الثلاثاء، 13 يوليو 2010

رداً على مقال سطحي

typewriter
بالأمس وصلت لمقالة بعنوان 10 تقنيات يجب أن تنقرض لكنها لم تنقرض (إنجليزي)، المقالة تبدو ساخرة وجادة في نفس الوقت، أعني أن الكاتب جاد في فكرة أن هذه التقنيات العشر يجب أن تنقرض وفي نفس الوقت يسخر من بعض مستخدميها - كبار السن غالباً - ويسخر من التقنيات نفسها، في الغالب مثل هذه المقالات لا أعيرها اهتماماً بعد قراءتها، لكن هذه المرة لدي ما أقوله.

بعض من يكتبون حول التقنية يتعمدون كتابة مقالات مثيرة للجدل لجذب انتباه الناس وجذب مزيد من الزوار لمواقعهم، أحدهم يكتب لمجلة معروفة اعترف أنه يفعل ذلك عن قصد لكي يجذب الزوار، مقالاته سطحية ساخرة ومع ذلك يعطيه البعض اهتماماً أكبر مما يستحق، هذه مشكلة تتكرر في مجالات كثيرة، تجد من يكتب السطحي من المقالات وما يثير الجدل وتجد جمهوراً يتابع هذه المقالات، جزء من الجمهور يؤيد الكاتب وجزء يتابعه لكي يخالفه الرأي! لا أفهم النوع الثاني من الجمهور، إن لم تعجبك كتابات شخص فلم تتابعها؟ الكاتب الذي أعنيه لم اقرأ له منذ سنوات، ليس ثلاث أو أربع سنوات بل أكثر من ذلك، منذ أن كان يكتب لمجلة وتترجم مقالاته للعربية في مجلة عربية.

لنعد إلى المقالة، الكاتب يقول أن هذه التقنيات يجب أن تموت:
  • البرقية، أو تيليغرام.
  • الآلات الكاتبة.
  • الناسوخ، أو الفاكس.
  • الهواتف المنزلية أو الأرضية.
  • الغرامافون، أو الفونوغراف، أي تلك الأقراص السوداء التي تضع إبرة عليها وتديرها لتسمع الموسيقى، تسمى البشتختة في الخليج.
  • آلة تسجيل النقد، أو مركز البيع، تلك الآلة التي تجدها عند المحاسب في المحلات.
  • الكاميرات الفورية.
  • مشغلات الأقراص المدمجة بأنواعها.
  • التلفاز بالتقنية القديمة، بتقنية CRT، أي التلفاز غير المسطح.
  • الراديو، لا يقصد الإذاعات بل أجهزة الراديو التي تستخدم للاتصال لا سلكياً بين عدة أفراد.

من يكتب في الشبكة وباللغة الإنجليزية عليه أن يدرك أنه يخاطب العالم حتى لو لم يرغب في ذلك، ومن الطبيعي أن هؤلاء سينتقدون المقالة على أساس ظروفهم وهم يعلمون أنها مقالة نشرت في موقع أمريكي وكتبها أمريكي، وفي هذه الحالة كتبها أمريكي يبدو أن عالمه لا يزيد كثيراً عن المدينة التي يسكنها لأن الأمريكان أنفسهم ينتقدونه ويتحدثون عن حاجتهم لبعض هذه التقنيات في مناطق مختلفة من أمريكا.

التقنية التي تبتكر لا تموت بسهولة خصوصاً إن أصبحت جزء من الواقع الاجتماعي والاقتصادي لأي مجموعة من الناس، خذ على سبيل المثال الهاتف الأرضي، من يستخدم هذه الهواتف الآن؟ بيتنا لم يعد له رقم هاتف فالكل لديه هاتف نقال، مع ذلك الهواتف الأرضية تستخدم في الشركات وفي المناطق النائية حيث تغطية الهاتف النقال معدومة، ثم هناك ملايين الناس حول العالم الذين يعتمدون على هذا النوع من الهواتف، النظرة الضيقة للكاتب حصر التقنية بعالمه الذي كما يبدو يخلوا من أي حاجة لهذه الهواتف.

ماذا عن الآلات الكاتبة؟ ظهور شبكة الويب جعل مزيداً من الناس يدركون أنهم بحاجة للآلات الكاتبة أكثر من الحاسوب، بعض أكثر الناس معرفة وخبرة بالتقنيات الحديثة يجدها تشتت الذهن وتجعل عملية التركيز صعبة ويجد أنه يدور في دائرة من محاولة الإنجاز وعدم إنجاز أي مشروع لديه فالشبكة لا نهائية وكل ساعة هناك أشياء جديدة، لذلك الابتعاد عن الحاسوب والجلوس في خلوة مع آلة كاتبة تساعد البعض على التركيز والكتابة.

ثم الآلة الكاتبة ستعمل في أي وقت وأي مكان، حاسوبك بحاجة لطاقة مستمرة وإن لم تجد مصدراً للطاقة سيتعطل، هذا بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الأعطال في البرامج والأجهزة، كل هذا لا تعاني منه الآلات الكاتبة، من جانب آخر الآلة الكاتبة لا تقدم مرونة الحاسوب، الأمر يعتمد على ما يحتاجه المرء وما يمكن أن يضحي به، البعض اختار أن يضحي بالمرونة من أجل أن يستعيد تركيزه.

أما الفونوغراف أو "البشتخته" فسوقها يثير استغراب البعض، مبيعاتها بدأت ترتفع، في عالم آيبود وآيفون هناك أناس يفضلون تقنية قديمة، المشكلة في التقنيات الرقمية هو عدم ثباتها وجودتها التي لا يقبلها البعض، أخي مثلاً عانى من الأقراص المدمجة بأنواعها وفقد مجموعة من الملفات التي تهمه، وتكرر الأمر مع الأقراص الصلبة، لا ألوم الناس الذين يبحثون عن تقنية قديمة تعطيهم بعض الثقة بأن ما يملكونه لن يتعطل أو يصبح عديم الفائدة بعد سنوات قليلة.

بقي التلفاز، شخصياً اشتريت تلفازاً بتقنية قديمة في حين كان البعض ينصحني بأن أشتري شاشة مسطحة، الذي يجعلني أفضل التقنية القديمة هي الألوان والدقة، تلفازي القديم يقدم شاشة أوضح وألواناً أغنى وبسعر أقل بكثير من التلفاز المسطح بأحدث تقنية، حقيقة أنا لست فقط متضايق من الشاشات المسطحة بل غاضب لأن مصنعيها يبيعون الوهم، يستخدمون مصطلحات تسويقية تجعل المشتري غير الخبير يظن أنه يشتري الأفضل في حين أن هذه المصطلحات لو بحثت قليلاً حولها لعرفت أنها لا تعني الكثير بل هي مجرد محاولات تسويقية.

لا أقول أن التلفاز المسطح سيء لكنه بالنسبة لي لا يحقق ما أريد، عندما أشاهد قرص دي في دي لبرنامج وثائقي أريد وضوحاً وألواناً جيدة وهذا ما لم اجده في أي تلفاز مسطح رخيص، البعض يقول عليك أن تستخدم أقراص بلوراي بدقة عالية وشاشة بدقة عالية لكي تحصل على الوضوح، أعلم أن هذا صحيح وقد جربته لكن أخبروني ما التقنية التي ستظهر بعد بلوراي وهل سنحتاج إلى ترقية أجهزة التلفاز أيضاً؟ كم مرة سنحتاج إلى تغيير الأجهزة والتقنيات إلى أن نصل إلى مرحلة نقول فيها "هذا يكفينا، لسنا بحاجة للمزيد،" أخمن بأن هذا لن يحدث، من مصلحة شركات الإلكترونيات ووسائل الإعلام أن تبقي هذه العجلة تدور، فهم يربحون من إعادة طرح نفس المادة بتقنيات مختلفة، بالأمس أشرطة فيديو ثم دي في دي ثم بلوراي ثم ستأتي بلوى أخرى إلى هذه القائمة، وشركات الإلكترونيات باعتنا التلفاز القديم، ثم المسطح، ثم المسطح بتقنية عالية، والآن المسطح بشاشة ثلاثية الأبعاد، ثم ستأتي بلوى أخرى.

ألا يفكر أحد بالبيئة؟ أين تذهب الأجهزة القديمة؟ الأقراص المدمجة والأشرطة؟ كم تستهلك من الطاقة الإلكترونيات الحديثة؟ هذه اسئلة لا يريد البعض أن يفكر بها أو لا يريدنا أن نفكر بها، يريدون من المستهلك أن يكون شعاره: استهلك ارمي استهلك ارمي استهلك ... إلخ.
e-Waste
التقنيات لا تموت بسهولة، كثير من التقنيات القديمة لا زالت تستخدم في مكان ما حول العالم، بعض التقنيات عمرها أكثر من 150 عاماً وبعضها أقدم من ذلك، التقنيات الرقمية بإيجابياتها ليست هي الحل الأخير لكل مشاكلنا فهي تأتي مع حزمة من المشاكل ومن السذاجة أن نظن أن أي تقنية رقمية حديثة ستكون بالتأكيد أفضل من أي تقنية غير رقمية قديمة.

6 تعليقات:

Your Shadow يقول...

هذا ليس برد, بل هو إبداء رأي.

لو كنت جادا فعلا بالرد على كاتب تلك المقالة لكتبتها بالإنجليزية و ارسلتها له او وضعها في التعليقات.

هكذا كأنك تنتقده من خلف الجدران

عبدالله المهيري يقول...

أكثر من 400 تعليق على مقالته تكفي للرد عليه بالإنجليزية، لن أضيف جديداً لو كتبت تعليقاً، كلامي هنا موجه لزوار المدونة العرب أكثر مما هو موجه لكاتب المقالة.

iAbdullah As يقول...

قد اوافقك الراى في جزء مما قلته ولكن ربما اوافق راي الكاتب اكثر في المجمل ..

ذكرت مثالا على كلامك بالتلفاز العادي وغير المسطح ..
عفوا استاذي الغالي : لكني اخالفك تماما في هذه النقطه بالذات، تطور التلفاز والمراحل التي مر فيها يقابله في الجهة الاخرى تطور تقنيات البث وبشكل سريع جدا، حتى اصبح الفرق بين المشاهده في التلفاز العادي وبين آخر بتقنية البلازما او الـ LCD هائلا، وحتى من ناحية الالوان التي فضلت التلفاز العادي فيها على غيره ..

قد تكون فعلا شيئ من الترفيه وهي كماليه اكثر من كونها شي ذو اهميه، ولكن التلفاز عموما بانواعه كمالية كل شخص يستطيع الاستغناء عنها، ما اعنيه انه كـ مثال لماذا احرم نفسي من الاستمتاع بمباريات كاس العالم (رغم اني اعرف كرهك للكره) على شاشة عالية الدقه واشاهدها بشاشه عاديه ؟!

وكما ذكرت تقنيات البث تتطور بسرعه رهيبه وحتى البلوراي الآن اتت تقنية الـ 3D لتنسينا البلوراي رغم انها ما زالت تخطو خطواتها الأولى ،،

زبدة الكلام اني اعتقد ان التطور في تقنيات البث التلفازي هي من صالح المشاهد حتى لو كان سيضطر لان يدفع اكثر مقابل تجربه اكثر امتاع ومجمل التقنيات التي ذكرها الكاتب هي فعلا حتى وان كان هناك من هو ثابت على المبدا ويرفض التغيير لكن الحقيقه انها تقنيات تعدتها الاحداث ولا تشبه العالم الذي نعيش فيه الآن وسرعته ..

عبدالله المهيري يقول...

@iAbdullah: كما ترى أتحدث عن تفضيلي للتلفاز غير المسطح، هذا امر متعلق باختياري ولا أطرحه كحقيقة أو رأي عام يتفق عليه الجميع.

حديثي عن التقنيات يجب أن تنظر له نظرة عامة واسعة، أعني كل مكان في العالم وكل بلاد، التقنيات القديمة لا زالت تعيش في بلدان لم تصلها التطور، والقول بأن هذه التقنيات يجب أن تموت أرى فيه نظرة ضيقة، الكاتب يعني واقعه وعليه أن يشير لهذا الأمر في مقاله، لكن كلامه كان عاماً بلا استثناء وبالتالي من الطبيعي أن يشير الناس أن التقنيات لا زالت تستخدم وبشكل واسع حتى لو كانت قديمة.

المسئلة ليست رفض التغيير بل عدم فعالية الجديد لدرجة تبرر التخلص من القديم، هناك أناس مثلاً لا يجدون تغطية ثابتة جيدة لشبكات الهاتف النقال لذلك اعتمادهم على الهاتف الأرضي أكبر لأنه سيعمل دائماً وبدون مشكلة.

لا أكره الكرة بل ما يحيط بها من جنون، ولا أجد مشكلة في تغير التقنيات وتطورها لكنني أجد مشكلة في حمى الاستهلاك وفي النفايات الإلكترونية.

محمد باجبير يقول...

بعض الناس يقوم كل شيء جديد بغرض المفاخرة أو بغرض التقليد

غير معرف يقول...

أفضل مقال قرأته لك خلال سنة