السبت، 7 يونيو 2014

جهاز ألعاب فيديو عربي: لم لا؟


يتكرر الأمر مع كل فكرة تحوي كلمة عربي، نمط من النقاش رأيته وعرفته منذ عرفت الشبكة، يقترح أحدهم فكرة شيء كان أجنبياً ويريد نسخة عربية منه، والأمثلة كثيرة، في الماضي كانت هناك حاجة للمنتدى العربي عندما كانت المنتديات هي أشهر أنواع المواقع، وكذلك "الشات" العربي وبرنامج البطاقات العربي، وكانت هناك محاولات لإنشاء متصفح عربي وبعضها كان واجهات عربية تستخدم محرك متصفح إنترنت إكسبلورر في ويندوز، وهناك من يحلم بنظام تشغيل عربي، والحاسوب العربي والهاتف الذكي العربي ... إلى آخره.

السؤال هنا: كم مرة قلت "عربي" في الفقرة أعلاه؟!

نمط النقاش حول الأفكار العربية له ٣ مسارات، الأول لشخص ما يطرح فكرة طموحة أكثر من اللازم، الثاني لشخص يرد عليه برد سلبي محبط، والثالث لشخص يحاول تشجيع الفكرة وفي نفس الوقت جرها إلى أرض الواقع، وقد يكون هناك من هو معجب بالفكرة كما هي.

خذ على سبيل المثال إنشاء لغة برمجة عربية، كنت ولا زلت غير قادر على فهم معارضة البعض للفكرة من أساسها، ما الذي سيحدث لو قام زيد من الناس بإنشاء لغة برمجة عربية؟ وإليك الجواب: لا شيء! هناك الآن لغات برمجة عربية وتظهر مبادرات قليلة هنا وهناك كل عام أو عامين، لغات البرمجة العربية لا يجب أن تكون كبيرة وتنافس اللغات الشهيرة بل على العكس؛ أجد أن لغات البرمجة العربية يفترض بها أن تكون صغيرة وتحاول التخصص في جانب محدد، أتمنى ظهور العديد من لغات البرمجة العربية لأغراض البحث العلمي لكي تكون أساساً لجيل آخر من لغات البرمجة العربية.

جهاز ألعاب فيديو عربي

هذا النقاش هو ما دفعني لكتابة هذا الموضوع،  لن أعلق على النقاش بشكل مباشر لكن سأعرض ما أراه فكرة تستحق التطبيق، أعرض الفكرة وأنا أعلم تماماً أن مجرد عرضها لا يكفي لكن الأفكار كثيرة ومن المستحيل أن يطبق الإنسان كل فكرة جديدة.

أجد أن فكرة جهاز ألعاب فيديو عربي تستحق التطبيق، ويفترض أن تبدأ الفكرة صغيرة لا أن تتطلع لمنافسة الكبار في هذا السوق، الشركات الكبرى لديها المئات من المهندسين والمصممين والمبرمجين ورأس مال يفوق ميزانيات دول، أن تطمح للوصول إلى هذا المستوى هو أمر رائع بلا شك لكن الواقعية مطلوبة كذلك، لن تبني ناطحة سحاب وأنت لم تبني قبلها جداراً في حياتك.

ما الذي سيجعل جهاز ألعاب الفيديو عربياً؟ هذا سؤال مهم لأن أجهزة ألعاب الفيديو المتوفرة اليوم تعد بالعشرات وبأسعار تبدأ من بضع دولارات إلى المئات من الدولارات، كونها صنعت في بلد أجنبي وتستخدم لغة أجنبية في الواجهة والتغليف لم يمنع العرب من شرائها، وبعض الشركات ترجمت بعض ألعابها إلى العربية، فما هو هدف جهاز ألعاب الفيديو العربي؟

قد يهدف الجهاز لتعليم هندسة الإلكترونيات وكيف تعمل هذه القطع الصغيرة لتشكيل جهاز، وهذا هدف رائع لكنه لا يحتاج لجهاز ألعاب فيديو فهناك أجهزة كثيرة لتعليم الإلكترونيات وبطرق مسلية، من الضروري توفر وسائل تعليمية مختلفة تكتب بالعربية لتعليم هندسة الإلكترونيات للأشخاص الراغبين في تعلم هذه الهواية، أما جهاز ألعاب الفيديو العربي يفترض أن يركز على الألعاب لا على الجهاز.

تعليم برمجة الألعاب هدف مهم، وتعليم تصميم الألعاب هدف آخر أكثر أهمية، هناك فرق بين البرمجة والتصميم، البرمجة هي أن تصنع اللعبة من خلال لغة برمجة، يكتب مبرمج ما وظائف اللعبة المختلفة ويربطها ببعضها البعض وبكثير من الكتابة والتجربة وتصحيح الأخطاء ينتج لعبة، لكن قبل البرمجة هناك التصميم.

تصميم ألعاب الفيديو هدفه النهائي تقديم تجربة استخدام ممتعة أو ملهمة أو مؤثرة بشكل ما في اللاعب، فمثلاً لعبة تيتريس (Tetris) لها قوانين بسيطة وعدد محدود من الخيارات لكنها تقدم متعة لا نهائية، لعبة باك مان لها أيضاً قوانين بسيطة وساحة محدودة وتقدم متعة لا نهائية من نوع آخر، لعبة Journy هي باختصار لوحة فنية رائعة من كل النواحي وهي قصة يجربها المستخدم دون أن يقرأ كلمة واحدة، لا يمكن وصف ما يشعر به اللاعب عندما يجرب هذه اللعبة لكن لا شك أنها أثرت إيجابياً على كثير من الناس.

ألعاب الفيديو اليوم لها تصاميم وأفكار كثيرة مختلفة، كيف نصمم ألعاب الفيديو لتكون ممتعة أو ملهمة أو مؤثرة؟ الجواب بحاجة لكتاب أو أكثر.

جهاز ألعاب الفيديو العربي سيكون عربياً لأنه يقدم ٣ أشياء مهمة:
  • تعليم برمجة الألعاب بالعربية.
  • تعليم تصميم الألعاب بالعربية.
  • إنشاء مجتمع عربي إلكتروني لتعليم تصميم وبرمجة الألعاب ولنشر الألعاب كذلك.
 لكن هذه النقاط تجعلني أتسائل: هل نحن بحاجة لجهاز ألعاب فيديو من الأساس؟ ألا يمكن فعل كل هذا من خلال البرمجة لأجهزة متوفرة في الأسواق؟ أو حتى البرمجة لحواسيبنا الشخصية؟

هناك أجهزة ألعاب فيديو صنعها الهواة وبعضها بسيط للغاية، إليك بعض الأمثلة:
هذه ألعاب بسيطة ورخيصة السعر، وهناك المزيد منها، ما يميز هذه الألعاب أنها بسيطة وهدفها الأساسي تعليمي، تعليم مبادئ الإلكترونيات والبرمجة، وبعضها مفتوح المصدر، ويمكنك شراء قطعها من متاجر على الويب وتجميعها بنفسك إن أردت وقد توفر بعض المال بفعل ذلك.

هناك جهاز آخر يعجبني وأظن أنني سأشتريه لأنه في رأيي يقدم الكثير مقابل سعر رخيص وجهاز بسيط، جهاز Uzebox صممه وصنعه شخص واحد، الجهاز مفتوح المصدر وهذا ما جعل آخرين يصنعون أجهزة أخرى مع تبديل بعض التفاصيل، والجهاز يستخدم برامج حرة كذلك، وهناك مجتمع إلكتروني حول هذا الجهاز وتطوير ألعابه وبرامجه.

 هناك لقاء مع صانع الجهاز يوضح فيه لم صنع الجهاز، ودور البرامج الحرة والأجهزة المفتوحة المصدر.

أجد أن هذا الجهاز يمكنه أن يكون جهاز ألعاب الفيديو العربي أو النسخة المقبلة منه والتي ستحوي خصائص أكثر لكن أظن أن المطور يريد الاحتفاظ ببساطة الجهاز، يمكن لأي شخص يعرف الإلكترونيات أن يأخذ تصميم الجهاز ويطور نسخة خاصة له إن أراد ويصممها لتتناسب مع السوق العربي، يمكنه أن يكتب أدلة برمجة ألعاب ويصنع موقعاً ليكون مجتمعاً لكل من اشترى الجهاز ليتبادلوا المعرفة.

يمكن كذلك المساهمة في الجهاز نفسه بتعريب الموقع وأدلة البرمجة وكتابة كتب حوله بدلاً من إنشاء مجتمع منفصل.

هذه أفكاري المبعثرة حول جهاز ألعاب الفيديو العربي أنثرها هنا للنقاش، خلاصة ما أريد ان أقوله:
  • يمكن تعليم برمجة ألعاب الفيديو دون جهاز خاص لذلك.
  • التفكير في جهاز ألعاب فيديو عربي أمر ضروري لكن الواقعية مطلوبة والبداية البسيطة مهمة.
  • وجود جهاز بسيط مثل Uzebox قد يساعد على تشكيل نواة مجتمع إلكتروني لتطوير الألعاب.
  • لا بد من البحث في سؤال: ما هي لعبة الفيديو العربية؟ ما الذي يميزها؟ ما الذي يجعلها عربية؟
  • ألعاب الفيديو العربية يمكنها أن تتوجه للعالم ولا تكتفي بالدول العربية.

2 تعليقات:

Unknown يقول...

مرحبا استاذ عبداللة، أشكرك على موضوع احببته حقاً، لكن احب ان اتكلم عن مبداء تجنيس الاشياء ما معنى ان يكون جهاز عربي او منتج عربي ؟ كل المنتجات الانجليزية يمكن تعريبها لكن مامعنى ان يكون عربي خالصاً العروبة ؟ وما يفيدنا ذلك ؟

سبق قلت في مقالك

" لكن هذه النقاط تجعلني أتسائل: هل نحن بحاجة لجهاز ألعاب فيديو من الأساس؟ ألا يمكن فعل كل هذا من خلال البرمجة لأجهزة متوفرة في الأسواق؟ أو حتى البرمجة لحواسيبنا الشخصية؟ "

لا جواب لذلك، الأغلبية يؤيد الفكرة ليعتز ويفتخر بعروبته من خلال هذه المنتجات والأجهزة، وهذه المفاخرات لا معنى لها ابداً ولا تصلح أن تكون هدفاً يبنى على اساسه جهاز او منتج عربي. بالأصح (لايزيدني اعتزازاً بعروبتي عندما يصنع عبدالله المهيري جهاز ينافس البلايستيشن بل يحق لعبدالله يفتخر بإنجازه ولو افتخرت انا سأصبح مثل الصلعاء التي تفتخر بشعر بنت خالتها).

إذا كان المنتج يستهدف فقط العرب لن يحرز نجاحاً كما لو كان يستهدف العالم بأكملة، واذا استهدف العالم بأكملة فما يجعله عربي ؟ من يعطيه الجنسية ؟ (صناعه) ؟ إذا ً لنقول لغة PHP العبريّة << لأن صانعها عبري. اتوقع لو كان الموضوع اهمية صناعة جهاز العاب مبسط، افضل تعبيراً من عربي لان عنوان (منتج كذا عربي) بداء مزعجاً منذ نهاية التسعينيات.

شكراً لك استاذ عبدالله
راشد المري

عبدالله المهيري يقول...

@راشد المري: أسئلتك حول العربية تحتاج لإجابة لأنني شخصياً لا أعرف إجابة لها، ما أميل له أكثر هو المشاركة في مشاريع الأجهزة المفتوحة المصدر والبرامج الحرة مثل جهاز Uzebox وترجمة أدلة الاستخدام ودروس البرمجة والإلكترونيات، هكذا نساهم في شيء عالمي كما حدث مع مشاريع أخرى مثل وورد بريس، لا فائدة من إنشاء برنامج عربي منافس لوورد بريس فقط لكي يكون عربياً.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.