الأربعاء، 1 يوليو 2009

البحر قصة لا تنتهي

سألني أخي إن كنت أرغب في ممارسة الرياضة معه على البحر، قلت له في الغد نفعل ذلك، في اليوم التالي خرجنا في الخامسة مساء إلى البحر، إلى مكان لم أذهب له منذ وقت طويل، ولعله المكان الوحيد المتبقي الذي يحوي رمالاً بيضاء، فقد تحولت كل المساحات في بحر البطين إلى مشاريع تجارية راقية لا يصلح معها وجود قوارب متواضعة تشوه المنظر.

لا أدري إلى أين سيذهب الصيادون عندما تأخذ كل المساحات ويمنعون كلياً من وضع قواربهم هناك، لا بد من موضوع عن الصيد والقوارب والقوانين المتعلقة بها، كما سمعت بالأمس هناك أناس تخلوا عن مهنة الصيد كلياً وتخلصوا من قواربهم لأن القوانين تضيق عليهم، المشاريع التجارية تأخذ المساحات المتوفرة لقواربهم.

تركت حذائي في السيارة وخرجت، لأول مرة منذ وقت طويل أمشي على رمال البحر، لأول مرة منذ سنوات أضع قدمي في البحر، أخي اقترح أن نمارس الرياضة ولا أجمل من المشي على الشاطئ، لكنه شاطئ قصير صغير فما فائدة الرياضة هناك؟ لكن تبين لي بعد دقائق أن المشي هناك أصعب بكثير مما أتصور، لتتخيل ذلك اربط أثقالاً بوزن 60 كيلوجرام حول خصرك وامشي بها كثبان الرمل في صحراء أو على شاطئ تغوص قدمك فيه.

لم أعد نشيطاً كما كنت في سنوات المراهقة فبعد قطع الشاطئ مرتين طلبت أن أرتاح قليلاً في الظل، الشمس حارة والرياح قوية والرطوبة عالية، لكنني كنت سعيداً، كل شيء هنا يذكرني بالماضي، بعد فترة جاء صديق ومشينا أكثر، نرتاح قليلاً ثم نمشي قليلاً إلى أن وصلت لمرحلة لم أعد أستطيع فيها بذل مزيد من الجهد، جلسنا على الشاطئ نتحدث حول البحر.

الحديث في البطين عن البحر يعني غالباً التذمر والشكوى من القوانين والمؤسسات التي تتولى مسؤولية البحر، الشرطة وهيئة البيئة والقوانين الجديدة التي تظهر كل يوم ثم المساحات المتناقصة لوضع القوارب.

في الماضي كان الأمر بسيطاً، اشتري قارباً وضعه في أي مكان لا يضع فيه الآخرون قواربهم، اخرج متى ما شئت واصطد بأي وسيلة - مع وجود استثناءات لطرق ممنوعة بالقانون - وبع ما حصلت عليه في أي مكان أو حتى وزعه على الأصدقاء أو عد به إلى المنزل، لا توجد قوانين كثيرة.

في هذه الفترة كانت هناك عشوائية وكان هناك تلويث للبيئة وكان هناك صيد للأسماك في أوقات لا يجب أن تصطاد فيها، لذلك إدخال شيء من التنظيم أمر مطلوب، لكن ما يحدث اليوم فيه تناقض كبير ويضع صعوبات كثيرة أمام الصيادين.

على سبيل المثال، هناك من يمنع من الصيد في هذا المكان أو ذاك لأنه محمي بالقانون، وإذا ذهب لمكان آخر سيمنع من الصيد لأن الشباك طويلة أو أنه يستخدم أسلوباً يضر البيئة، لا بأس، من ناحية أخرى يرى البعض أن الضرر الذي يسببه الأفراد لن يكون بمقدار ما تتسبب فيه "الحفارات" وهي بحسب ما سمعت 5 حفارات تدمر البيئة البحرية.

الممنوعات في البحر كثيرة اليوم، حتى قلت مازحاً "أخاف يقولون ممنوع تستانس في البحر!" كلمة "تستانس" تعني تستمتع، نعم أخشى أن نصل إلى مرحلة يصبح البحر فيه ممنوعاً على الجميع إلا الشركات الكبيرة التي تريد أن تطور مشاريع عقارية مختلفة، بنايات تجارية، فنادق ... شاليهات.

أنا بحاجة للبحث أكثر في هذا الموضوع خصوصاً أن الصحف لا تكتب كثيراً من التفاصيل التي أسمع عنها.

أثناء جلوسنا على الشاطئ كنا نرى الناس يخرجون أو يعودون بقواربهم وهناك قارب صغير يقوده طفلان، تحدثنا عن القارب أكثر من مرة إلى أن أشار لهم أخي بالتوقف فتوقفوا، سألنهم عن القارب ومصنعه ثم أخبرتهم أننا كنا في الماضي مثلهم نقود هذه القوارب الصغيرة وأننا نريد العودة لهذه الأيام.

بعد ذلك أشار أخي إلى قارب صغير آخر يقوده رجل يعرفه وأخبرني باسمه، لكن قصته هي التي أثارت فضولي لحد أنني سألتهم إن كان الرجل سيجد مشكلة في الحديث معي لأنني أرغب بأن أكتب عنه، ربما بدون أن أذكر تفاصيل شخصية لكن على الأقل أتحدث عن أسلوب حياته الذي أغبطه عليه.

لا زال هناك الكثير ليقال عن البحر وما يحدث فيه، سأحاول في الأيام القادمة أن آخذ كاميرة معي وأزور بعض الأماكن لأصورها، وإن استطعت سأبحث عن صور قديمة لنفس الأماكن ولنعقد مقارنة.

10 تعليقات:

Sultan يقول...

صدقني راح يجي اليوم الي نقول فيه

زمان كنا نجلس على البحر و (تستانس) بدون اي قيود

في السعوديه موجود عندنا ذا الكلام في اغلب المدن الساحليه

انا ما ادري ليش ما يخلون الشواطئ زي ما خلقها ربي

والله احلا

kawthar Mohammed يقول...

قبل اسبوعين ذهبت للشاطئ الجديد الذي كنت اذهب اليه ونا صغيرة قبل ان يتم تعديله طبعا لم نستطع السباحة افتقدت شاطئ السيدات الذي أغلق لسبب غير معلوم ربما علينا ان ننسئ كنساء شكل البحر فعلا أشعر بالحزن

عبدالله المهيري يقول...

دقيقة وراجع: أعجبني اسمك :-)

صدقت في ما تقول، لو أنهم تركوا جزء من الشاطئ بدون تعديل أو على الأقل بتعديلات قليلة للمحافظة على النظافة لكان ذلك خير، لكن رأس المال لا يفهم ذلك، كل مساحة هي مكان لاستثمار المال.

الحياة فتاة: تحدثنا عن ذلك أيضاً، أخبروني أن الرأس الأخضر أيضاً أغلق لإنشاء مشروع.

البديل الذي يطرحه البعض هو شاطئ الراحة لكنهم ينسون أن شاطئ الراحة خارج المدينة، لا يحوي رمالاً بيضاء، والأهم أننا لا نرتبط به بأي شكل.

خوله سعيد يقول...

للأسف أفتقد لتلك الإيام التي كنا نلعب على الشاطئ ونتناول وجبة العشاء

شاطئ الراحة كله مشاريع الجزء الوحيد بدون مشاريع تابع لنادي تراث الإمارات وغير مسموح لغير النادي....

نوفل يقول...

لي حساسية من جو البحر لذا فأنا لم أزره منذ سنوات..رغم أني أعيش في مدينة ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط من جهة و المحيط الأطلسي من جهة أخرى..لا توجد لدينا كل هاته القوانين المقيدة للصيد..بل لا يمكنك أبدا الصيد و امتلاك قارب الا اذا حصلت على رخصة..و الرخصة تحتاج لموافقة الوزارة أو الملك..و لكي تحصل عليها يجب عليك اثباث أشياء ستظل تحاول اثباثها مدة حياتك..لذا فالرخص غالبا تسقط في أيدي من لا يحتاجها اصلا مثل الجنرالات و الوزراء و أصحاب القرار..

عبدالله المهيري يقول...

ماسة الكون: بالفعل، شاطئ الراحة كله مشاريع، والمكان الذي زرناه في بحر البطين تابع أيضاً لنادي التراث.

نوفل: هذا حال الصيادين في كثير من مدن العالم.

احمد يقول...

أخي عبدالله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انا أعيش على ساحل الخليج .. وخبرت كل كلمة تقولها ، تغيرنا .. لا نحن .. نحن. ولا الناس هم الناس .

خالد الجابري يقول...

للأسف هذه القوانين لم تحصر فقط على البحر .. بل زادت حتى طغت على البر.
تمنياتي لك ببحر و حياة بسيطة .. حتى تسعد أكثر في حياتك.

بسام حكار يقول...

وراء كل وجه قصة.
أنا متشوق لقراءة قصة البحار الذي يعرفه أخاك.

Unknown يقول...

الله لا إييبهم صوب الرمله =\