الجمعة، 6 يناير 2012

الرحلة الثالثة - 6

هذا الموضوع السادس والأخير لرحلتي الثالثة إلى الهند وفيه أضع ملاحظات صغيرة لم يكن لها مكان في المواضيع السابقة.

(1)
لم أحزمة الأمان في الطائرات لا تكون كتلك التي في السيارات؟ هذا أول ما لاحظته عندما ركبت الطائرة، بسبب وزني الزائد أجد صعوبة في تركيب حزام الأمان في الطائرة ثم من ناحية عملية حزام أمان السيارات يوفر أماناً أكبر لأنه يثبت الجزء العلوي من الجسم، وهذا مفيد من ناحية تجنب الإحراج، هل سبق لك أن جلست بجانب رجل ينام طول الرحلة؟ بعد 10 دقائق من إقلاع الطائرة تشعر بأنه نائم وبعد ذلك بقليل تسمع شخيره فتنظر له لتجد مغارة علي بابا مفتوحة بدون أن يقول أحدهم "افتح يا سمسم" وبعد ذلك يميل رأسه إلى اليمين أو اليسار وعلى حسب حظك قد يميل الرجل نحوك ويستخدمك كوسادة مريحة دون أن ينتبه حتى توقظه فيعتذر ويكرر الأمر بعد خمس دقائق!

نقطة ثانية، هل يستمع أحد لتعليمات الأمان في الطائرات؟ بعض شركات الطيران تعرضها على الشاشات وبعضها تجعل المضيفات يمثلن تعليمات الأمان، أعلم أن علي ربط الحزام، أعلم أن علي الانتباه لباب الطوارئ وهو أمر أفعله قبل أن أجلس وأعلم أنه إذا ظهرت كمامات الأوكسجين فعلي وضع واحد على وجهي، إن لم أفعل سأشعر بضيق في صدري ثم أفقد وعيي خلال أقل من دقيقة، لم عليهم تكرار ذلك في كل مرة نركب الطائرات؟

(2)
عندما زرنا شلالات Jog رأينا عدداً من المصورين هناك وكلهم يعرض صوراً زائفة! أتينا بعد موسم المطر وهذا أمر مؤسف لأنه في موسم المطر يكون منظر الشلالات رائعاً وكمية الماء التي تنزل تكون هائلة بينما ما رأيناه في ذلك اليوم كان قليلاً ومحبطاً، لكن لا مشكلة، المصورون هناك لديهم حل فقد التقطنا صورة جماعية وذهب المصور إلى مكتبه ليستعين بخدمات الأخ فوتوشوب وجعلنا نبدو وكأننا أخذنا الصورة قبل أشهر قليلة في موسم المطر، آلة زمن بمعنى آخر!

(3)
في يوم الجمعة صلينا في المسجد القريب من بيت داوود وقد سبق أن تحدثت عن خطب الجمعة في موضوع سابق، كثير من الخطباء يقرأون خطبهم جاهزة من كتاب يحدد لكل جمعة موضوعاً وهو كتاب قديم يقرأ منذ عقود وأصبح عادة متوارثة، والخطيب لا يقرأ بقدر ما يغني والخطبة تأتي في جمل قصيرة وكلمات مسجوعة والخطيب يمد الكلمات ويغنيها، وفي ذلك اليوم كان موضوع الخطبة يوم عشوراء وفضل الصوم فيه مع أن عشوراء قد مضى عليه يومان الآن، لكن من في المسجد يفهم ما يقوله الخطيب؟ وحتى الخطيب نفسه هل يفهم ما يقرأه؟

تحويل العبادات إلى عادات والعادات إلى عبادات، هذه إحدى مصائبنا كمسلمين، أن يستقبل عربي مثل استقبالاً حافلاً ليس من الدين، وديننا يقول بإكرام الضيف سواء كان الضيف عربياً أم أعجمياً فهما سواء عند الله والتفاضل في ديننا يكون بالتقوى وكما قال عليه الصلاة والسلام مشيراً بيده إلى صدره "التقوى ها هنا" بمعنى أنها شيء بين الله وعبده وبالتالي لا يمكن أن نفضل شخصاً على شخص لأي سبب، من يستحق الاحترام يحترم بلا مبالغة.

أن تتحول مناسبات إلى ما يشبه الفروض ويصر البعض على الاحتفال بها بل والحط من شأن من لا يرى الاحتفال بها، بل أن تصبح أنواع محددة من الملابس والمآكل والعادات أشياء من أصول الدين ومن لا يلبسها أو يأكلها أو يمارسها ينظر له بعين نقص، هذه مصيبة وهي في وصفي لها تبدو بسيطة حتى تراها بعينك في حياتك وحياة الناس من حولك، خذ مثالاً بسيطاً: لم النساء في كثير من بلداننا يلبسن الأسود؟ أكتفي بالسؤال.

(4)
في تشيكماغلور وفي مناطق أخرى باردة لديهم عادة أجدها غريبة وهي شرب الماء دافئاً، حاولت أن أتعود على ذلك لكن لم أستطع فلسبب ما يصبح طعم الماء مختلفاً، نفس الوضع بخصوص الشاي فهناك من يحب شربه بارداً وأنا لا أستطيع فعل ذلك، أنسب درجة حرارة للماء هي درجة حرارة الغرفة أو أقل بقليل وأفضل وقت لشرب الشاي عندما يكون ساخناً، هذا ما أفضله .. ملاحظة صغيرة.

(5)
خرجت من المسجد بعد صلاة المغرب وانتظرت داوود، في ذلك الوقت خرج أحد جيران داوود ممن يتحدثون العربية بشكل جيد وبدأ في التحقيق معي، "سلام عليكم، متى يجي؟ وين روح؟" يسألني كأنه يطلب حقه من عندي، لم أتضايق فأنا أعلم أن هذا شيء طبيعي عندهم، أن يسألوا عن أمور شخصية وأن يكون أسلوب سؤالهم جافاً كما فعل الرجل.

أخبرت داوود وفتحت عليه باب موضوع كبير، يبدو أنه يعاني من الأمر كذلك فالناس يسألون عن أمور شخصية يفترض بها أن تبقى شخصية ولا يسأل عنها أحد، لديهم فضول عجيب يدفعهم للسؤال عن كل شيء، أين ذهبت وماذا فعلت وماذا تملك وما هذا وما ذاك ولماذا فعلت هذا ولم تفعل ذلك ولم اخترت هذا اللون أو هذا الهاتف ... إلخ.

كنت أسأل داوود عن رجل ينادونه تشا تشا (Cha Cha) وهل سيرافقنا في رحلتنا أم لا، يعجبني في هذا الرجل أمرين، أوله أنه لا يكترث بي فهو يعاملني كبقية الناس ولا يهتم بانني عربي، الثاني أنه رجل غير فضولي فلا يسأل عن أمور لا تخصه كما يفعل البقية ويعوض عن ذلك بأن يكون طريفاً حقاً ويحدث الناس بنكت وقصص ويعلق على أمور من حوله تضحك الناس ولا تضايقهم، ليت لو أن البقية يفعلون مثله لارتاح داوود من الأسئلة الشخصية.

(6)
الحرب على الباعوض! ربما كان علي تسمية رحلتي بهذا الاسم بدلاً من الاسم الممل "الرحلة الثالثة" فما حدث هناك ليس بأقل من الحرب، ففي الليلة الثانية لم يتركني الباعوض أنام وقد جئت بدواء يدعي الحماية من لدغه لكنه لم ينفعني في شيء وحتى عندما غطيت كامل جسمي باللحاف وحاولت تغطية ما يمكن من وجهي مع ترك الأنف يتنفس بحرية لم يجدي ذلك فقد وجد الباعوض طريقه إلى جبهتي ولدغني فوق عيني اليسرى واستيقظت صباحاً على انتفاخ هناك سميته الجبهة الغربية.

لديهم مضرب يشبه مضرب التنس وظيفته قتل الحشرات فهو يشحن بالكهرباء وبحركة سريعة يمكنك أن تضرب أي باعوضة تطير فتسمع صوت فرقعة الكهرباء وهذا يعني أن الباعوضة رحلت عن دنيانا ولم يبقى من جمسها شيء فقد احترقت، ابن داوود كان يستطيع في جلسة واحدة إيجاد ما يزيد على عشرة من هذه الحشرات الصغيرة المزعجة، هي مزعجة حيث لم ينفع معها 3 طرق للحماية ولا حتى البحث عنها وقتلها، قلت لداوود الحل الوحيد هو الشبك الخفيف أو ما يسميه البعض ناموسية.

(7)
بقي الصور، هذه بعض الصور لم أعرضها في مواضيع سابقة:

قبل الغروب
جربت أن ألتقط صورة هكذا وظهرت بهذا الشكل، اعجبتني، هذا كل شيء.
هممم
في طريقنا إلى ساغرا رأينا مجموعة من القرود ويبدو أن هذا كأن يتأمل
ممنوع
اللافتات في الهند لا يهتم بها أحد كما يبدو واضحاً في الصورة.
بيت داوود
بيت داوود، صورة في الصباح الباكر، البيت يبدو كبيراً لكنه ليس كذلك وقد بني على مراحل عديدة
Kolam
أمام بعض بيوت الهندوس ترى مثل هذه الرسومات وتسمى كولام وبعضها يكون ملوناً متقناً عجيباً، لوحات فنية
منظر مألوف
في الهند لديهم كثير من الأبقار والكلاب الضالة، تجدها في كل مكان
شاي الساعة الرابعة
وجبة خفيفة يقدمونها في العصر، حقيقة أنتظرها أكثر من أي وجبة أخرى
مسجد الخضر
صورة مقربة لمسجد الخضر
هذا كل شيء حول الرحلة وهذا آخر موضوع عنها، أتمنى أنكم وجدتم فيها متعة وفائدة ومن أراد أن يشاهد كل الصور فهي متوفرة في فيلكر.

3 تعليقات:

شبايك يقول...

تلخيص جميل وسرد أجمل... كالعادة رحلة ممتعة بين الكلمات والمزارات... ندعو الله بمقالات كثيرة مثل هذه ورحلات أكثر في المستقبل غير البعيد ^_^

بسام حكار يقول...

أخبرني صديق أنهم في الصين كذالك يشربون الماء ساخن.
ربما بعض من الخل يوضع على مكان قرصة البعوض ينفع لازالة الالم، وان تدهن نفسك بزيت الزيتون هذا يبعد البعوض، لا أقول تدهن جسدك كله.
أنا أيضا اكره الاشخاص الذين يطرحون الاسئلة الكثيرة حول الامور الشخصية.

غير معرف يقول...

أبو هند:

موضوع شيق و معلومات مفيدة. بالنسبة للفضول فأنا أجد أن الهنود و البنغال لديهم فضول كبير ( ليس إستهزاء أو سخرية ).

من الأمثل في الحوادث و أمور أخرى تجدهم ملتفين من دون فائدة. حتى في أماكن العمل أجد عند بعضهم الفضول لرؤية شاشة الحاسوب أي بعض الملفات.

وشكرا