والشيعة اليوم هو تحدي معرفة كل طرف للآخر بشكل واقعي بعيداً عن التزييف وما تتناقله وسائل الإعلام المغرضة من أقاويل وإشاعات وأكاذيب..
وجدت ان جهل كل طرف بحقيقة مشاعر وأفكار وثقافة الطرف الآخر هو المنطلق والأساس لبذر بذور العنف.. فالعديد من السنة المغرر بهم لا يعرفون عن الشيعة سوى أنهم مشركون ومجوس وعباد للأضرحة وأبناء متعة وما شاكل.. والعديد من الشيعة لا يعرفون عن السنة سوى أنهم ذا مزاج تكفيري وأنهم يريدون السيطرة للقضاء على الأقلية الشيعية في بعض الدول وذبحهم وغير ذلك..
نعم.. هناك في بعض كتب أهل السنة ككتب ابن تيمية مثلا بعض الأمور التي صار ينبغي إعادة النظر بها عند المفكرين والمثقفين من أهل السنة، لأن فيها نشراً لثقافة الكراهية للطرف الأخر، خصوصاً ما يطلق عليه هو مصطلح روافض (أي الشيعة).. فهذا النوع من الفكر والكتب يجب أن لا يُغفل عنه فقد يكون هو أحد مولدات موجات العنف المعاصرة..
كذلك الشيعة يعيشون عقدة كونهم تاريخياً الطرف الذي لم يمارس عملية الحكم في الدول التي كانوا فيها، ولطالما كانوا مضطهدين من الاكثرية السنية التي شاءت الظروف لتحكم لفترات أكبر نسبياً.. والتاريخ مليئ بظروف الظلم والتعدي وهضم الحقوق من الأكثرية تجاه الاقلييات، خصوصاً في دول السلاطين والخلافات الدنيوية، أعني مرحلة ما بعد الخلافة الراشدة كما يعبر عنها.. وهذا ما اقتضى من الشيعة المعاصرين لأن يضطهدوا السنة في بعض المناطق التي حكموا فيها، وقد تكون التجربة العراقية الحالية خير مثال على ذلك..
للصراحة.. المسألة بحق معقدة وعميقة، وقد يذهب دونها ملايين الأبرياء إلى حين التوصل إلى صياغة ملائمة للتعايش في زمن من الأزمان..
ولكن أعتقد اننا (سنة وشيعة) بتنا بحاجة إلى التأمل في التجربة العلمانية في أوروبا بعمق وجدية أكبر، خصوصاً أن هؤلاء مروا بحقب من التناحر المريع بين مذاهبهم المسيحية إلى حين وصولهم إلى الصيغة التي جعلتهم حالياً يعيشون فترة استقرار مهمة تاريخياُ..
طبعاً.. أنا لست من دعاة استنساخ تجارب الشعوب.. ولكن لا باس من الاستفادة من تجاربهم مع إعمال مفكرينا لعقولهم فيما يمكن أن يكون أكثر مواءمة لمجتمعاتنا لنتخلص من الفتنة التي نقبع في رحمها حالياً..
انا حالياً اعيش في ألمانيا. صادف قبل يومين بالظبط أن زراني قبل يومين صديق الماني وزوجتة وهم متقاعدان ومتزوجان منذ اكثر من 50 سنة. فضلوا أن يقضوا ليلة واحدة بالفندق بقرية قريبة من المدينة الصغيرة التي اعيش فيها. فتحت جوجل لاعرف في أي قرية قاموا بحجز غرفة الفندق..حوالي 3 كيلو متر مني... ومن باب الفضول لقيت للقرية صفحة ع الويكيبيديا فقرأتها بشكل سريع.
الشاهد هو انه ذُكر أن القرية كان عدد سكانها في بداية الحروب الدينية (حرب الثلاثين عام) التي دمرت أوروربا 350 نسمة وفي نهايو الحرب كان عدد السكان القرية 5 نسمة من ضمنهم عشر أرامل.
لن نستجر الكلام القديم تكراراً، ولكن وكما تحدثنا على العشاء ذلك اليوم مع الالمان عن الحروب الدينية والمذهبية. فقد إنخفض سكان ألمانيا حينها من 20 إلى حوالي 13 مليون. والخلاصة أن الجميع تعلم الدرس، بمعنى آخرالدين لله والوطن للجميع، العلمانية هو الحل الوحيد للمجتمع المتعدد الاديان والمذاهب، المجتمعات العربية صارت تتقبل إختلاف الدين اكثر من أن تتقبل إحتلاف المذهب..سيُصرخ وسيُقتل ويبُطش بكل من سياتي بهكذا رأي، وقتها سيصحى من بقى على قيد الحياة على حقيقة أن هذا الفهم للدين يقودهم جميعاً للمذبحة بكل هدوء.
العاقل هو من يتعلم من أخطاءه، والحكيم هو من يتعلم من أخطاء الاخرين...لكن ان تريد ان تتعلم من خطاء علمنا التاريخ والمنطق ان خطاء وسيظل خطاء فهو البلاهة والفجور بحد ذاته.
والصراع يبدو أكبر من قضية سنة وشيعة، فالامر صار متعلق بالفهم لهذا الدين من حيث المبداء من الطرفين قبل أن يكون صراع بينهمها. لماذا هم مسلمين أصلاً من حيث الأساس! لماذا يؤمنون، وبماذا يؤمنون، وكيف يؤمنون!
أنا متفق معك حول نبذ الكراهية ولكن هذا الموضوع جد معقد وتدخل فيه الكثير من الخيوط(السياسية، المذهبية،..)
بارك الله فيك أخي و كثر الله من أمثالك. الموضوع مهم وله أبعاد مختلفه ولكن بكفي أن ينظر الإنسان بإنصاف ليقول ما قلت.
شكرآ لك و تحياتي
عبد الله
عفا الله عنك.
في بداية مقالك، وجهت اللوم لطائفة معينة، وهم أهل السنة. في تفجير المسجد.
ليتك وجهت نفس المقدار من اللوم للشيعة.
لقد قتل الشيعة من السنة في المساجد، أضعاف ما قتله السنة منهم.
بل البراميل المتفجرة هي من الطائفة العلوية الشيعية، وتراها يوميا.
لماذا المجرم هو السني فقط ولو كان هو الضحية دائما؟؟؟؟!!!!!
@غير معرف: أنا من أهل السنة ولم ألم أهل السنة، إن كان هذا ما فهمته فهذه مشكلتك، قلت أن هناك كراهية موجهة لهم ولا يمكن إنكار ذلك، ولا يعني قولي هنا أنني أقول بأن الشيعة ليس لديهم كراهية للسنة.
ما أود أن أقوله باختصار في المقال أن الكراهية نفسها مشكلة من الطرفين، وسبب هذا الموضوع كان تفجير في مسجد شيعي في الكويت، والعنف دائرة لا تنقطع مع دام الطرفان يوجهان اللوم لبعضهما البعض دون أن يقرر كلاهما أنهما يريدان إيقاف هذه الدائرة، وأيضاً لا يمكن أن نعمم ونقول بأن كل الشيعة أو كل السنة مسؤولون عن هذه الأحداث، من الطرفين هناك متطرفون يتسببون في بث الكراهية وتحويلها لتفجيرات، وعلينا العمل ضد هذه الكراهية لإيقاف العنف، هل توافق على هذا أم لا؟
هناك رأي أميل له بعض الشئ، وهو أن الصراع الدائر في منطقتنا هو صراع سياسي واقتصادي وصراع على النفوذ والسيطرة، وقد ألبس هذا الصراع لبوس المذهبية والطائفية.. لأن عوام الناس لن تحتشد وراء كل طرف إلا من خلال التحشيد المذهبي البغيض..
ولذلك، كل ما نشهده عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل من كراهية وبغضاء ما هي إلا وقود وبنزين تحشيد العوام الذين هم وقود الحروب للأسف..
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.