الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

نعقد حياتكم من أجلكم ... نحن في خدمتكم

لأنني مضطر كبقية خلق الله إلى الذهاب لمختلف المؤسسات لإنجاز بعض الأعمال أجد نفسي في مواقف تجعلني أتمنى عودة الماضي لأنه أبسط، في كل مؤسسة هناك إجراءات وقوانين مختلفة وفي كل مؤسسة هناك موظفة أو موظف يجيبني بالجواب الذي لا يعجبني: هذه هي الإجراءات!

أسألهم دائماً: لماذا علي فعل ذلك؟ ما الهدف من هذه الورقة؟ ألا تكفي الصورة لماذا علي إحضار الأصل؟ رقم الجواز مذكور في هذه الورقة الحكومية الرسمية وصورة الجواز تحوي الرقم، لماذا علي إحضار الجواز؟ والإجابة نفسها لا تتغير: هذه هي الإجراءات.

بمعنى آخر، الموظف - أو الموظفة - ليس لديه استعداد للتفكير في الأمر وهو معذور هنا لأنها يتعامل مع مجموعة كبيرة من الناس، من ناحية أخرى يمكنه أن يقول بعض الجمل لتخفف على الناس، مثل:
  • أنا آسف فعلاً، أنا أدري أن بعض الإجراءات غير منطقية لكن بدونها ما أقدر أخلص لك شغلك.
  • صدقني تكلمت مع المسؤول المباشر عن الموضوع وهو وعدني أنه يراجع الإجراءات لكن حالياً لازم نتبع القواعد.
  • أنت هات الورقة وأنا بكلم المسؤول وبشوف إذا أقدر أسوي لك استثناء.
يمكنه أن يقول هذا وغيره دون أن يكسر القواعد أو يتجاوز الإجراءات، جملة مثل هذه أفضل بكثير من أن يردد بأنه يتبع الإجراءات لا أكثر، ثم من مسؤولية الموظف أن يخبر المدير والإدارة بأن بعض الإجراءات غير منطقية أو على الأقل هناك حالات خاصة لا يمكنها أن تتبع الإجراءات كما وضعت، الإدارة مهما حاولت إتقان عملها فهي ليست على اتصال مباشر مع الناس والموظف الذي ينجز العمل هو من يعرف ما يحدث ويفترض أن يشارك في صنع القرار، المكاتب في الطوابق العليا لا تنجز العمل بل الموظف الذي يستقبل كل يوم عشرات المراجعين.

ثم يفترض بالإدارات أن تعطي الموظفين بعض الثقة لكي يحكموا بأنفسهم على كل حالة بدلاً من أن تجعلهم مجرد وسائل لتنفيذ العمل بدون تفكير، فمثلاً المعاملات قد تحتاج التأكد من هوية مقدم المعاملة، هنا يمكن للإدارة أن تترك للموظف حرية أن يختار الوسيلة المناسبة للتأكد من هوية مقدم المعاملة، فإن أحضر بطاقة هوية مثلاً سيكون ذلك كافياً، لا فائدة من الإصرار على إحضار جواز السفر بعذر أن هذه هي الإجراءات، لأن الإجراءات لها هدف محدد ولا يهم كيف ينجز الهدف المهم إنجازه، بمعنى المهم هي الغاية لا الوسيلة.

أعلم أن البعض قد يسأل عن المثال السابق: ألا تكفي بطاقة الهوية؟ صدقني مررت بحالات كثيرة لمؤسسات مختلفة تطلب بطاقة الهوية والجواز، ليس صورة الجواز بل الجواز نفسه، أسألهم عن الهدف فيغنون لي "هذه هي الإجراءات" أهز رأسي متأسفاً على الوقت الذي يضيع، أذهب وأعود لمجرد شيء واحد لا معنى له.

ما ألاحظه في السنوات القليلة الماضية هي ازدياد المعاملات التي يجب على الأفراد إنجازها وكذلك زيادة التكاليف المختلفة التي تفرضها كثير من المؤسسات، ما أكثر شكاوي الناس في الصحف عن ارتفاع الأسعار وعن رفع بعض المؤسسات أسعار خدماتها، وما يضايقني حقاً هو أنني أشعر بأن كل مؤسسة تظن بأنها تعيش في هذا العالم لوحدها لذلك لا بأس من رفع الأسعار، لكن ما يشعر به البعض هو أن كل شيء حوله يردد بصوت عالي: أدفع أدفع أدفع.

في كل مؤسسة أجد فرصة للحديث مع غرباء وغالباً الكلام يدور حول الإجراءات والمعاملات والتكاليف والشكوى بين كل هؤلاء الغرباء مشتركة، كثير منهم لا يجدون مشكلة في أن يدفعوا مقابل الخدمات وينفذوا الإجراءات المطلوبة وما يطالبون به بسيط: خفوا علينا الله يخليكم!

7 تعليقات:

أبو مارية يقول...

أستاذ عبد الله .. شهر كريم..

هذا مش عندكم ؟!!

http://www.youtube.com/watch?v=xl5UkmgxwHg&list=UU6fQExjXVEnc

عبدالله المهيري يقول...

@أبو مارية: الوضع مختلف من إمارة لأخرى.

جسري يقول...

أنت تكثر من الشكوى يا سيد عبدالله :-)
عندنا في سوريا إجراءات روتينية، لكن ليس إلى تلك الحدود التي تتحدث عنها، الحمدلله.

إذا أردت التخلص من هذه المشكلة، في كل مرة خذ جواز السفر معك، وتنتهي القصة، عندنا جملة تقول: "طنِّش، تعِش، تنتعِش" هذه هي الدنيا.

عبدالله المهيري يقول...

@جسري: كلما كتبت مثالاً في أي موضوع خشيت أن يركز أحد المعلقين على المثال ويظن أنني أعني المثال فقط لا أكثر، وما المشكلة في الكتابة عن مشاكل المجتمع؟ إن كان هذا إكثار من الشكوى كما تعتبره فلا بأس، بالنسبة لي هو محاولة لعرض ما أجده مشكلة في المجتمع.

الموضوع ليس متعلقاً بي، هذه ليست مشكلتني أنا فقط، الناس يعانون منها، ازدياد التعقيدات والتكاليف، وليس الموضوع جواز السفر فقط بل أشياء كثيرة، أوراق مختلفة، إجراءات مختلفة، في كثير من الأحيان الإجراءات تختلف بحسب الموظف والتعقيد يزداد بحسب مزاج الموظف كذلك.

جسري يقول...

لا لا، لا تفهمني غلط، قصدت المزاح وقد أرفقت الجملة بوجه ضاحك، لكني أردت أن أقول هذا الحال.

احمد أديب يقول...

صحيح وهذا موجود في كل الدول العربيه الله يغير الحال والمسكين تكمن في محدودية تفكير الكثير من الموظفين وعدم مقدرتهم على امتصاص غضب الزبون بشكل سريع و بديهي فهذه مشكلة شركاتنا و مؤسساتنا للأسف في العالم العربي

عبدالله المهيري يقول...

@جسري: أعلم أنك تمزح :-) مع ذلك لا بد من التوضيح.

@أحمد أديب: ليست الدول العربية استثناء هنا الأمر يشمل كثيراً من الدول الأخرى وفي أحيان حتى الدول الأوروبية وأمريكا لديها مثل هذه المشاكل، البيروقراطية الحكومية موجودة في كل مكان وتختلف مستوياتها.