السبت، 20 أكتوبر 2012

تخيل العالم بدون اجتماعات!

لا أظن أن يوماً يمضي دون أن تقرأ أو تسمع شكوى من أي شخص عن بيئة عمله، القوانين والإجراءات غير مرنة، المدير يتعامل مع موظفيه كأنهم آلات ولا يراعي ظروفهم، هناك ظلم وله أنواع في بيئة العمل، الرسميات تقتل الحماس لأن المؤسسة تهتم بالحضور والانصراف أكثر من اهتمامها بالإنجاز ويمكنك أن تذكر مشاكل كثيرة.

ما أستغربه حقاً هو كيف أن بيئة العمل في كثير من المؤسسات - الحكومية غالباً - لم تتغير من ناحية التركيز أكثر على الإنتاج وبذل جهد لتحويل بيئة العمل لمكان مرن يناسب ظروف الموظفين المختلفة، هذا ليس سهلاً لذلك من الأسهل وضع قالب واحد للجميع ومن لا يناسبه القالب عليه أن يخرج من المؤسسة، هذا ما يحدث عندما تصر إدارة ما على أن يحضر الموظف خلال وقت محدد وإن تأخر 5 أو 10 دقائق سيخصم من راتبه مبلغ ما، مع أنهم يعلمون جيداً أن الوقت في الصباح الباكر وليس هناك فرصة لتناول إفطار جيد ثم هناك الزحام، الإدارة لا تهتم هنا، ليخرج الموظف من بيته مبكراً وإن كان هذا على حساب صحته وسلامته لأن الناس في الصباح يستعجلون وتزداد الحوادث.

ماذا لو غيرت الإدارات فكرتها من التركيز على الالتزام بالإجراءات إلى التركيز على خلق بيئة تسعد الموظفين؟ بالمناسبة، دعني أختصر لك كتب الإدارة، إن كنت مديراً فلديك مسؤوليتان، الأولى أن تخلق بيئة مناسبة للموظفين تحفزهم على العمل، الثانية هي أن تتأكد من إنجاز العمل، هذا كل شيء.

في كلمة ألقاها مؤسس شركة GitHub تحدث عن تحسين بيئة العمل لإسعاد الموظفين وقال:
At GitHub we don't have meetings. We don't have set work hours or even work days. We don't keep track of vacation or sick days. We don't have managers or an org chart. We don't have a dress code. We don't have expense account audits or an HR department.
ترجمة سريعة للاقتباس أعلاه:  في شركة GitHub ليس لدينا اجتماعات، ليس لدينا عدد ساعات محدد أو حتى أيام عمل، لا نتابع أيام الإجازات أو  الإجازات المرضية، ليس لدينا مدراء أو رسم بياني لأقسام الشركة، ليس لدينا قواعد متعلقة بالملابس اللائقة، ليس لدينا مدقق لحساب المصاريف أو قسم موارد بشرية.

ثم يكمل في الفقرة التي تليها ويذكر مجموعة نقاط حول طريقة إدارة الشركة:
  • يدفعون راتباً جيداً للموظفين.
  • يعطون الموظفين كل الأدوات التي يحتاجونها لإنجاز العمل.
  • يعطون الموظفين حرية اتخاذ قرار ما سيعملون عليه وما هي الخصائص التي يرونها مفيدة للزبائن، الشركة تقدم خدمة على الويب ولذلك يتحدث عن الخصائص.
  • ندفع لهم لحضور مؤتمرات سيتحدثون فيها، وإن كان المؤتمر خارج البلاد ندفع لموظف آخر لأن السفر وحيداً غير مستحب، هو في الحقيقة استخدم كلمة Sucks وهي كلمة لا أعرف كيف أترجمها.
  • نعرض عليهم بيان الأرباح والخسائر كل شهر.
  • نتوقع منهم أن يمارسوا المسؤولية.
  • نتخذ القرارات بناء على الحجج الأفضل في النقاش لا على من يقول رأيه، بمعنى رأي موظف قد يغلب رأي مدير الشركة إن كان رأي الموظف أكثر منطقية.
  • يعقدون اجتماعات مجلس الإدارة في حانة، أظن أنه يعني مجلس الإدارة، ولا أطلب من أي أحد أن يقلدهم هنا، يمكن تغيير الحانة إلى مقهى.
كما ترى الشركة تفعل أموراً كثيرة لا يمكن لشركات حكومية أو خاصة أن تفعلها ولا أعني المؤسسات في بلداننا بل كثير من بلدان العالم، مع ذلك الشركة تربح، لم تحتج لتمويل خارجي وما تقدمه من خدمات يستفيد منه ملايين الناس حول العالم.

هل تستطيع تخيل مؤسسة بلا اجتماعات؟ أو ساعات دوام؟ مؤسسة لا تهتم بعدد أيام الإجازات أو تحدد لك عدد أيام الإجازات المرضية، هل تستطيع تخيل ذلك؟ لا يوجد عائق أمام إنجاز مثل هذه الأفكار سوى العقليات التي لا يمكنها تخيل عالم بلا اجتماعات، عالم يمكن فيه للموظف أن يأتي للمؤسسة في أي وقت ويذهب في أي وقت.

نقطة عدم الأمانة تذكر في كل مرة أطرح فيها مثل هذا الموضوع، وظيفة المدير هنا أن يتخلص من أي شخص يمارس عدم الأمانة ويستغل قوانين المؤسسة لكي يمارس الكسل ولا يفعل الكثير في مقابل أن يحصل على راتب، وظيفة المدير أن يعرف من يفعل ذلك ويتخلص منهم، الناس غالباً أمناء ويريدون العمل لأنهم يريدون أموراً مختلفة قبل الراتب، أن يجد المرء مكانه في المجتمع، أن يشعر بفائدته وقيمته ويكتسب احترام نفسه واحترام الآخرين له، هذه أمور أهم لكثير من الناس من الراتب، لذلك قلة من الناس ستمارس عدم الأمانة ولا يمكن التساهل معهم.

في كل الأحوال ليس المطلوب هو إلغاء الاجتماعات أو عدم تحديد ساعات العمل، المطلوب هو شيء من الإنسانية في القوانين والإجراءات، كل مؤسسة لها ظروفها وبالتأكيد يمكنها أن تغير القواعد لتصبح أكثر مرونة وتصبح بيئة العمل أكثر بساطة وأفضل للموظفين.

5 تعليقات:

غير معرف يقول...

لي تجربة شخصية في هذا المجال . فقد جربت في الست سنين الماضية العمل بنظام الساعات، حيث أذهب العمل في الوقت المناسب لي وأخرج عند إتمام العمل ثم أقوم بإحتساب الساعات وإرسالها للإدارة. وحينما لايكون هُناك خطة لا أذهب للعمل. وأحياناً أعمل من المنزل بإستخدام توصيل VPN مع الشركة التي كُنت أعمل بها. لكن كانت هُناك إجتماعات.

الآن أصبحت أرفض العمل في وظيفة ثابتة بدوام كامل رفضاً باتاً بعد أن جربت العمل بحرية، مع أن الوظيفة الثابتة لها محاسن، وهي أن يضمن الإنسان دخل ثابت.

العمل بحرية تتطلب نوعية معينة من الناس. تصلح لمن يستطيعون عمل إنجازات. الوظيفة الثابتة بدوام كامل ليس من شروطها اﻹنجاز. أما العمل بحرية وبدون إجتماعات وبدون قيود يكون قيدها الوحيد أن يكون هُناك مردود من اﻹبداع للشخص الذي وفرت له هذا الجو من الحرية.

كريمة سندي يقول...

تدوينة مميزة كما قرأت أن الموظف العادي تكون قمة عطاءه في خمس ساعات فقط وما زاد على ذلك فهو مضيعة للوقت .. كل عام وأنت بخير

غير معرف يقول...

>>الموظف العادي تكون قمة عطاءه في خمس ساعات فقط

هل يوجد رابط يؤكد هذه المعلومة. أنا في أمس الحاجة إليها. آخر جهة تعاقد معها قلت لهم أني استطيع فقط العمل ست ساعات. إذا وجدت رابط يؤكد هذه المعلومة ربما أقوم بتخفيضها إلى 5 ساعات في المرات القادمة إن شاء الله

أحمد الناعبي يقول...

وهذا يؤكد ما يقوله بيتر دراكر أبو الإدارة أنه كلما كثرة الإجتماعات في مؤسسة فلديهم مشكلة إدارية.

عبدالله المهيري يقول...

@أبو إياس: أفهمك وأوافقك، العمل الحر يتطلب ممارسة المسؤولية والجدية أكثر من الوظيفة الآمنة الثابتة، لو لم تعمل بجد وتحقق نتائج وتنجز المشاريع فهناك الكثير لتخسره، من ناحية أخرى الإنجاز يعطيك الكثير أيضاً.

@كريمة سندي: أتمنى أن أصل إلى مصدر هذه المعلومة، شخصياً أرى أن ساعات العمل المرنة يفترض أن تعطي الموظف الحق في العمل ساعة أو 10 ساعات، ما دام أنه ينجز فله الحق أن يعمل كما يشاء.

@أحمد الناعبي: صدق، أتمنى لو أن بعض مدراء المؤسسات لدينا يقرأون كتبه ويفهمونها.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.