الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

أصفر وله ثمانية أرجل

لا زلت أنظف تلك الغرفة التي تحوي كل شيء لا نحتاجه، أو على الأقل أشياء كثيرة لا نحتاجها، من بينها الكتب التي وضعتها هناك على أمل أن يكبر صغار العائلة - أبناء وبنات إخواني - فيجدوا مكتبة جاهزة لهم، الآن أجد الفكرة غير مناسبة، الكتب تصبح قديمة وجزء منها يصبح عديم الفائدة لأن معلومات وخبرات جديدة ظهرت وبالتالي كتب جديدة تنشر، وما هو مفيد منها فهو متوفر في المكتبات ويمكن شراءه، ثم تخزين الكتب بهذه الطريقة لم ينتج عنه سوى الغبار والغبار ومزيد من الغبار، لا شك أن هناك وسيلة أخرى للتصرف بهذه الكتب.

اليوم جلست لأفصل كتبي عن كتب الآخرين وأنظف الكتب من الغبار، حملت مجموعة منها وضعت فوق مكتبة صغيرة وبمكنسة صغيرة بدأت أمسح الغبار عن أغلفتها، لاحظت عنكبوتاً أصفر اللون وكبير الحجم لدرجة تكفي لإخافتي لكنني لسبب ما لم أخف، أخذت نفساً عميقاً - وكانت غلطة - ونفخت بقوة على ذي الأرجل الثمانية ليطير بعيداً نحو الزاوية، بصراحة لا أستطيع قتل الحشرات وخصوصاً العناكب لأنها ببساطة تملك ثمانية أرجل، هذا لوحده سبب كافي لعدم قتلها.

أخرجت العشرات من الكتب وأكثرها يتحدث عن الإدارة أو التطوير الشخصي، مجال كنت أهتم به كثيراً في الماضي، كتب عن إدارة الاجتماعات وتقديم العروض والمحاضرات وكتابة التقرير وتحفيز الموظفين والتعامل مع الشخصيات الصعبة وإدارة المفاوضات وغير ذلك من المواضيع الكثيرة التي كنت أحب قرائتها.

تذكرني الكتب بفترة كنت متفائلاً فيها أكثر من اللازم وكانت أحلامي فوق السحاب، أذكر كيف كنت عازماً على إكمال تعليمي في جامعة الإمارات في مجال الإدارة وهو أمر أستغربه من كان يدرس معي، أحدهم قال لي بما معناه أن لدي إمكانيات أفضل من أن أضيعها في تعلم الإدارة، أخبرته أن ما أريده هو تغيير مفهوم الإدارة بأكمله، 12 عاماً بالتمام تفصلني عن تلك الأيام، تغيرت أمور كثيرة وتغيرت أفكار كثيرة.

كنت أدرس في مدرسة تجارية وهي مدرسة تعلم مواد مختلفة عن قسمي العلمي والأدبي في ذلك الوقت، كنت كسولاً ولا أرغب في تضييع وقتي في تعلم مواد صعبة كثيرة لذلك توجهت نحو التجاري الذي كان وجهة كثيرين مثلي يريدون شهادة ثانوية بأسهل طريقة، بعد التخرج ارتكبت خطأ وأظنه كان أول سلسلة أخطاء كثيرة، مر عام دون تقديم أوراقي إلى جامعة الإمارات ولا عذر لدي سوى كسلي وعدم مبالاتي وهما مرضان لا شفاء منهما، بعد عام أردت التسجيل في الجامعة فأخبرني الموظف هناك أن القطار أو الطائرة أو العالم كله فاتني لأنني أحمل شهادة تجارية والشهادة التجارية تنتهي صلاحيتها بمرور عام، كأنها علبة تونة.

حاولت التسجيل في كليات التقنية وتجربتي معها كانت سلبية، أجريت امتحان قبول يخبتر مستوى الإنجليزية وبعد الامتحان كنت أزور الكلية كل أسبوع مرة لكي اعرف النتيجة أو أعرف إن كان إسمي ضمن الطلبة الذين سيدرسون هناك، تكررت الزيارات مرات عديدة وفي آخر مرة ذكرت السكرتيرة أنهم سيتصلون إن ظهر اسمي أو أسماء من كانوا معي في المكتب في ذلك الوقت وكانوا مجموعة كبيرة من الشباب، تركت الكلية ولم أعد ولم يتصلوا.

تجربة أخرى سلبية مع جامعة تجارية لكن الجانب السلبي هنا كان أنا فلم أكمل التعليم فيها بعد 3 أشهر، لكسلي وعدم مبالاتي، من ناحية كنت أشعر بالذنب لأنني أطلب الكثير من المال لهذه الجامعة التجارية التي كانت ولا زالت تطلب الكثير، ومن ناحية أخرى كان وقتي كله مخصص للجامعة والدراسة، منذ أن أستيقظ وحتى العودة إلى الفراش الوقت كله يذهب للدراسة ولسبب ما وجدت أن هذا الوضع غير طبيعي ولا زلت أشعر بالذنب على المال الذي ضاع بلا فائدة.

كتب التطوير الشخصي في ذلك الوقت لها مفعول إيجابي من ناحية رفع المعنويات وشحذ الهمة ولا أدري إن كان لها فائدة من ناحية التطوير الشخصي، لا ألوم الكتب هنا فهي مهما كانت جيدة فلن تكون مفيدة ما لم يحاول المرء أن يغير نفسه ويطبق بعض النصائح التي يقرأها، ومن الواضح من تجاربي مع الجامعات أنني لم أطبق كثيراً مما قرأته.

بعد سنوات من جمع هذه الكتب وقرائتها بدأت أتخلص منها وتوقفت عن شراء جديدها، الأفكار تتكرر في الكتب فما قرأته في كتاب سأجده مكرراً بأشكال مختلفة في كتب أخرى، ثم يبدو أن كثيراً من الكتب منعزلة عن الواقع أو تتصور بأن الواقع مثالي لدرجة تكفي فيها لتطبيق نصائحها، كثير من هذه الكتب مترجم وجاء من بيئة مختلفة تماماً عن بيئتنا وبالتالي كثير من الأفكار لا مكان لها عندنا، القوانين والعادات والأعراف تختلف وكذلك سوق العمل وبيئة الأعمال.

بعد جمع الكتب وتنظيفها ووضعها في صناديق سأبحث عن طريقة للتبرع بها، لدي جهتان قد تقبلان بالكتب، لكن إن لم أجد من يقبلها خلال الأسابيع القليلة القادمة سيكون مصيرها سلة المهملات.

8 تعليقات:

Ibrahim alhwemal يقول...

مرحبا أخي عبدالله

فعلا الكتب تطوير الشخصي لها مفعول إجابي من رفع المعنويات لكن هذا لن يفيد ان يكون الشخص صاحب إرادة ويملك بيئة محفزة تأثرت كثير بهذه الكتب لكن لا اعرف ما ينقصني اقوم بالعمل بشكل جيد وعند النجاح تجدني اترك كل شي وانتقل لشي أخر وابدا من الصفر لماذا لا اعرف :(

بنسبة للكتب انصحك بوضعها في اماكن الانتظار مثل المطار المستشفيات الحلاقين ويوجد الكثير من المقاهي التي تقبل مثل هذا الكتب وتجعلها عامة للقراءة وهذا خيار جيد أقوم به شخصيا

غير معرف يقول...

في مكتبتي يوجد نوعان من الكتب: كُتب لديها فترة صلاحية، مثل كُتب البرمجة فهذه لها فترة صلاحية معينة بعدها تُصبح من الماضي، أما باقي الكتب الأخرى العملية منها: مثل الموسوعات المصورة التي تتكلم عن الفيزياء والطبيعة والمخترعات، فهذه تصلح لجيل آخر على اﻷقل. كذلك الكُتب الدينية والتاريخية فهي ليست لها فترة صلاحية، بل بالعكس، يكمن أن تزيد أهمية الكتاب بمرور الزمن، مثلاً الكُتب التاريخية أو التي تتناول شخصية أو قضية مرتبطة بفترة معينة، أو حادثة حدثت، كحرب مثلاً. يُمكن أن تُصبح تراث مع مرور الزمن وتكون نادرة في المكتبات فالبتالي تزيد قيمتها.

عبدالله المهيري يقول...

@إبراهيم: سأوزعه بعضها على الحلاقين والمستشفيات، شكراً على الاقتراح.

@أبو إياس: كلامك صحيح، أنوي الاحتفاظ بالقليل من الكتب والتي هي في الغالب ستبقى مفيدة مع مرور الوقت وهي كما ذكرت، كتب التاريخ والكتب المصورة والدينية وغيرها.

Anas Emad يقول...

يمكن تكتب عناوين الكتب و ترسلها بالبريد لمن مهتم بقرائتها بشرط ان يعيد اهدائها لشخص اخر

انا اول مهتم :)

عبدالله المهيري يقول...

@Anas Emad: لو كانت 10 أو 20 كتاباً لربما كان هذا خياراً مناسباً، لكنها عشرات الكتب، لم أعدها وأخمن بأنها أكثر من 200 كتاب، تكلفة إرسالها للآخرين بالبريد ستكون مرتفعة وأنا لا أستطيع تحملها، هذا بالإضافة للوقت الذي تتطلبه عملية الاتفاق والإرسال.

على أي حال، الكتب ستصل إلى من سيستخدمها ويوزعها على مكتبات مختلفة.

مدير التحرير يقول...

قصة درامية مع الجامعات ، لماذا لا تجرب أن تعيد الثانوية العامة من جديد و الدخول إلى جامعة حكومية ، خصوصاً كما فهمت من المدونة بأنك تملك الكثير من الوقت...

عبدالله المهيري يقول...

@مدير التحرير: لأن هذا مضيعة للوقت، خصوصاً أن أكثر من 12 عاماً تفصلني عن تخرجي من المدرسة والمناهج تغيرت كلياً، ولدي ما يكفي من الكراهية للمدارس تمنعني من العودة، أن أقرأ وأتعلم بنفسي خير من العودة.

Anas Emad يقول...

مممم
هناك كتب منها انا مهتم جدا بالحصول عليها لابد من طريقة

هل يمكنك ارسالها بالبريد علي نفقة المستقبل اظن انه ارخص لي ان ادفع تكلفة البريد للكتاب ارخص من ان اشتري الكتاب الأصلي

- يمكن ا تتبرع بهم لمكتبة عامة

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.