الأربعاء، 27 أغسطس 2014

هذا هو كتاب المعرفة

منذ أن بدأت محاولة جمع قاعدة معرفة في حاسوبي وأنا لا أستطيع البقاء على برنامج واحد لأسباب مختلفة، ببساطة لا يوجد برنامج يناسبني وعلي برمجة واحد بنفسي، الانتقال من ملفات نصية إلى برنامج إلى الملفات النصية مرة أخرى إلى خدمة ويب كان مضيعة للوقت ولكثير من الملاحظات التي حذفت أو فقدت، وكان هناك صوت يخبرني بأن الورق هو الحل وأدرك ذلك جيداً لكنني أكسل من أبدأ حتى بالتفكير في نظام لتدوين الملاحظات على الورق.

إلى أن أعدت اكتشاف فكرة Commonplace book، أقول أنني أعدت اكتشافها لأنني قرأت عنها أول مرة في موقع ملاحظات حول الملاحظات وذلك قبل ١٠ سنوات تقريباً، لغتي الإنجليزية في ذلك الوقت لم تسعفني في فهم الفكرة وفائدتها، ثم قرأت عنها مرة أخرى في مدونة The Cramped التي يكتبها المدون والكاتب باترك رون، وعندما اكتشفتها مرة أخرى شعرت بحماس غريب لها.

الفكرة هناك أن Commonplace book أو سأسميه كتاب المعرفة هو عبارة عن دفتر أو أكثر يجمع فيه القارئ والباحث المعرفة من مختلف مصادرها ويضعها في مكان واحد بأسلوب منظم، كان كتاب هذه الدفاتر يجمعون فيها فقرات من الكتب وأحياناً يقرأون كتابين أو أكثر في نفس الوقت فينسخون فقرة من كتاب ثم فقرة من كتاب آخر وتكون الكتب حول نفس الموضوع لكن صاحب كتاب المعرفة يأخذ منها ما يعجبه وينظمها بأسلوب يناسبه، ثم يعيد الكتاب إلى المكتبة العامة أو إلى من أعاره أو يعيد بيع الكتب ففي ذلك الوقت الكتب لم تكن رخيصة كما هي اليوم.

بعد جمع الفقرات والمعرفة من الكتب يعيد الكاتب قراءة ما نسخه فينتقل من كتاب إلى آخر وهو يقرأ نفس الدفتر، هذا أسلوب قراءة النص المترابط قبل أن يفكر أحدهم بالنص المترابط وقبل اختراع الحاسوب بمئات السنين، كتاب المعرفة قد يحوي:
  • مقولات وأمثلة.
  • وصفات طبخ!
  • رسومات.
  • قصصات من صحف.
  • صور.
  • رسائل.
  • أشعار.
  • جداول بالمقاييس والأوزان، قد تستغرب ذلك لكن هذه معرفة ضرورية قبل اختراع الإنترنت وفي ظل عدم وجود مراجع متوفرة دائماً.
  • ملاحظات حول ما يقرأ جامع المعرفة، يعجبني مصطلح "جامع المعرفة" هذا، هل يمكنني أن أصف نفسي بذلك؟!
  • مقتطفات من كتب.
  • مذكرات يومية، حول ما فعله أو حتى حول الطقس اليوم.
يمكن لكتاب المعرفة أن يضم أي شيء يريده جامع المعرفة، وهناك مشاهير كثر استخدموا هذا الأسلوب لجمع المعرفة، مثل:
لويس كارول مؤلف القصة المشهور أليس في بلاد العجائب كان جامعاً للمعرفة وهناك معرض لصور من دفتره، لاحظ كيف أنه ينظم كتابة كل شيء، كل إدخال أو لنقل كل تدوينة في الكتاب لها رقم خاص بها، وهو يكتب أشياء كثيرة ويرسم أحياناً، هناك خريطة ورسم لحروف صينية ورسم لمتاهة وغير ذلك.

The large version of my notebook
المصدر: George Redgrave
في الصورة ترى شخص يجمع المعرفة بأناقة، كل إدخال له رقم يكتب بالأحمر، وكل إدخال يكتب بلون أزرق أو أسود.

هناك أناس يستخدمون أسلوب جمع المعرفة لتدوين أفكارهم وأفكار الآخرين، ويفعلون ذلك في دفاتر ورقية عادية، وببعض النظام يمكن تنظيم هذه الدفاتر لتكون مرجعاً مفيداً حقاً بدلاً من أن تصبح فوضى غير مفيدة.

شخصياً بدأت باستخدام هذا الأسلوب، وسرقت الفكرة من الصورة، كل إدخال له رقم بدأ بالواحد ويرتفع مع كل إدخال أو كل تدوينة، بالمناسبة، يمكن لكتاب المعرفة أن يسمى "ديوان" كما أرى! على أي حال، أكتب رقم الإدخال باللون الأزرق، وأكتب النص باللون الأسود، وأستخدم اللون الأخضر لأسماء الناس والكتب.

ما فائدة ترقيم التدوينات؟ عندما أريد أن أرجع لتدوينة سابقة وأنا أكتب ملاحظة جديدة، ما أفعله هو كتابة رقمها باللون الأزرق ووضع خط أسفلها فيكون شكلها كالرابط، لنقل أنني كتبت التدوينة رقم ٧٨ وفيها مرجع لتدوينة سابقة رقم ١٦ مثلاً، عندما أعود للدفتر وأقرأ التدوينة رقم ٧٨ وأرى فيها رقم ١٦ سأذهب للتدوينة رقم ١٦ لأرى ما الرابط بينهما.

نقطة ثانية هنا أن جامعوا المعرفة كانوا يستخدمون نظام فهرسة للدفاتر، فمثلاً ينظمون الفهرس بحسب المحتويات، يكتب مثلاً عنوان "حكم وأمثل" وأسفله يضع أرقام المدخلات لكل الحكم والأمثلة، هكذا عندما يريد تصفح الدفاتر يمكنه أن يتصفحها حسب الموضوع.

ما الفائدة من كل هذا؟ بالنسبة لي وجدت راحتي في الورق، لم أجد حتى الآن أي مشكلة في جمع المعرفة على الورق سوى كسلي وهذا أتجاوزه الآن بسهولة، بل القراءة أصبحت أكثر متعة لانني حريص على أن أنتبه لما أقرأ أكثر وإذا وجدت شيئاً يعجبني نسخته وكتبته بيدي، وهذا يجعلني أتذكر وأفهم أكثر ما أقرأه.

بعد أن ينتهي الدفتر الأول سأضع ملصقاً عليه يبين أرقام المدخلات من أول واحدة إلى آخرها (مثلاً: ١ - ١٥٤) ثم سأضع تاريخ أول وآخر المدخلات (مثال: ٤ أغسطس ٢٠١٤ - ٢ يناير ٢٠١٥)، وسأكرر نفس الأمر مع كل دفتر أنتهي منه، بعد سنوات ستجتمع المعرفة في هذه الدفاتر بدلاً من محاولة جمع شتاتها في الحاسوب وفي برامجه المختلفة.

ما الفائدة من جمع المعرفة؟ هذا يعتمد عليك، لأنني كاتب فأنا أحتاج دوماً إلى العود لأفكار كثيرة وإعادة قرائتها وسيكون هذا مفيداً عن البدء في مشروع كبير كالكتب أو المحاضرات والدورات، ومن يدري ما الذي يمكن أن أستفيد من هذه الدفاتر لاحقاً.

هذا باختصار هو كتاب المعرفة، هو مكان لجمع المعرفة لعلها تصبح حكمة، ليس مذكرات يومية أو مذكرات سفر، بل هو شيء أكثر من ذلك.

وأختم برابط إلى موقع Pinterest، شاهد أمثلة كثيرة لكتب المعرفة.

6 تعليقات:

Unknown يقول...

رائع

Salah يقول...

فكرة جيدة
ولكن ألا يمكن تحويلها إلى موقع/شبكة اجتماعية -مثل غود ريدز- لا تكون مختصة بمراجعات الكتب بل بالاقتباسات منها بنصوص أو صور, سواء اقتباس لجملة أو حتى أجزاء كاملة من الكتاب مع وضع الملاحظات عليه وبنفس الطريقة التي ذكرتها, بحيث يكون لكل مستخدم كتاب افتراضي ويتم ترقيم وتنسيق الإقتباسات تلقائياً ويمكن للغير الاطلاع عليه وعمل لايك وتعليق ومشاركة!.....إلخ
ألن يكون هذا أجمل؟!

أنوار سيدام يقول...

الفكرة أعبتني بشدة !
كنت أعمل عدة دفاتر لتدوين الملاحظات حسب العناوين مما جعلني أتشتت.. لأني أحيانا اضطر للتنويع بين المحاضرات وتأجيل بعضها .. فاضطريت للتدوين الرقمي لأنه أسهل في الفهرسة .. لكن ما زلت أفضل التدوين على الورق :)
من كان يدري إنه مجرد اضافة أرقام تحل مثل هذه المشكلة العويصة وتجعلني أدون في دفتر واحد :D

عبدالله المهيري يقول...

@ahmed amer: شكراً

@Salah: لا مانع من فعل ذلك، السؤال من سيفعلها؟ وما هي القوانين التي ستقف حائلاً دون ذلك؟ لأن المحتويات الرقمية حالياً تعامل بشكل مختلف وبالتالي المشاركة وتبادل الآراء والملاحظات لن يكون سهلاً لعوائق قانونية قبل التقنية، تعجبني الفكرة وأتمنى وجودها.

@أنوار سيدام: فعلاً الأمر بسيط عندما تكون هناك وسيلة بسيطة لتنظيم المحتويات، التنظيم الزمني من أبسط الوسائل للكتابة على الورق، والفهارس يمكنها معالجة التنظيم حسب الموضوع.

Unknown يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
Unknown يقول...

احاول تسجيل افكاري على برنامج evernote وله تطبيق على android وال ios واضافة على المتصفح تمكنك من خزن ما يعجبك على شكل مقال او صورة واضافة تعليقاتك عليها .. هذا البرنامج يستحق التجربة بالتأكيد

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.